العمل تُعلن عن 1450 وظيفة بمشروع الضبعة النووي    الهيئة الوطنية: جاهزية كاملة لإجراء جولتي الإعادة والدوائر الملغاة للانتخابات    فرص عمل برواتب تبدأ من 10 آلاف جنيه في مشروع الضبعة النووية    أسعار الأسماك اليوم الجمعة 28 نوفمبر في سوق العبور    توقيع خطاب نوايا مع جامعة كيرتن الأسترالية لتطوير قدرات الكوادر التعدينية    وزير الكهرباء: تكنولوجيا حديثة لخفض الفقد ونماذج عمل مبتكرة لضمان استقرار الشبكة    الدولار يثبت أمام الجنيه.. أسعار الجمعة 28 نوفمبر 2025    سعر طن الحديد بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 28نوفمبر 2025 فى المنيا    رحمان الله يهدد كأس العالم 2026.. قيود جديدة على دخول الولايات المتحدة    ترامب: ندرس ترحيل عائلة اللاجئ الأفغاني المتهم بقتل أحد جنود الحرس الوطني    رئيس كوريا الجنوبية يعزي في ضحايا حريق المجمع السكني في هونج كونج    تاريخ مواجهات الأهلي والجيش الملكي بدوري الأبطال    مواعيد مباريات الجمعة 28 نوفمبر 2025.. الأهلي والمصري في إفريقيا وسيدات مصر في بطولة العالم لليد    طقس معتدل الحرارة نارا مائل للبرودة ليلا بكفر الشيخ الجمعة 28 نوفمبر 2025    غلق كلي لشارع الهرم.. تعرف على المدة والطرق البديلة    حجز سيدة دهست طفلة بسيارتها في الشروق    السطوحي وأرتيكو في أمسية بقصر الأمير طاز لمناقشة قضايا الهوية والتراث    تفاصيل موضوعات العدد الثالث للمجلة العلمية للمركز القومى للبحوث    المغرب يواجه غاز الضحك.. ومطالب بقوانين صارمة    وزير البترول: حزمة حوافز جديدة لجذب الاستثمار في قطاع التعدين    بوتين: سنوقف الحرب ضد أوكرانيا فى هذه الحالة    مصرع فتاة وإصابة أخرى صدمتهما سيارة ميكروباص بالبدرشين    السيطرة على حريق شقة سكنية بساقلته في سوهاج    "من الفرح إلى الفاجعة".. شاب يُنهي حياة زوجته بسلاح أبيض قبل الزفاف في سوهاج    أبو ريدة: المغرب منافسنا الأول في أمم أفريقيا    صديقة الإعلامية هبة الزياد: الراحلة كانت مثقفة وحافظة لكتاب الله    مواقيت الصلاه اليوم الجمعه 28نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    يورتشيتش والشناوي يحضران المؤتمر الصحفي لمباراة بيراميدز وباور ديناموز    ارتفاع حصيلة الفيضانات في تايلاند إلى 55 قتيلا    فرق 100 مليون صحة تخدم زائري معرض "عالم ما بعد الطائرة الورقية" بالإسماعيلية    صلاة الجنازة على 4 من أبناء الفيوم ضحايا حادث مروري بالسعودية قبل نقلهم إلى مصر    وزير الخارجية يشيد بما تشهده العلاقات المصرية - الأوروبية من زخم متصاعد    تفاصيل عملية بيت جن.. هذا ما فعله الجيش الإسرائيلي بريف دمشق    شبورة كثيفة على الطرق.. الأرصاد تحذر السائقين من انخفاض الرؤية    أول صورة من «على كلاي» تجمع درة والعوضي    45 دقيقة تأخير على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 28 نوفمبر 2025    رسائل حاسمة من الرئيس السيسي تناولت أولويات الدولة في المرحلة المقبلة    محمد الدماطي يحتفي بذكرى التتويج التاريخي للأهلي بالنجمة التاسعة ويؤكد: لن تتكرر فرحة "القاضية ممكن"    أستراليا.. يعتقد أن ضحيتي هجوم القرش بشمال سيدني مواطنان سويسريان    ستاد المحور: عبد الحفيظ يبلغ ديانج بموعد اجتماع التجديد بعد مباراة الجيش الملكي    كورونا وسلالة الإنفلونزا الجديدة، موجة فيروسات تجتاح إيران واكتظاظ المستشفيات بالحالات    رمضان صبحي بين اتهامات المنشطات والتزوير.. وبيراميدز يعلن دعمه للاعب    عبير نعمة تختم حفل مهرجان «صدى الأهرامات» ب«اسلمي يا مصر»    توقيت أذان الفجر اليوم الجمعه 28 نوفمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    بعد أزمته الصحية، أحمد سعد يتألق في حفل الكويت تحت شعار كامل العدد (صور)    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة للأقارب.. اعرف قالت إيه    حذر من عودة مرتقبة .. إعلام السيسي يحمل "الإخوان" نتائج فشله بحملة ممنهجة!    إعلام فلسطيني: الاحتلال يشن غارات جوية على مدينة رفح جنوب قطاع غزة    شعبة السيارات تدعو لإعادة التفكير في تطبيق قرار إجبار نقل المعارض    القانون يحدد ضوابط لمحو الجزاءات التأديبية للموظف.. تعرف عليها    رئيس التصنيع بالصيادلة: استهلاك مصر من بنج الأسنان يصل إلى 600 ألف عبوة سنويًا    طولان: ثقتي كبيرة في اللاعبين خلال كأس العرب.. والجماهير سيكون لها دورا مع منتخبنا    بيونجيانج تنتقد المناورات العسكرية الأمريكية-الكورية الجنوبية وتصفها بالتهديد للاستقرار    اليوم، ختام مسابقة كاريكاتونس بالفيوم وإعلان أسماء الفائزين    سيناريست "كارثة طبيعية" يثير الوعي بمشكلة المسلسل في تعليق    فضائل يوم الجمعة.. أعمال بسيطة تفتح أبواب المغفرة والبركة    أحمد السعدني: دمعت من أحداث "ولنا في الخيال حب".. وشخصيتي في الفيلم تشبهني    الشيخ خالد الجندي يحذر من فعل يقع فيه كثير من الناس أثناء الصلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ممدوح إسماعيل‮.. القاتل الهارب‮!‬
نشر في الوفد يوم 12 - 03 - 2011

نيابة البحر الأحمر الكلية،‮ بدأت في الاستماع إلي أقوال محمد هاشم محامي أهالي ضحايا العبّارة‮ »‬السلام‮ 98‮«‬،‮ حيث تقدم هاشم ببلاغ‮ للنائب العام يطالب فيه بإعادة التحقيق في‮ غرق العبّارة‮ »‬السلام‮ 98‮« عام‮ 2006،‮
ومن ثم إعادة محاكمة مالكها ممدوح إسماعيل بتهمة القتل العمدي،‮ حيث إن تدخلات كبار رجال الدولة وقتها كانت وراء تحويل سير القضية من جناية قتل عمد إلي جنحة قتل خطأ‮.‬
هذا البلاغ‮ ليس الأول من نوعه،‮ ولكن سبقه بلاغات عديدة تطالب بفتح ملف ممدوح إسماعيل الذي كان واحداً‮ من أشهر رموز الفساد في النظام البائد،‮ ونموذجاً‮ مثالياً‮ لكل سياساته وانحيازه لرجال الأعمال علي حساب المواطنين البسطاء‮.‬
فجأة طفاممدوح إسماعيل مثل كثير من رجال الأعمال علي سطح المجتمع،‮ جمع بين سلطان المال ونفوذ السلطة،‮ حينما تم تعيينه في مجلس الشوري،‮ وحصل المليارات من دم الغلابة،‮ وعندما وقعت الكارثة نجحت علاقاته في تهريبه خارج البلاد،‮ ورغم صدور حكم ضده بالسجن لمدة‮ 7‮ سنوات إلا أنه ينعم بالمليارات التي جناها من أرواح ضحايا عبّاراته البالية‮.‬
ولما كانت مصر قد دخلت مرحلة التطهير ومحاكمة كل رموز الفساد في النظام السابق،‮ أصبحت محاكمة ممدوح إسماعيل مطلباً‮ شعبياً‮.‬
حتي شهر فبراير‮ 2006‮ لم يكن ممدوح إسماعيل سوي أحد رجال الأعمال المعينين في مجلس الشوري لم نعرف عنه الكثير،‮ ولم يكن محط اهتمام أحد،‮ فهو واحد من رجال الأعمال الذين كان النظام السابق يقربهم ويمنحهم المناصب والحصانة،‮ وفي شهر فبراير‮ 2006‮ غرقت العبّارة‮ »‬السلام‮ 98‮« وعلي متنها أكثر من‮ 1400‮ مواطن مصري،‮ فقد‮ 1033‮ راكباً‮ أرواحهم،‮ بينما تم إنقاذ‮ 377‮ معظمهم ظل يعاني الإصابة والرعب حتي الآن‮.‬
والعبّارة‮ »‬السلام‮ 98‮« واحدة من أسطول عبّارات يضم‮ 16‮ عبّارة يمتلكها ممدوح إسماعيل كانت تحتكر حركة نقل المسافرين في البحر الأحمر،‮ خاصة من وإلي السعودية،‮ بعد‮ غرق العبّارة تبين أنها كانت في حالة يرثي لها وأن صاحبها كان يرفع عليها علم بنما ليتهرب من دفع الضرائب،‮ وكشف تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس الشعب،‮ والذي كان يحمل عنوان فساد أسود وبحر أحمر بدماء الضحايا أن العبّارة لم تكن صالحة للإبحار،‮ بسبب المشكلات الفنية الكثيرة الموجودة بها،‮ وكشف التقرير أيضاً‮ أن مالك العبّارة علم بنبأ‮ غرق العبّارة في وقت كان يمكن فيه إنقاذها أو علي الأقل إنقاذ الضحايا إلا أنه تقاعس عن القيام بواجبه،‮ وهو ما جعل سلطات ميناء سفاجا تتحرك لإنقاذ الضحايا بعد‮ 6‮ ساعات من الغرق،‮ كما أن عوامل الأمان في العبّارة كانت محدودة،‮ خاصة عدم وجود قوارب إنقاذ تكفي جميع الركاب،‮ بالإضافة إلي زيادة الحمولة البشرية عليها،‮ كل هذه الأسباب دفعت محكمة جنح مستأنف سفاجا إصدار حكم في القضية رقم‮ 887‮ لسنة‮ 2008‮ ضد ممدوح إسماعيل بالسجن لمدة‮ 7‮ سنوات بتهمة القتل الخطأ لتقاعسه في الإبلاغ‮ عن‮ غرق العبّارة رغم علمه بوجود مشكلة بدأت بحريق في‮ غرفة المحركات،‮ ثم تعرضت العبّارة للغرق بعدها،‮ ومع ذلك لم يبلغ‮ السلطات إلا بعد‮ غرق السفينة بأكثر من‮ 6‮ ساعات كاملة‮.‬
ورغم أن محكمة جنح سفاجا كانت قد قضت في شهر يوليو‮ 2008‮ ببراءة ممدوح إسماعيل ورجاله من التهم المنسوبة‮!! وهي الإهمال والقتل الخطأ،‮ إلا أن النائب العام قام باستئناف الحكم لتصدر محكمة جنح مستأنف سفاجا حكماً‮ بإلغاء الحكم السابق وسجنه لمدة‮ 7‮ سنوات وبراءة نجله عمرو ممدوح إسماعيل،‮ والسجن لمدة‮ 3‮ سنوات لاثنين من مساعديه وهما ممدوح عرابي مدير الأسطول بالشركة ونبيل شلبي مدير فرع الشركة بسفاجا‮.‬
ورغم فرحة أسر الضحايا بهذا الحكم إلا أن الفرحة لم تكتمل،‮ حيث صدر الحكم‮ غيابياً‮ علي ممدوح إسماعيل الذي تمكن بمعاونة كبار رجال الدولة،‮ خاصة الدكتور زكريا عزمي الذي سانده كثيراً‮ في الهروب إلي لندن حيث يعيش هناك الآن ينعم بالمليارات التي جناها من شقاء آلاف المصريين لشركة السلام التي تمتلك العبّارة‮ »‬السلام‮ 98‮«‬،‮ واتهم السادات الدكتور زكريا عزمي بمساعدة ممدوح إسماعيل،‮ علي الهرب خارج البلاد،‮ مؤكداً‮ أن القضية لم تمت،‮ وحان وقت الحساب لتعرف من هو الداعم الحقيقي لممدوح إسماعيل،‮ ومن الذي سهل له احتكار خطوط نقل الركاب في البحر الأحمر بعبّارات مخالفة لشروط السلامة والأمان البحري‮.‬
وأشار السادات إلي أن هروب إسماعيل إلي إنجلترا قبل صدور قرار النائب العام بمنعه من السفر ومحاولة حصوله علي الجنسية البريطانية لم يسقط عنه الاتهامات ولن ينه حق مصر في محاسبته،‮ ولن تكون التعويضات بديلة عن أبناء وأسر الشهداء الذين‮ غرقوا علي عباراته‮.‬
جدير بالذكر أيضاً‮ أن ممدوح إسماعيل تمكن من الهروب من مصر هو ونجله عمرو عقب الحادث بأيام قليلة،‮ وقبل أن يصدر قرار من النائب العام بمنعه من السفر بأيام قليلة،‮ بعدما نما إلي علمه من خلال أصدقائه من علية القوم بقرب صدور هذا القرار،‮ ومع نفي الدكتور فتحي سرور،‮ رئيس مجلس الشعب،‮ مراراً‮ تورطه في هذا الأمر،‮ تركزت أصابع الاتهام علي الدكتور زكريا عزمي،‮ رئيس ديوان رئيس الجمهورية،‮ صاحب المقولة الشهيرة إن‮ »‬الفساد أصبح للركب في المحليات‮«‬،‮ وهي المقولة التي كشفت الأحداث أنها‮ غير صحيحة فالفساد في مصر كلها‮ »‬للرقاب‮« وليس للركب،‮ وكل رموز النظام القديم منغمسون تماماً‮ في هذا الفساد الذين نقلهم بعبّاراته المتهالكة‮.‬
ولما كانت مصر قد بدأت بالفعل في التخلص من نفوذ كبار رجال الدولة في العهد البائد تقدم محمد هاشم،‮ محامي أهالي الضحايا،‮ بمذكرة لإعادة فتح التحقيق مؤكداً‮ في أقواله أن المستشار ماهر عبدالواحد،‮ النائب العام السابق،‮ تعرض لضغط شديد من الدكتور زكريا عزمي،‮ رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق،‮ والذي يعتبر الصديق المقرب لممدوح إسماعيل،‮ لإحالة القضية إلي محكمة الجنح بدلاً‮ من الجنايات لتخفيف العقوبة عنه،‮ واتهم هاشم في بلاغه الدكتور زكريا عزمي بمساعدة ممدوح إسماعيل،‮ علي احتكار خطوط الملاحة بين موانئ البحر الأحمر والسعودية،‮ وتشغيل عبّارات‮ غير صالحة للإبحار في رحلات طويلة،‮ وأكد هاشم أن عزمي هو الشريك الرئيسي لممدوح إسماعيل في شركاته الملاحية والعبّارات‮.‬
من ناحية أخري،‮ طالب محمد أنور السادات‮ ،‮ وكيل مؤسسي حزب العدالة والتنمية عضو مجلس الشعب السابق،‮ بتشكيل لجنة تقص للحقائق للتعرف علي المُلاك الحقيقيين‮.‬
300‮ ألف جنيه للمتوفي و50‮ ألفاً‮ لكل ناج‮.. غير عادلة
التعويضات الهزيلة‮.. لم تجفف دموع أسر الضحايا
بعد حادث العبّارة بشهور طويلة ظل أهالي الحضايا ينتظرون صرف التعويضات التي أعلنت عنها الحكومة،‮ وفي حين تأخر صرف التعويضات لهم تمكن ممدوح إسماعيل من صرف ملايين الدولارات كتعويض عن‮ غرق العبّارة،‮ ولما زاد الضغط الإعلامي في هذه القضية أعلنت الحكومة عن صرف تعويضات لأسر الضحايا قدرت ب33‮ ألف جنيه للمصاب و66‮ ألفاً‮ للمتوفي،‮ إلا أن مشاكل إثبات الوفيات وعدم وصول العديد من الأسر لرفات أبنائهم،‮ خاصة أسر طاقم السفينة الذين لم يتم التوصل لهم حتي الآن،‮ فشل هؤلاء في الحصول علي تعويض،‮ وبعد هروب ممدوح إسماعيل،‮ تقدم النائب علاء عبدالمنعم،‮ عضو مجلس الشعب وقتها،‮ و54‮ عضواً‮ بالمجلس بطلب إحاطة للمدعي العام الاشتراكي المستشار جابر ريحان رحمه الله للتحفظ علي أموال ممدوح إسماعيل،‮ لسداد التعويضات لأسر الضحايا الذين ثبتت وفاتهم بالفعل،‮ وقام المستشار ريحان برفع قيمة التعويضات لتصبح‮ 300‮ ألف جنيه لكل متوفي في الحادث،‮ و50‮ ألف جنيه للناجين وتعويض عن السيارة بمبلغ‮ 70‮ ألف جنيه،‮ والشاحنة‮ 140‮ ألف جنيه‮.‬
وبالفعل تم التحفظ علي أموال ممدوح إسماعيل في مصر،‮ ولما كانت قيمة هذه الأموال لا تكفي للتعويضات البالغ‮ قيمتها‮ 330‮ مليون جنيه،‮ قام ممدوح إسماعيل بتحويل مبلغ‮ التعويضات إلي مصر عبر حساب في البنك الوطني المصري مقابل قيام المدعي العام بإنهاء حالة فرض التحفظ علي أمواله وأموال أفراد أسرته وإنهاء حالة منعهم من مغادرة البلاد‮.‬
واعتقد إسماعيل أنه بمجرد تحويل المبلغ‮ انتهت القضية،‮ ولكن أرواح الأبرياء ستظل دائماً‮ تطلب بالقصاص من القاتل الذي علم بغرق العبّارة لكنه لم يبلغ‮ السلطات حتي‮ غرقت تماما،‮ وترك أكثر من ألف مواطن يصارعون الموج بدون قوارب نجاة وبدون أي وسيلة لمساعدتهم،‮ ولكن القضاء المصري حكم في قضية الاستئناف بمعاقبته بالسجن‮ 7‮ سنوات،‮ وهو ما اعترض عليه البعض بحجة أن هذا الحكم هو الحد الأدني لجريمة القتل الخطأ،‮ رغم أن علي عويس علي،‮ صاحب مركب المعادي الغارق،‮ وعلي متنه‮ 9‮ فتيات فقط،‮ حصل علي حكم مشدد وهو السجن لمدة‮ 10‮ سنوات،‮ ورغم أن القانون الدولي البحري كان يمنح ضحايا العبّارة مبالغ‮ أكبر من ذلك بكثير،‮ حيث ذكرت بعض التقديرات أنها تصل إلي‮ 4.‬5‮ مليون جنيه لكل ضحية إلا أن ممدوح إسماعيل نجح بسلطاته ونفوذه أن يضحك علي الدولة بهذه المبالغ‮ التافهة التي لم تجفف دموع أسر الضحايا بعد،‮ ومازال ينعم هو في الخارج بملايين الدولارات التي حصل عليها كتعويض عن الحادث‮.‬
تسبب في إقالته من وزارة النقل
عصام شرف‮.. هل يحرك ملف ممدوح إسماعيل؟
وحينما كان الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء الحالي يتولي منصب وزير النقل في حكومة الدكتور أحمد نظيف،‮ تقدم شرف بمذكرة لرئيس الوزراء لإنشاء شركة مصرية للنقل البحري،‮ تتولي مهمة نقل المصريين من وإلي الموانئ العربية علي البحر الأحمر،‮ وأكد شرف في مذكرته أن هذه الشركة ستضيف دخلاً‮ كبيراً‮ للدخل القومي،‮ كما أنها ستقضي علي مشكلات تكدس المصريين في الموانئ،‮ خاصة في مواسم العمرة والإجازات،‮ إلا أن حكومة الدكتور نظيف،‮ التي كانت تراعي مصالح رجال الأعمال علي مصالح الوطن والمواطنين رفضت الاقتراح،‮ بل قيل وقتها أن رئيس الوزراء قابل هذه الفكرة بالتهكم والسخرية‮.‬
بعدها بشهور قليلة اصطدمت العبّارة‮ »‬السلام‮ 98‮« التي يمتلكها ممدوح إسماعيل أيضاً‮ بناقلة بترول قبرصية في السويس،‮ وحاول إسماعيل لي عنق الحقيقة،‮ والإيحاء بأن ناقلة البترول هي التي اصطدمت بالعبّارة،‮ وتدخل الراعي الرسمي لإسماعيل الدكتور زكريا عزمي لتحويل دفة التحقيقات لصالح العبّارة‮ »‬السلام‮ 98‮« والإيهام بأن ناقلة البترول هي التي اصطدمت بها لتحميل الناقلة القبرصية قيمة التعويض،‮ إلا أن الدكتور شرف رفض هذه التدخلات،‮ وطلب من اللواء حسين الهرميل،‮ رئيس هيئة الملاحة البحرية،‮ وقتها،‮ استمرار التحقيقات،‮ ورفض الاستجابة لتدخلات عزمي،‮ فما كان من ممدوح إسماعيل،‮ إلا أن أقسم بألا يبقي شرف في الوزارة وبالفعل تمت إقالته من الحكومة بعد هذه الواقعة بشهرين فقط،‮ عقب حادث قطار قليوب في أكتوبر‮ 2005.‬
فهل يأخذ رئيس الوزراء الجديد بثأره وثأر آلاف الأبرياء المكلومين الذين مازالوا يبكون أرواح أبنائهم الذين راحوا ضحية العبّارة‮ »‬السلام‮ 98‮«‬،‮ والذين قتلهم ممدوح إسماعيل بإهماله في صيانة عبّاراته وتشغيلها رغم أن حالتها كانت سيئة جداً،‮ بل إنه تعمد قتلهم حينما علم بغرق السفينة ولم يبلغ‮ السلطات المسئولة مما زاد من عدد الضحايا إلي هذا الحد‮.‬
فإذا كان رئيس الوزراء قد سامح في حقه،‮ فهل يثأر لأرواح الضحايا ودموع آبائهم،‮ ويعمل علي استعادة المجرم الهارب لإعادة محاكمته أو تنفيذ الحكم الصادر ضده علي الأقل؟‮!‬
بعلاقاته المشبوهة مع رموز الفساد
ممدوح إسماعيل من‮ »‬مهندس ثاني‮« علي مركب إلي ملك البحر الأحمر الأول
بعودة سريعة إلي تاريخ ممدوح إسماعيل نجد أنه خريج قسم الهندسة بالأكاديمية البحرية بالإسكندرية،‮ فور تخرجه عمل علي بعض المراكب السعودية كمهندس ثان،‮ وسرعان ما بدأ نجمه في البزوغ‮ حين عمل ممثلاً‮ لملاك العبّارة‮ »‬القمر السعودي‮« والتي كان يمتلكها رشاد فرعون مستشار الملك فيصل ابن عبدالعزيز،‮ ومن هنا بدأت علاقته بكبار رجال الدولة في مصر ممن يبحثون عن العلاقات الوطيدة مع العاهل السعودي ومستشاره،‮ ثم بدأ نشاطه كرجل أعمال من خلال العبّارة‮ »‬السلام‮ 98‮«‬،‮ وعندما زادت أواصر علاقته بكبار رجال الدولة تم تعيينه كمستشار لموانئ البحر الأحمر في التسعينيات،‮ ثم قام بتأسيس شركة السلام التي حملت عدة أسماء منها السلام للاستثمار والسلام للنقل البحري،‮ والسلام للسياحة،‮ ولم يكن أحد يعرف لماذا يغير ممدوح إسماعيل اسم الشركة من وقت لآخر،‮ وهل كان للتهرب من الضرائب دخل في هذا التغيير؟ بدأ ممدوح إسماعيل يفرض سطوته علي البحر الأحمر حتي أنه منع أي عبّارة تعمل لنقل الركاب فيه سوي عبّارات شركته فقط،‮ وأصبح يحتكر حركة النقل بين موانئ السويس جدة،‮ وسفاجا ضبا جدة‮.‬
ورغم أن معظم العبّارات التي يمتلكها إسماعيل كانت لا تتوافر فيها عوامل الأمان،‮ وهو ما أدي إلي كثرة حوادثها،‮ ومنها‮ »‬السلام‮ 95‮« و»السلام‮ 98‮« إلا أن أحداً‮ لم يكن يجرؤ علي التدخل لإنقاذ آلاف المصريين بسبب نفوذ صاحب العبّارات المسنود من كبار رجال الدولة‮.‬
كما أن خبراء النقل البحري،‮ أكدوا أن البحارة الذين يعملون علي عبّارات شركة السلام لم يكونوا علي قدر كبير من الخبرة،‮ حيث لم يخضع عدد كبير منهم لشروط العمل في البحر،‮ ففي حين يشترط القانون الدولي صدور شهادات معتمدة لكل من يحمل جواز السفر البحري،‮ بحصوله علي دورة تدريبية لا تقل عن شهر في مجال الأمن والسلامة في مواجهة الغرق والحريق،‮ إلا أن نفوذ إسماعيل جعل هذه الشهادات تستخرج لبحارة شركته وهم علي متن السفن ودون الحصول علي أي دورات تدريبية،‮ وهو ما اعتبره الخبراء سبباً‮ في انهيار عبّارات السلام الواحدة تلو الأخري،‮ وهو ما كان سبباً‮ في تخبط طاقم العبّارة‮ »‬السلام‮ 98‮«‬،‮ والتي يزعم عدد كبير من أسرهم بأنهم مازالوا أحياء،‮ ولكن ممدوح إسماعيل اختطفهم وأخفاهم في أماكن‮ غير معلومة،‮ حتي لا يتم استجوابهم ويتغير سير القضية،‮ من القتل الخطأ إلي القتل العمدي،‮ حيث إن مالك العبّارة كان يعلم بغرق السفينة منذ الساعة‮ 2‮ صباحاً‮ ومع ذلك لم يبلغ‮ السلطات إلا الساعة‮ 11‮ ظهراً‮.‬
أستاذ قانون دولي‮: اتفاقيات تسليم المجرمين تتطلب صدور حكم نهائي
أستاذ القانون الدولي بجامعة الزقازيق الدكتور نبيل حلمي،‮ يشير إلي أن تسليم المجرمين يخضع لقواعد يضمنها القانون الدولي والوطني،‮ وأهم هذه القواعد صدور حكم نهائي وبات،‮ أي أنه تم تحصينه بعدم الطعن عليه،‮ وهنا يمكن للدولة أن تطالب باستعادته أو تسليمه،‮ خاصة إذا كان هناك اتفاقية لتسليم المجرمين بين الدولة التي تطلب التسليم،‮ وبين الدولة التي يوجد بها المتهم‮.‬
وهناك شروط أيضاً‮ لتسليم المجرمين وهي‮: أن يكون الفعل مجرم في الدولتين،‮ وألا تكون الجريمة المعاقب عليها من جرائم الرأي أو الجرائم الدينية أو السياسية،‮ فإذا كانت إحدي هذه الجرائم لا يتم التسليم‮.‬
وبالنسبة لممدوح إسماعيل فالحكم ليس نهائياً‮ بعد،‮ حيث إنه لم يمر علي مرحلة النقض،‮ كما أن هناك بعض الإجراءات التنفيذية التي لم يتم الانتهاء منها وهي الإجراءات الخاصة بإعلانه في لندن،‮ وبالتالي فإنه من الصعوبة تسليمه الآن،‮ لأن الحكم ليس نهائياً،‮ والاتفاقيات كلها تتحدث عن تسليم المجرمين الثابتة ضدهم الجرائم،‮ وليسوا من هم رهن التحقيقات والمحاكمة‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.