آه.. وآه عليك يا ابنتى.. يتمزق قلبى عشرات، بل مئات المرات كل يوم من أجلك يا صغيرتى.. لا يعلم مدى حزنى عليك إلا الله.. أنت حبيبتى وصغيرتى.. أنت ابنتى الثانية ومع ذلك فأنت قطعة من القلب.. صراخك الذى يملأ الدنيا ويوقظنى من أحلى نومة لم يصبنى أبداً بالضجر أو الغضب.. أعشق هذا الصوت الجميل وكأنه موسيقى وغناء عذب.. كم من الليالى سهرتها أحملك بين يدى لأهدهدك وأناغيك.. مرت الشهور والأيام وأنا فى غاية السعادة.. كانت صرخاتك وضحكاتك تتردد بين جنبات منزلنا الصغير.. كنت أنظر إليك وأنت تكبرين يوما بعد يوم.. أحلم بيوم دخولك المدرسة.. أحلم بيوم التحاقك بالجامعة.. أحلام كثيرة وآمال أكثر، ولكن لم يتحقق منها شىء.. تتوقف الأم عن الكلام وتنساب الدموع من عينيها كأنها شلال لا يتوقف صوت أنفاسها يعلو على صوت لسانها.. تتوقف عن الكلام لتلتقط أنفاسها المتلاحقة، ثم تقول: مر عامان من عمرك وأنت تدخلين على الأسرة الفرحة والسرور، ولكن ما حدث بعد ذلك كان كابوسا بكل المقاييس بدأ صراخك المتألم يتزايد بشكل كبير وحاد.. أيان وفقدت جزءا من وزنك.. ارتفعت درجة حرارتك.. حاولت تخفيف آلامك بالمسكنات وبعض الأعشاب الساخنة وقد تكون ساعدتك بالفعل على التغلب على بعض الآلام.. ولكن ما هو إلا يوم وعاودتك الآلام ولكن هذه المرة كانت شديدة جعلتك غير قادرة على النوم على ظهرك أو الجلوس وكان بكاؤك وصراخك يمزق قلبى.. حملتك إلى طبيبة الوحدة الصحية التى وصف الدواء وأكدت لى أنك ربما أصابك برد بالمعدة وتحتاجين إلى يومين أو ثلاثة حتى تستجيبى للعلاج.. مر اليومان بل الأكثر من ذلك مر أسبوع صعب شديد عليك وعلينا جميعا، ولكن لم تستجيبى للعلاج، بل زادت الحالة سوءا وأصابتك نوبات من القىء.. ذهبت بك مرة أخرى للطبيبة التى حولتنا إلى المستشفى المركزى وهناك حاول الأطباء تشخيص الحالة ولكن كان طلبهم الأول إجراء تحاليل وأشعة سريعة بل الأكثر من ذلك تم حجزك بالمستشفى وبالطبع كنت معك.. عندما حاولت الاستفسار عن السبب، قام الطبيب بمحاولة لبث الطمأنينة فى صدرى، ولكن كان هناك شىء ما فى داخلى يكاد يفتك بى.. تم إجراء الأشعة والتحاليل وجاء الطبيب ليتابع الحالة ويفحص النتائج.. ظل ينظر إليها كثيرا وهو صامت وعندما بدأ يتكلم.. خرجت الكلمات لتمزق قلبى حتى شعرت أننى سوف أسقط صريعة للموت فقد أخبرنا الطبيب أنك يا صغيرتى مصابة بورم سرطانى بالكلية اليسرى، وأنك تحتاجين إلى طبيب متخصص ومستشفى متخصص لتلقى العلاج بها، وتم تحويلك إلى المعهد القومى للأورام الذى حملناك إليه وبدأنا رحلة طويلة من الألم والعذاب.. أجريت لك التحاليل من كل نوع وأشعة وفى النهاية تم تشخيص الحالة كما شخصها أطباء المستشفى المركزى ورم سرطانى بالكلية اليسرى، وأوصى الأطباء بجلسات علاج كيماوى وإشعاعى شهورا طويلة ونحن نحملك من قريتنا بإحدى محافظات شمال الصعيد إلى المعهد والعودة بك. صرفنا الكثير واستدنا الكثير من أجل العلاج ومصاريف السفر وأصبحنا لا نملك شيئا، خاصة أن الأب يعمل عمالة غير منتظمة ودخله بالكاد يكفى الأسرة المكونة من خمسة أفراد غيرك.. كان الأمل كبيرا فى شفائك ولكن كانت إرادة الله أكبر من أى شىء فقد أصبت بنوبة من السعال وارتفاع درجة حرارة جاءت بك إلى المعهد فى زيارة استثنائية كما هى تعليمات الأطباء الذين اكتشفوا أن السرطان ضرب الرئة هى الأخرى.. وأصبحت الحالة سيئة وتحتاجين إلى الترد على المعهد أسبوعيا.. الأم المكلومة فى طفلتها الصغيرة تطلب المساعدة وصفحة مواقف إنسانية تناشد أصحاب القلوب الرحيمة وأهل الخير مساعدة هذه الصغيرة وأسرتها من يرغب يتصل بنا.