يضرب الفيلم المُبهج «365 يوم سعادة» أكثر من عصفور بحجر واحد، أنه أولاً أحد أجمل وأمتع أفلام العام الكوميدية المرحة، وهو ثانياً يقدم نموذجاً ناضجاً جداً للكوميديا الرومانسية المفتقدة، والتى كانت تميز السينما المصرية فى زمن الأبيض والاسود، سواء فى الأعمال الممتزجة بالغناء، أو بالأفلام المتنوعة التى قدمها الراحل «فطين عبد الوهاب» ل «شادية» فى الستينات من القرن العشرين، والفيلم ثالثا يقدم لنا أيضا مخرجا جديداً واعد هو اللبنانى «سعيد الماروق» الذى اشتهر فى عالم الفيديو كليب، كما أنه يقدم لنا الممثل «أحمد عز» فى دور كوميدى خالص يرشحه للاستمرار فى هذه النوعية فى أفلام قادمة، استثماراً لموهبته ومن باب التنويع. يقوم فيلم «365 يوم سعادة» الذى كتب فكرته «ماجد مجدى»، وكتب له السيناريو والحوار «يوسف معاطى» على تيمة الرجل الدون جوان الذى يتلاعب بقلوب النساء، ولكنه يقع فى شر أعماله عندما يسقط فى نفس الفخ الذى نصبه لإحدى الفتيات، ورغم غضبه من المقلب إلاّ أنه يرضخ أخيراً لفكرة الزواج والاستقرار بأمر الحب، «التيمة» قدمت من خلالها السينما وهو الفيلم الأشهر «الزوجة رقم 13» الذى قدم من خلاله العبقرى الراحل «فطين عبد الوهاب» اثنين من الممثلين اللذين لم يشتهرا أبداً بالكوميديا، وهما «شادية» و«رشدى أباظة»، فجعلهما يضحكان ويمتعان، وهذا تقريباً ما حدث فى «365 يوم سعادة» حيث يضحكنا من الأعماق الثنائى «أحمد عز» و«دنيا سمير غانم». «عز» طبعاً هو الشاب الثرى الدون جوان «هادى أبو العز» الذى يتزوج الفتيات عرفياً لمدة قصيرة ثم يتركهن بدعوى إصابته بمرض خطير فى المخ يجعل أيامه فى الحياة معدودة، وعن طريق صديقه الطبيب «شوقى» «شادى خلف» ينجح فى الحصول على تقارير بناء على أشعة تؤكد خطورة حالته، ولكن عندما يقع «هادى لأول مرة فى حب الفتاة الجميلة مدرسة الموسيقى «نسمة» «دنيا سمير غانم»، يجد نفسه محاطاً بنفس الفخ الذى وقع فيه الأخريات، طوال الوقت نكتشف مفاجآت جديدة تقلب اللعبة دائماً رأساً على عقب، ويمتزج الخط الرومانسى «علاقة حب بين هادى الثرى ونسمة الفقيرة» بالخط الكوميدى «انتقال أسرة «نسمة» للإقامة مع الزوجين فى قصرهما»، وبعد أن كنا نعتقد أن «هادى» هو الذى يقوم بإدارة اللعبة سنكتشف فى النهاية أنه أصبح موضوعاً للتلاعب بمؤامرة استهدفت إبعاده عن حياته اللاهية العابثة. يقوم سيناريو «يوسف معاطى» على البناء المتماسك، وعلى مزج كوميديا الموقف الذكية بالخطوط الرومانسية العذبة التى كان أقواها مشهد طلب «نسمة» الطلاق من زوجها بعد أن كشف لعبتها، هنا لا يوجد أثر الكوميديا الاسكتش والشلوت والضرب على القفا التى وصلت بالفيلم الكوميدى إلى الحضيض، كل مشهد مكتوب بصورة متقنة وينقلك إلى المشهد التالى، كل شخصية بما فيها الشخصيات المساعدة مثل «متولى» «صلاح عبد الله» رسمت بشكل جيد ومتوازن.. الممثلون كل واحد فى دوره، وباستثناء مشهدين ارتفع فيهما صوت «أحمد عز» بطريقة مزعجة ومبالغ فيها، فإن «أحمد عز» قدم نفسه هنا كبطل كوميدى يمكن أن يقطع الشوط إلى آخره بعيداً عن أدوار الأكشن والتشويق، دنيا سمير غانم تثبت فى كل دور أنها ممثلة رائعة وموهوبة، ومازال لديها الكثير لاستغلال قدراتها، صلاح عبد الله أضفى البهجة على شخصية شعبية يمكن استغلالها فى أعمال أخرى، وشادى خلف أضحكنا من القلب فى مشاهده القليلة، أما «سعيد الماروق» فقد نجح بامتياز فى تجربته الأولى كمخرج، ونجح فى توظيف عناصر الفيلم من تصوير «وائل درويش» ومونتاج «أحمد حافظ» وموسيقى «عمرو اسماعيل» وديكور «سامر الجمال» ليقدم لنا أحد أجمل الأفلام الكوميدية الرومانسية الجديدة.