على العكس من النصائح التى انهالت على القيادة السياسية الفلسطينية بالتراجع عن إثارة مسألة الاستيطان الإسرائيلى للمناطق المحتلة فقد تزامن ذلك مع التركيز الفلسطينى على طرح مشروع قرار على المجلس لإدانة السياسة الاستيطانية، وهو ما دعا الأمين العام للأمم المتحدة الى إبداء قلقه إزاء جمود عملية السلام مع توجيهه انتقادات لموقف إسرائيل فى هذا المجال ودعوته لتجميد الاستيطان، مع إشارته أيضاً لأهمية إقامة دولتين مستقلتين وذلك بإقامة الدولة الفلسطينية الى جانب إسرائيل. وفى الوقت الذى ركز فيه الأمين العام للمنظمة الدولية على وجود انتقادات متعددة من المؤسسات الدولية للموقف الإسرائيلى، مع تأكيده تحقيق السلطة الفلسطينية لتقدم فى تعزيز مؤسساتها، فقد أكد أيضاً أن البنك الدولى قد أشار الى أن مثل هذا التقدم قد جعلها فى وضع جيد لإقامة الدولة فى المستقبل القريب، وهو الأمر الذى عكسته أيضاً تصريحات وزيرة الخارجية الفرنسية بعد زيارتها لقطاع غزة حيث طالبت برفع الحصار أيضاَ، كما أكدت أن الاتحاد الأوروبى يعتبر حدود عام 1967 هى أساس المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. المواقف السابقة جاءت عكس الرغبة والتيار الأمريكى الذى مازال يركز على أهمية عدم التأثير سلبياً على محاولات استئناف جهود السلام التى ترعاها واشنطن، وإن كانت المعارضة الشديدة لهذه الاتجاهات قد جاءت من تل أبيب واتخذت محاور متعددة اتجه معظمها الى تأكيد المخاوف الإسرائيلية، حيث برز منها الآتى: *تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلى على استقرار الحكومة فى أعقاب انسحاب «إيهود باراك» وعدد من وزراء حزب العمل من الحكومة، وبالتالى التقليل من أهمية مواقف «باراك» من ناحية، مع دعوته الفلسطينيين فى نفس الوقت الى عدم التعويل على تقديم إسرائيل شروطا أفضل فى مفاوضات السلام. *تحذير رئيس جهاز «شين بيت» والمعنى بالأمن الداخلى فى إسرائيل من أن سيناريو الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود عام 1967 وخاصة من جانب أوروبا قد أصبح مرشحاً للتزايد، فى الوقت الذى أشارت فيه الاتجاهات الإسرائيلية الى المخاوف بأن تتضمن زيارة «ميدفيديف» لرام الله اعترافاً بالدولة الفلسطينية خلال لقاءاته مع «أبو مازن». *وفى المقابل فإن التحرك الفلسطينى وهو يحاول بحث إمكانات الخروج من الحصار السياسى والمادى الإسرائيلى قد لجأ الى إعادة التلويح لخطورة تعرض إسرائيل لانتفاضة جديدة للشعب الفلسطينى إذا ما فشلت المفاوضات معها، فى الوقت الذى أكد فيه أن الولاياتالمتحدة لم تبذل الجهود الكافية لوضع الأمور فى نصابها، مع عودته للتلويح بأن السلطة مستعدة للعودة للتفاوض فى حالة اعتراف واشنطن بأن حدود 1967 تشكل الحدود للدولة الفلسطينية. أما الجهد الرئيسى الأمريكى فما زال يحاول وضع الخلافات الجانبية بين قوسين فى اتجاه الخروج بموقف إيجابى يؤدى لمواصلة المفاوضات السياسية الإسرائيلية/ الفلسطينية فى ظل قناعة بسلامة ذلك الاتجاه للحد من المشكلات المطروحة، وإن كان التحرك الأمريكى مازال يركز فى المقام الأول على طمأنة إسرائيل فى مجال العلاقات الثنائية مع واشنطن وذلك من خلال تركيز كل من «دينيس روس»، و«ديفيد هيل» خلال زيارتهما لإسرائيل فى البحث عن فرص السلام، وإن كان يبدو أيضاً الاعتماد على بحث الاحتياجات الأمنية لإسرائيل من خلال ما أشارت إليه النتائج من تلويح الى الانتهاء من وضع ترتيبات وتفاهمات أمنية تستجيب لمطالب إسرائيل يمكن أن يتضمنها أى ملف للاتفاق حول التسوية السياسية. وعلى ذلك فإن ما يبدو هو إحكام للحصار على الموقف الفلسطينى الذى يتخذ بعدين أحدهما تركيز إسرائيل على صلابة موقفها السياسى، وعدم اتجاهها لتقديم تنازلات محددة، والبعد الآخر هو حماية أمريكية على المستوى الدولى والأمم المتحدة، يحاول أن يضع ضغوطاً محددة فى اتجاه مواصلة المفاوضات، مع الحد من محاولات الجانب الفلسطينى فى إضافة أبعاد جديدة الى المعادلة تصب فى خانة إحداث قدر ملموس من الإيجابيات لموقفه فى مواجهة العوامل المحيطة سواء للتفاوض، أو تحقيق بعض الإنجازات السياسية المبدئية.