إسرائيل تمر بتحولات إستراتيجية سياسية عميقة لترسيخ أنها أصبحت قوة إقليمية عظمى وقائدة لمنطقتنا الملتهبة، وآخر تلك التحولات أن السرية والصمت اللذين كانا يغلفان بعض سياستها تحولا للعلانية والتحدي، بل إنها وبتبجح أشد تدين أية تحركات مشروعة لدول المنطقة وتعرب عن قلقها -غير المشروع بالطبع- واليوم نحن أمام نموذجين ذلك، أولهما إعتراف إسرائيل بما يسمى أرض الصومال، وهو تحول استراتيجى كبير بسياستها وتحركاتها فى إفريقيا التى كانت تتسم بالسرية التامة والصمت، فهى ترسل رسالة للجميع بهذا الاعتراف العلنى وما سيتبعه من تحركات أنها لن تعود عن تحرشها وأهدافها ومطامعها بإفريقيا والمنطقة كلها وقد أصبح واضحا أهداف تل أبيب من الاعتراف بأرض الصومال، سواء لإيجاد موضع قدم مهم بجنوب البحر الأحمر الذى ينتهى شماله فى إيلات سعيا لليد العليا بهذا الممر المائى الحيوي، وبالتأكيد سيكون لها تواجد عسكرى بالحجم والنوع الكافى لتهديد دول شمال إفريقيا وفى مقدمتها: مصر، والتسلل إلى اليمن، وتهديد الخليج العربي، ناهيك عن الخطر الأعظم بتهجير الفلسطينيين لأرض الصومال، وهو بالبلدى «لعب صهيونى على المكشوف» وتهديد وتحدٍ للجميع النموذج الثانى ما فاجأنا به الإعلام العبرى مؤخراً ضمن هجومه المُعتاد على مصر، مغموس هذه المرة بإعلان قلق إسرائيلى مما أسموه التنسيق والتعمق المصرى مع دول المنطقة، ضاربين أمثلة بتحركات القاهرة فى العراق والجزائر وتنسيق المواقف وغيرها معهما، ودورها المهم فى ليبيا والسودان وإفريقيا، مؤكدين أن كل هذا يتحدى بل ويهدد السياسات والمشروعات الإسرائيلية!! وكأن على مصر أن تقف مكتوفة الأيدي! وفيما بين إعتراف وقلق غير مشروعين يجسدان البلطجة والتبجح الإسرائيلي، وتحركات مشروعة بل ومطلوبة لمصر مع دول شقيقة وصديقة، علينا أن نتأمل مدى كيفية مواجهة الخطر الذى يواجه الجميع، آخذين مما أسموه التهديد المصرى المثل والعبرة، فهل من شك أن إسرائيل لن تُجدى مواجهتها بالإدانات والشجب وتسول موقف دولى لن يأتى وإن جاء فلن يفيد، إسرائيل بالطبع محقة فى قلقها غير المشروع من التحركات المصرية المشروعة لأنها تعلم أن هذا هو الطريق القويم لمواجهتها وحفظ أمننا القومي، فهل تبصرون وتتعظون وتتوحدون حول مصر ومواقفها وتحركاتها؟!