هى حرب أو لعبة بين السماسرة ووزارة البترول تحدث كل شتاء فى سلعة البوتاجاز .. فجأة تظهر الطوابير أمام المستودعات ويتم إطلاق شائعات عن اختفائها وما ساهم من ذروتها هذا الشتاء بالتحديد الإعلان عن تطبيق نظام الكوبونات أوائل شهر يناير المقبل أى مع بداية العام الجديد رغم نفى وزارة التضامن ذلك مرات عديدة تطبيق هذا النظام وإرجائه إلى حين آخر . غير أن المافيا التى تطلق الشائعات وتخرج الأزمات من قمقمها لا يمكنها أن تترك موسم الشتاء الذى تتزايد فيه معدلات الاستهلاك من البوتاجاز دون أن تتربح المليارات على حساب المواطن البسيط الذى أصبح ضحية الأجهزة الرقابية . ولا يمكن إغفال ما يحدث فى سلعة البوتاجاز دون معرفة حجم دعم المنتجات البترولية والتى تتحمله ميزانية الهيئة ا لعامة للبترول ويصل إلى 70 مليار جنيه سنويا يذهب منها 14 مليار جنيه لدعم اسطوانات البوتاجاز والذى يذهب إلى السماسرة والمافيا التى تضعه فى جيوبها بينما المواطن الذى تستورد الدولة من أجله البوتاجاز لا يعرف عنه شئيا سوى الوقوف فى طوابير أمام المستودعات . لذلك تراهن وزارة التضامن ومعها البترول والمالية على تطبيق نظام الكوبونات والذى من المتوقع أن يرشد أكثر من 4 مليارات جنيه من دعم أنبوبة البوتاجاز يذهب الآن إلى أرصدة المافيا فى البنوك . وقد تعودت وزارة البترول على اللعب مع هذه المافيا فهى تزيد كميات السلعة التى يحدث بها عجز أو اختناق كما يتم الآن فى البوتاجاز حيث أعلن المهندس عبدالله غراب الرئيس التنفيذى لهيئة البترول على الفور عن وصول 3 شحنات عملاقة للبوتاجاز قادمة من السعودية والجزائر لزيادة المخزون الاستراتيجى من البوتاجاز. خاصة بعد زيادة مخازن البوتاجاز الصب وتطويرها لاستيعاب كميات مضاعفة من البوتاجاز. وذلك لمنع تكرار ما حدث العام الماضى من تأثر مواعيد وصول الناقلات الحاملة للغاز الصب بالنوات والظروف الجوية وإغلاق الموانىء.. ويقول غراب إن خطة الوزارة تهدف لزيادة المخزون والاحتياطى من البوتاجاز بحوالى 25% خلال شهور ذروة الشتاء والتى تشهد زيادة فعلية فى الاستهلاك لأسباب متعددة فى مقدمتها الاستخدامات غير القانونية من استخدام الاسطوانات فى أعمال مصانع الطوب والورش ومزارع الدواجن والأسماك وغيرها.. كذلك تكالب المواطنين وحرصهم على وجود اسطوانة احتياطية عند الحديث عن وجود أزمة فى الاسطوانات مما يضاعف الاستهلاك 100%. مؤكداً أن التعامل مع هذه القضية بموضوعية يؤدى لعدم وجود مشكلة أو ظهور أزمة فى ذلك.. ويقول اللواء ياسر النكلاوى رئيس شركة بتروجاس إن جميع المتعهدين يحصلون على كامل حصصهم المقررة، بالاضافة الى أى كميات إضافية يطلبونها وان صرف الحصص لهم بدون حد أقصى بالتنسيق مع مديريات التموين بالمحافظات المختلفة موضحا انه فى ضوء الزيادة الكبيرة المستمرة فى الاستهلاك المحلى من البوتاجاز قام قطاع البترول بضخ كميات إضافية من البوتاجاز يبلغ المتوسط اليومى لها أكثر من مليون اسطوانة. مشكلة التسرب /u/ وترجع أهم أسباب الزيادة الكبيرة فى الاستهلاك إلى استخدام الأنشطة الصناعية المخالفة لهذه السلعة بصورة متزايدة مثل مزارع الدواجن ومصانع الطوب وغيرها ويؤكد ذلك عدد المحاضر المحررة من قبل الجهات الرقابية. فالاستهلاك المحلى من البوتاجاز ارتفع فى عام2009/2008 إلى نحو4.2 مليون طن بزيادة7.4% على العام السابق. أما إجمالى الكميات المستوردة من البوتاجاز فقد وصلت إلى 2.1 مليون طن بتكلفة وصلت الي1.2 مليار دولار. و على الرغم من الجهود المبذولة من قبل قطاع البترول لتوفير سلعة البوتاجاز الحيوية للمواطنين خاصة محدودى الدخل حيث تدعم الاسطوانة بأكثر من40 جنيها وتباع ب2.50 جنيه فقط فهناك فئة من المتربحين و المنتفعين من هذه السلعة من الموزعين غير المعتمدين يضعون العراقيل أمام وصول الاسطوانة للمواطن بالأسعار الرسمية، حيث يمثل نشاط القطاع الخاص فى نقل وتوزيع البوتاجاز المعبأ90% من النشاط بالإضافة إلي35% من نشاط نقل البوتاجاز الصب. ويضيف أنه يتم تدعيم المخزون الاستراتيجى من الغاز الصب بالكميات التى تفى و تزيد على حاجة الاستهلاك حيث تراوحت نسبة الزيادة فى مختلف محافظات مصر بنسبة 25% بالإضافة الى زيادة الاحتياطى بمحطات تعبئة البوتاجاز لمواجهة السحب المستمر والمتزايد من محطات تعبئة البوتاجاز ودعم رفع كفاءة أسطول نقل البوتاجاز الصب والمعبأ. وعلى جانب آخر يقوم قطاع البترول من خلال شركة بوتاجسكو بملاحقة السماسرة بتوزيع الاسطوانات للمواطنين مباشرة من خلال اسطول النقل التابع للشركة والذى يجوب كافة المحافظات خاصة التى يوجد بها اختناقات. ففى محافظة الجيزة بدأت الشركة فى عمل منافذ ثابتة بشوارع أحياء المحافظة لبيع اسطوانات البوتاجاز بسعر 4 جنيهات فقط دون زيادة أو استغلال وزحام للقضاء على جشع واستغلال السرّيحة. وفى هذا السياق يوضح المحاسب عاصم السيد رئيس شركة بوتاجاسكو أن اسطوانات البوتاجاز لا توجد بها أزمة. وهناك ملايين من الاسطوانات المعبأة متوافرة فى المخازن ومصانع التعبئة دون توزيع.كما أن هناك إحكاماً تاماً للسوق منذ بداية شهور الشتاء.. ويقول إن هناك عوائق خارجية حالت دون الاستمرار فى أداء الدور الكبير واستمرار الإنجاز الذى تحقق طوال الفترة الماضية فى توفير اسطوانات البوتاجاز بالسعر المدعم وبالكميات المحددة للمواطنين وفى مقدمة هذه العوائق الخارجية. إضراب سائقى سيارات النقل على مستوى الجمهورية.. وإجبار هؤلاء لكافة سيارات النقل الأخرى والتريلات على التوقف وعدم السير تضامنا معهم أو قيامهم بإغلاق الطرق لعدم المرور.. مشيراً إلى أن هذه الإجراءات والأعمال حالت دون تنفيذ الخطط والبرامج كما هو محدد لذلك. وتأثر وصول بعض الكميات لمناطق محدودة. ولفت رئيس شركة بوتاجاسكو النظر إلى أن الشركة تمتلك 20 سيارة «تريلة كبيرة» لنقل الاسطوانات لمراكز التوزيع على مستوى الجمهورية. بالإضافة إلى منافذ التوزيع والتى تغطى كافة المناطق. خاصة التى لم يصلها الغاز الطبيعى والمناطق ذات الكثافة السكانية العالية والعشوائيات .. مشيراً إلى أن هناك نمواً متزايداً لحصة الشركة فى السوق المحلى رغم ان أكثر من 90% من مسئولية توزيع البوتاجاز للقطاع الخاص. وهناك 50 مصنعاً للتعبئة 75% منها قطاعاً خاصاً.. أكتوبر تجولت فى عدد من منافذ التوزيع والمستودعات منها مستودع طهرمس ببولاق الدكرور، حيث يقول رءوف كشك «متعهد المستودع» إنه لا توجد أزمات فى أنبوبة البوتاجاز والسلعة متوافرة بالمستودع ونقوم ببيعها للمواطنين بسعر 3.5 جنيه. ولاحظنا عدم وجود أى طوابير أمام المستودع وانتقلنا إلى آخر بجواره فى منطقة صفط اللبن وبالتحديد داخل مستودع زين العابدين وتكرر نفس السيناريو، حيث تتوافر الأنبوبة، كما يقول علاء عبد العزيز «موزع» يتعامل مع المستودع. ويرفض د. حسام عرفات رئيس شعبة المواد البترولية بالغرفة التجارية بالقاهرة وجود أية أزمات فى سلعة البوتاجاز ويفضل مصطلح اختناقات فى بعض المناطق والتى يقف وراءها السماسرة الذين يخلقون أزمات يتربحون من ورائها بإطلاق الشائعات عن اختفاء الأنبوبة بداية من شهر يناير لتطبيق نظام الكوبونات مع أنه لايزال قيد الدراسة لافتا إلى أن الشعبة مع أية آلية تساعد على وصول الدعم لمستحقيه. ويقول رئيس شعبة المواد البترولية إن هناك 2800 مستودعاً تابعاً للقطاع الخاص و165 مستودعا تابعا لشركة بوتاجاسكو تغطى كافة أنحاء الجمهورية وبالتالى فالسلعة متوافرة ولكن يتم التلاعب بها لصالح فئة محددة تشعل الأزمات كل شتاء مع أنه من الطبيعى ان تزيد معدلات الاستهلاك خلال هذا الفصل ولكن تقابله زيادة فى الكميات المطروحة من وزارة البترول . ويحث رئيس شعبة المواد البترولية وزارة البترول على الإسراع من توصيل الغاز الطبيعى للمنازل وزيادة معدلات الخطة القومية خاصة أن المعدل الطبيعى لها يصل إلى نصف مليون منزل سنويا فى حين أن هناك نسبة كبيرة من الزيجات الحديثة يصل عددها سنويا إلى 300 ألف حالة طبقا لإحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة العامة. ما يوجع خبراء البترول أن ما تقوم به وزارة البترول باليمين من جهود فى توفير البوتاجاز ودعمه بمليارات الجنيهات سنويا يأخذه السمساسرة بالشمال حيث يقول المهندس إبراهيم عيسوى الخبير البترولى ووكيل أول وزارة البترول سابقا إن أية سلعة مدعومة لا بد أن تتعرض للسرقة والمتاجرة بها من مافيا يخلقون الأزمات ويستغلونها واصفا ما يحدث فى سوق البوتاجاز بالظلم الكبير لأن سعر الأنبوبة المدعومة بأكثر من 40 جنيها لاتصل لمستحقيها من الفقراء والمحتاجين ولكن تذهب لمزارع الفراخ وقمائن الطوب، بل إن الصيادين تحولوا إلى صيد الأسماك بالأنبوبة وسط غياب الرقابة القوية على هذه الجهات والتى تعرفها جيدا ولكنها عجزت عن ملاحقتها. هيكلة الدعم /u/ ولا ينزعج د. عيسوى من الاختناقات قائلا إنها ستستمر إلى الأبد مادام أن الدعم يحتاج إلى إعادة هيكلة عاجلة لوصوله إلى مستحقيه لافتا النظر إلى أن تطبيق نظام الكوبونات سوف يوفر ما يقرب من 4 مليارات جنيه تذهب إلى المافيا التى تتاجر بأنبوبة البوتاجاز وسوف تقضى على السوق السوداء فى هذه السلعة الحيوية . وهذه المليارات تمكن الاستفادة منها كما يقول الخبير البترولى فى التوسع من الخطة القومية لتوصيل الغاز الطبيعى للمنازل إلى أن يدخل كافة قرى ونجوع مصر وبالتالى تريح وزارة البترول رأسها نهائيا من الأزمات والاختناقات فى سلعة البوتاجاز. ولا يريد الدكتور سيد خراشى الخبير البترولى ومستشار لجنة الطاقة والصناعة بمجلس الشورى التهويل من الأزمة التى تحدث فى سوق البوتاجاز ويقول إنه لا توجد أزمة من الأساس لان السلعة متوافرة فالدولة تستورد 2 مليون طن من السعودية والجزائر إلى جانب الإنتاج الذى يصل إلى 7 ملايين طن سنويا لافتا إلى أن الطاقات التخزينية فى موانئ الإسكندرية والسويس تكفى الاستهلاك وزيادته طوال شهور الصيف حتى نهاية فبراير القادم . ويتابع قائلا : إن قطاع البترول يوزع مليوناً و200 ألف اسطوانة يوميا لذلك لا يوجد نقص فى السلعة ولكن استخدامات غير مشروعة فى مزارع الدواجن وقمائن الطوب مطالبا الجهات الرقابية فى وزارة التضامن بملاحقة المافيا التى تخلق الأزمات ومراقبة المستودعات التى يحدث بها تجاوزات . وترفض وزارة التضامن ما يتردد عن تقاعس الأجهزة الرقابية فى ملاحقة السماسرة والمافيا التى تشعل أسعار أنبوبة البوتاجاز فى كل شتاء بل إنها طالبت المواطنين على لسان وزيرها د. على المصيلحى بضرورة الإبلاغ عن أى تجاوزات من أصحاب المستودعات واستلام الأسطوانات المدعمة بالأسعار المحددة، وذلك عن طريق الخط الساخن 19468 أو عن طريق غرف العمليات الموجودة فى مديريات التموين فى المحافظات، مع عدم شراء الاسطوانات من الباعة الجائلين الذين يستغلون المستهلك ويبيعون الأسطوانات بأسعار مرتفعة عن سعرها المحدد. وأكد المصيلحى أنه تمت زيادة كميات أسطوانات البوتاجاز خلال شهر ديسمبر بنسبة 30% على الكميات المشحونة والتى وصلت الموانئ خلال شهر نوفمبر الماضي، حيث تمت زيادة حصة محافظة حلوان بنسبة 19% على الحصة المقررة لمواجهة زيادة الطلب والأقصر بنسبة 16% والقليوبية بنسبة 15% و 6 أكتوبر بنسبة 14 % والقاهرة 12 % مع زيادة باقى المحافظات حسب الاحتياجات والطلبات التى يتم تقديمها من خلال المديريات والمحافظين. وأشار وزير التضامن إلى أنه تم تحرير أكثر من 200 مخالفة خلال الأسبوع الماضى لبعض المستودعات التى لم تلتزم ببيع أسطوانات البوتاجاز بالأسعار المحددة وبيعها لأصحاب مزارع الدواجن وقمائن الطوب والمطاعم التجارية مع اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المخالفين.