أعلنت وزارة الآثار المصرية عن استقدام عدد من الخبراء البلجيك، للمشاركة بخبراتهم مع المكتب الاستشاري ومجموعة العمل لبحث مقترحاتهم لتطوير قصر البارون في ضاحية مصر الجديدة ، وأعلن عن فتح الباب أمام المشاركة المجتمعية، للمساهمة في إعادة توظيف قصر البارون بالتعاون مع مؤسسة "تراث هليوبوليس"، تحت عنوان "ترميم وإعادة استخدام قصر البارون بمصر الجديدة". وقصر البارون هو إحدى التحف المعمارية، وإحدى عجائب العمارة الحديثة في العالم، ومحط أنظار الباحثين عن الابتكار والإبداع، ووجهة الكثيرين من السياح الذين يزورون مصر. وقد بنى القصر البارون إمبان عام 1905م، انتشرت أحاديث وأقاويل عن القصر تفيد بوجود أشباح وعفاريت تعيش فيه، أو مغامرات غامضة ومثيرة كان أبطالها من وصفهم الإعلام بأنهم "عبدة الشيطان"، الذين كانوا يمارسون طقوسهم السرية بين جدرانه. إدوارد إمبان بدأت قصة بناء قصر البارون في نهاية القرن التاسع عشر، بالتحديد بعد سنوات من افتتاح قناة السويس، رست على شاطئ القناة سفينة كبيرة قادمة من الهند، وكان على متن هذه السفينة مليونير بلجيكي يُدعى "إدوارد إمبان"، كان يحمل لقب بارون، وقد منحه له ملك فرنسا تقديرا لمجهوداته في إنشاء مترو باريس، حيث كان مهندسا متميزا، فقد عاد إلى بلاده وأقام عدة مشروعات جلبت له الكثير من الأموال، وكان على رأسها بنك بروكسل في بلجيكا. عرف عن "إدوارد إمبان" أنه لم تكن هوايته الوحيدة هي جمع المال، فقد كان يعشق السفر والترحال باستمرار، ولذلك انطلق بأمواله التي لا تحصى إلى معظم بلدان العالم، طار إلى المكسيك ومنها إلى البرازيل، ومن أميركا الجنوبية إلى أفريقيا، حيث أقام الكثير من المشروعات في الكونغو وحقق ثروة طائلة، ومن قلب القارة السمراء اتجه شرقا إلى بلاد السحر والجمال الهند. استمر إدوارد إمبان سنوات طويلة في الهند وعشق الأساطير القديمة حتى قرر البحث عن مكان تاريخي أقدم، ولم يجد أمامه سوى مهد مصر، فوصل إلى القاهرة، ولم تمض أيام حتى عشق مصر لدرجة الجنون، واتخذ قرارا مصيريا بالبقاء في مصر حتى وفاته، وكتب في وصيته أن يدفن في تراب مصر حتى ولو وافته المنية خارجها، وبدأ في البحث عن مقر له لكي يعيش فيه، وقد وقع الاختيار على مكان في الصحراء ليكون قريبا من القاهرةوالسويس. في عام 1905 زار البارون إمبان معرضا للتصميم المعماري في فرنسا وقابل المعماري ألكسندر مرسيل وشاهد تصميم لقصر بلجيكي وأعجبه التصميم بشدة، واتفق إمبان مع ألكسندر على بناء ذلك القصر في مصر، وصُمم القصر من طابقين و7حجرات، وزين بزخارف شرقية وهندية وأوروبية، ووقتها كان من الصعب الجمع بين كل هذه الزخارف في آن واحد، ولذلك اعتبر القصر تحفة فنية، وظل الوحيد على مستوى العالم الذي لا تغيب عنه الشمس، فقاعدة القصر مصنوعة على "الرولمان بلي"، ولذلك فقبة القصر تدور لفة كاملة مع أشعة الشمس منذ الصباح وحتى المساء. جريمة غامضة مكث إمبان مع زوجته البارونة وابنتيه، وقيل إن زوجته حُشرت في المصعد الذي ينقل الطعام، وقيل إنها سقطت من أعلى البرج وماتت، وقيل إن الجريمة حدثت بفعل فاعل، وكانت ابنته الصغرى "آن" عمرها ثمانية أعوام آنذاك، وقد شاهدت هذه الحادثة البشعة فأثرت عليها كثيرا، ووقتها اهتم البارون إمبان بتعمير ضاحية مصر الجديدة، وكان يساعده في هذا "ماريبي" الرجل الفرنسي الثري، ونشأت صداقة بين "آن" التي بلغت السابعة عشرة من عمرها وبين "سيلفيا" ابنة الدوق ماريبي. يقول الخبير الأثري المصري، عادل مختار: إن "سيلفيا" كان لها علاقات شيطانية واستطاعت أن تسيطر على "آن"، وقد أهدتها ورقة مفضضة رسم عليها الصليب المقلوب، فقامت "آن" بتثبيتها على جدران حجرتها الوردية الجميلة التي تقع غرب القصر، ولم تكن تعلم "آن" أن صديقتها سيلفيا تقودها إلى عبادة الشيطان دون أن تدري، فتغير حالها كثيرا، وقد تعالت ضحكاتها ليلا مع صديقتها "سيلفيا"، وانطلقت رائحة البخور من غرفتها، ودخلت مع "سيلفيا" وأصدقائها في أحد السراديب وكانوا ينشدون الترانيم الحزينة، وفي هذا الوقت كانت تسترجع موت أمها، فتصاب بهياج، بينما يقوم الأصدقاء باستدعاء الشيطان، بقصد العبادة له بحسب ما روته الأساطير. ويضيف مختار قائلا: إن حالة "آن" ساءت ولاحظ أبوها وخادمات القصر ما يحدث، وأشار طبيب القصر إلى ضرورة تغيير حجرتها حتى تشعر بالهدوء والاسترخاء ولكن دون جدوى، وازداد الأمر سوءا بمصرع 6 خادمات الواحدة تلو الأخرى، ومنهم مدام "دى مورييه" رئيسة خدم القصر، والعجيب أنه عقب كل حادثة كانت "آن" تحاول الانتحار مما كان يشير بوجود صلة بينها وبين هذه الحوادث البشعة. وتابع: "كما لقي شقيق البارون إمبان مصرعه داخل السرداب، ولم تدم هذه الأحداث طويلا، فبعد سنتين من التعرف على "سيلفيا" الشريرة لقيت "آن" مصرعها وهي في التاسعة عشرة من عمرها، ومات إمبان في عام 1930، وكانت وصيته دفنه بكنيسة الكربة الموجودة بميدان الكربة الموجودة بجوار القصر". ويشير مختار إلى أنه بعد وفاة البير أصبح القصر مهجورا منذ عام 1930، ولم يهتم به أحد حتى جاء المهندس إبراهيم سليمان واستطاع أن يبرم اتفاقا مع ورثة إمبان، وأصبح تابعا للمجلس الأعلى للآثار، وحتى الآن لا توجد أية فائدة تعود من القصر فهو مهجور تماما وشركة الصوت والضوء أضافت بعض الأضواء إلى القصر، ومن الممكن تحويل القصر إلى فندق أو متحف، أو كمركز للثقافة المصرية. ترتيل حزينة ومن الأساطير التي تروى حول قصر البارون، أن الشيطان اختار قصر البارون لأن القصر كان سداسي الأسوار، مما يتناسب مع الشرط الثاني لعقيدة الديمون في الاتجاهات الستة، والمخالفة لرباعية الاتجاهات (رمز الصليب المسيحي)، حيث يأبى الشيطان إيفاد مبعوثه ضمن مساحة محاطة بهذا التكوين، ويُقال إن أصوات ترتيل حزينة تسمع ليلا في غرفة الدماء بالقصر خلال شهر مارس من كل عام، وهو الشهر الذي لقيت فيه "آن" مصرعها، وكثرت الشائعات حول القصر حتى أنه جاء بعض الأجانب لزيارته خلال عام 1982م، أما في السنين الأخيرة فقد تردد بعض الشباب والشابات على القصر حيث كانوا يقيمون طقوس العبادات الشيطانية. ومن ناحيته، يقول د. مصطفى أمين، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر: إن القصر ملك لوزارة الآثار، ويخضع لقانون حماية الآثار، وبالتالي لا يمكن بيعه أو التصرف فيه، فقد تم تسجيله أثرا بعد أن تنازلت عنه وزارة الإسكان للآثار، عقب تعويضها للمالك بقطعة أرض كبيرة في إحدى القرى الجديدة، بالإضافة إلى مبلغ مالي، وعلى الفور تنازلت عنه للآثار، موضحا أن وزارة الآثار بدورها قامت بتسجيله أثرا، وبدأت عمليات الترميم الخاصة به بالتعاون مع بلجيكا، بلد بارون باشا، مؤسس القصر، موضحا أن التسجيل والتنازل كان عام 2009، وتم التعامل معه معاملة الأثر منذ ذلك العام. وعن تصميم القصر فتبلغ مساحته ستة أفدنة ونصف، أي حوالي 30 ألف متر مربع، وحديقته كانت كلها موالح ولكنهم منعوا الماء عن القصر فجفت الحديقة، والقصر يتكون من قسمين، القصر الرئيسي وملحق صغير بالقرب منه، وعلى جدرانه توجد تماثيل رائعة من المرمر والرقصات من الهند، وأفيال ترفع النوافذ، وفرسان يحملون السيوف وحيوانات أسطورية متكئة على جدران القصر، ونموذج لبوذا وقطع فنية صيغت بأيدي فنانين عالميين. خدمة ( وكالة الصحافة العربية )