"الوطنية للانتخابات" تدعو المصريين بالداخل للمشاركة في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    محافظ كفر الشيخ يعلن الاستعدادات النهائية لانتخابات مجلس النواب 2025    عباس شراقي: السد الإثيوبي حجز عن مصر قرابة 110 مليار متر مكعب    تراجع أسعار الذهب في ختام تعاملات السبت 22 نوفمبر 2025.. وانخفاض الجنيه الذهب في الصاغة    جدول زمني للانتهاء من مشروعات الصرف الصحي المتعثرة بالقليوبية    أكسيوس: جنيف تحتضن الأحد مباحثات أمريكية أوروبية بشأن أوكرانيا    مخاوف من انفجار مواد خطرة.. آخر تطورات حريق بسفينة حاويات بميناء لوس أنجلوس    مرموش يشارك في خسارة مانشستر سيتي أمام نيوكاسل بالدوري الإنجليزي    السيطرة على حريق هائل بكشك تجاري بالفيوم دون وقوع إصابات    دولة التلاوة يواصل رحلته لاكتشاف المواهب القرآنية.. بث مباشر للحلقة الرابعة عبر قنوات الحياة وCBC والناس وwatch it    برومو جديد لمسلسل "2 قهوة" قبل عرضه على dmc    رمضان 2026 - محمود عزب ينضم لمسلسل مي عمر "الست موناليزا"    حين يصلح الفن ما تفسده السياسة!    أحمد فهمي ومرام علي.. حكاية حب تتحدى الماضي في "2 قهوة"    من جنيه إلى مليار.. مسئول بالرعاية الصحية: التأمين الصحي الشامل يغطي جميع الأمراض مهما كانت تكلفتها    زيادة السعة السريرية ومبنى غسيل كلوي جديد..تفاصيل جولة عبدالغفار بمستشفى الجمهورية    التعادل 1-1 يحسم قمة العين ضد الجزيرة في الدوري الإماراتي    ابنة المخرج الراحل سامح عبد العزيز تحكي عن كواليس فيلمها "وجع الفراق"    ماكرون يعلن عقد اجتماع عاجل للدول الداعمة لأوكرانيا الثلاثاء المقبل    حزب الجيل: فضيحة السويد تؤكد جرائم الإخوان الإرهابية بعملية احتيال واسعة النطاق    مصرع وإصابه 4 أشخاص في حادث تصادم بالمنوفية    ضبط صاحب محطة استولى على 2.2 مليون لتر سولار و100 ألف لتر بنزين بالأقصر    المتحدثة باسم اليونيفيل: الهجمات الإسرائيلية داخل لبنان غير مقبولة أمميا    ممثل «اليونيسف» : نواصل خدمة الأطفال في الفاشر رغم الكارثة الإنسانية    المتحدثة باسم اليونيفيل: الهجمات الإسرائيلية داخل لبنان "غير مقبولة" أمميا    لماذا يعد فيتامين « د » أساسًا لصحة الجسم؟    بعبارات فكاهية.. مراد مكرم يداعب متابعيه بمقطع فيديو من جريمة قتل «ورد وشوكولاتة»    أهالى القفايطة بنصر النوبة يشكرون الرئيس السيسى بعد تحقيق حلم تركيب الكهرباء والمياه    مرموش بديلا في تشكيل مانشستر سيتي لمواجهة نيوكاسل بالبريميرليج    جهود صندوق مكافحة وعلاج الإدمان في مواجهة المخدرات وحماية الشباب خلال أسبوع    شلل مرورى بالطريق السياحى اتجاه المنيب والمعادى وتوقف تام لحركة السيارات.. صور    30 ديسمبر.. الحكم على 9 متهمين فى خلية شبكة العملة    الشباب والرياضة تُطلق أضخم مشروع لاكتشاف ورعاية المواهب الكروية بدمياط    الشوط الأول| ريمونتادا بايرن ميونخ أمام فرايبورج في الدوري الألماني    ارتفاع مشاركة الشباب المصري في انتخابات البرلمان داخل سفارة موسكو    مصر تبحث مع نيجيريا تعزيز التعاون فى مجالات الزراعة والدواء والطاقة والإنشاءات    الزراعة: زيادة إنتاج مصر من اللحوم الحمراء ل600 ألف طن بنهاية 2025    مفتي الجمهورية: خدمة الحاج عبادة وتنافسا في الخير    الرعاية الصحية: أعظم الطرق لحماية الصحة ليس الدواء لكن طريقة استخدامه    الهلال بالقوة الضاربة أمام الفتح بالدوري السعودي    معهد بحوث الإلكترونيات يستضيف ورشة دولية حول الهوائيات والميكروويف نحو مستقبل مستدام    غنيم: خطة الصناعة لتحديد 28 فرصة استثمارية خطوة استراتيجية لتعزيز التصنيع المحلي    سفير مصر بنيوزيلندا: ثاني أيام التصويت شهد حضور أسر كاملة للإدلاء بأصواتها    حبس المتهمين بالاعتداء على أطفال المدرسة الدولية بالسلام 4 أيام على ذمة التحقيقات    "رويترز" عن مسؤول أوكراني: أوكرانيا ستبدأ مشاورات مع الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين بشأن إنهاء الحرب    لاعب الاتحاد السكندري: طموحاتي اللعب للثلاثي الكبار.. وأتمنى استمرار عبد الرؤوف مع الزمالك    وزيرة التخطيط تشهد الحفل الختامي لجوائز مصر لريادة الأعمال    سعر اليوان الصيني أمام الجنيه في البنك المركزي المصري (تحديث لحظي)    لحجاج الجمعيات الأهلية .. أسعار برامج الحج لموسم 1447ه – 2026 لكل المستويات    بث مباشر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل في دوري أبطال إفريقيا 2025.. مشاهدة دقيقة-بدقيقة والقنوات الناقلة وموعد اللقاء    الوطنية للانتخابات: الكويت الأعلى تصويتا حتى الآن    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    الرئاسة في أسبوع| السيسي يشارك بمراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بالضبعة.. ويصدر تكليفات حاسمة للحكومة والوطنية للانتخابات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    انتخابات مجلس النواب بالخارج، التنسيقية ترصد انطلاق التصويت في 18 دولة باليوم الثاني    وزارة الصحة توجه رسالة هامة عن تلقى التطعيمات.. تفاصيل    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة "الجاز" الضالّ.. وفاءً لسود أميركا
نشر في نقطة ضوء يوم 02 - 12 - 2015

لم يكن الأميركيون يدركون قبل الفترة الواقعة بين عامي 1863 (عام إلغاء نظام الرِّقِّ والعبودية) و1865 (عام انتهاء الحرب الأهلية)، أن السود يملكون ما لا يملك "الأسياد" أنفسهم، فالثروة والنفوذ ليسا كافيين لصناعة المزاج الأعلى والأثمن، المزاج الذي تتلاقى فيه الأمم على اختلاف ألوانها، جانحةً باتجاه الآهات التي تُذهب كآبة النفس والروح لترجع بيضاء خالصةً. لقد وجد السود أنفسهم أحراراً على المسيسيبي فجأة، هناك وسط هدوء النهر وضجة صالات الرقص الكثيرة، فجاؤوا بما حفظوا من ألحان وإيقاعات إفريقية، لتطغى على الغناء الأوروبي الذي جاء به المهاجرون الإسبان والفرنسيون، مزيّنين ألحانهم بما تعلموا من تراتيل في كنائس نيو أورليانز الكاثوليكية والبروتوستانتية، ولم يكن من اختلاط صرخات عذاب العبودية والموسيقى الوثنية وطبول "التام التام" و"البامبولاس" بالفالس والبولكا الأوروبية إلا أن أنجبت "الجاز".. المصطبة العليا التي "تنجنّ" عليها الأرواح لتتخلص من أعبائها اليومية.
يبدو أن هذا التفرّد الذي حققه "العبيد" لم يَرُق "للأسياد" أو لعله عامل الغيرة، فلقد بدأ البيض تعلّم هذا اللون، محاولين الانخراط فيه، حين اكتسح الأفارقة ملاهي نيوأورليانز وبدأوا بالتنقل من مكان إلى آخر، ساعدهم على ذلك أن الفرقة كانت تتكوّن من سبعة أو ثمانية عازفين فقط ولم يكن البيانو ضمن الآلات التي تصدح في طقوسهم، كما أن الارتجالات الموسيقية والغنائية كانت سيدة مسارحهم.
أما البيض فقد واصلوا محاولاتهم متحدّين الفشل الذي حاق بهم في أول الأمر، لأنهم كانوا يفتقدون إلى الروح الزنجية الصارخة، ظل الأمر كذلك حتى تمكنوا من خلق هوية "جازيّة" خاصة بهم، لقد اخترعوا "الديسكي لاند" أو الجاز الأوروبي، والذي ساعد في انتشاره كل من السينما والأسطوانات الموسيقية؛ للمال سلطته أيضاً. في أعقاب الحرب العالمية الثانية، انتقلت زعامة الجاز من عاصمته نيوأورليانز إلى شيكاغو، ثم إلى نيويورك وبوسطن وواشنطن، حتى بدأ عهد جديد سمي "الجاز الجاد" فلقد تخلّص الأكاديميون من فقرات الارتجال التي اخترعها الأفارقة، وقاموا بمضاعفة عدد العازفين، وكتابة النوتات الموسيقية المحكمة، التي تطلبت بطبيعة الحال البيانو، ولم تجد هذه الفرق لها ملعباً سوى صالات الفنادق الفارهة التي رحبت بهذا اللون من الفن، ساعد في اتساع رقعتهم أكثر الراديو؛ نعم للإعلام سلطته أيضاً. لم يتوقّف الأمر هنا، إنما جاء فوجٌ آخر من الدارسين والأكاديميين البيض بفكرة ظنوها بليغة، فقرّروا أنه لا بدّ من أن يتوّقفوا عن إنتاج أجواء الرقص المجنون فحسب، قالوا لا بدّ أن نجري تعديلات على الإيقاعات بحيث يتوقّف الناس عن تحريك أرجلهم فحسب، فذهبوا إلى إدخال إيقاعات هادئة تجعل الناس أكثر إصغاءً في تلك الصالات الفخمة، وأكثر انسجاماً ذهنياً.. إنها المخيّلة الأوروبية الباردة حين تعبث بالطقوس والأشياء.. نجم عن هذا التجريب لوناً جديداً في الأربعينات أسموه "الجاز البارد".
لو كنتُ آنئذٍ زنجياً لشعرتُ بمرارة، لشعرتُ بقسوة الأسياد مجدداً رغم حرّيتي التي نلتها منذ عقود، لقد سرق الأسياد صنيعي وطوّعوه حتى أصبح عبداً لهم من جديد، أصبح مطواعاً وليناً وتخلّى عني، لم أعد أسمع صرخات عذابي في موسيقى الجاز، لم يترك الأسياد لي مساحة لارتجال أوجاعي أمام الناس على المسارح، ولم يتوقف الأمر عند الجاز البارد، فلقد أهان الأسيادُ الزنوجَ إهانة مباشرةً حين أطلقوا اللون الأحدث منتصفَ الخمسينات: "السيمفوجاز"، لقد تخلّى الجاز عن سلاحه الأبيض وعن حرب العصابات التي خاضها ضد الفنون الباردة، لصالح جيش موسيقي كلاسيكيّ، لقد انتظم في جيش الأسياد كجنديّ أليف في واشنطن، بعد أن هزم كل الجيوش الموسيقية في نيوأورليانز ..
وكان المسيسيبي خير شاهدٍ آنذاك. لكن هل خضع الجاز لكل هذا التطويع، بعدما صار حبيس صالات البرجوازية وانتهى الأمر؟ لا، فلقد وقف الجاز فجأة في وجه "الأسياد" متمرّداً صارخاً بروح أفريقية معذبة ومنهكة، حين نادى سيسل تايلور في الستينيات بالعودة بالجاز إلى أصوله، ولبّاه جون كولتران الذي صدح بشعاره الأقوى: "أحب أن أرى الناس من حولي يرقصون وأنا أعزف". نعم، حين استعاد الجاز هويّته الأفريقية، تمكّن من الوقوف على ساقيه مجدداً ليرتحل في بقاع العالم، ويلبس - بملء إرادته هذه المرة- اللباسَ التقليدي لكل بقعة يحل بها، فنتج عن ذلك "الجاز اللاتيني" و"الجاز الياباني" و"الأورينتال جاز" أو "الجاز العربي".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.