أول بيت للشعر بتونس.. وفي الوطن العربي.. القصائد.. المكان والمكانة.. يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول من سنة 1993.. جمع كبير من الشعراء و الأدباء والاعلاميين وأحباء الشعر .. وغيرهم.. لحظات تجلت فيها معاني حرير الكلام .. والقصائد المفعمة بالأحلام.. وما أكثر أحلام الشعراء.. مرّت سنوات.. والفضاء يواصل بسط ظلاله وعطوره الباذخة على الجهات والأمكنة.. ومرة أخرى تحتفي المدينة العتيقة في بهائها النادر بالشعر في هيئة من الجمال المفعم بحميمية العناصر والاشياء. كانت المدينة بأزقتها وحوانيتها وصخب أطفالها وأقواسها وأبوابها المزركشة... في حالة من الوجد. عروض شتى.. فنون وإبداعات.. ضيوف من جهات مختلفة جاؤوا فرادى وجماعات يبحثون عن الملاذ... بعيدا عن صخب العواصم والحياة اليومية في سياق اختلاط الأنماط والأنواع والأعمال والعروض والمسارح والأمكنة التي تعودها الناس للفعل الثقافي والفني.. هناك فضاءات أخرى.. دار لصرم.. الطاهر الحداد.. السليمانية.. العاشورية.. قصر خيرالدين وحدائقه.. وبيت الشعر ونعني دار الجزيري قديما تحديدا. هكذا تحلت المدينة منذ سنة 1993 بهذا المولود الذي يبلغ هذه الايام 20 سنة من عمره الثقافي (25 أكتوبر 1993). شعراء مختلفون مروا من هذا الفضاء من شتى أقطار العالم.. لغات مختلفة... قصائد مختلفة أيضا.. ويحفظ البيت أرشيفهم الى الآن... أدونيس، درويش، سعدي يوسف، اندري فلتار الى جانب عدد كبير من الشعراء الأجانب والعرب والمغاربة. ندوات عن الراحلين محمد العروسي المطوي وعبدالوهاب البياتي ومصطفى خريف .. ومجالس للترجمة والنقد وورشات للعروض والكتابة.. والغاية كانت دائما بيت القصيد. كان هذا الفضاء وما يزال فسحة عتيقة وعريقة من الأزمنة... وملاذا آخر لهواة الشعر خاصة جماعة منتدى بيت القصيد. ضمن هذا الاطار .. كان البيت علامة أخرى في هذا الفضاء الثقافي المفتوح على حركة الابداع التونسي.. تدخل البيت فيأخذك الحنين الى عراقة الابداع... المعمار التقليدي العربي. الحضارة العربية الاسلامية وأمجادها في العقل وفي الحجر وفي الكلمات.. فسحة أخرى من العطاء الانساني في الزمن المفتوح على الابداع والحوار. المدينة العتيقة بتونس. قصيدة أخرى بامتياز. ومنذ تلك الأزمنة حيث العلامات والألوان. وصخب المعمار خارج كلّ الأنماط المغلقة والأوزان. بعد محمد الصغير أولاد أحمد والمنصف المزغني، تتواصل ادارة بيت الشعر باشراف الشاعر المميز صاحب "سيدة البيت العالي" وغيره من العناوين الأدبية محمد الخالدي. الخالدي سعى الى تفعيل المؤسسة باتجاه عديد المشاريع والأنشطة وحلم بالمجلة والترجمة و... ولكن الميزانية ظلت وكالعادة في حاجة الى مزيد الدعم بما يتلاءم مع أحلام وتطلعات شعراء تونس خصوصا وأن بيت الشعر بتونس الأول ضمن قاطرة بيوت الشعر العربية من حيث التأسيس. نذكر تعدد الأنشطة الشعرية للبيت في السنوات الأخيرة والانفتاح على التعبيرات المختلفة في الفنون والفرجة والمشهدية بدعم من المندوبية الثقافية بتونس من ذلك المشاركة في التظاهرة الثقافية الكبرى. "ربيع الكتاب" واقامة الخيمة الشعرية بشارع بورقيبة بالعاصمة التي فتحت فضاءها الرائق للشعراء من مختلف التجارب والتيارات والأجيال.. وأما السهرات الرمضانية للشعر كانت من التقاليد الجادة. ان بوسع بيت الشعر بتونس التحليق أكثر في الفضاء العربي وفي سماوات العالم فقط بمزيد الدعم والثقة والرهان أكثر تجاه شعرنا التونسي. مؤسسة بيت الشعر تحتفي بمرور عقدين على التأسيس والمناسبة تحتاج تدبرا للأمر من حيث البرنامج والاعداد بما يتناغم وطبيعة تونس البلد الأمين الشاعر.. الجميل ..المتفائل.. المنفتح .. الودود الحبيب .. المأخوذ بالسحر.. ولاسيما سحر الكلام وفتنته. ثمة ما يغري بالنشيد. بيت الشعر حلم الشاعر أبي القاسم الشابي القديم .. بيت الشعر .. القصيدة والكلمات.. المكان والمكانة.