في كل عام في نفس التوقيتات تقريبًا، تزور مصر الكوارث نفسها.. أزمات البوتوجاز، الخبز، اللحوم، اشتعال أسعار الخضروات والفاكهة، السيول، والجديد أنفلونزا الطيور التي تضرب العشرات كل يوم وسط صمت حكومي غريب مع أنها أقامت الدنيا مع بداية هجوم المرض قبل عامين،.. ثم كالعادة عندما تستوطن الكارثة في البلد نعتادها ويصبح الحديث حولها مثل أي شيء آخر، لا تسمع للبرلمان فيها رأيًا وتتوقف الحكومة عن إعلان الطوارئ بشأنها. ونحن نتذكر جميعًا ما حدث للخنازير عندما أثار المرض الفزع وكانت الحكومة هي المسئولة عن الرعب الذي أصاب الناس، ثم كانت هي أول من تراجع وطلب التهدئة..!، وفي كل بلاد العالم هناك أجهزة مهمتها توقع الكوارث والاستعداد لها والتعامل معها ، إلا في مصر ، لدينا أقوى أجهزة لإطلاق التصريحات فقط، وقبل أكثر من عشرة أيام كان المصريون جميعًا يعرفون أن البلاد وبالتحديد محافظات الجنوب سوف تتعرض لموجة أمطار وسيول شديدة، وكنا نتوقع أن هذا هو وقت "الطوارئ"، وأن الحكومة بكل أجهزتها المعنية سوف تتحرك استعدادًا للمشكلة وتفاديًا للخسائر، إلا أن شيئًا من هذا لم يحدث،.. تركت الطرق والمدارس والحياة تسير سيرها المعتاد، والنتيجة كانت سلسلة من الكوارث كان أفظعها وأفجعها الحادثة التي راح ضحيتها تلميذات مدارس المنيا!، المصيبة نفسها تتكرر كل عام بسيناريوهات مختلفة من العريش حتي أسوان، لا نتعلم أبدًا، ولا وجود لما سمعناه كثيرا عن الأجهزة المكلفة بمواجهة الأزمات وعندما تهطل السيول، نبدأ في البحث عن منقذ، مساكن إيواء، وبطاطين ومعدات للإنقاذ!، وقبل أسابيع من رحيل عام 2010، شاهد العالم كله علي الهواء كيف تعاملت حكومة لاتينية مع انهيار جبل فوق رءوس عمال للمناجم ظلوا محبوسين لمدة شهر ونصف تحت الأرض، وفي النهاية خرجوا أحياء، بالتخطيط السليم وبالعلم وقبل كل شيء بالإحساس الوطني الرفيع بقيمة البشر وبأن الإنسان في أي بلد هو أغلي وأهم ثروة تعتني بها الحكومات،.. ولكن لأن حكومتنا عوّدتنا علي التجاهل والإهمال، ولأنها عادة تكون مشغولة بما هو أهم في العاصمة، فإن ثلاثة أرباع المصريين من سيناء حتي أسوان،.. لهم السيول، وأجرهم على الله، ومثواهم الجنة!!.