كانت _ وما زالت _ هناك محاولات من بعض قادة الشيوخ وقوي الظلامية ومتعهدي العهود السلفية الذين لا يدركون حتي الدين الذين يزعمون أنهم حملة لوائه، فيمتنعون عن الاجتهاد فيه.. فقد قضي بعض من قادة هؤلاء جميعاً علي المجتمع بالتأخر وحطوا من شأن كبار المفكرين والمبدعين، بداية من علي عبد الرازق وطه حسين وإسماعيل مظهر وسلامه موسي حتي وصلوا إلي فرج فودة ونجيب محفوظ ومكرم محمد أحمد ونوال السعداوي وأحمد عبد المعطي حجازي وحلمي سالم وعبد الرحيم علي وسيد القمني ونصر حامد أبو زيد... لقد حاولت هذه القوي الظلامية التي آلفت الدعاوي القضائية وبث قيم الاضطهاد وملاحقة المفكرين وقوي الاستنارة عبثاً حل معضلات المجتمع الحديث انطلاقاً ممن يحفظون من حلول لمشاكل حدثت في عصور مختلفة وبائدة .. فالتصور أو الاعتقاد أن حلول مشاكل معينة ومحددة أو الارتكان لتفسيرات حرفية لنصوص معتقدات بعينها، لهو العجز عن إدراك كنه الحياة التي هي حركة متصاعدة تنجم عنها مشاكلها المعقدة والمتلونة بلون المكان والزمان. لقد حافظ بعض الشيوخ، وقادة الظلامية، ومتعهدي السلفية علي مظهر لائق يميزهم عن بقية الناس _ ليضمن لهم الرهبة في نفوس العامة من الناس الذين يمزجون بينهم وبين الدين _ أي دين _ وقد تحقق ذلك _ ومازال يتحقق _ في فترات طويلة _ بفعل الجهل واليأس والاستسلام للسائد المتكرر المتوارث... وقد تم الانتفاع بالدين وتوظيفه من أجل مصالح بعينها .. واستهزأ بعض قادة الظلامين بالعقل واعتبروه مرادفاً للفوضي والبلبلة وتجاوز حدود الصواب " كما قال سيد قطب: أحد منظري طائفة الإخوان" : إن العقل من الأشياء غير الموجودة أو غير المضبوطة". هكذا سخروا من العقل والإبداع والابتكار والبحث الذي حث عليه الإسلام كدين سمح يطلق الطاقات من أجل تحسين حياة البشر وسعادتهم وليس شقائهم واختزال العالم في أفكار وتفسيرات ومعتقدات لبعض شيوخهم.. كان ومازال وسيظل العقل هو المنارة الوحيدة التي تضيء ظلمات الحياة بكل تفاصيلها.. رغم أنف طوائف الفاشية ورغم سطوة الظلامين.. ورغم كثرة الفتوجية القدامي والجدد.. ورغم متعهدي ومحتكري الوطنية الكاذبة والتدين المدعي والشكلي.. سيظل العقل هو المحتدي للوبي الجمود الفكري ولوبي الظلامية ولوبي إحتكار الدين.. ولن تستطع قوي الظلام إطفاء شعاع نور العقل فرغم تحالف أئمة الأفكار البائدة وشياطين الإنس من كل حدب وصوب ليستجمعوا وساوسهم لبثها في فضاء الإبداع والتقدم وإطفاء أي شعاع يخترق ظلمات جدران المعابد التي شيدوها بنصوص حرفية وأفكار بائدة... إلا أن قوي التقدم والمدنية ستنتصر في الختام لأن قانون الحياة لن يشرعه أبداً قادة الظلام.. بل سيسطر بنوده كل صاحب علم مستنير.. وليكن _ وهذا هو الأمل _ نصر حامد أبو زيد آخر ضحايا قوي الظلام.. ولذلك وجب هذا النداء الأخير للحفاظ علي مصر المدنية.. مصر الحداثة... مصر التنوير.. حافظوا علي جابر عصفور وأحمد عبد المعطي حجازي.. حافظوا علي أنيس منصور ومصطفي حسين.. حافظوا علي عبد المنعم تليمة ونوال السعداوي.. حافظوا علي جمال الغيطاني وعاطف العراقي.. حافظوا علي عبد المنعم سعيد وإبراهيم أصلان.. حافظوا علي علي سالم وطارق حجي.. حافظوا علي نبيل عبد الفتاح وسمير مرقص.. حافظوا علي قدري حقني ووسيم السيسي.. حافظوا علي سعد هجرس وميلاد حنا.. حافظوا علي إدوارد الخراط وإبراهيم فتحي.. حافظوا علي رفعت السعيد وفريدة النقاش.. حافظوا علي صلاح عيسي وصلاح فضل.. حافظوا علي نهاد صليحة ونبيل راغب.. حافظوا علي محمد عناني وماهر شفيق.. حافظوا علي السيد يسن ومحسن محمد.. حافظوا علي مراد وهبه ومحمد سلماوي.. حافظوا علي محمد النشائي ومنير مجاهد.. حافظوا علي كمال زاخر وليلي تكلا.. حافظوا علي عبد الرحمن الأبنودي وهدي وصفي.. حافظوا علي عبد المنعم كامل ورمزي يس.. حافظوا علي داود عبد السيد وخيري بشاره.. حافظوا علي عبد الرحيم علي وصلاح قنصوه... حافظوا علي مصطفي كامل السيد وأحمد يوسف أحمد.. حافظوا علي زاهي حواس وحسام بدراوي.. حافظوا علي حافظ دياب ومأمون فندي.. حافظوا علي أمينة النقاش وسناء البيسي.. حافظوا علي بشير الديك وعلي بدرخان.. حافظوا علي يسري نصر الله ونجوي إبراهيم... حافظوا علي سلمي الشماع وإبراهيم عبد المجيد... حافظوا علي فرخندة حسن ومصطفي نبيل... حافظوا علي أهداف سويف وفوزي فهمي... حافظوا علي رضوي عاشور وفتحية العسال.. حافظوا علي لينين الرملي وأحمد زايد... حافظوا علي سيد حجاب وحلمي سالم... حافظوا علي إقبال بركة وكمال رمزي... حافظوا علي سمير فريد وعلي أبو شادي... حافظوا علي درية شرف الدين وسكينة فؤاد.. حافظوا علي أحمد مرسي وعز الدين نجيب... حافظوا علي هالة مصطفي ومحمد المنسي قنديل.. حافظوا علي أحمد عكاشة وخالد منتصر.. حافظوا علي جاب الله علي جاب الله وعبد الحليم نور الدين... وغيرهم كثر.. حافظوا علي كل من يؤسس أو يساهم في تأسيس الدولة العصرية... حافظوا علي كل من وضع رواق أو عمود من أعمدة الدولة المدنية... حافظوا علي عقول مصر في كافة مناحي الحياة ضد بطش قوي الظلام وخفافيش التخلف... حافظوا علي قلب مصر النابض من العلماء والمفكرين والأدباء والفنانين والباحثين أصحاب دعاوي الاستنارة والحداثة والدفاع عن الهوية المصرية العصرية... حافظوا علي شريان الأمة من الذين يؤصلون للمجتمع المفتوح من سطوة التكفيريين والتخوينيين ... حافظوا علي كل من يضع بذرة أو سنبلة في أرض المدنية والعصرية وألا تتركوه ضحية القهر أو التكفير أو الإقصاء أو الموت إما قتلاً كما فرج فودة وإما كمداً كما نصر حامد أبو زيد.. ويبقي السؤال.. لمن النداء... لا أعلم.. ولكني ناديت... صبري سعيد