ربما تتحول إجابة السؤال إلي إحدي الفتاوي الشهيرة تاريخيا! نقيب الأطباء سأل، ومفتي الديار أجاب، غير أن الثاني اتهم النقابة باجتزاء فتواه! "إذا كان بين الأطباء من يعاني ضائقة.. فهل يجوز أن يتبرع زملاؤه بالعون من جزء من زكاتهم؟". فجرت "نعم" التي أطلقها مفتي الديار المصرية عاصفة من ردود الأفعال، حتي من جانب طرفي القضية: نقيب الأطباء والمفتي، ثم كانت التوابع الصاخبة التي صدرت مؤيدة أو معارضة للمسألة برمتها! رصدنا كل ما قاله أبطال الواقعة، وتعقيب الفقهاء لرسم ملامح المشهد الذي لم يخل من غضب معظم الأطباء! بداية أبدي د. علي جمعة مفتي الجمهورية استياءه الشديد من انتزاع الاستشارة الشرعية من سياقها واستغلال ذلك لدعم مصالح خاصة، مؤكدا أن الفتوي عمرها ثلاث سنوات وجاءت بخصوص صندوق تكافلي يساعد من خلاله أغنياء الأطباء المحتاجين منهم. وكشف المفتي عن تقدم نقيب الأطباء بسؤال لدار الإفتاء في عام 2007 حول إنشاء نقابة الأطباء صندوق الرعاية الاجتماعية لمساعدة الأطباء والطبيبات وأراملهم في حالة الحاجة، وقال المفتي ردا علي السؤال إن الله تعالي حدد مصارف الزكاة وفق قوله تعالي: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم). قال النقيب ل"نهضة مصر الأسبوعي": إن النقابة حصلت علي الفتوي من د. علي جمعة مفتي الديار المصرية بناء علي سؤال صريح ومباشر هو: "في حالة وجود أطباء يعانون من ضائقة مالية أو اقتصادية أو صحية هل يجوز أن يتبرع زملاؤهم الأطباء لهم ويقدموا العون علي أساس أن هذا يعتبر جزءا من زكاتهم، فكانت الإجابة: نعم. وقال د. حمدي السيد: إن من يقولون إن النقيب بحصوله علي الفتوي تلك يشهر بالأطباء والذين يعدون من أعلي طبقات المجتمع، لا يفهم شيئا عن حالنا فالدولة لا تقدرنا في الوقت الذي عندنا فيه حالات إنسانية كثيرة وتحتاج إلي من يقدم لها المعونة في الوقت الذي فيه مواردنا عاجزة عن الوفاء بالحدود الدنيا لاحتياجات تلك الحالات.. فالنقابة تضم نحو 205 آلاف عضو، لو حسبنا متوسط أربعة أو خمسة أفراد في كل أسرة سنجد أن رعاية النقابة حوالي مليون فرد بينهم أصحاب معاشات وأرامل بحاجة لمن يمد يد العون لهم، لذا فتحنا باب التبرعات بناء علي الفتوي من الأطباء إلي الأطباء لأن بيننا محتاجين والدولة تقدم المساعدات لكل النقابات بينما لا تعطينا سوي الفتات.من جانبه أجاز د. محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية الزكاة علي الأطباء إذا كانوا من ضمن الفقراء ممن لا تكفيهم رواتبهم لتلبية احتياجاتهم الأساسية، وبالتالي يجوز إعطاء الطبيب ما يساعده علي المعيشة التي تجعله يحيا حياة كريمة. وأيدت ذلك د. سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر حيث أشارت أن الزكاة علي الأطباء لا يخالف الشرع والدين ولكنها تعد إساءة وحرجا نفسيا وإنسانيا للأطباء. وقال د. مصطفي الشكعة عضو مجمع البحوث الإسلامية: إن الزكاة تجوز علي المصارف الشرعية الثمانية التي حددها القرآن الكريم، وهكذا وبالتالي لا يجوز إعطاء الزكاة للأطباء بشكل عام ولكن من حق نقابة الأطباء تنظيم العلاقة بين الأطباء الفقراء والأغنياء ودعم ومساعدة المحتاجين منهم من خلال صندوق التكافل بالنقابة. أما د. العجمي الدمنهوري رئيس جبهة علماء الأزهر سابقا قال: إن الأطباء لا يحتاجون إلي الزكاة ولا تجوز عليهم، خاصة أن هناك أطباء أسعار الكشف بعياداتهم الخارجية تصل إلي 300 و500 جنيه، ودخل أي طبيب حديث التخرج لا يقل عن 500 جنيه، كما أن بعض الأطباء دخلهم الشهري يتعدي 30 ألف جنيه.. وبالتالي لا تجوز الزكاة علي الأطباء.