«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القرضاوي: أصنام الجاهلية جزء من التراث العربي والغناء في ذاته ليس حراماً
نشر في القاهرة يوم 09 - 03 - 2010

في الحلقة السابقة بدأنا في نشر فصل من كتاب «سوسيولوجية الفتوي.. المرأة والفنون نموذجاً للباحث السوداني د. حيدر إبراهيم علي، الذي يستعرض فيه فتاوي آخر زمن حول التماثيل والرسوم والسينما والآداب، وقدمنا في الحلقة السابقة رأي بعض الفقهاء في الفنون عموماً وفي التصوير الشمسي والصور المجسمة، كما استعرضنا رأي مفتي الجمهورية الأسبق الشيخ جاد الحق علي جاد الحق، حول إجازة استخدام التماثيل بشرط أن تكون للأغراض العلمية فقط، ورأي الدكتور علي جمعة الخاص بإباحة تداول الصور الفوتوغرافية للإنسان والحيوان لأنها حبس للظل وليست مضاهاة لخلق الله كما يري آخرون.
ونواصل في هذه الحلقة تقديم بعض آراء المفكرين والمثقفين في بعض الفتاوي الخاصة أيضاً بتداول التماثيل والصور، فقد نشر د. جابر عصفور رئيس المجلس الأعلي للثقافة السابق مقالاً حول موضوع التماثيل عنوانه «فتوي صادمة» جاء فيه: «تابعت الصدام المتسع بين المفتي والمثقفين الذين رأوا في فتواه عن التمثيل اعتداء علي حرية الإبداع وتضييقا يقترن بالتشديد والرجوع إلي الوراء، كما رأي فريق ثان في الفتوي خللا في القياس، وإيثارا للتحريم علي الإباحة، وتجاهلا للسياقات التاريخية ومتغيراتها ورأي فريق أخير في الفتوي انقطاعا عن الميراث العقلاني الذي رآه الإمام محمد عبده مفتي الديار المصرية «1849 - 1905» الذي عرف بتسامحه الديني من ناحية، وسعة أفقه الاعتقادي من ناحية ثانية، وحرص علي عدم تناقض الدين والعلم والمدنية من ناحية أخري».
ويضيف: «وفي تقديري أن فتوي المفتي لا تعبر عنه من حيث هو فرد متعين، يشبه في ذلك الآلاف غيره من علماء المسلمين الذين يجتهدون في فهم دينهم، وإنما هو فرد بصيغة الجمع أعني ممثلا لمؤسسة دينية، ونائبا عنها في مجال الفتوي، وفتواه - من هذا المنظور - تصدر عن «ذات مجاوزة للفرد» وتستدعي ما تنتسب إليه، أو يتوافق معها، من تيارات يمكن اختزالها في تيارين أساسيين، لا تخلو العلاقة بينهما من تضاد وصراع. وهما تياران موجودان في الحياة الفكرية والاعتقادية في الثقافة العربية عموما، والمؤسسة الدينية الرسمية أو غير الرسمية في مصر خصوصا، سواء من حيث هي بعض الثقافة المحيطة التي تتبادل وإياها التأثر والتأثير، أو من حيث هي استجابة لمتغيرات فاعلة، ومجموعات ضغط قوية، تسهم في توجيهها وتضييق أو توسيع مداراتها أما التيار الأول فينطوي علي اتجاه ماضوي، اتباعي، حرفي في الالتزام بالنص، غير مؤمن بجدوي التأويل الذي يوائم بين الثوابت والمتغيرات بما يؤكد معني اليسر لا العسر، ومواكبة العصر في تجدده وتدافع تحدياته، يتميز التيار الثاني النقيض بتوجيهه العقلاني الذي لا يتقوقع في المدار المغلق للقياس علي الماضي في كل الأحوال، بل يبدأ من تأويل الماضي بما يدعم الاتجاهات الإيجابية في الحاضر الصاعد نحو المستقبل، ويقيس علي وجود المستقبل حركة الحاضر في علاقته التأويلية بنصوص الماضي.
ويواصل: «وللأسف فإن التيار الغالب علي المؤسسة الدينية الرسمية هو التيار الماضوي الذي يغلب عليه الاتباع لا الابتداع، والذي يستريب في الاجتهاد والمغايرة، بينما لا يزال التيار العقلاني مهمشا، مقموعا في غير حال، صحيح أن رجالا أمثال محمد عبده وتلامذته والمنتسبين إلي عقلانيته الدينية ظلوا، ولا يزالون يعملون علي توسيع دوائر الاجتهاد والاختلاف ولكنهم كانوا يصطدمون، ولا يزالون بالجامدين الحرفيين من رجال الدين ولا يزالون يناصبون المختلفين العداء».
ويسرد تاريخ الظاهرة بقوله: «ودليل ذلك الوجود الفاعل لما يسمي "جبهة علماء الأزهر" التي بدأت بصفتها جمعية خيرية أنشئت سنة 1946، وأخذت علي عاتقها مناهضة البدع والأهواء ودسائس الإلحاد، وكان أول إسهامها في الحياة الثقافية، الموقف المضاد الذي اتخذته من المرحوم محمد أحمد خلف الله، صاحب رسالة "القصص الفني في القرآن" سنة 1947، وتأجيجها نار الاتهام بالكفر الذي أدي بالجامعة إلي إلغاء مناقشة الرسالة، والرسالة نفسها، وفصل الرجل، أو نقله إلي وزارة المعارف، وعدم السماح له بالعودة إلي الجامعة التي كان معيدا فيها، إلا بعد أن تخلي عن أطروحته لدرجة الدكتوراة واستبدل موضوعا علميا آمنا بالبحث المحاط بالمتفجرات الموقوتة في قضية القصص الفني في القرآن».
«وأسهمت في زيادة وطأة العاصفة التي هبت بسبب كتب نصر حامد أبوزيد ومحاولته دراسة الخطاب الديني الذي هو خطاب بشري ونقده. وقامت الجبهة بمحاولة وزير الأوقاف المستنير محمود زقزوق منع المتطرفين من السيطرة علي دور العبادة، وأصدر بيانا بتكفير كتب حسن حنفي معترضة بشدة علي دعوة عميد كلية أصول الدين له، في مارس 1997 إلي الإسهام في ندوة أقامتها الكلية عن شيخ الأزهر الأسبق محمود شلتوت الذي عرف بعدد من اجتهاداته التي خالف فيها العناصر الأكثر محافظة في الأزهر»، «صحيفة الحياة 21/6/2006».
طالبان وتحطيم التماثيل
أكدت حركة «طالبان» أنها بدأت في تحطيم التماثيل الموجودة في عدة ولايات أفغانية، تنفيذا لأمر من زعيمها الملا محمد عمر، وأبلغ وزير الثقافة والإعلام في الحركة ملا قدرة الله الصحافيين أن تحطيم التماثيل بدأ في كابول وباميان وهراة وقندهار وغزنة، مؤكدا أنه سيتم تحطيم كل التماثيل.
وكان ملا عمر أصدر أمرا بتحطيم التماثيل، مما أثار قلقا عالميا بشأن التراث الحضاري لأفغانستان، وخصوصا التماثيل التي تعود إلي الثقافة البوذية، وتعتبر باميان وهي معقل شيعي تقليدي، أهم المناطق الأثرية في أفغانستان، حيث نحت تمثالان لبوذا في الصخور.
ونقلت وكالة الأنباء الإسلامية الأفغانية عن ناطق باسم زعيم الحركة في معقلها في مدينة قندهار جنوب البلاد، أن «لا سبيل إلي بقاء التماثيل» بعدما أمر زعيم الحركة بتدميرها وكان زعيم «طالبان» اعتبر أن «الاحتفاظ بمثل هذه التماثيل مخالف للشريعة والإسلام فأمر بإزالة التماثيل» مضيفا أن «بعض الناس يؤمنون بهذه التماثيل ويصلون لها وهي معتقدات لا يمكن أن نقرها».
وفي تهمة لفتت أنظار المراقبين أعلنت السفارة الأفغانية في طهران التي تمثل نظام الرئيس المخلوع برهان الدين رباني المناهض ل «طالبان» أن عملية تدمير التماثيل «تغطي عملية تهريب منظمة لقطع أثرية» وأفادت السفارة في بيان أن «الكل يعلم فساد قادة طالبان وتورطهم في شبكات تهريب القطع الأثرية الأفغانية.. وأن الأمر الصادر عن ملا عمر ليس له أي مبرر ديني، ولكنه يغطي عملية تهريب منظمة لقطع أثرية».
وأضاف البيان أن «هذه التماثيل تمثل بالنسبة إلي أفغانستان، رمزا تاريخيا عريقا وثقافة غنية، إن الشعب المسلم يحظي بقدر من الإيمان لا تنال منه هذه التماثيل» ودعت السفارة «المجتمع الدولي والبلدان الإسلامية ومنظمة اليونسكو إلي منع تدمير هذه الآثار». «الحياة 2/3/2001».
الرأي في ملحق «تي في»: طالب مجمع البحوث الإسلامية «هيئة كبار العلماء بالأزهر» حركة طالبان الأفغانية بالتوقف الفوري عن تدمير الآثار البوذية القديمة والرجوع عن الفتوي الصادرة بهذا الشأن لما يترتب عليها من فتن داخل العالم الإسلامي وتشويه صورة الإسلام في الخارج. وبعد مناقشات طويلة دارت بين كبار العلماء أكد المجمع في بيان له أن إقدام طالبان علي هذا الفعل يسيء إلي الإسلام والمسلمين ويثير الفتن، ولا يحقق مصلحة المسلمين خاصة بعدما أثاره من ردود أفعال سيئة انعكست علي صورة الإسلام والمسلمين في العالم كله وما وقع من اعتداءات علي كتاب الله في أبلغ إساءة للقرآن من المتطرفين البوذيين والهندوس ردا علي قرار طالبان، في الوقت الذي تشير فيه منظمة اليونسكو إلي إمكان المطالبة بمحاكمة طالبان دوليا باعتبار تلك جريمة حرب.
ويتناقض موقف الأزهر مع موقف وفد منظمة المؤتمر الإسلامي الذي رعته قطر وضم الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر، الذي قال بعد عودته: إن علماء طالبان قالوا: إنه ثبت لديهم من شهود ورؤساء محاكم أن التماثيل التي حطموها تعبد كأصنام من زوار وسياح خصوصا إيطاليين شوهدوا وهم يسجدون لها، وفي ضوء هذا اجتمع قادة الحركة الدينيون وقرروا إصدار فتوي تقضي بإزالة المنكر. «الشرق الأوسط 16/3/2001».
تراث تاريخي
- أفتي الدكتور يوسف القرضاوي «بأن التماثيل التي صنعها الأقدمون قبل الإسلام تمثل تراثا تاريخيا ومادة حية من مواد التاريخ لكل أمة فلا يجوز تدميرها وتحطيمها باعتبار أنها محرمات أو منكرات يجب تغييرها باليد، ورأي أنها «تماثيل الأقدمين» دلالة من نعمة الله تعالي علي الأمة الذي هداها للإسلام وحررها من عبادة الأصنام».
وقال القرضاوي في أحدث فتوي: «للإسلام حكم معروف في إقامة التماثيل أو صنع الصور المحسنة وهو التحريم الذي نصت به أحاديث نبوية كثرت واستفاضت واتفق عليها علماء الأمة السابقون وإن اختلفوا في الصور غير المجسمة أو التي لا ظل لها حسب تعبيرهم» لكنه لفت إلي «أن هذا كله يتعلق بالتماثيل التي يصنعها المسلمون بعد أن من الله عليهم بالإسلام وعرفوا منه الحلال من الحرام» وشدد علي «أن التماثيل التي تم صنعها قبل الإسلام هي تراث تاريخي».
بعد ذلك طار الشيخ القرضاوي علي متن طائرة خاصة إلي قندهار موفدا من دولة قطر رئيس منظمة المؤتمر الإسلامي ومعه عدد من علماء الدوحة، وقد لحق بهم وفد مصري ترأسه د. نصر فريد واصل مفتي الديار المصرية الذي كلفه الرئيس مبارك بعد مناشدات دولية له بأهمية تدخل مصر. وصرح بأن التماثيل أو صنع الصور المجسمة حرام، ولكن هدمها خطأ كبير، لأنهادلالة علي نعمة الله تعالي علي الأمة التي هداها الله للإسلام وحررها من عبادة الأصنام «الأهرام العربي 24/3/2001».
احترام ثقافات الآخرين
وفي القاهرة قال الأستاذ فهمي هويدي: إن تدمير تماثيل بوذا في أفغانستان لا يتفق مع طبيعة الإسلام الذي يحترم عقائد غير المسلمين، وأشار إلي أن «الإسلام حريص علي احترام ثقافات الآخرين حتي لو كانت تشتمل علي عقائد مخالفة لعقيدة الإسلام.. والدليل هو استمرار وجود المجوس وعبدة البقر في بلاد المسلمين.. كما أن المسلمين لم يحطموا أي تماثيل في البلاد التي فتحوها مثل الأندلس وغيرها». وعزا هويدي تحطيم التماثيل في أفغانستان إلي «ضيق أفق» الحكام في حركة «طالبان» وتفشي «الأمية الثقافية والافتقار إلي البعد الإنساني»، وقال: إن هذا «لا علاقة له بإصلاح البلد، ولكنه التعامل مع السهل»، «الحياة 2/3/2001».
أبو الهول
وأجمع العلماء علي حرمة التماثيل التي تصنع من أجل العبادة والتعظيم ففي سؤال عن تمثال أبي الهول. أجاب الدكتور صبري عبدالرؤوف رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر:
«إنه لو كان الغرض التعظيم، فهو حرام، وإن كان الغرض أن يكون علامة من علامات الحضارة المصرية القديمة، وبيان معتقدات المصريين القدماء فلا حرج من ذلك لأنها تعتبر من وسائل الإيضاح» «الحياة 2/3/2001».
وكانت إيران قد أدانت تدمير تماثيل بوذا، ودعت رئيس منظمة اليونسكو الياباني كويشيرو ماتسورا إلي نقل «احتجاج العالم من أجل حماية هذه الآثار العظيمة» وبدورها دعت «اليونسكو» طالبان إلي التخلي عن القرار.
وفي القاهرة استغرب مفتي مصر الدكتور نصر فريد واصل إعلان حركة «طالبان» إزالة كل التماثيل الأثرية التي تعود إلي حقبة ما قبل الإسلام، وقال: «إنها مجرد تسجيل للتاريخ وليس لها أي تأثير سلبي علي عقيدة المسلمين».
وقارن واصل بين التماثيل الموجودة في أفغانستان والآثار الفرعونية في مصر مؤكدا أن الإبقاء عليها «ليس محرما، خصوصا أنها تدر مصالح اقتصادية للبلد الإسلامي من خلال تنشيط السياحة فيه» وأشار واصل إلي ما ذكره القرآن الكريم من قصص الأولين ومنهم مشركون «لكي نتخذ منهم العبرة والعظة» مضيفا أن هذه القصص باقية ومعروفة علي رغم غياب أصحابها المشركين منذ آلاف السنين».
وتابع: «قياسا عليه فإن الآثار إذا كانت تدخل تحت مبدأ تلك آثارهم تدل عليهم فلا مانع شرعا من الإبقاء عليها، ولا يجوز الأخذ بظواهر النصوص» لاحظ «أنها كانت موجودة في كل العصور السابقة علي دخول الإسلام أفغانستان ثم استمرت ولم يحطمها أحد من حكام أفغانستان الإسلامية لأنهم لم يروا فيها ضررا علي عقيدة المسلمين وإنما هي مجرد آثار. وتساءل: «ألم يكن يحكم أفغانستان طوال القرون العشرة الماضية مسلمون حتي جاءت طالبان؟» وأضاف واصل: «إذا كان هناك من البوذيين من يعبد تلك التماثيل ويخشي أن يؤثر ذلك علي عقيدة المسلمين أو يقوي جانب غير المسلمين عليهم، جازت إزالتها» لكنه اشترط أن يتأكد هذا الضرر علي العقيدة من قبل علماء الإسلام الثقات في أفغانستان نفسها «لأنهم هم الذين يعايشون المشكلة وهم الأقدر علي علاجها. وبعد التأكد من أن الدستور يحمي الطوائف الدينية تأسيسا علي قاعدة «لا ضرر ولا ضرار»، «الحياة 2/3/2001».
وفي حوار مع الشيخ علي جمعة:
يجوز التصوير الشمسي للإنسان أو الحيوان إذا كان لأغراض علمية مفيدة تعود علي المجتمع بالنفع مع خلوها من مظاهر التعظيم.
وأكد أنه ورد في التصوير أحاديث كثيرة، منها ما رواه البخاري عن أبي زرعة قال: دخلت مع أبي هريرة دارا بالمدينة فرأي في أعلاها مصورا يصور فقال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: «ومن أظلم من ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا حبة وليخلقوا ذرة» قال في فتح الباري شرح صحيح البخاري قال ابن بطال فهم أبو هريرة أن التصوير يتناول ما له ظل وما ليس له ظل، فلهذا أنكر ما ينقش في الحيطان.
قلت هو ظاهر من عموم اللفظ ويحتمل أن يقصر علي ما له ظل من جهة قوله كخلقي، فإن خلقه الذي اخترعه ليس صورة في حائط بل هو خلق تام ومنها ما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: «قدم رسول الله صلي الله عليه وسلم من سفر وقد سترت بقرام لي علي سهوة لي فيها تماثيل فلما رآه رسول الله صلي الله عليه وسلم هتكه وقال: أشد الناس عذابا يوم القيامة الذي يضاهون بخلق الله، قالت: فجعلناه وسادة أو وسادتين. قال في فتح الباري: واستدل بهذا الحديث علي جواز اتخاذ الصور إذا كانت لا ظل لها، وهي مع ذلك مما يوطأ ويداس أو يمتهن بالاستعمال كالمخاد والوسائد.
ومنها ما رواه البخاري عن زيد بن خالد عن أبي طلحة قال: إن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: «إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة إلا رقما في ثوب». قال في فتح الباري قال ابن العربي: حاصل ما في اتخاذ الصور أنها إن كانت ذات أجسام حرام بالإجماع، وإن كانت رقما فأربعة أقوال: الأول: يجوز مطلقا علي ظاهر قوله في حديث البخاري إلا رقما في ثوب. الثاني: المنع مطلقا حتي الرقم. الثالث: إن كانت الصورة باقية الهيئة قائمة الشكل حرم، وإن قطعت الرأس أو تفرقت الأجزاء جاز. قال: وهذا هو الأصح. الرابع: إن كان مما يمتهن جاز، وإن كان معلقا لم يجز. وقال صاحب الهداية: ولا يكره تمثال غير ذي روح، لأنه لا يعبد، وعلله صاحب العناية بما روي عن ابن عباس أنه نهي مصورا عن التصوير، فقال: كيف أصنع وهو كسبي قال: إن لم يكن بد فعليك بتمثال الأشجار، رقما في ثوب ويلحق بها الصور التي ترسم علي حائط أو نحوه أو علي الورق قياسا علي تصوير ورسم ما لا روح له كالنبات والأشجار ومناظر الطبيعة. وبناء علي ذلك يكون الرسم والتصوير الشمسي المعروف الآن للإنسان والحيوان وأجزائهما وإذا كان لأغراض علمية مفيدة تنفع المجتمع وتعود عليه بالفائدة مع خلوها من مظاهر التعظيم ومظنة التكريم والعبادة حكمه حكم تصوير النباتات والأشجار ومناظر الطبيعة وغيرها مما لا حياة فيها. وهو الجواز شرعا. مما يذكر يعلم الجواب عن السؤال. «الأهرام 2/4/2006».
أصدرت محكمة إسلامية في الهند فتوي بقتل رسامي الكاريكاتير، ورصد أحد الأثرياء مبلغا ضخما لكل من يقتل رساما من الذين أساؤوا إلي الرسول صلي الله عليه وسلم «إذاعة مونت كارلو 21/2/2006».
أحكام الغناء والسماع
كانت الأولوية في الفقه والفتوي لموضوعات الموسيقي والغناء والسماع في مجال الأسئلة وتحديد الحلال والحرام فظهرت دراسات كثيرة كرسائل في الغناء للفقهاء المسلمين المشهورين وأفردوا لها - أحيانا - مؤلفات مستقلة أو غير مستقلة ضمن مؤلفاتهم الفقهية العامة، تحت عنوان: المكاسب المحرمة، ويكتب الفضلي عن هذه الآراء: «التي اعتادوا أن يضعوها مدخلا لكتاب التجارة علي أساس أن الغناء من الأفعال المحرمة، والتكسب بالمحرم محرم، فبحثوا- منطلقين من هذا - حكم الغناء بوضعه فعلا من أفعال المكلف وحكم استماعه وتعلمه وتعليمه وحضور مجالسه وتكسب المغنين والمغنيات به، وشراء القيان والجواري المغنيات وبيعهن، وصنع آلات الطرب التي تستعمل معه وبيعها وشرائها واستعمالها.. إلخ»، «عبدالهادي الفضلي 1998: 36».
اعتمد أغلب دعاة التحريم والمنع علي تفسير آيات لهو الحديث بأن المقصود بذلك: الاستماع إلي الغناء ويستدلون بالآية الكريمة: «ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين»، "لقمان:6" «البخاري كتاب الأشربة باب 52» وبالآية الكريمة: أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون» "النجم: 59 - 61" ويفسر عكرمة عن ابن عباس: السمود هو الغناء بلغة حمير «إحدي قبائل العرب» يقال: أسمدي لنا يا فلانة أي غني لنا «كتاب الأدب باب 52» وبالآية الكريمة: «فماذا بعد الحق إلا الضلال فأني تصرفون»، «يونس: 32» فقالوا: ما دام الغناء ليس من الحق فهو إذن من الباطل «عمرو عبدالكريم 1995: 62» أورده عن «ابن القاسم عن مالك».
يستشهد مانعو الغناء والموسيقي بأحاديث كثيرة. ففي صحيح البخاري عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أنه سمع النبي صلي الله عليه وسلم يقول: «ليكونن من أمتي قوم يستحلون الحري والحرير والخمر والمعازف» وأيضا ما رواه أحمد عن أبي أمامة الباهلي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: «تبيت طائفة من أمتي علي أكل وشرب ولهو ولعب، ثم يصبحون قردة وخنازير فيبعث علي أحياء من أحيائهم ريح فتنفسهم كما نفست من كان قبلهم باستحلالهم الخمر وضربهم الدفوف واتخاذهم القينات».
وأضاف المحرمون للغناء والموسيقي أدلة من أقوال المذاهب لدعم حججهم فقد روي أن الإمام مالك نهي عن الغناء واستماعه، وأنه إذا اشتري شخص جارية فوجدها مغنية كان له ردها بالعيب. وقال - حسب ابن عبدالبر في الكافي - بإسقاط شهادة من يسمع الغناء أو يغشي الغنيين وصرح الشافعي في كتاب «الأم»: «بأن الرجل الذي يغني فيتخذ الغناء صناعة لا تجوز شهادته، وذلك لأنه من اللهو المكروه الذي يشبه الباطل» ولم يختلف الإمام أحمد بن حنبل كثيرا وكان الإمام أبوحنيفة متشددا في موقفه ونقل عنه تحريم سماع الملاهي كلها مثل المزمار والدف وحتي الضرب بالقفيب باعتباره معصية يوجب الفسق وتري به الشهادة. «عمرو عبدالكريم، 62 - 64».
كان المحرمون من فقهاء السنة يبنون دليلهم علي اعتبار الغناء لهوا وهذا أقوي سند في تحريمهم للغناء.
ويري الشيخ القرضاوي أن أدلة المحرمين من القرآن والسنة وبعض السلف لا تقوم علي سند سوي الحديث المرفوع: «أن لهو الحديث» هو الغناء، ولم يثبت ذلك عن النبي صلي الله عليه وسلم. وصح عن ابن مسعود قوله: هو والله الغناء. ويتساءل القرضاوي: سلمنا أن الآية لم تذم مطلق لهو الحديث، ولكنها ذمت من يشتريه أي يستحبه ويختاره - ليتخذه وسيلة إضلال وصد عن سبيل الله، ويزيد علي ذلك أنه يتخذ هذا السبيل هزوا، يسخر منها، ويستهزئ بها، وهذا لا يصدر عن مسلم «القرضاوي 1996: 280».
وهذا لا يعني التحريم مطلقا، إلا إذا القصد اتخاذ الغناء واللهو عامة لصد الناس عن القرآن، ويلهيهم عن فرائض الإسلام، فهذا يطلق عليه أنه يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله ولكن الشيخ القرضاوي لا يكمل موقفه المتحرر حتي النهاية. فهو يفتح بابا للتأويلات والتفسيرات المتزمتة والمتخلفة، حين يواصل: وهذا يمكن تطبيقه علي بعض الذين يشرفون علي الإعلام والمخططين له في بلادنا العربية والإسلامية، فقد جعلوا من أهدافهم تمييع النفسية المسلمة، بإضعاف مقاومتها وخلخلة إرادتها، وزلزلة صلابتها، وشغلها عن الالتزام بالإسلام الحق، الذي يقاوم كل باطل، وكان الغناء - بمضمونه وألحانه وموسيقاه وطريقة أدائه - من أعظم أدواتهم فهم يشترون لهو الحديث ليصدوا عن سبيل الله»، «المصدر السابق».
ويفرق البعض بين اللهو البريء وهو حلال في مناسبات الأعياد، والأفراح، وفي تشجيع المجاهدين وبعد النصر أي مباح في ظروف ومناسبات معينة، ولكن - حسب عفانه - «ليس في جميع الظروف والأحوال، وألا تنشغل الأمة بالموسيقي والغناء في جميع أوقاتها، فليس ذلك من الإسلام» وتورد أحاديث عن غناء ورقص الأحباش في المدينة. أما اللهو غير البريء: «وهو حرام شرعا، فهو الغناء الذي تحوي كلماته الكفر أو فاحش الكلام»، ويقصد به إثارة الغرائز أو النعرات والفتن، وما شاكلها مما يعد فسادا في الأرض، والله أعلم «عفانة 3: 2006 - 184» ولم يتفق الفقهاء حول اللهو وإدراج الغناء والموسيقي مطلقا ضمنه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.