وزارة البترول تؤكد نجاحها في تأمين إمدادات الطاقة خلال ذروة الصيف    منتخب شابات القدم يستعد للسفر لمواجهة غينيا الاستوائية في تصفيات المونديال    ثقافة الأقصر تحتفي باليوم المصري للموسيقى بعروض فنية متنوعة بحاجر العديسات    وزير الإسكان يستقبل وزير الأشغال البحريني لبحث أوجه التعاون بين مصر والبحرين    هل تحظر الحكومة تيك توك؟ مدبولي يرد    مدير الإصلاح الزراعي الجديد بالشرقية: توظيف كافة الموارد لخدمة القطاع الزراعي    نتنياهو وكاتس يجتمعان لبحث الحملة العسكرية المكثفة على غزة    الصين تحث الولايات المتحدة واليابان على سحب نظام صواريخ تايفون في أسرع وقت    الأمن يضبط زوجة حاولت إنهاء حياة زوجها إثر مشادة كلامية بالشرقية    المصرية للاتصالات تكرم أبطال الأوليمبياد الخاص المشاركين بالمسابقة الإقليمية الأولى للفروسية بالإمارات    السفير الفرنسي: تدشين الأكاديمية الدولية للعمران بهدف تشكيل مستقبل التنمية الحضرية    موقف نجم الزمالك من مباراة القمة أمام الأهلي بالدوري الممتاز    وزير التعليم: خطة متكاملة لضمان بداية منضبطة للعام الدراسي الجديد.. الكتب المدرسية تصدر حصريًا عن الوزارة.. استراتيجية جديدة للتوسع في إنشاء الفصول الدراسية.. وبشري سارة للمعلمين    وزير التعليم: نخطط لتوسيع مدارس التكنولوجيا التطبيقية إلى 200 مدرسة    قرار عاجل من الجنايات في قضية مقتل "مينا موسى" ممرض المنيا    الفنية العسكرية تفتح باب التسجيل لمنح درجة الماجستير المهنى البينى    جاستن بيبر يعود لإحياء الحفلات بمهرجان كوتشيلا    حكيم وهشام عباس ومصطفي قمر، نجوم التسعينيات يعودون للساحة الغنائية بعد غياب    وفاة أسطورة هوليوود روبرت ريدفورد عن عمر 89 عامًا    سارة سلامة بفستان قصير.. ما سر ارتدائها اللون الأسود؟    غموض في تشخيص حالات داخل مستشفى بالمنوفية، ووزارة الصحة تتدخل    الصحة: إنقاذ سيدة تعاني من تهتك وانفجار بالرحم بعد وفاة الجنين بمستشفى دسوق العام    هتوفرلك في ساندويتشات المدرسة، طريقة عمل الجبن المثلثات    ميار شريف تتأهل للدور الثاني من بطولة تولينتينو الإيطالية للتنس    مفتي الجمهورية: الحروب والجهل والتطرف أخطر ما يهدد التراث الديني والإنساني    المنيا.. مصرع أمين شرطة في حادث انقلاب سيارة بسمالوط    %22 زيادة في أعداد السائحين الوافدين إلى مصر خلال 7 أشهر    رئيس الأركان يلتقي نظيره الليبي خالد حفتر    وزير التعليم العالي: بدء الدراسة في 192 برنامجًا دراسيًا بالجامعات الأهلية    إيقاف تشغيل القطارات الصيفية على خط القاهرة – مرسى مطروح والعكس    انتبه.. تحديث iOS 26 يضعف بطارية موبايلك الآيفون.. وأبل ترد: أمر طبيعى    مقتل مزارع ونجله إثر تجدد خصومة ثأرية بدشنا فى قنا    المستقلين الجدد: الإساءات الإسرائيلية تعكس عدم اتزان وتخبط الكيان الصهيوني    برشلونة يحدد ملعب يوهان كرويف لمواجهة خيتافي في الجولة الخامسة من الليجا    «البترول» تصدر إنفوجرافًا يوضح نجاحها في تأمين إمدادات الطاقة بالكامل    جامعة قناة السويس تعلن مد فترة التسجيل ببرامج الدراسات العليا حتى 30 سبتمبر    البنك الأهلي المصري يحتفل بتخريج دفعة جديدة من الحاصلين على منح دراسية بمدينة زويل    رئيس الرقابة المالية: تلقينا 13 طلباً لتأسيس صناديق عقارية و4 آخرين لإنشاء منصات رقمية    خارجية السويد: الهجوم العسكرى المكثف على غزة يفاقم الوضع الإنساني الكارثى    هل سمعت عن زواج النفحة؟.. دار الإفتاء توضح الحكم الشرعى    موعد شهر رمضان الكريم وأول أيام الصيام فلكيًا    جامعة سوهاج تخفض رسوم برنامج بكالوريوس العلوم المصرفية ومد التقديم لنهاية سبتمبر    تشكيل الهلال المتوقع أمام الدحيل في دوري أبطال آسيا    وزير المالية: زيادة 80 % فى حجم الاستثمارات الخاصة أول 9 أشهر من العام المالى    محافظ المنيا: ندعم كافة مبادرات الصحة العامة لتحسين جودة الرعاية الطبية    وزارة الصحة تطلق خطة لتأهيل 20 ألف قابلة وتحسين خدمات الولادة الطبيعية    أستاذ فقه: الشكر عبادة عظيمة تغيب عن كثير من الناس بسبب الانشغال بالمفقود    99.1% هندسة بترول السويس و97.5% هندسة أسيوط بتنسيق الثانوي الصناعي 5 سنوات    أمين الإفتاء: الكلاب طاهرة وغسل الإناء الذي ولغ فيه أمر تعبدي    ميرتس يسعى لكسب ثقة قطاع الأعمال ويعد ب«خريف إصلاحات» لإعادة التنافسية لألمانيا    اختلف معها فطعنته.. التحقيق مع سيدة بتهمة الاعتداء على زوجها في الشرقية    أوباما: تنازلت عن مستحقاتي من أجل الزمالك ولن أطالب بالحصول عليها    الإفتاء تحذر من صور متعددة للكذب يغفل عنها كثير من الناس    ترامب يستبعد شن إسرائيل المزيد من الضربات على قطر    ترامب يعلن مقتل 3 أشخاص باستهداف سفينة مخدرات من فنزويلا    الهلال الأحمر المصري يدفع بأكثر من 122 ألف سلة غذائية عبر قافلة زاد العزة ال38 إلى غزة    تعرف على برجك اليوم 2025/9/16.. «العذراء»: ركّز على عالمك العاطفى .. و«الدلو»: عقلك المبدع يبحث دومًا عن الجديد    إبراهيم صلاح: فيريرا كسب ثقة جماهير الزمالك بعد التوقف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفتي الديار المصرية الأسبق يجيز استخدام التماثيل إذا كانت لأغراض علمية فقط سواء من ناحية المنهج الفلسفي أو النفسي
نشر في القاهرة يوم 02 - 03 - 2010

تعتبر الفنون مع العلوم أكثر الميادين التي تتوجه نحوها الأسئلة طالبة الفتوي وتحديد موقف الدين الإسلامي منها، وتكرر أسئلة من قبيل: ما موقف الإسلام من الرسوم والفنون التشكيلية؟ وما موقف الإسلام من المسرح والسينما؟ وما هو موقف الإسلام من الموسيقي والغناء؟ وما موقف الإسلام من النحت والتماثيل؟ ومن الواضح أن الإبداع المرتبط بالتجسيد وتقليد الطبيعة يثير بعض الشك حول قبول الدين له. لذلك يبحث البعض عن مبرر وجوده في مجتمع مسلم، ورغم الرقابة الدينية علي الكتابة سواء أكانت شعرا أو رواية أو فكرا أو فلسفة، فهي إبداعات مباحة إلي أن يصطدم مضمونها مع بعض المسلمات الدينية، ويتعامل الفقه الإسلامي والعقيدة الإسلامية، عموما، مع وظيفة الفن منفصلة عن معني الفنون وفلسفتها لذلك يختلف تعريف النشاط الفني لدي الإسلاميين والمسلمين عن التعريف السائد.
يحاول بعض الكتاب الإسلاميين وضع فاصل منذ البداية بين التعريفين، بل إدانة التعريف السائد. ولذلك، لم يكن الاهتمام كبيرا بتطور علم الجمال في الفكر الإسلامي سواء من ناحية منهج فلسفي أو نفسي. فالفن لديهم لا يبحث عن مدلوله بعيدا عن الدين، ولا تحلل بواعث الخلق والإبداع أو قدرة المتلقي علي التذوق والفهم. وفي الفكر الغربي يحتل علم الجمال موقعا متميزا في الفلسفة، بينما نجد في كثير من الكتابات الإسلامية مفهوم «التصور الإسلامي للكون والحياة الإنسان» ومنه ينبثق العمل الفني في نفس الفنان «محمد قطب 1995: 16»، ولذلك يعرف «قطب» الفن الإسلامي بأنه: «ليس هو الفن الذي يتحدث عن حقائق العقيدة مبلورة في صورة فلسفية، ولا هو مجموعة من الحكم والمواعظ والإرشادات، إنما هو شيء أشمل من ذلك وأوسع.. إنه التعبير الجميل عن حقائق الوجود من زاوية التصور الإسلامي لهذا الوجود»، «المصدر السابق، ص: 119».
رفض التعريفات
وعلي ضوء هذا الفهم يسير الإسلاميون في تعريف الفن ونقده، لذلك يرفضون التعريفات التي تقدمها فلسفة الجمال في الفكر الغربي أو الفكر الإنساني غير الإسلامي، ونجد مثل هذا التحليل والتعريف في كتاب بعنوان: الإسلام والفنون: «ومعني هذا أن تعريف النشاط الفني بالرجوع إلي مفاهيم الجمال واللهو والمتعة وفيض الطاقة واللذة والترفيه ونحو ذلك، تعريف متهافت، فالأمر أكثر حساسية وأهمية، لما كان يكمن في طبيعة الوظيفة التي يؤديها الفن في حياة الناس بصفة عامة، وفي تقريبهم من الحقيقة أو إبعادهم عنها». «محمد المجذوب 2004: 12».
ويضيف الكاتب بأن الفن هو إحدي طرق الاتصال والدلالة بين الناس، «وإن تصوير الحقيقة والبحث عنها، هو الغاية النهائية التي يعمد إليها الفن الإسلامي في دلالاته». ويري أن هذا الفهم عكس الرؤية الفنية عند علماء الجمال - بالذات الغربيين - التي «تبحث عن جمالية الجميل والوقوف علي جماليته، أو كشف عوائقه» «ص: 13» وتبقي مهمة الفنان المسلم هي السعي للتعبير عن «الحقيقة المطلقة» وتجسيدها ومن الواضح أن الكاتب يخلط بين معني الفن ومضمونه وبين وظيفته وغاياته. وهذه معضلة الفكر الإسلامي في الفنون، فهي ليست ذات قيمة في ذاتها. ولذلك يمكن أن تنتشر أعمال فنية غير جميلة ولكنها «هادفة» أو تدعو لفضيلة ما.
يربط كثير من الكتاب الإسلاميين في علم الجمال بين اللذة بمعناها الحسي والمدان دينيا وبين الفن، ومن هنا يأتي تحريم العديد من أشكال الفنون. ولا تعني اللذة لديهم الفرحة والبهجة حب الحياة «eros» مما يقرب الكثيرين منهم إلي ثقافة الموت والفناء «tatanous» ويجلعهم مشغلوين بالآخرة أكثر من عمارة الدنيا. ويري العديد من الفقهاء أن الفنون لهو يبعدهم عن العبادة، ويلهيهم عن ذكر الله.
فالموقف من الفن هو في الحقيقة موقف من الحياة والاندماج فيها. ويستدرك بعض الإسلاميين ويري في شكر الإنسان لما أعطي الله للحياة والكون من جمال وحسن، هو تعبير فيه تذوق للجمال.
حرية الفنان المسلم
يري بلند الحيدري أن اختلاف الأمكنة والأزمنة واختلاف اجتهادات الفقهاء المتباينة أدي إلي شيء من الحرية للفنان المسلم. وهذه الحرية تفاعلت مع ما هو قائم من آثار الحضارات في البلدان التي يصلها الإسلام مثل الهند وإيران وبلاد مابين النهرين، وأخذت ثلاثة مسارات اجتهادية رئيسية:
أولا: إباحة رسم الحيوانات الخرافية بعد تجريدها من دلالاتها المعنوية والعقدية القديمة.
ثانيا: إباحة رسم الحيوانات التي حلل الله صيدها وطبخها وأكلها أو التي أبيح له استخدامها لأغراض الصيد كالطيور والغزلان والكلام باعتبارها أنها خلقت أصلا من أجل الإنسان، وأبيح له قتلها والإفادة من لحمها وجلدها وتسخيرها لأغراضه، فمن الطبيعي أن يباح له تصويرها ضمنا.
ثالثا: إباحة رسم الحيوانات المركبة التي تقوم علي مزج ما بين أعضاء كائنات مختلفة.
ويختم قوله: «الإسلام لم يحرم الرسم، ولكن المسلمين هم الذين حرموه وما زال بعضهم يحرمه حتي اليوم». «بلند الحيدري 1990: 43-44».
النحت والرسم
يستند دعاة تحريم الرسم والنحت والتصوير إلي الأحاديث ولم يذكروا أي آية قرآنية - تصريحا أو تأويلا. وقام حكمهم الشرعي أساسا علي الحديث الذي رواه البخاري حيث يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: «إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون» وفي رواية أخري: «أشد الناس عذابا يوم القيامة الذي يضاهي خلق الله»، وحديث : «إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه الصور»، ولم يجهد السلفيون المتعصبون دينيا أنفسهم في تفسير الحديث أو استخراج أي حكمة لهذا العذاب الشديد، وكان مبررهم أنها قد توحي بالشرك أو العودة إلي عبادة الأوثان.
من الواضح أن المقصود أن يكون قصد الفنان من عمله المساس بالعقيدة وليس إبراز قدراته الفنية ونشر الجمال وإبهاج العين والروح. وتحريم التماثيل في فجر الإسلام كان خشية الشرك وقرب المسلمين من عبادة الأصنام والأوثان. فقد اختلف لاحقا الغرض من النحت والرسم. وفي الوقت نفسه لا يحاول الفنانون المضاهاة بخلق الله، ويفرق بعض الفقهاء بين التصوير الشمسي والصور المجسمة فيحللون الأول باعتباره من ضرورات الزمن للاستفادة من الصور في البطاقات مثلا. ويقولون بأن النهي قصد به التصوير المجسد أو بالتالي ينطبق عليه حديث: «إن الملائكة لا تدخل البيوت التي بها صور للبشر».
يدافع البعض عن الفنون البصرية وبالذات النحت والتصوير بالقون إن أنصار التحريم وقفوا عند أخطاء ضبط المصطلحات فقد خلطوا بين العمل الفني والوثن، وبين الأثر التاريخي والصنم، كما خلطوا بين المصورين إبان فترة الجاهلية والمصورين في العصور الحديثة. فعلي سبيل المثال، يفرق المؤرخون واللغويون بين كلمة صنم ووثن، فالأخير هو ما كان له جثة من خشب أو فضة ينحت ويعبد، أما الصنم فهو الصورة بلا جثة أو كل ما يعبد من دون الله عند الوثنيين.
وهنا قد يتداخل المصطلحان ويقفان تحت تسمية الأنصاب. «هدي مكاوي 2001: 104» والمهم معرفة نوع العلاقة، أي الفرق بين الإنسان الوثني وعلاقته بالوثن، وبين الفنان وعلاقته بفنه وموقف الجمهور والنقاد. وفي هذا وقوع في خطأ عدم ضبط المصطلحات وذلك حين اعتبروا «كل ما هو نحت وثنا سواء عبد أو صنع من أجل الفن والإحساس بالجمال أو تحول إلي أثر تاريخي» «المصدر السابق، ص: 103».
ذكر بعض الفقهاء معايير لعدم حرمة التماثيل، غير المبدأ السائد عن حكم الفن: حلاله حلال وحرامه حرام. فقد اقترح الدكتور الحسيني أبوفرحة بجامعة الأزهر شروطا غريبة لكي يكون التمثال إسلاميا ولابد من توافرها جميعا، وهي:
1- ألا يكون بالحجم الطبيعي.
2- أن يكون من مادة غير صلبة وغير دائمة كالحديد والنحاس والخشب.
3- ألا يكون كامل الأجزاء.
4- أن يعتمد علي التجريد ولا التجسيد.
وهذا قريب من طلب الشيخ القرضاوي: «بأن كل امتهان للصور يجعلها حلالا، فكل تغيير في الصورة يجعلها أبعد عن التعظيم، وأدني إلي الامتهان، ينقلها من دائرة الكراهية إلي دائرة الإباحة»، «عن هدي مكاوي، 94، والقرضاوي: الحلال والحرام».
المفتي يتحدث
جاء في بيان الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية حول ما أثير بشأن التماثيل ما يلي:
«إلي الذين اهتموا بالتماثيل من دون مشكلات المسلمين اهتمت كثير من الأقلام بمسألة التماثيل وكتب فيها الكاتبون بأشياء أقل ما يقال فيها إنها بسيطة تخالف العمق في بعض الأحيان، وتخالف الفتوي التي يناقشونها في كثير من الأحوال، وتلتزم مذاهب وآراء وأفكارا ما أنزل الله بها من سلطان».
وتريد دار الإفتاء المصرية أن تبين ما يلي بهذا الشأن عملا بمهمة البيان التي تقوم بها، حتي ينتهي الإخوة المهتمون بهذه المسألة عن شغل بال الناس من ناحية، وعن الخلط في الأمور من ناحية أخري.
1- هناك فارق بين المسألة والقضية، فمسائل الفقه بلغت أكثر من مليون ومائتي ألف مسألة. منها مسألة التمثال الكامل هذه. ومنها دخول دورة المياه بالرجل الشمال والخروج منها باليمين. ومنها حرمة الخمر والخنزير والدعارة والعري. فمبني الدين افعل ولا تفعل.
2- وهناك فارق بين القطعي والظني. فحرمة الخمر قطعية. وحرمة التدخين ظنية ومحل اختلاف، وقد يقوي الخلاف بين الأئمة المجتهدين العظام، وقد يقل حتي يكون الخلاف شاذا، إلا أنه لا يزال هناك خلاف.
3- وهناك فرق بين الشاهد والغيب، أما الشاهد فهو هل صنع التماثيل الكاملة حرام؟ وفيها خلاف فقهي معلوم فذهب الجمهور إلي الحرمة وانتشر هذا عن المسلمين سلفا وخلفا، حتي أثر في فنونهم وآدابهم، وأبدعوا الخط العربي والزخرفة والفن الإسلامي، وهناك رأي أنها مباحة، وأن التحريم معلل بالعبادة، والقاعدة المنسية التي يتجاهلها المناقشون أنه إنما ينكر المتفق عليه، ولا ينكر المختلف فيه، وأن من فعل المختلف فيه فليقلد من أجاز، وبهذه القواعد نشأت قاعدة التعايش حتي أنه لو اعتقد أحدنا أن شيئا ما حرام، حتي لو كان متفقا عليه - كالعري والخمر، فإنه يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر ولا يدمر ولا يفجر فما بالك بالمختلف فيه. أما الغيب فهو مسألة أخري، فهب أن الكلب طاهر كما قالت السادة المالكية، أو أن التماثيل حلال كما قال بعض النحاتين والصحفيين معتمدين علي قول هنا أو هناك، فهل «تدخل الملائكة بيتا فيه كلب أو تمثال» هذه مسألة أخري غيبية، ويريد الناس أن يعلموا قول نقلة الدين كالبخاري ومسلم، لا رأي فلان وعلان من الإخوة المناقشين، والمناقشون لا يسألون عن الملائكة أصلا، ولا يعنيهم دخولهم وخروجهم ولا يعنينا نحن أيضا عقيدتهم التي يقتنعون بها، ولكن ليس لدار الإفتاء ولا لعلماء الدين أن يغيروا العلم، بل هم أمناء عليه، ثم بعد ذلك من شاء فليأخذ، ومن شاء فليترك.
4- وحرمة التماثيل عند الجمهور هي للتمثال الكامل وليس للصورة الفوتوغرافية وليست أيضا للتمثال الناقص، وليست للعب الأطفال، وليس لما لا ظل له، وليس لما يستعمل للإفادة أو للعلم أو للتذكير، وكل هذا محرر في الفتاوي التي صدرت عبر خمسين سنة.
5- لا أعرف لم تتحول المسائل إلي قضايا، ولا ماذا نفعل في الخمر والعري وغيرهما مما خالط الفن، هل نقول بحله فيلعننا الله ويلعننا اللاعنون؟ أو ننقل مراد الله أجرنا عليه وحده. «الأهرام 2/4/2006».
الإباحة للأغراض العلمية
وفي فتوي للشيخ أحمد هريدي مفتي الديار المصرية الأسبق أصدرها في ديسمبر عام 1962م أكد أنه يجوز شرعا استخدام هذه التماثيل إذا كانت لأغراض علمية مفيدة للمجتمع مع خلوها من مظاهر التعظيم، وقال: إنه لا بأس باتخاذ الصورة التي لا ظل لها، وكذا الصورة المرقومة في ثوب، ويلحق بها الصورة التي ترسم علي الحائط أو الورق قياسا علي جواز تصوير ما لا روح فيه، كالنبات والأشجار ومناظر الطبيعة.
ففي رده علي طلب من أحد المواطنين في عام 2004 وهو رجل أعمال يستورد براويز للصور توضع علي المكاتب، أو تعلق علي الجدران، ويستورد تماثيل بورسلين توضع علي المكاتب كهدية، وهي لطيور أو أطفال وغيرها. قال الدكتور علي جمعة ردا علي هذه الفتوي: إنه لا بأس بتداول الصور الفوتوغرافية للإنسان والحيوان لأنها عبارة عن حبس للظل وليس فيها المضاهاة لخلق الله التي ورد فيها الوعيد للمصورين، وذلك ما لم تكن الصور عارية أو تدعو إلي الفتنة.
أما التماثيل فتحرم صناعتها والتجارة فيها إذا كانت تامة الأجزاء الظاهرية، ولم تكن هناك مصلحة تدعو إليها، وكانت من مادة تبقي مدة طويلة كالخشب والمعدن والحجر لما رواه البخاري ومسلم عن سعيد بن أبي الحسن قال: كمنت عند ابن عباس رضي الله عنه إذ أتاه رجل فقال: يا بن عباس إني إنسان إنما معيشتي من صنعة يدي، وإني أصنع هذه التصاوير، فقال ابن عباس رضي الله عنه: لا أحدثك إلا بما سمعته من رسول الله صلي الله عليه وسلم، سمعته يقول: «من صور صورة فإن الله معذبه حتي ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ فيها أبدا» فربا الرجل ربوة شديدة واصفر وجهه، فقال: ويحك! أن أبيت إلا أن تصنع، فعليك بهذا الشجر كل شيء ليس فيه روح، غير ذلك من الأحاديث التي تدل علي حرمة التصوير وقد فسره جمهور الفقهاء بصناعة التماثيل كما هو مفهوم من سياق الحديث السابق، وكما تحرم صناعتها والتجارة فيها، يحرم كذلك اتخاذها واقتناؤها لقول النبي صلي الله عليه وسلم: «لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة» متفق عليه.
هذا إذا كان التمثال كاملا لا نقص فيه، أما إذا كان غير مكتمل بحيث لا يمكن لصاحب الصورة أن يبقي علي هيئتها حيا فإنه يكون جائزا صناعة وتجارة واتخاذا لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: «أتاني جبريل عليه السلام فقال لي: أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان علي الباب تماثيل، فمر برأس التمثال الذي في البيت يقطع، فيصير كهيئة الشجرة» رواه أبو داود والترمزي، وجاء في حديث ابن عباس رضي الله عنه موقوفا ومرفوعا عند البيهقي وغيره: «الصورة الرأس، فإذا قطع الرأس فليس بصورة».
وقد استثني الفقهاء من حرمة التماثيل ما كان فيه مصلحة، كلعب الأطفال ووسائل الإيضاح في التعليم، لأن النبي صلي الله عليه وسلم أقر وجود العرائس عند عائشة رضي الله عنها، واجاز إصبغ بن الفرج من المالكية اتخاذ التماثيل إذا كانت من نحو حلوي أو عجين.
علي أن بعض العلماء يقصر الحرمة في التماثيل علي ما قصد به مضاهاة خلق الله، وإن كان هذا الكلام قولا مرجوحا.
وفي رده علي الطلب المقدم من هاني عاشور شرقاوي المقيد برقم 1545 لسنة 2005 حول مدي مشروعية تجارة التحف والتماثيل والأنتيكات والبرديات من خلال بازار سياحي، كرر الدكتور علي جمعة فتواهم مؤكدا أنه لا مانع شرعا من تجارة التحف والأنتيكات والبرديات من خلال بازار سياحي أما التماثيل الكامله فلا يجوز صنعها ولا بيعها ولا شراؤها ولا اقتناؤها، لما ورد فيها من النهي الوارد عن رسول الله صلي الله عليه وسلم «الأهرام 2/4/2006».
أما فضيلة الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر السابق - رحمه الله - فقد أفتي في 11 مايو 1980 عندما كان مفتيا لمصر بأنه يكون الاحتفاظ بالآثار ضرورة سواء كانت تماثيل أو رسوما أو نقوشا في متحف للدراسات التارخية، وذلك من الضرورات الدراسية والتعليمية وبالتالي لا يحرمها الإسلام لأنها لا تنافيه بل تخدم غرضا علميا وعقائديا إيمانيا حث عليه القرآن، فكان ذلك جائزا وإن لم يصل إلي مرتبة الواجب.
بينما يحرم وضع التماثيل في المساجد أو حولها، وتحرم الصلاة في المتاحف حتي لا تشتبه الأمور وتؤول إلي عبادتها. (الأهرام 2/4/2006)
أصدر مفتي الديار المصرية في 4/12/2005 فتوي رقم «86»، جاءت ردا علي سؤال: «هل وجود التماثيل في المنزل لمجرد الزينة حلال أم حرام؟».
وكانت الفتوي التي تجيب عن السؤال كالآتي: روي البخاري ومسلم عن مسروق قال: دخلنا مع عبدالله بيتا فيه تماثيل، فقال لتمثال منها: تمثال من هذا؟ قالوا تمثال مريم. قال عبدالله: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم «إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون» وفي رواية: «الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتهم» فهذا النص صريح في أن صنع التماثيل معصية وعليه فلا يجوز تزيين المنزل بالتماثيل والله سبحانه وتعالي أعلم وقد انتهت الفتوي عند هذا الحد. «الحياة 14/6/2006».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.