تعقيباً على قضية تكفير النحت، ومطالبتنا مفتى الجمهورية بأن يوضح موقف الإسلام من هذه القضية، نشرت «المصور» فى عدد 12 ديسمبر تحقيقاً شاملاً للزميل عبدالحميد العمدة يؤكد أن عدد طلاب أقسام النحت فى جميع كليات الفنون فى مصر لا يتجاوز 30 طالباً، وفى بعض الكليات لم ينضم إلى قسم النحت سوى طالب واحد. وبينما ينفى بعض الأساتذة والعمداء أن تكفير النحت وراء عدم الإقبال على أقسام النحت على نحو بيروقراطى، وكأنهم المسؤولون عن انتشار التطرف الدينى فى المجتمع، يرى الدكتور محمد العلاوى، أستاذ النحت الميدانى، المتفرغ بكلية الفنون بالقاهرة «دون شك أن ما يثار حول تجريم النحت يؤثر على إقبال الطلاب على القسم وذلك نظراً لعدم التوضيح وتغيير تلك المفاهيم المغلوطة والتفرقة بين الأعمال الفنية والأوثان». ويرى الدكتور طارق زبادى، أستاذ متفرغ بقسم النحت بكلية الفنون بالإسكندرية، فى نفس التحقيق - أن عدداً كبيراً من أولياء الأمور يرون الابتعاد عن مجال يتم التشكيك فيه، ويقول «ولذلك نرجو من دار الإفتاء توضيح الرأى الشرعى حول هذه القضية والفنون الجميلة بشكل واضح وصريح وبيان عدم العلاقة بين الإبداع الفنى وصناعة الأوثان قبل الإسلام». وأرسل الدكتور مصطفى الرزاز، الفنان الكبير الباحث العلمى المتميز، رسالة إلى «صوت وصورة» قال فيها «أتابع باهتمام كبير ما نشرتموه فى قضية تراجع فن النحت فى كلية الفنون الجميلة فى عيدها المئوى، وإن مصر هى البلد الذى علم العالم فن النحت منذ النصف الثانى من الألفية الخامسة قبل الميلاد، وقد ظل الإغريق ينحتون تماثيل بدائية خشنة من الخشب إلى أن تعرفوا على النحت والعمارة فى مصر، ونقلوا عنها فى القرن السابع الميلادى، وبدأوا يصنعون التماثيل الكبيرة من الرخام. وطوال تاريخ مصر لم تخل من النحت والنحاتين حتى فى العصر الإسلامى، كما يذكر المقريزى، حيث أقام الخلفاء التماثيل الضخمة فى الميادين والبساتين والبرك، وأقام الظاهر بيبرس والخليفة المتوكل تماثيل ونحوتاً بارزة تطل على النيل فى جزيرة الروضة، وعلى قنطرة الخليج لتصبح من معالم القاهرة». وقال الرزاز، فى رسالته، إن الشيخ الإمام محمد عبده مفتى الديار المصرية ذكر بوضوح أن «الشريعة الإسلامية أبعد من أن تحرم وسيلة من أفضل وسائل العلم»، وهى الرسم والنحت حيث إنه لا خطر فيها على الدين من جهة العقيدة ولا من جهة العمل». وأكد الشيخ محمد رشيد رضا رأى الشيخ محمد عبده فى فتواه بأن «التصوير ركن من أركان الحضارة ترتقى به العلوم والفنون والصناعات والسياسة والإدارة، فلا يمكن لأمة تتركه أن تجارى الأمة التى تستعمله»، وأنه «لم تبق من هذا حاجة للنهى عن اتخاذ الصور والتماثيل، وهو من النعم التى يشكر الله تعالى عليها». ولن نغلق الباب فى الحوار عن هذه القضية، فهى ليست عابرة، فموضوعها النحت، ولكنها تتجاوز ذلك إلى مصير ومستقبل مصر. [email protected]