نائب رئيس حزب المؤتمر: الحوار الوطني يحقق طموحات الجمهورية الجديدة    إرتفاع أسعار النفط بعد سلسلة خسائر استمرت أسبوعين    تكريم 40 من حفظة القرآن الكريم والطلبة المتفوقين في الدقهلية    عاجل من "الشعبة" بشأن أسباب ارتفاع أسعار البن في مصر (فيديو)    مياه المنيا: استمرار امتحانات التقييم الخاصة بالمسار الوظيفي للعام المالي 2023-2024    عماد الدين حسين: مصر تسعى لإيقاف آلة الحرب الإسرائيلية ضد أهل غزة    مصر في 24 ساعة| تفاصيل أزمة مالك التوحيد والنور وابنته.. آخر تطورات الوضع في غزة    شاهد| هدف الأهلي الثاني في شباك مازيمبي    «تموين الإسكندرية»: تحرير 158 مخالفة لمخابز بلدية وسياحية    أنغام تتصدر محركات البحث بعد حفل عيد تحرير سيناء    إقبال جماهيري على عروض اليوم الأول من مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    سميرة أحمد تكشف سر خلافها مع وفاء صادق    «قصور الثقافة» تحتفي بالمسيرة الإبداعية ل محمد أبو دومة الثلاثاء المقبل    ذوي الهمم والعمالة غير المنتظمة وحماية الأطفال، وزارة العمل تفتح الملفات الصعبة    الصحة تكشف خطة تطوير مستشفيات محافظة البحيرة    برلماني: استرداد سيناء ملحمة وطنية تتناقلها الأجيال    فصل طالبة مريضة بالسرطان| أول تعليق من جامعة حلوان.. القصة الكاملة    جماعة الحوثي تشن 5 هجمات ضد السفن في البحر الأحمر.. فيديو    الزراعة: إصلاح الفدان الواحد يكلف الدولة 300 ألف جنيه    اختفاء دول.. خبير أبراج يتوقع مرور العالم بأزمات خطيرة    وزيرة التخطيط: الفجوة التمويلية في الدول النامية تصل إلى 56%    الكشف الطبي بالمجان على 1058 مواطنا في دمياط    الأونروا: قطاع غزة يشهد موجة حر غير عادية فاقمت الأزمة المعيشية    أحمد فايق يقدم نصائح لطلاب الثانوية العامة عبر «مصر تستطيع»: «نجتهد دون قلق»    وزيرة «التخطيط» تشارك بمنتدى التمويل من أجل التنمية بالأمم المتحدة    وكيل صحة الشرقية يتفقد مستشفى فاقوس المركزي ويحيل مشرف التغذية للتحقيق    طائرة الزمالك "سيدات" يفوز على أسيك ميموزا الإيفواري بنتيجة 3-0 في البطولة الإفريقية للأندية    صلاح ضمن التشكيل الأفضل للدوري الإنجليزي    علاقة متوترة بين انريكي ومبابي.. ومستقبل غامض لمهاجم باريس سان جيرمان    مسؤول إسرائيلي: بلينكن يزور إسرائيل الأسبوع المقبل لبحث صفقة جديدة    مساعد وزير التعليم: 8236 مشروعا تعليميا ب127 ألف فصل    حياتى أنت    تعرف على أهداف الحوار الوطني بعد مرور عامين على انطلاقه    اقرأ في عدد «الوطن» غدا.. مصر تجري اتصالات مع كل الأطراف لوقف الحرب في قطاع غزة    الغيابات تضرب الاتحاد قبل مواجهة الجونة    شركة GSK تطرح لقاح «شينجريكس» للوقاية من الإصابة بالحزام الناري    مصرع طفل سقط في مصرف زراعي بالفيوم    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    إصابة 6 أشخاص في انقلاب سرفيس على صحراوي قنا    محافظ المنوفية: 25 فاعلية ثقافية وفنية خلال أبريل لتنمية المواهب الإبداعية    استمرار فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية    إقبال كثيف على انتخابات أطباء الأسنان في الشرقية (صور)    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي شرقي لبنان    الأمم المتحدة للحق في الصحة: ما يحدث بغزة مأساة غير مسبوقة    مواعيد الصلاة في التوقيت الصيفي بالقاهرة والمحافظات.. وكيف يتم تغيير الساعة على الموبايل؟    مؤتمر تين هاج: تطورنا بطريقة جيدة للغاية.. وهذا ما طلبته من اللاعبين    بعد حادث شبرا الخيمة.. كيف أصبح الدارك ويب السوق المفتوح لأبشع الجرائم؟    نجم الأهلي السابق: سنتخطى عقبة مازيمبي واستبعاد طاهر منطقي.. وكريستو مسؤول عن استبعاده الدائم    وزير التعليم العالي يهنئ الفائزين في مُسابقة أفضل مقرر إلكتروني على منصة «Thinqi»    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    «مسجل خطر» أطلق النار عليهما.. نقيب المحامين ينعى شهيدا المحاماة بأسيوط (تفاصيل)    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    سويسرا تؤيد خطة مُساعدات لأوكرانيا بقيمة 5.5 مليار دولار    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استنارة الشيخ الباقوري والموافقة المشروطة للإمام الشعراوي لم تمنعا الأزهر من مصادرة فيلم «الرسالة»
نشر في القاهرة يوم 30 - 03 - 2010

نواصل هذا العدد نشر الحلقة قبل الأخيرة من الفصل الخاص بالفتاوي المتعلقة بالآداب والفنون التي أثارت الرأي العام من كتاب «سوسيولوجية الفتوي» للمفكر السوداني د.حيدر إبراهيم علي. كانت إحدي الشركات الفنية قد تقدمت بالتماس لشيخ الأزهر تطالب فيه بالموافقة علي ظهور بعض الصحابة في الأعمال الفنية فكلف شيخ الأزهر مجمع البحوث الإسلامية بإعادة دراسة القضية من جديد حيث سبق للمجمع أن قرر في مؤتمره الثامن المنعقد في أكتوبر1977 عدم إنتاج أية أعمال فنية تتناول بالتمثيل الرسول الكريم- صلي الله عليه وسلم- أو أحد أصحابه الكرام.
وأكد علي عدم السماح بعرض أي عمل فني يتناول شخصية الرسول- صلي الله عليه وسلم- أو أي أحد من الرسل أو الصحابة الأجلاء صيانة لهم من التعرض لما لا يليق بمنزلتهم المصونة.
الشيخ مخلوف يجيز
وكان الشيخ حسنين مخلوف مفتي الديار المصرية الأسبق أجاز إعداد فيلم عن الإسلام والفتوحات الإسلامية بشرط عدم التعرض لأي موقف للرسول- صلي الله عليه وسلم- ولا لأحد من آل بيته، وخلفائه، بحيث لا يسمع فيه صوت ولا تظهر صورة لأي أحد من هؤلاء، كما أفتي الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر السابق بعدم جواز ظهور الرسول- صلي الله عليه وسلم- أو أي من صحابته في الأعمال الفنية صيانة لشخصياتهم وحفاظًا علي صورهم في عيون المسلمين وغير المسلمين.
والمبشرون بالجنة الذين لا يجوز ظهورهم في الأعمال الفنية هم: أبوبكر الصديق، عمر بن الخطاب، عثمان بن عفان، علي بن أبي طالب، الزبير بن العوام، طلحة، عبدالرحمن بن عوف، أبوعبيدة بن الجراح، سعد بن أبي وقاص، سعيد بن زيد، وذلك بالإضافة إلي آل بيت رسول الله- صلي الله عليه وسلم.
المفكر الإسلامي د.كمال أبوالمجد يؤكد أن الإسلام له موقف متحضر تمامًا من الفنون، ويفصل ذلك بقوله: القاعدة في هذا المجال، أن يكون العمل الفني هادفًا، يدفع لمكارم الأخلاق، ويدفع لإعمال الفكر، ولا يخاطب الغرائز أو يحرك أفكارًا تافهة في العقول... فما بالنا، إذا كان هذا العمل الفني متصلاً بالدعوة الإسلامية، أو بإحدي الشخصيات الإسلامية العظيمة، كالصحابة أو آل بيت النبي- صلي الله عليه وسلم؟.
ويؤيد د.أبوالمجد الفتوي التي كان المرحوم الباقوري قد أعلنها عام 1983 مجيزًا فيها ظهور جميع الصحابة علي الشاشة، عدا الرسول- صلي الله عليه وسلم- ويقول: من الممكن أن تخرج أصوات من بين صفوف العلماء تحرم ظهور بعض هذه الشخصيات، وعلي من يتصدي لذلك أن يأتي بنص من القرآن الكريم، أو من الحديث الشريف... أو حتي بقياس أو بإجماع.. فإن لم يمكنه أي من ذلك، فليشرح لنا- إذن- سر تحريم ظهور أي من الصحابة علي الشاشة؟
ويفسر د.أبوالمجد تأييده ظهور الصحابة بقوله: من المعروف أن سلوك الصحابة- للمسلم، بل ولكل إنسان- هو قدوة تحتذي.. ومضرب للمثل في الخلق الرفيع، والشجاعة. (المصور: 2/11/2001).
أكد فضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية أنه لا يجوز شرعًا تمثيل شخصية السيد المسيح عليه السلام أو أحد أنبياء الله المرسلين حتي ولو كان هذا الشخص (الممثل) يقوم لأول مرة بتمثيل هذه الأعمال أو أنه سوف يقوم بالاعتزال بعد إتمام هذا العمل.
وأضاف مفتي الجمهورية أنه في حالة ما إذا تم تنفيذ هذا العمل السينمائي بتجسيد شخصية السيد المسيح عليه السلام يظل هذا الأمر حرامًا، وعلي ذلك يحرم علي كل المسلمين مما يهتمون بقضايا الحلال والحرام ويحرصون علي تطبيق شرع الله أن يشاهدوا هذا العمل. وأشار د.علي جمعة إلي أن تمثيل الأنبياء أمر صدر فيه فتوي من مجمع البحوث الإسلامية بحرمته التامة، ونحن كعلماء لا نقبل إطلاقًا تمثيل شخصية المسيح عليه السلام، حيث إنه لا يوجد شخص يمتلك المقدرة أو الاستطاعة علي تجسيد شخصية أحد أنبياء الله ولما في ذلك مع عدم إنزاله المنزلة اللائقة.
أزمة فيلم «الرسالة»
فيلم الرسالة: (متابعة العزب الطيب الطاهر، الراية القطرية 9/7/1999). سبق للعلماء في مصر إصدار فتاوي سينمائية عند الإعلان عن تصوير فيلم الرسالة للمخرج السوري مصطفي العقاد.
ففي عام 1974 أصدر د.عبدالحليم محمود شيخ الأزهر حينذاك بيانًا قال فيه- ومعه مجمع البحوث الإسلامية: (نعلن عدم الموافقة علي إنتاج فيلم بعنوان (محمدرسول الله) أو أي فيلم يتناول بالتمثيل- علي أي وضع كان- شخصية الرسول- صلي الله عليه وسلم- أو شخصيات الصحابة- رضي الله عنهم).
وعلل بيان الأزهر رفضه- القاطع والمبدئي- للفيلم- أو للأفلام المماثلة- بأن ذلك يحط من قدر هذه الشخصيات المقدسة في نظر المسلم، لعدة أسباب.. أولها: أن خلق الممثل- مهما يكن هذا الممثل فاضلاً- لا يداني خلق الشخصية التي يمثلها لصحابي... فما بالنا بما يعرف من خلق الممثل؟ (هذه هي وجهة نظر الشيخ د.محمود).. إضافة إلي أن السيناريو- مهما يكن دقيقًا- يدخل فيه الاجتهاد، وفق ثقافة العاملين بالفيلم.. ثم إن دار العرض هي مكان للهو فكيف يعرض فيها عمل ديني؟ ودعا البيان حكام المسلمين وولاة أمورهم بل الأمة كلها لإيقاف العمل بهذا الفيلم! (استجاب الملك الحسن الثاني ملك المغرب الراحل لنداء الشيخ محمود ومنع تصوير الفيلم علي أرض المغرب! كما كان مقررًا، ولهذا فقد استكمل التصوير في ليبيا).
وبعد الانتهاء من التصوير، أرسلت نسخة إلي مصر عام 1977 للاطلاع عليها وإبداء الرأي، وفي أكاديمية الفنون كان الشيخ الشعراوي وزير الأوقاف آنذاك يشاهد نسخة من الفيلم في عرض خاص مع رجال الدين والصحافة والفن... وصرح بعد العرض أنه معجب بالفيلم، مع إجراء عدد من التغييرات عليه، تمثل بعض الأخطاء التاريخية البسيطة، وصل عددها إلي أربع ملاحظات.
أما الشيخ أحمد حسن الباقوري فقد كان الأجرأ في الدفاع عن الفيلم، وعن الفيلم الديني عمومًا حيث أصدر فتوي رسمية يقول فيها: (... لا أستثني من الظهور في أعمال فنية إلا شخصية الرسول- صلي الله عليه وسلم.. أما الصحابة فلا مانع من ظهورهم إطلاقًا ما دام هناك إمكانات تضمن ظهورهم بشكل لائق بمكانتهم، وما دام العمل نفسه جيدًا وما دام اختيار الممثل دقيقًا، فلا يوجد نص في القرآن، أو فتوي في الشريعة تمنع ظهور شخصية صحابي- مهما يكن قدره- في عمل فني، لأن شخصية أي صحابي عاشت الحياة الإنسانية بكل ما فيها.. ويمكننا أن نختار من حياتهم ما يدعم الدعوة الإسلامية).
غير أن استنارة الباقوري وصراحته، والموافقة- المشروطة- للشعراوي، لم تمنع الأزهر ومجمع بحوثه من مصادرة «الرسالة» قبل وصوله للجمهور المصري في الوقت نفسه عرض الفيلم في معظم الدول العربية بعد أن أدخلت عليه 17تغييرًا رقابيًا.
التليفزيون اللبناني
تعرض التليفزيون لهجمة من بعض رجال الدين خصوصًا المادة التي يبثها التليفزيون اللبناني، ووصل إلي درجة حملة منظمة، ونقرأ في الأخبار:
أبرق المجلس الإسلامي العالمي الذي يمثل أكثر من 70 منظمة في العالم العربي والإسلامي من القاهرة إلي مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني ورئيس جمعية الإنقاذ الإسلامية محمد علي ضناوي بكتاب حول الفلتان الأخلاقي عبر ما يبث من برامج لبنانية فضائية تخل بالآداب العامة.
وجاء في الكتاب التضامني مع الحملة التي تستهدف الفلتان الأخلاقي: (إن الوطن العربي والإسلامي بوجه عام ودول المواجهة العسكرية مع إسرائيل بوجه خاص يواجه أخطارًا جسيمة لا تقف عند حد اغتصاب العقل وتشويه الفكر وتدمير الضمير وتخريب الأخلاق).
وأضاف الكتاب: (إن لبنان يتحمل اليوم ضراوة المواجهة المباشرة ووطيس الحرب الجارية ومسئوليات الحرب المقبلة التي لا مفر منها فلا عجب أن يوجه أعداؤه إليه أسلحة التدمير والتخريب ممثلة في حملات إعلامية تستهدف تكوين مجتمع عابث تشغله الملهاة عن المأساة ويصرفه العبث عن الجد، ويقع شبابه أسري الاستسلام والانهزام، غير أن كل فئات الشعب في لبنان من المسلمين والمسيحيين تداعوا وتلاقوا لسد هذه الثغرة ولإصلاح هذا العطب قبل أن يستفحل الخطر).
وأيد المجلس في كتابه (توجه جميع طوائف الشعب اللبناني في هذا الإطار مطلعًا جميع المنظمات الإسلامية العالمية علي هذا الجهد لتأييده ومؤازرته والعمل علي انتهاجه).
ومن جهة ثانية اعتبرالنائب اللبنائي ألبير مخيبر: (أن الانفتاح التليفزيوني علي الجنس يقف حاجزًا ضد رسالة الأخلاق في محيطنا الشرقي) (الشرق الأوسط 10/12/1997).
ومن ناحية أخري دعا مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني إلي (قمة دينية لبحث التسيب الأخلاقي في التليفزيون. ويقول في حوار أجري معه حول هذا الموضوع: إن الإنسان يتميز عن سائر مخلوقات الله في هذه الحياة الدنيا بالعقل وبالأخلاق اللذين يتعامل بهما مع سائر الناس في المجتمع والحياة وبدون العقل لا يكون الإنسان إنسانًا، كما لا يكون الإنسان إنسانًا سويًا بدون أخلاق فاضلة، من هنا سارعنا إلي العمل علي نجدة مجتمعاتنا من مهاوي الفساد والانحراف، خاصة وأن القيم الأخلاقية الفاضلة هي هدف أساسي للرسالات السماوية كلها. وإذا لم يجتمع الرؤساء الدينيون لهذا الشأن، فلأي شأن آخر أهم منه يجتمعون؟ والاتصالات مازالت جارية لعقد هذه القمة، لكن ليس المقصود من لقاء القمة صدور قرار نستنكر فيه ما حدث، أو المطالبة بوضع حد لما يجري علي مستوي الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب، أو في مجال المؤلفات والكتابات سواء التي تصدر داخل الأراضي اللبنانية أو التي ترد من الخارج، لأن ذلك أمر قد تكرر المطالبة به، لكنه يقف عند حد لفترة من الزمن، وبعد ذلك يعود الأمر إلي ما كان عليه في السابق من التهاون في المتابعة. والقمة عند انعقادها إن شاء الله ستبحث في كيفية ضبط الشأن الأخلاقي بما يحفظ للناس قيمهم وأخلاقهم بشكل دائم ومستمر.
أما دور الدولة في هذا المجال، فهو دور مكمل للقمة الدينية المزمع عقدها وسيكون الإلزام عند عدم الالتزام خير وسيلة لضبط الأمور، إذ لا بد لفرض الالتزام من جهة الدولة التي تضع حدًا للمخالفين. ومجلس الوزراء تحديدًا معني مباشر، لذا نأمل أن يأخذ مجلس الوزراء دوره في هذا المجال، لأن أخلاق الناس والإعلام العابث بها ليس اقتراحًا أو رأيًا أو موقفًا، أو فكاهة، بل هدفًا أساسيا تقوم عليه الأوطان والأمم. فهل يأخذ مجلس الوزراء المبادرة في تحقيق هذا الهدف النبيل الذي يحوز به ثقة ومحبة؟ (الشرق الأوسط 10/12/1997).
الرقص تنشيط للفكر
قال وزير الثقافة والإرشاد الإيراني عطاء الله مهاجراني: (لا ينبغي النظر إلي الرقص علي أنه أمر مذموم، بل إنه يمكن أن يكون نوعًا من الفن الذي يطلق فكر الإنسان وينشطه).
وأضاف مهاجراني الذي كان يتحدث في ختام مهرجان الفن الشعبي لمحافظة سيستان وبلوشستان الذي انعقد خلال الأيام الماضية في حدائق لاله في العاصمة طهران: (إن الرقصات المحلية مثل رقصة السيف من جملة الفنون الشعبية التي تطلق خيال الإنسان وتنهضه، والفنون الشعبية للبلوش الإيرانيين عمومًا من الفنون الخالدة والحيوية التي يمكن أن تكون نموذجًا لسائر الفنانين الإيرانيين المعاصرين.
يذكر أن مهاجراني المعروف بتوجهاته الانفتاحية والتقدمية تجاه الفن والثقافة، يحمل أفكارًا مستنيرة عن الموسيقي وهو أول من أطلق مصطلح (الحركات الموزونة) علي الرقص في محاولة لنزع الجانب السلبي منه وإضفاء النظرة الإيجابية علي هذا النوع من الفن، هذا بالإضافة إلي أن الغناء والموسيقي والرقص الشعبي كانت من الأمور التي ساهمت في الإطاحة بوزير الثقافة الإيراني الأسبق السيد محمد خاتمي قبل نحو 12 سنة وهي الملفات نفسها التي ساهمت بعد عشر سنوات في دفعه إلي سدة رئاسة الجمهورية في معركة مفتوحة بين من بات يطلق عليهم المحافظون وأنصار الرئيس الجديد الذين يسمون بالإصلاحيين ودعاة التغيير. (الشرق الأوسط 23/8/1999).
سئل الشيخ ابن باز: ما حكم النظر من قبل الرجال في وجوه وأجسام الممثلات أو المغنيات المعروضة علي شاشة التليفزيون أو السينما أو الفيديو أو الصورة علي الورق؟
فأجاب: يُحرم النظر إليها لما يترتب علي ذلك من الفتنة بها، والآية الكريمة من سورة النور وهي قوله تعالي: «قُل للمُومنين يَغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكي لهم إن الله خبير بما يصنعون» «النور: 30» تعم النساء المصورات وغيرهن، سواء كن في الأوراق أو علي شاشة التلفاز أو غير ذلك. (عبدالعزيز بن عبدالله بن باز: فتاوي وتنبيهات ونصائح، القاهرة، مكتبة السنة، 1989، ص: 490).
ومن آخر الفتاوي ذات الصلة بالتليفزيون ما جاء في الأخبار: (في حلقة جديدة من مسلسل حرب (الفتاوي) السعودية علي القنوات العربية أصدر صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلي السعودي فتوي يجيز فيها قتل أصحاب القنوات الفضائية التي تصر علي نشر (الخلاعة والمجون) بعد تعزيرهم.
وقال الشيخ اللحيدان الذي يترأس أعلي سلطة قضائية بالسعودية- في تصريح لإذاعة محلية أعادت قناة (العربية) بثه أمس: (إن من يدعو إلي الفتن إذا لم يمتنع (بعد دعوته للامتناع) يحل قتله لأن دعاة الفساد في الاعتقاد، وفي العمل إذا لم يدفع شرهم بعقوبات دون القتل جاز قتلهم قضاء).
وكان مفتي السعودية قد أصدر فتوي اعتبر فيها مسلسل (نور) التركي الذي بثته قناة تليفزيون شرق الأوسط (إم.بي. سي) السعودية (معاديًا للإسلام) مشيرًا إلي كل ما يبثه هذا المسلسل هو (عدو لله ولرسوله).
فتاوي الأدب
تجمع رجال الدين فيما يسمي بجبهة علماء الأزهر بعقد تشكيل مجموعة ضغط في القضايا الفكرية التي يحتاج حسمها إلي رأي فقهي أو ديني ينقل القضية إلي مستوي حساس ومثير للعواطف الدينية لدي الجماهير والسلطة وليس بين علماء الدين فقط. وكان تأسيس الجبهة في الخامس من يونيو 1946 بقصد مواجهة أفكار الدكتور طه حسين الواردة في كتابه: مستقبل الثقافة في مصر، ثم كانت معركتها الثانية، كتاب خالد محمد خالد: من هنا نبدأ، وناقشت في اجتماعها في الثاني من يونيو 1950 كيفية مواجهة الأفكار الخاصة بفصل الدين عن الدولة باعتبارها مخالفة صريحة لما علم من الدين بالضرورة. وجددت الجبهة نفسها بعد 1995 من خلال قيادة نشطت في الحياة العامة، وكانت قضية نصر حامد أبوزيد أول القضايا التي تبناها المجلس الجديد، وأيدت الجبهة (دعوي المستشار محمد حميدة) بالتفريق بين (أبوزيد) وزوجته بسبب ارتداده. ووقفت ضد اعتراضات منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان والمثقفين المستنيرين.
وفي أبريل 1997 أصدرت (الجبهة) بيانًا يتهم الدكتور حسن حنفي رئيس قسم الفلسفة (بالإساءة إلي الإسلام والطعن في ذات الله) وطالب بإبعاده عن الجامعة ومحاسبته (تقرير عبدالحي محمد من القاهرة)، صحيفة الحياة اللندنية 16/5/1997).
وقد تخصصت (الجبهة) في فتاوي التكفير والتشكيك في إيمان الآخرين، ومثلت من خلال توظيف الفتوي (فاتيكان) وأيضًا محاكم تفتيش قاصرة عن تنفيذ أحكامها، ولكنها قد تجد من ينفذها نيابة عنها.
أولاد حارتنا
ويمكن اعتبار قضية (أولاد حارتنا) للروائي نجيب محفوظ دليلاً علي حصار المؤسسة الدينية للإبداع لدرجة أن تبرع بعض العامة المضللين بالإقدام علي اغتيال محفوظ. يقول الكاتب: إن الرواية واجهت مشكلات في نشرها مسلسلة في (الأهرام) في أبريل 1958. ومرت الحلقات الأولي حتي نشرت الصفحة الأدبية بجريدة (الجمهورية) يلفت فيه كتابه النظر إلي أن الرواية المسلسلة التي ينشرها الأهرام فيها تعريض بالأنبياء. يقول محفوظ: (بعد هذا الخبر المثير بدأ البعض ومن بعضهم أدباء للأسف، في إرسال عرائض وشكاوي إلي النيابة العامة ومشيخة الأزهر، يطالبون فيها بوقف نشر الرواية وتقديمي إلي المحاكمة. وبدأ هؤلاء يحرضون الأزهر ضدي علي أساس أن الرواية تتضمن كفرًا صريحًا، وأن الشخصيات الموجودة في الرواية ترمز إلي الأنبياء) (حوار أجراه رجاء النقاش، الأهرام 28/5/1998).
وتدخل الأستاذ محمد حسنين هيكل في استمرار نشر الرواية، ولكنها لم تطبع ككتاب داخل مصر إلا مؤخرًا.
يقول (محفوظ): إن الأزمة نامت حتي انفجرت في اليوم التالي لحصوله علي جائزة نوبل، خصوصًا بعد أن تردد أنه حصل عليها بسبب هذه الرواية، علي الرغم من أن آخر ما جاء ذكره- حسب قوله- في التقرير هو هذه الرواية.
ويقول عن تصاعد الهجمة: بعد حصولي علي جائزة نوبل بفترة كتب الأستاذ أنور الجندي مقالاً في مجلة أظنها (الاعتصام) يهاجمني فيه بعنف ويقول: إن أدبي كله فسق وكفر، والجندي هو نفسه الذي كفر طه حسين من قبل وكتب أن فن القصة استعماري مخالف للإسلام، مع العلم أن القرآن يحتوي علي قصص من أجمل ما يمكن، والنقلات في القصص القرآني من أعذب وأحدث ما يمكن، وفي طريقة القصص القرآني من ملامح الأساليب الحديثة في فن القصة من ناحية الصور والأساليب واللغة.
بعد أنور الجندي جاءت فتوي الشيخ عمر عبدالرحمن الذي قال في حديث صفحي نشرته له جريدة الأنباء الكويتية: (إننا لو كنا قتلنا نجيب محفوظ عندما نشر رواية أولاد حارتنا ما ظهر إلي الوجود سلمان رشدي)، وأحضر إلي الصحفي الأستاذ سليمان الحكيم نسخة من جريدة الأنباء الكويتية التي تحتوي علي الحديث وأطلعني عليها... وبعد هذه الفتوي اتصل بي ضابط شرطة من مباحث أمن الدولة واستأذن في زيارتي بالمنزل، وفهمت وقتئذ سبب الزيارة بطبيعة الحال.. جاء الضابط وتحدث إلي، وعرض تزويدي بحراسة خاصة، خشية تعرضي للاغتيال، وأوضح لي أن فتوي الشيخ عمر عبدالرحمن التي جاءت عرضًا في حديث صحفي، لا تعد تهديدًا صريحًا بالقتل، لكن قد يقرأ الحديث أحد أتباعه، ويعتبرها فتوي ملزمة، ويقوم باغتيالي. (الأهرام 28/5/1998).لم تخب توقعات رجل الأمن، فقد قام ثلاثة شبان بمحاولة اغتيال محفوظ وطعن بسكين في عنقه وسببت له الطعنة كثيرًا من المشكلات، وفي محضر النيابة بتاريخ 17/10/1994 الذي أجري معه في مستشفي العجوزة، يدلي بالأقوال التالية أمام رئيس النيابة: إن مجموعة من الإرهابيين دبروا أو خططوا لاغتيالي لما أشاعوه عني من أنني كافر ومرتد بسبب تأليفي لرواية أولاد حارتنا اللي قلت عليها لسيادتك وطبعًا قصدهم من هذا الحادث هو الإجهاز علي وقتلي لكن إرادة الله وتدخل القدر أنقذني حيث وقع الحادث بجوار مستشفي الشرطة مباشرة مما أنقذني من الموت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.