رغم أن الفحوص الدقيقة لقلبه لم تكشف عن شيء مثير للقلق، وعلي الرغم من اعتقاده بأنه قادر علي اللعب حتي الأربعين، إلا أن المقربين منه أقنعوه بالاعتزال النهائي، وبالفعل اعتزل أحد أكبر المعمرين في تاريخ كرة القدم الفرنسية وصاحب الرقم القياسي في عدد المباريات الدولية (142 مباراة) فضلا عن كونه كان كابتن منتخب الديوك في يورو 2008 إنه نجم خط الدفاع المخضرم ''ليليان تورام'' الذي احتفلت به صحيفة ''ليكيب'' الفرنسية علي ثلاث صفحات كاملة منها الصفحة الأولي التي أفردت فيها صورة كبيرة له وهو يرتدي فانلة المنتخب رقم 15 مع عنوان واحد بالبنط العريض يقول: شكراً سيدي (أو ميرسيه مسيو) بالفرنسية. وفي الصفحتين الداخليتين وصفته بأنه ''مدافع أثري'' ترك ذكري رائعة وأثراً طيباً في تاريخ الكرة الفرنسية علي امتداد 17 عاماً من اللعب انضم خلالها الي صفوف 4 أندية، وكان من المفترض أن يلعب لنادٍ خامس هو باريس سان جيرمان، ولكن الفحوصات التي أجراها في هذا النادي أفادت بأنه يعاني من تشوهات في القلب وقد تؤثر علي استمراره في الملاعب، وهو ما كان له وقع الصدمة والدهشة ليس علي هذا النجم وحده وإنما علي كل المهتمين بشؤون كرة القدم، نظراً لأن ''العجوز'' تورام لم يشك علي الاطلاق من قبل من أي متاعب قلبية أو غير قلبية، ولهذا آثر النجم الكبير إعلان اعتزاله نهائياً في مؤتمر صحفي عقده مؤخراً بعد أن كان قد أعلن اعتزاله اللعب الدولي مع منتخب الديوك في أعقاب الخروج من الدور الأول لبطولة يورو 2008. ونشرت الصحيفة مقتطفات لأهم المواقف واللحظات التي عاشها تورام علي امتداد حياته الكروية، في شكل شريط بالصور علي الصفحتين، وخاصة مع منتخب بلاده، ومنها الهدفان الرائعان والوحيدان اللذان سجلهما مع منتخب الديوك وكانا في مرمي منتخب كرواتيا في الدور قبل النهائي لمونديال 1998 واللذان صعدا بالديوك إلي المباراة النهائية بعد ان كان قد تسبب (تورام) في الهدف الوحيد الذي سجله النجم الهداف سوكر هداف كرواتيا في مرمي فابيان بارتيز. إطراء ومديح وإشادة نقلت الصحيفة بعض تصريحات الإطراء وعبارات المديح والإشادة بهذا النجم الفرنسي دمث الخلق والملتزم، علي لسان عدد من الشخصيات الكروية المهمة ومنهم ارسين فينجر المدير الفني لفريق أرسنال الإنجليزي والذي سبق له تدريب تورام في موناكو عام ،1991 إذ قال: تورام معدن نفيس غير قابل للصدأ.. لقد احترمته كثيراً، وأحب أقول له إنه سيكتشف حياة ثانية في مجالات أخري لكرة القدم، بينما وصفه ريمون دومينيك المدير الفني لمنتخب الديوك بأنه: ''مثل وقدوة للشباب'' وان اعتزاله يطوي صفحة جميلة من كرة القدم الفرنسية، وسيكون من الصعب علي أي لاعب آخر أن يحطم رقمه القياسي في عدد المباريات مع المنتخب الفرنسي (142 مباراة). كما حظي تورام بإشادة زملائه في الملاعب حيث قال عنه ديدييه ديشان الذي كان كابتن المنتخب الفرنسي في مونديال 1998: من المؤسف أن يعتزل تورام قبل الأوان فلياقته البدنية وعقليته الاحترافية كانتا تسمحان له بالاستمرار أكثر من ذلك، وإذا كنت لا أعرف ما الذي يفكر فيه بالنسبة لمستقبله، فإنني أتمني أن يبقي في الوسط الكروي. أما الإيطالي اليساندرو ديل بييرو زميله السابق في يوفنتوس تورينو فقال عنه: تورام لاعب رائع وسعادتي كبيرة لأنني لعبت إلي جواره وهو زميل ملعب نموذجي وصديق حميم. أما رئيس اتحاد كرة القدم الفرنسي جان بيير اسكاليت فقد قال: بعد ان أثبت انه لاعب عظيم، وأن بمقدوره أن يثبت أيضاً انه مسؤول عظيم، وأمامه دور مهم يلعبه في كرة القدم الفرنسية إذ أن فرصته كبيرة لكي يصبح عضواً في المجلس الفيدرالي الذي يدير الكرة في فرنسا وهو المجلس الذي سيتم تجديده يوم 13 ديسمبر القادم. وألمحت الصحيفة الفرنسية إلي حقيقة أنه باعتزال تورام لم يعد يتبقي من تشكيلة منتخب الديوك التي شاركت في مونديال 1998 سوي أربعة لاعبين فقط هم: تيري هنري (برشلونة) وروبير بيرس (فياريال) وديفيد تريزيجيه (يوفنتوس) وباتريك فييرا (انتر ميلان). وفي ترتيب أكثر اللاعبين مشاركة مع منتخبات بلادهم، جاء تورام في المركز السادس عشر برصيد 142 مباراة بينما جاء السعودي محمد الدعيع حارس المرمي في المركز الأول برصيد 181 مباراة، والمكسيكي سواريز في المركز الثاني برصيد 178 مباراة والمصري حسام حسن في المركز الثالث برصيد 169 مباراة. ولم تغفل الصحيفة في احتفاليتها بتورام اجراء حوار سريع معه وضح فيه لماذا تخلي عن ارتباطه مع باريس سان جرمان وقرر الاعتزال نهائياً، وقال: علي الرغم من اطمئناني إلي عدم وجود شيء خطير في قلبي وانني لم أصب بمرض والدتي التي كانت تعاني من تشوهات في القلب، إلا انني فضلت الاعتزال نهائياً بعد ان استشرت أسرتي وأعتقد أنني اتخذت القرار السليم. ورداً علي سؤال حول ما اذا كان علي استعداد للاستمرار، قال تورام: نعم بالتأكيد كان بمقدوري الاستمرار، فكرة القدم هي أكثر شيء أحبه في الدنيا ولهذا كان قرار الاعتزال صعباً جداً علي نفسي. المنتخب فوق كل شيء صراع الأجيال وعن رأيه فيما تردد بشأن وجود صراع أجيال داخل منتخب الديوك، قال تورام: هناك اختلاف أجيال وهذا طبيعي فشاب في العشرين لا يمكن أن يكون تفكيره مماثل للاعب في الثلاثين من عمره.. ولكن في ظل الوجود معاً يظهر الاحترام والتفاهم والذكاء.. نعم هناك احترام ولكن هناك اختلاف في النظر إلي الأشياء. واعترف تورام بأن منتخب فرنسا كان بالنسبة له فوق كل شيء وعلق علي ذلك قائلاً: يمكنك أن تصبح لاعباً كبيراً وتلعب في أندية كبري، ولكن هناك شعور آخر بالفخر عندما تلعب لمنتخب بلادك، انها سعادة ما بعدها سعادة وحلم جميل. وعندما قالت له الصحيفة ان الناس لن ينسوا الهدفين اللذين سجلهما في مرمي كرواتيا في مونديال ،1998 وهما الهدفان اللذان كان فيهما توفيق غريب، قال تورام: وأنا ايضاً لن أنساهما وكلما تذكرتهما انفجرت في الضحك، وعما يحتفظ به في ذاكرته من مشواره الكروي، قال تورام: المباريات واللاعبون والعمل الجماعي والمشاكل التي يتعين حلها، وتحليل أسباب الفوز وأسباب الخسارة وغيرها من الأمور التي عاشها طوال مشواره الكروي. وعن اللاعب الذي يرشحه ليكون أحد قادة منتخب فرنسا في السنوات العشر القادمة، قال تورام: أنا أؤمن كثيراً باللاعب لاسانا ديارا فهو قادر علي مساعدة الآخرين، وهو لاعب وسط ودوره يحدد طبيعة شخصيته ويمكنه احتواء الآخرين وتلك من سمات القيادة. ويبقي أن نعرف أن ليليان تورام من مواليد أول يناير 1972 وطوله 182سم ووزنه 72كجم وكان يلعب في مركزي قلب الدفاع والظهير الأيمن، وبدأ حياته الكروية في فريق موناكو (95-1996) ثم بارما الايطالي (96 - 2001) ويوفنتوس تورينو (2001-2006) واخيراً برشلونة (2006- يونيو 2008).