لقيت المحاولة ال 18 لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان الثلاثاء الماضي المصير نفسه للمحاولات السابقة، بعد ان ازدادت الازمة السياسية تعقيدا وباتت الانظار مركزة علي استحقاق آخر هو الانتخابات التشريعية عام 2009. وقال المحلل باتريك هاني من مجموعة الازمات الدولية "كلما مر الوقت كلما تركزت الانظار علي الاستحقاق الانتخابي البرلماني الذي سيجسد ذروة الصراع علي السلطة" بين الغالبية المناهضة لسوريا والمعارضة المدعومة من سوريا وايران. ولا يزال المقعد الرئاسي شاغرا في لبنان منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق اميل لحود في الرابع والعشرين من نوفمبر الماضي بسبب عجز المعارضة والاكثرية عن الاتفاق علي تصور موحد لحل الازمة اللبنانية. وتطالب الاكثرية مدعومة بالدول الغربية والمملكة العربية السعودية بانتخاب قائد الجيش الحالي العماد ميشال سليمان رئيسا توافقيا علي الفور، في حين تشدد المعارضة علي ضرورة التوصل الي سلة متكاملة تشمل اضافة الي انتخاب العماد سليمان الاتفاق علي تشكيلة الحكومة الجديدة وعلي قانون انتخابي جديد. وبات الحكم في لبنان يعاني من سلسلة ازمات خطيرة مرشحة للتصاعد: فالمقعد الرئاسي شاغر والحكومة مصنفة "فاقدة للشرعية" من قبل المعارضة والبرلمان لا يجتمع منذ اكثر من سنة، حتي ان ولاية العماد ميشال سليمان تنتهي في منتصف الصيف المقبل ولا يوجد اي اتفاق حول طريقة تعيين خلف له. واعتبرت صحيفة النهار ان الازمة الرئاسية "تراوح مكانها" ومرشحة للاستمرار. ورغم هذه الازمة السياسية فان الجدال السياسي بين اطراف النزاع انتقل سريعا الي الانتخابات البرلمانية المقررة ربيع العام 2009، وخصوصا الي القانون الانتخابي الذي ستجري علي اساسه هذه الانتخابات. وكانت الانتخابات البرلمانية الاخيرة التي جرت عام 2005 جرت علي اساس قانون اقر العام 2000 عندما كانت البلاد لا تزال تحت الوصاية السورية. ويجمع الخبراء والاطراف السياسيون علي ان قانون ال2000 لا يؤمن تمثيلا صحيحا للقوي السياسية في لبنان. ويقول المحامي زياد بارود عضو اللجنة التي انجزت مشروع قانون انتخابي وقدمته الي الحكومة ان قانون ال2000 "لا يضمن للقوي السياسية المسيحية وزنا انتخابيا فعليا". ومع ان المسيحيين تحولوا الي اقلية مقارنة بالمسلمين خصوصا مع موجات الهجرة الكثيفة منذ اندلاع الحرب اللبنانية عام 1975 فان عدد المقاعد في البرلمان اللبناني البالغ 128 نائبا يبقي مقسوما مناصفة بين المسيحيين والمسلمين. ويعتبر المحلل هاني ان هذه المطالبة المسيحية قد لا تجد تجاوبا خصوصا من قبل حركة امل الشيعية وتيار المستقبل السني بزعامة سعد الحريري. ويقول استاذ القانون في الجامعة اللبنانية سامي سلهب ان "القانون الانتخابي يعتبر استحقاقا مهما لان اساس المشكلة هو في السباق لتسلم السلطة في لبنان". من جهته يقول بارود "ان المأزق الحالي يذهب الي ما هو ابعد من انتخاب رئيس ويتركز علي كيفية تقاسم السلطة" التي سيحددها القانون الانتخابي الجديد. وبما ان الخلافات قائمة ايضا حول قانون الانتخاب بات يخشي فعليا الدخول في دوامة علي هذا المستوي مشابهة لدوامة العجز عن انتخاب رئيس.