تكشفت فضيحة جديدة لإدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش وثيقة الصلة بمغامرة غزو العراق التي تحولت إلي وبال علي رئيس زمن الحرب وكل الذين تورطوا في التخطيط والتحريض علي الغزو وإذا كان وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد، مهندس خطة الغزو، وقد تراجع سريعا عن إنشاء إدارة "الكذب" الاستراتيجي بالبتناجون فإن هذا التراجع لم يكن سوي ستار لإخفاء هذه الإدارة المشبوهة التي تمارس دورها في الخفاء لتجميل صورة بوش والعراق، وهو ما فضحته أخيرا صحيفة نيويورك تايمز في تحقيق ربما يكون الأطول في الصحافة العالمية. قبل أن يلقي الرئيس الأمريكي جورج بوش مطلع 2007 كلمته بشأن زيارة القوات في العراق, راسل محلل عسكري أمريكي مسئولي البنتاجون يسأل كيف يمكنه دعم سياستهم بتحليله للخطاب في وسائل الإعلام, وقال "أبلغوني من فضلكم إذا كانت لديكم أية نقاط محددة تريدونني أن أغطيها". مثال من أمثلة كثيرة لآلة إعلامية بناها البنتاجون لتقديم صورة أفضل عن سياساته, كما كتبت نيويورك تايمز في تحقيق مطول من سبعة آلاف و584 كلمة. وقالت الصحيفة إن وثائق للبنتاجون اطلعت عليها تصف هؤلاء المحللين بوكلاء "مهمتهم تشكيل غطاء للحرب علي الإرهاب". وعقد هؤلاء مئات الجلسات الخاصة مع كبار المسئولين العسكريين, وأُخِذوا في جولات إلي العراق, وأطلعوا علي معلومات سرية, وكان عليهم أن يكونوا صدي الإدارة, حتي عندما اشتبهوا في أن المعلومات خاطئة أو مبالغ فيها. غير أن البنتاجون دافع عن صلاته بهم وقال إن الهدف ليس أكثر من إعلام الجمهور الأمريكي. بعض المحللين حذر مسئولين في البنتاجون من أخبار ستنشر, وآخر أطلعهم علي مراسلاته مع مدرائه بالقنوات التي يتعامل معها" عندما نشرت مثلا تقارير عن تزايد قتلي الأمريكيين في العراق بسبب مركبات أمريكية سيئة التدريع, كتب مسئول عسكري إلي قيادته "أعتقد أن محللينا _إذا كانوا جيدي التدريع- يستطيعون التعامل مع الموضوع". بعضهم حذر مسئولين في البنتاجون من أخبار ستنشر, وآخر أطلعهم علي مراسلاته مع مدرائه في القنوات التي يتعامل معها. بدأ إنشاء هذه الآلة مطلع 2002, قبل نحو 15 شهرا من غزو العراق, وأشرفت عليها مسئولة العلاقات العامة في البنتاجون توري كلارك, وهي امرأة منطقها "الرأي العام يؤثر عليه أكثر أصوات يري فيها سلطة وتكون مستقلة تماما". بل إن كلارك بدأت حتي قبل هجمات سبتمبر 2001 نسج شبكة "مؤثرين من كل القطاعات" يمكن التعويل عليهم لحشد الدعم لأولويات رامسفيلد. بعضهم كان متناسقا مع أيديولوجية المحافظين الجدد, وآخر كان له دور مهم في المجمع الصناعي العسكري, ومن لم يكونوا من الفئتين كتموا انتقاداتهم لأن كثيرا من القادة العسكريين أصدقاء. كلف البنتاجون شركة تلقت مئات آلاف الدولارات، لترصد في مختلف القنوات آثار تدخلات المحللين, الذين كان أغلبهم يتعاملون مع سي إن إن وفوكس نيوز تليهما إن بي سي. اثنان من كبار محللي هذه الأخيرة كانا عضوين في "لجنة تحرير العراق", وهي مجموعة ضغط أنشئت بدعم من البنتاجون في 2002 لإعطاء الزخم لقضية غزو العراق. وفي لقاءات مع نيويورك تايمز وصف محللون الجو "المخدر" لعلاقتهم رامسفيلد مرفوقين بعسكريين بالبدلة, إلي الصينيات الجميلة التي تقدم فيها القهوة, وصولا إلي التذكير بنداءات الواجب والوطن, ورسائل الشكر الموقعة من الوزير نفسه. مع بدء أولي عمليات المقاومة في العراق في 2003, كانت تقارير الصحفيين القادمة من هذا البلد تتحدث أكثر وأكثر عن الأضرار, فاقترحت مذكرة داخلية في البنتاجون "تفعيل وكلائنا", وتبعها مقترح بإرسال فريق منهم إلي العراق خريف 2003 لينظر إلي "الوضع الحقيقي علي الأرض". الوضع كان متدهورا كما وصفته عشرات الكتب أحدها لبول بريمر الذي تحدث إلي قيادته عن الحاجة لمضاعفة القوات.