تخوف محللون من ان يكون قرب انتهاء ولاية قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان الذي اكد رفضه البقاء في منصبه بعد اغسطس، يمهد لفراغ جديد علي مستوي المؤسسات في لبنان من شأنه ان يزيد من تعقيد الازمة السياسية وسط استمرار فراغ الرئاسة وشلل الحكومة والبرلمان. وقال سليمان في حديث نقلته صحيفة "السفير" انه "لن ينتظر حتي اليوم الاخير من خدمته العسكرية واحالته من ثم الي التقاعد في 21 نوفمبر، بل قرر الانسحاب مستفيدا من مأذونياته في موعد اقصاه 21 اغسطس". وكشف سليمان ان "قراره نهائي لا عودة عنه"، مؤكدا ان "لا رغبة لدي ابدا في اي نوع من التمديد". واكد الخبير العسكري العميد الياس حنا ان انتهاء مدة قائد الجيش الذي قد يتعذر تعيين بديل عنه في ظل الازمة السياسية الراهنة، ينذر بخطر شل المؤسسة العسكرية. واضاف "الا ان ذلك يطرح مشكلة اضافية جديدة بالطبع. فرئيس الاركان من الطائفة الدرزية ومحسوب علي النائب وليد جنبلاط" احد اركان الاكثرية، و"هذا سيثير مزيدا من الاشكاليات"، لا سيما ان قائد الجيش يجب ان يكون مارونيا. وتولت الحكومة برئاسة فؤاد السنيورة مؤقتا بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق اميل لحود، صلاحيات رئاسة الجمهورية، بموجب الدستور. الا ان المعارضة تعتبر الحكومة غير شرعية وغير دستورية بسبب استقالة ستة وزراء منها منذ يناير 2006. ومنذ ذلك التاريخ ايضا، يرفض رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، احد اقطاب المعارضة، الدعوة الي جلسات لمجلس النواب لمناقشة مشاريع واقتراحات قوانين، لرفضه وجود ممثلين عن الحكومة في البرلمان. ويعين قائد الجيش بموجب مرسوم يتم توقيعه في مجلس الوزراء بناء علي اقتراح من وزير الدفاع. واكد استاذ القانون في الجامعة اللبنانية سامي سلهب ان "من حق هذه الحكومة قانونيا ان تعين اي موظف في الدولة، وقائد الجيش موظف كبير في الدولة"، انما "من الناحية السياسية الامور معقدة". وفي مسألة التوافق عليه لرئاسة الجمهورية، قال سليمان، "اذا كان انتهاء ولايتي علي رأس المؤسسة العسكرية من شأنه تسهيل التوافق علي مرشح توافقي بديل، فانا لن اكون عقبة ابدا". واضاف انه "سئم من التجاذب المستمر حول اسمه كمرشح توافقي لرئاسة الجمهورية"، مضيفا انه "بدأ يستشعر نوعا من المس بكرامته نتيجة تعليق هذا الامر علي توافق داخلي يزداد صعوبة يوما بعد يوم وتوافق عربي يقارب المستحيل". وقال سليمان انه بقراره الانسحاب، يسعي "الي تحميل الجميع مسئولياتهم وان يدركوا ان استمرار الامور علي ما هي عليه يؤدي الي استنزاف الجيش كما استنزاف اللبنانيين الذين تعبوا من السياسة والسياسيين". وتري مديرة معهد العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف فاديا كيوان ان "هذا الموقف قد يسرع اتجاه الجميع نحو التسوية"، معتبرة ان "توقيته ذكي لانه يضع الاصبع علي الجرح ويلفت نظر الرأي العام والسياسيين الي خطورة الوضع". وقالت لوكالة فرانس برس ان خروج سليمان من المؤسسة العسكرية "لا يقلل من حظوظه في رئاسة الجمهورية بل يزيدها". وتابعت "لا شك ان اضعاف المؤسسة العسكرية يثير التخوف"، غير انها اكدت في المقابل ان "وضع المؤسسة العسكرية اسلم من المؤسسات المدنية. لا خوف عليها من الانقسام والشرذمة وقد اثبتت تماسكها في امتحانين كبيرين: حرب يوليو 2006 ومعارك مخيم نهر البارد" في الصيف الماضي. وعن التخوف من ان يؤول كل ذلك الي حرب اهلية، قالت كيوان "لا اري اتجاها الي الحرب لدي الفرقاء السياسيين الاساسيين. انا اخاف اكثر من تفجيرات وارباكات امنية". واكد العميد حنا ان "الحل سياسي يكمن في انتخاب رئيس للجمهورية وعودة مؤسسات الدولة الي العمل وان يتم من خلالها حل المشاكل. وهذا الامر لا يلوح في الافق".