أعلن رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري يوم الجمعة تأجيل جلسة الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة يوم السبت إلى 12 يناير كانون الثاني. وهذه هي المرة الحادية عشرة التي تتأجل فيها الانتخابات منذ الدعوة الاولى لانتخاب رئيس قبل اكثر من ثلاثة أشهر في تعميق لأسوأ ازمة سياسية تشهدها البلاد منذ انتهاء الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990. واجمع الفرقاء المتنافسون على قائد الجيش العماد ميشال سليمان كمرشح توافقي للرئاسة فيما ظلوا مختلفين حول كيفية تقاسم السلطة في الحكومة الجديدة عندما يتسلم الرئيس الجديد منصبه. ويتطلب انتخاب الرئيس اكتمال نصاب ثلثي اعضاء البرلمان الامر الذي لا يمكن ان يتحقق إلا بوجود اتفاق بين الاكثرية المناهضة لسوريا والمعارضة المؤيدة لدمشق. وجاء في بيان صادر عن الامانة العامة لمجلس النواب "قرر رئيس مجلس النواب تأجيل الجلسة التي كانت مقررة غدا السبت ... الى يوم السبت الواقع في الثاني عشر من كانون الثاني (يناير) 2008 في تمام الساعة الثانية عشرة ظهرا وذلك لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية." وفي وقت سابق قال مصدر سياسي رفيع لرويترز ان الانتخابات ستتأجل حتى نهاية الاسبوع المقبل وقال إن "تعقيدات في الاتصالات الاقليمية والدولية وانقطاع التواصل المحلي يؤجلان جلسة الغد إلى أواخر الأسبوع المقبل." وتريد المعارضة التي يتقدمها حزب الله ضمانات بأن يكون لها حق نقض القرارات في الحكومة وذلك قبل أن تشارك في الانتخابات لكن تحالف الغالبية المناهضة لسوريا يريد انتخاب سليمان أولا ويقول إن تشكيل الحكومة من صلاحيات الرئيس الجديد. وقالت مصادر سياسية إنه لا يوجد تقدم باتجاه تقريب وجهات النظر بين الفرقاء المتنافسين هذا الاسبوع. وصعد الطرفان من حربهما الكلامية متهمين بعضهم بعضا بعرقلة انتخاب سليمان. وكرسي الرئاسة شاغر منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق المؤيد لسوريا اميل لحود في 23 نوفمبر تشرين الثاني وثمة مخاوف من أن يزيد اطالة أمد الفراغ من زعزعة استقرار لبنان. وكانت الحكومة المدعومة من الغرب اتخذت خطوة قالت انها لتسهيل انتخاب سليمان المسيحي الماروني البالغ من العمر 59 عاما والذي يشغل منصب قائد الجيش منذ عام 1998 وفي وقت سابق هذا الاسبوع صاغت الحكومة مشروع قانون لتعديل الدستور للسماح لموظف رفيع في الدولة بتولي منصب رئاسة الجمهورية في حين وقع يوم الخميس 13 نائبا من تحالف الاكثرية عريضة تدعو الى التعديل. ورفضت المعارضة الخطوتين وقالت إن انتخاب سليمان لا يحتاج الى تعديل بسبب الفراغ الحالي في منصب رئاسة الجمهورية. ورفض رئيس مجلس النواب نبيه بري تسلم مشروع القانون من الحكومة التي يعتبرها غير شرعية منذ استقالة وزراء المعارضة العام الماضي. وقال الزعيم المسيحي المعارض ميشال عون للصحفيين منتقدا خطوات الحكومة "اعتقد ان هذا مسار يترتب عليه مسؤوليات ضخمة وسيضرب الاستقرار في البلد لان قوى الموالاة هم الذين يمنعون التفاهم لكي يصبح هناك انتخاب." واكد بري في البيان ان "الشغور بالوفاة او الاستقالة أو بانتهاء الولاية له ذات المفاعيل التي تعفي المرشح للرئاسة من شروط الاستقالة المسبقة الامر الذي يوجب ابعاد اية فكرة لتعديل الدستور .. والاجتماع بحكم القانون يجعل من فتح دورة استثنائية للانتخاب لزوم ما لا يلزم." وتسببت الازمة في انقسام عميق بين المسيحيين الذين يتحالفون مع جماعات سياسية متنافسة. وينبغي ان يكون الرئيس مسيحيا مارونيا بموجب نظام تقاسم السلطة الطائفي في لبنان. وقادت فرنسا القوة الاستعمارية السابقة في لبنان جهود وساطة مكثفة في محاولة لتأمين الاتفاق بين الاطراف المختلفة لكن في الايام القليلة الماضية يبدو ان وتيرة الوساطة قد خفت. ويتمتع سليمان الذي عين قائدا للجيش عندما كانت سوريا لا تزال قوة مهيمنة في لبنان بعلاقات جيدة مع حزب الله.