دافع الرئيس السابق للاتحاد السوفيتي "ميخائيل جورباتشوف"، الذي لعبت إصلاحاته دوراً مهماً في تخليص الاتحاد السوفيتي من الحكم الشمولي، عن الخطوات غير الديمقراطية للرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" باعتبارها ضرورية "لتجنب تفكك الدولة".قال الزعيم السوفيتي السابق، الحائز علي جائزة نوبل للسلام، في لقاء صحفي أجري معه مؤخراً: "لقد اختار بوتين أن يلجأ إلي بعض الأساليب التي تعتبر إلي حد ما سلطوية، لكن ورغم استخدامه لها في بعض الأحيان، إلا أن هدفه هو التوجه نحو الديمقراطية، ونحو اقتصاد السوق". وفيما يتعلق بالتوتر المتزايد في العلاقات بين موسكووواشنطن فقد أرجعها "جورباتشوف" إلي "عقدة النصر" التي مازالت تطغي علي بعض المسئولين في الولاياتالمتحدة، مشدداً علي ضرورة تبني الحكومتين للهجة أكثر هدوءاً والعمل سوية لحل المشاكل العالمية. وفي رده علي سؤال حول النصيحة التي يقدمها للرئيسين بوتين وبوش قال "جورباتشوف" إنه "أولاً يتعين الحفاظ علي أجواء الثقة التي برزت خلال سنوات البيروسترويكا عندما استطعنا العمل مع الولاياتالمتحدة لمناقشة القضايا المهمة وإنهاء الحرب الباردة. لكني أعتقد بأن هذه الثقة باتت اليوم عرضة للخطر". وكما هو معروف لعبت إصلاحات "جورباتشوف" في أواخر الثمانينيات والتي يصطلح عليها اسم "البيروسترويكا"، دوراً مهماً في انهيار الاتحاد السوفيتي وهيأت المجال لصداقة روسية- أمريكية امتدت طيلة عقد التسعينيات. لكن في السنوات الأخيرة عاد التوتر مجدداً إلي العلاقات بين البلدين، إذ إلي جانب ما تعتبره أمريكا تراجعاً عن الديمقراطية في روسيا هناك أيضاً استياء واشنطن من مزاعم لجوء موسكو إلي استخدام صادراتها من النفط والغاز الطبيعي لممارسة ضغوط سياسية علي جيرانها، يضاف إلي ذلك الاختلافات بين البلدين حول كيفية التعامل مع الملف النووي الإيراني، والنزاع حول مستقبل كوسوفو، فضلاً عن قضايا أخري عالقة. ومن ناحيتها انزعجت روسيا من الخطط الأمريكية لإقامة نظام مضاد للصواريخ في أوروبا الشرقية تقول واشنطن إنه ضروري لحماية أوروبا وأمريكا الشمالية من احتمال التعرض لهجوم إيراني. وقد عبرت روسيا عن مخاوفها من أن تقود الخطوة الأمريكية إلي نظام صواريخ عالمي يهدف إلي إضعاف قوة الردع النووية سواء تلك الخاصة بروسيا، أو بالصين. وزاد التوتر حدة بعد تعرض "ألكسندر ليتفينينكو"، العميل السابق في جهاز الاستخبارات السوفيتية والمعارض الشرس للكرملين، إلي التسمم بالإشعاع في لندن خلال السنة الماضية. فقد وجه "ليتفينينكو" في بيان أعده قبل فترة وجيزة عن وفاته تهمة قتله صوب الرئيس بوتين، وهي التهمة التي نفاها الكرملين واعتبرها مجرد "هراء". ومع أن التصور السائد في الولاياتالمتحدة يرجع التدهور في العلاقات مع روسيا إلي الخطوات التي يقوم بها الكريملن، يري "جورباتشوف" أن اللوم يرجع بالأساس إلي "عقدة النصر" الناتجة عن تصور سائد لدي كبار المسئولين الأمريكيين من أن الضغوط التي مارستها إدارة الرئيس "ريجان" أدت إلي انهيار الاتحاد السوفيتي، مشيراً إلي نائب الرئيس "ديك تشيني" باعتباره واحداً من هؤلاء المسئولين. وأوضح "جورباتشوف" هذه العقدة قائلاً "أعتقد أن عقدة النصر هذه خطيرة للغاية، ذلك أن الولاياتالمتحدة لم تحقق أي شيء بمفردها، بل تعاونت مع الآخرين لإنهاء الحرب البادرة، لكن عندما يتصرفون بمفردهم تكون النتيجة فوضي عارمة".