قريبا سيأتي الوقت لنقول ''وداعا'' لكاديما، الحزب المصنع، الذي وعد بالكثير ولكنه فشل تماما. هذا الحزب ما زال يحاول أن يظهر نفسه علي غير حقيقته: الانطواء، الانسحاب أحادي الجانب، التخلي عن مناطق، الانتشار من جديد، كل ذلك كان عبارة عن علاجات وقتية للمشاكل التي تعاني منها اسرائيل، والتي من خلالها أعطي الجمهور مكانا لهذا الحزب علي حساب ''دولة اليهود الديمقراطية''، التي ستتحول الي ''مكانا يطيب العيش فيه''. للكثير من وسائل الاعلام ورجال الصحافة، ذوي الوجه الحسن، تمكن اولمرت لفترة ما أن يسوق أفكاره للجمهور الاسرائيلي، وحزبه وعد بمستقبل جيد وعمل ديمقراطي لخلق أجواء جديدة في الدولة، التي وعد هذا الحزب أن يدخل بها الي الوسط السياسي بقوة، ولكن الذي ابتدأ ب ''فرقعة كبيرة'' سياسية، سيختفي من الوجود بنبضات خفيفة، وسيزول عن الشاشة في القريب هذا الحزب ''كديما''. هذا الحزب يتكون من بقايا احزاب ملونة سابقة، ومن فارين من الليكود ولاجئين من حزب العمل، وكذلك من عدد من السياسيين المستجدين وعديمي الخبرة، من الذين اعتقدوا بأنه لا يوجد شيء أفضل من الاستجابة لدعوة اريك شارون والانضمام اليه علي أساس الانسحاب. لكن الانسحاب أحادي الجانب كان وما زال المعني الايديولوجي المكشوف لشخصيات قائمة كديما للكنيست. ومعني مشترك اضافي ايضا للانتصار الكبير في الانتخابات، حيث أيدت استطلاعات الرأي أين وصلت تلك الاحزاب، وكذلك الاعتقاد بأن شارون أو اهود اولمرت، علي حد سواء، وبحركة يد واحدة سيخلقان وضعا حزبيا جديدا، غير الموجود كما رأينا في كاديما، الأمر الذي وعدوا به ايصال نواب الي مقاعد الكنيست. الآن، مع نفس الفكرة، الانسحابات أحادية الجانب، من لبنان ومن قطاع غزة، اكتشفت الآن بأنها فكرة غبية، وأن زعماء كاديما، اهود اولمرت وتسيبي لفني، قد اكتشفوا بعدم قدرتهما علي أداء الوظيفة القيادية اثناء وجود ازمة فعلية. والسؤال الوحيد هو كم من الوقت يحتاج كاديما ليمسك بالسلطة ويقود اسرائيل في مثل هذه الاوقات المصيرية الصعبة؟. توجد احتمالات، حيث جزء أساسي منها أن يقوم الفارون من الليكود والموجودون في كاديما، من الذين شعروا بالندم، بأن يعودوا عن قرارهم وبالتالي يخلقون وضعا جديدا بعودتهم الي الليكود. كذلك توجد امكانية اخري، أن يقوم عدد من نشطاء حزب العمل، الذين أجبروا حاليا علي الاعتراف بخطئهم، بأن يتراجعوا ايضا الي صفوف الحزب، وبذلك تكون الكنيست تشهد خارطة جديدة للتوزيع، وهذه مقدمة ستؤدي الي سقوط حكومة اولمرت، وبالتالي أن تصوت لرئيس وزراء جديد، وهذا قد ينجم عنه انتخابات جديدة. من المؤسف التفكير بمثل هذا التوزيع السياسي في الوقت الذي تواجه فيه اسرائيل ازمة خطيرة جدا، والتي هي عبارة عن نتيجة مباشرة للانتصار الذي منحته حكومة اولمرت لحزب الله في لبنان، حيث أن اصوات كثيرة وطوال سنوات ماضية في العالم العربي كانت تقول بأن حزب الله الذي تمكن من هزيمة اسرائيل بواسطة قرارات اولمرت، يملك من القوة علي المدي البعيد ما يمكنه من أخذ مكانة جيدة وعدائية ضد اسرائيل، وهذا خطر كبير. هناك من يؤيد القول بأن الحكومة اخطأت، وذلك بسبب الخطر الآتي والذي ستواجهه حكومة اولمرت اذا بقيت محتفظة بالسلطة، وستكون مجبرة علي التعامل معه، لهذا يستحسن عدم اضاعة الوقت. هذا سيكون خطأ مريرا آخر، حيث ان اسرائيل لا يمكنها السماح لنفسها بذلك، فهناك العديد من المحللين ممن يعتقدون أنه رغم فشل هذه الحكومة في الحرب اللبنانية، فانه لا يوجد أفضل منها. ''الخزينة فارغة''، هكذا كتب أحدهم. لهؤلاء وللجمهور بصورة عامة الأفضل التركيز علي عدة مسائل: هل حقا لا يوجد مرشح أفضل من اولمرت لمنصب رئيس الوزراء؟ وهل حقا لا يوجد مرشح أفضل من بيرتس لمنصب وزير الدفاع؟ وهل حقا لا توجد مرشحة أفضل من لفني لمنصب وزيرة الخارجية؟ وهل حقا لا يوجد مرشح أفضل من ابراهام هيرشيزون لمنصب وزير المالية؟