أسعار الذهب في مصر اليوم الجمعة 31 أكتوبر 2025    توقف حركة القطارات بسبب عطل مفاجئ بقطار ركاب ببني سويف    تعرف على إيراد أمس الخميس لفيلم "السادة الأفاضل"    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الجمعة 31-10-2025 في محافظة قنا    كامل الوزير: الطرق والمحاور الرئيسية المؤدية إلى المتحف المصري الكبير جاهزة لاستقبال الزوار    موسكو: قرار ترامب باستئناف التجارب النووية يتطلب توضيحات إضافية    شبكة أطباء السودان: نزوح 4500 مواطن من بارا في شمال كردفان    أفغانستان وباكستان تتفقان في إسطنبول على استئناف المحادثات    إعصار ميليسا يضرب الكاريبى بقوة.. وتضرر أكثر من 700 الف طفل.. فيديو    حسن حمدي يدلي بصوته في انتخابات الأهلي (شاهد)    أحمد حسن: فوز بيراميدز على أهلي جدة أربك حسابات المنتخب    إدراج 29 جامعة مصرية في تصنيف ليدن الهولندي لعام 2025    وداع على غير العادة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الجمعة 31 أكتوبر 2025    ضبط 3 أطنان ملح صناعي مجهول المصدر بشبرا الخيمة    وزير الصحة يبحث مع محافظ الشرقية التوسع في إنشاء مستشفيات جديدة    محافظ أسيوط يجري مقابلات لاختيار رؤساء قرى جدد    إجازة افتتاح المتحف المصري الكبير.. هل تشمل السبت والأحد؟    حفل يليق بمكانة مصر.. السيسي يفتتح المتحف المصري الكبير غدًا    أحمد صبرة: المتحف الكبير يجسد عبقرية المصري القديم وقدرة المصري المعاصر على البناء والإبداع    بعد تغيير الساعه.. مواقيت الصلاه اليوم الجمعه 31 أكتوبر 2025 فى محافظة بني سويف    دعاء يوم الجمعة المستجاب ..«اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لي دِينِي الذي هو عِصْمَةُ أَمْرِي» (ردده الآن)    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : رحم الله أبى !?    خشوع وسكينة.. أجواء روحانية تملأ المساجد في صباح الجمعة    وزير الصحة يستقبل محافظ الشرقية لمتابعة إنجاز المشروعات الجارية    مصرع شاب أصيب فى حادث اصطدام أتوبيس بعربة كارو وإصابة والدته بكرداسة    مواعيد مباريات الجمعة 31 أكتوبر - دربي الرياض ومواجهات قوية لحمدي فتحي وكهربا    آدم كايد يغيب عن الزمالك فى السوبر المحلي بالإمارات    ديربي الرياض.. تشكيل الهلال المتوقع أمام الشباب في الدوري السعودي    انطلاق التصويت بانتخابات النادي الأهلي    بالصور.. سقوط هادي الباجوري وزوجته خلال رقصهما في حفل زفافهما    لوموند تشيد بالمتحف المصرى الكبير..أكبر صرح فى العالم مخصص لحضارة واحدة    هل اعتزلت حلا شيحة الفن؟..والدها يحسم الجدل    مع بدء تطبيق التوقيت الشتوي.. تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الجمعة 31 أكتوبر 2025 بمحافظة السويس    الصين: على واشنطن توخي الحذر في الأقوال والأفعال بشأن قضية تايوان    سعر الريال السعودي في بداية التعاملات اليوم 31 أكتوبر 2025    "المصريين أوت دور" تنفذ أضخم حملة دعائية بمطار القاهرة وتنقل البث الحي لافتتاح المتحف المصري الكبير على شاشة 5D    إصابة ربة منزل وزوجها ونجلهما ب«مادة كاوية» في مشاجرة بالجمالية    وكيلة الصحة بالإسماعيلية تتابع توفير الأدوية بالوحدات الصحية    أول ظهور للمطربة الشعبية رحمة محسن بعد ضجة الفيديوهات المسربة (صور)    أسعار مواد البناء في مصر اليوم الجمعة    تراجع أسعار الذهب عالمياً في بداية تعاملات الجمعة    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 31 كتوبر    «زي النهارده».. استقالة مهاتير محمد من حكم ماليزيا 31 أكتوبر 2003    بعد إعلان ترامب.. «فانس» يدافع عن التجارب النووية وبيان مهم ل الأمم المتحدة    «آخره السوبر.. مش هيروح بالزمالك أبعد من كدة».. أحمد عيد عبد الملك يوضح رأيه في فيريرا    هيجسيث يأمر الجيش بتوفير العشرات من المحامين لوزارة العدل الأمريكية    قوات الاحتلال تداهم عددًا من منازل المواطنين خلال اقتحام مخيم العزة في بيت لحم    رئيس مجلس الشيوخ يستقبل محافظ القاهرة لتهنئته بانتخابه لرئاسة المجلس    موعد وشروط مقابلات المتقدمين للعمل بمساجد النذور    محمد مكي مديرًا فنيًا ل السكة الحديد بدوري المحترفين    د.حماد عبدالله يكتب: "حسبنا الله ونعم الوكيل" !!    إصابة 12 شخصاً في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بقنا    ندوة «كلمة سواء».. حوار راقٍ في القيم الإنسانية المشتركة بالفيوم    مش هتغير لونها.. طريقة تفريز الجوافة لحفظها طازجة طوال العام    التخلص من دهون البوتاجاز.. طريقة سهلة وفعّالة لتنظيفه وإعادته كالجديد    بعد معاناة المذيعة ربى حبشي.. أعراض وأسباب سرطان الغدد الليمفاوية    مبادئ الميثاق الذى وضعته روزاليوسف منذ 100 عام!    عندما قادت «روزا» معركة الدولة المدنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكورة.. ونار الحروب
نشر في نهضة مصر يوم 29 - 06 - 2006

نجحت كرة القدم من خلال مونديال المانيا في توحيد الشعوب من خلال إهتمام شعوب العالم كله ليذوب في المونديال صراع الحضارات، فمنذ انطلاق عيد الكرة العالمي من خلال منافسات كأس العالم في ألمانيا وكأن الكرة الارضية تتحرك علي إيقاعات كرة القدم وترقص علي انغام الموهوبين والمبدعين من اللاعبين، ويزداد السعر مع كل يوم من ايام البطولة وتلاحمت الشعوب علي رقصاتها، وذابت كل الفروق والحدود وتجمدت المشاكل والازمات.
ويتردد سؤال بشكل قوي حالياً هل تفوز الساحرة المستديرة بجائزة نوبل للسلام حتي لو تم منح الجائزة للاتحاد الدولي (الفيفا) باعتباره الكيان المادي للعبة الاكثر شعبية في العالم.. بعد ان نجح في حشد العالم وجعله بلا حدود، ليقع علي مبادئ المنافسة الشريفة والاحترام المتبادل في المونديال.
ولم يكن السياسي السويدي لارس جوستافسون يمزح او يبالغ عندما اقترح منح جائزة نوبل للسلام للعبة كرة القدم وهي اللعبة التي بلغت قامة من المجد حتي كانت سببا في تمديد اول هدنة اثناء الحرب العالمية الاولي.
ومنذ عدة سنوات استعاد بيرتي فيلستاد اخر الاحياء من شهود هذه الواقعة الفريدة ما حدث بقوله: "مازلت اتذكر ماحدث عندما اتفقت كتيبة مدفعية الهاونات البريطانية التي كنت احد افرادها والتي تمركزت في قرية تغطيها الثلوج بفرنسا مع عناصر قوة ألمانية علي هدنة قصيرة بمناسبة اعياد الميلاد غير ان الهدنة طالت بعد ان بدأنا نلعب معا مباريات لكرة القدم واذا بنا نتباري بالكرة بدلا من التقاتل بالنيران انها ايام لن انساها ابدا ولن انسي مدي قوة الساحرة المستديرة التي جعلت الجنود الانجليز والالمان يشعرون بالفعل بمعني التآخي الانساني والانتماء لعالم واحد.
وفي عام 1967 توقفت حرب اهلية كانت قد اشتعلت في نيجيريا جراء محاولة اقليم بيافرا الانفصال بعد ان اتفق الفرقاء المتحاربون علي وقف اطلاق النار لمدة 48 ساعة من اجل اتاحة الفرصة لكل النيجيريين للتمتع بسحر وفن "الجوهرة السوداء" بيليه الذي كان قد قرر المشاركة في مباراة استعراضية بهذا البلد الافريقي ربما لانه يعرف ان "الساحرة المستديرة قد تسهم في وقف اتون الحرب الاهلية والاقتتال بين ابناء الشعب الواحد".
وهذا ماحدث بالفعل في بلد افريقي اخر هو كوت ديفوار "ساحل العاج" عندما وافق الرئيس الايفواري لورينت جباجبو علي الدخول في مباحثات سلام مع المتمردين في بلاده بعد ان تمكن المنتخب الوطني لهذه الدولة والمعروف باسم "الافيال" من التأهل عبر التصفيات الافريقية للمشاركة في مونديال 2006 بألمانيا غير انه لم ينجح لسوء الطالع من الصعود لدور ال 16.
فبفضل الكرة وحدها ابرمت هدنة بين الحكومة والمتمردين في كوت ديفوار لتبرهن الساحرة المستديرة علي صدق الصيحة التي اطلقها الكاتب والمفكر الاشتراكي الامريكي اللاتيني كارلوس مونسيفياس عندما قال: "الكرة اولا" فيما يتجاوز تأثير بطولة كأس العالم لكرة القدم علي البشر في شتي انحاء العالم أية بطولة رياضية اخري بما فيها الاولمبياد.
ومن المشاهد التي تؤكد قدرة الساحرة المستديرة علي إزالة الخلافات وتقريب المسافات بين الشعوب ماحققه مونديال 2002 التي استضافته اليابان وكوريا الجنوبية ليسهم هذا الحدث المهم في إزالة تاريخ من العنف والدم بين الدولتين منذ غزو الامبراطورية اليابانية لشبه الجزيرة الكورية في عام 1867 وحتي نهاية الحرب العالمية الثانية.
سلام وطني واحد.
وفي مونديال 2002 منح الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" اليابان وكوريا ما لم يمنحه لغيرهما من قبل تأليف نشيد للبطولة تضمن مقطوعات موسيقية من الدول المشاركة بجانب موسيقي الدولتين المضيفتين ليعكس النشيد في الحقيقة كل فنون العالم ويوحي بأن كرة القدم تحولت لقوة سلام تجمع هذا العالم وتسعي لاقناع البشر بأنهم يعيشون في كرة أرضية واحدة ومشهد كوني واحد مهما اختلفت المصالح أو تحركت المطامع. وانها لحقيقة مدهشة بقدر ما هي مثيرة للتأمل ان تتحول كرة القدم التي وصفت في زمن غابر بأنها "لعبة السوق والدهماء" الذين يلعبونها في الشوارع والحارات والازقة والحقول إلي "أعظم مشهد رياضي عالمي" وخاصة في بطولات كأس العالم لتكون بحق "صاحبة الجلالة بين كل الالعاب الرياضية وأكثرها تأثيرا علي البشر في عالمنا المعاصر.
وإذا كان رئيس الوزراء الاوكراني يكهانوروف الذي تمكن فريقه الوطني من الصعود لدور ال 16 قد وصف بطولة كأس العالم بأنها الحمي التي تجتاح الدنيا لمدة شهر كامل كل أربعة أعوام فإن البرازيليين الذين صعد فريقهم الوطني بجدارة وشموخ لدور ال 16 وعيونهم علي الفوز بالكأس للمرة السادسة تبدو حياتهم معلقة علي نتائج المونديال ومباراته في ألمانيا.
تحسن اقتصادي
وكانت دراسة مصرفية اجريت عشية مونديال 2002 الذي تقاسمت اليابان استضافته مع كوريا الجنوبية قد اظهرت ان الاسواق المالية في الدول المتقدمة التي فازت بكأس العالم منذ عام 1966 كان أداؤها أفضل من المتوسط العالمي لبقية البورصات وبنسبة قدرها 9 % بينما أفادت دراسة اجراها ثلاثة من الاساتذة الجامعيين المتخصصين في علوم ادارة الاعمال ونشرت نتائجها مؤخرا في صحيفة واشنطن بوست الامريكية ان هناك "تأثيرا سلبيا بالمنظورين الاقتصادي والاحصائي علي البورصة في اية دولة من الدول المتنافسة في المونديال اذا خرج فريقها الوطني من بطولة كأس العالم" غير ان الاستثناد الوحيد كما اثبتت هذه الدراسة ينطبق علي بورصة "وول ستريت" الشهيرة في نيويورك والتي لاتتأثر بنتائج المونديال ليس لشئ الا لان الشعب الامريكي لدور ال 16 لن يكون له حسب الدراسة اي تأثير سلبي علي البورصة فيما يستخدم الكاتب الامريكي ادام جوبنيك تعبيرا طريفا في مجلة "نيويوركر" لوصف بطولة كأس العالم وهو "مهرجان الحظ ولعبة القسمة والنصيب" وهي سمة يعتبرها غالبة علي المونديال في ادواره النهائية!
أما الالمان الذي دفعوا 12 مليار دولار لاخراج عيد أعياد الكرة في افضل صورة ممكنة سواء علي مستوي البنية الاساسية او الامن والتسويق فان فوزهم بكأس العالم وليس اي شئ آخر مهما كان سيكون التعويض الحقيقي لهم عن الاموال الهائلة التي أنفقوها لاستضافة المونديال علي مدي شهر كامل فيما يبدو المدير الفني للمنتخب الالماني يورجين كلينسمان علي المحك مع اشتعال السباق للوصول للادوار الحاسمة واللعب علي الكأس التي فازت بها ألمانيا من قبل ثلاث مرات.
ودون شك فان انجلترا التي قننت لعبة كرة القدم ووضعت قواعدها الراسخة منذ عام 1863 تري انها صاحبة حق اصيل في كأس العالم وان الانجليز الذين نشروا اللعبة في الكرة الارضية بفضل امبراطوريتهم التي لم تكن تغرب عنها الشمس ربما يكونوا قد نسوا امبراطوريتهم الغابرة لكنهم لم ينسوا مكانتهم في امبراطورية كرة القدم.
هكذا باتت كرة القدم في حياة الشعوب بحجم الكرة الارضية وأصبحت نتائجها تمس كبرياء الامم لكنها في نهاية المطاف توحد العالم ولاتفرقه وتتيح امكانية فريدة لتواصل الحضارات وتثبت في مباريات المونديال علي وجه الخصوص خطأ مقولات مثل التي اطلقها المفكر الامريكي صمويل هنتنجتون عن صدام الحضارات.
وكما يقول بعض النقاد فليس هناك أكثر اثارة ودراما من مشاهدة فريق يلعب في بطولة كأس العالم ويقدم عبر الساحرة المستديرة والمدارس الكروية لمحات تعكس الشخصية القومية لبلاده لبقية شعوب الكرة الارضية.
من الحب ما قتل
ويبدو أن المثل القائل: "من الحب ماقتل" تنطبق علي تعلق شعوب امريكا اللاتينية او "بلاد الرقص والفن والموسيقي" غير العادي بالساحرة المستديرة كان وراء "حرب الكرة" التي اشتعلت عام 1969 بين السلفادور والهندوراس التي اسفرت عن مقتل نحو 2000 شخص بعد ان تحولت مباراة للتأهل لبطولة كاس العالم الي شرارة اشعلت الحرب التي تعد استثناء لايقاس عليه في القاعدة الاصيلة التي اثبتت ان كرة القدم قوة هائلة في خدمة السلام. ولأن "من الحب ماقتل" وخاصة في العلاقة الغريبة بني الامريكيين اللاتينيين والساحرة المستديرة فإن ثمانية أشخاص من ابناء اورجواي فارقوا الحياة منذ اكثر من نصف قرن بعد ان داهمتهم ازمات قلبية من شدة الفرحة وفرط البهجة لفوز منتخبهم الوطني علي لاعبي السامبا البرازيليين.
لكن اغلب سكان الكرة الارضية لن يحزنوا علي الارجح اذا فازت الساحرة المستديرة بجائزة نوبل للسلام كما اقترح السياسي السويدي لارس جوستافسون لان كرة القدم ليس لها اعداء باستثناء قلة ربما يكون من بينهم صمويل هنتجتون صاحب مقولة صراع الحضارات!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.