للمرة الألف ينفي جمال مبارك رغبته في الترشيح للرئاسة وزاد عليها هذه المرة تأكيداً بقوله انه "لارغبة لديه ولا نيه" فهل يكفي هذا ليقنع اولاد الحلال بأن الرجل لامطمع له ولا غرض وأن سعيه للاصلاح داخل الحزب الوطني نيته الاصلاح وليس التمهيد للقفز علي كرسي الرئاسة كما تصور لهم خيالاتهم. الاجابة طبعاً عندي فهؤلاء لن يقتنعوا مهما قال وزاد جمال مبارك ومهما نفي، بل وكما قلت سابقاً لو حلف لهم علي المصحف في الكعبة فلن يصدقوه، ليس لانه لايقول الحقيقة وانما لانهم لايريدون أن يصدقوه ويكذبوا أنفسهم. فهم ممن يوحي اليهم، فالوحي عندهم لم ينقطع، ووحيهم صرح لهم واكد ان جمال مبارك يمهد لنفسه الطريق للوصول الي كرسي الرئاسة. بالطبع كلام أمين السياسات هذه المرة سيكون له تأثير كبير في ايقاف شائعات هؤلاء عند حدها لانه جاء في حوار تليفزيوني كثيف المشاهدة ومع محاورة متميزة وتفهم معني الحوار وكيف تخرج الاجابات ممن تحاوره. وهي الزميلة لميس الحديدي التي يبدو أن اسمها لم يكن صدفه وقد قلبت الامر مع جمال مبارك علي كل الاوجه حتي حصلت منه علي الاجابة التي تريدها لتأكيد التأكيد، ليس لها فأنا أعلم أن لميس الحديدي علي يقين من نوايا جمال مبارك الاصلاحية لوجه مصر والحزب الوطني الذي ينتمي اليه وليس لهدف آخر، لكن لميس كمحاورة متميزة ارادت أن تكون الاجابة هذه المرة مثلما يقول رجال القانون قاطعة جامعة مانعة، لأن البرنامج علي القناة الاولي وأغلب مشاهديه من المواطنين العاديين الذين لاتحركهم الكراهية لجمال مبارك او والده او الحزب الوطني.. ولايبحثون عن مصالح ضيقة ولايلعبون في السياسة بالبيضة والحجر، وانما هم ممن تشغلهم احوال البلد وكيف يكون بخير بعيداً عن خبث وخبائث السياسة وأهلها. والمؤكد أن هؤلاء المواطنين العاديين صدقوا جمال مبارك فيما قاله لانه كان يتحدث بصراحة في اول ظهور تليفزيوني له ولم يكن متكلفاً او متعالياً كما يحاول أن يصوره البعض من قبيل إجبار الناس علي كراهيته، وانما كان البرنامج فرصة كسب منها جمال مبارك كثيرا واهم مكاسبه أنه أفشل محاولات أهل الكراهية وظهر كما يعرفه كل من اقترب منه او تعامل معه.. طبيعي في تعامله وحواره، متواضع في ارائه وضح في موقفه.. مثقف.. هادئ وبالمناسبة الحوار كان علي الهواء مباشرة وليس مسجل أي أنه بدون مونتاج او مراجعات والمداخلات التليفزيونية حقيقية وليست سابقة الاعداد والتجهيز. ولو أن أحداً من هواة التهليل واشعال نيران الشك لدي الناس كلف نفسه بالنزول الي الشارع مرة ليسأل خلق الله البسطاء سيكتشف انهم لايكرهون هذا الرجل، بل يرونه شاباً مصرياً يحب هذا البلد مثلهم تماماً. وكونه ابن رئيس الجمهورية لايعيبه بل يزيده حباً عندهم لانه لايعتمد علي والده ولايعتبره دافعاً له في العمل العام بل وكما قال إن وصوله العمل العام والحزب لم يكن لوالده علم به ولم يتحدث معه فيه. اعلم طبعاً أن هذا لن يعجب الكثيرين من هؤلاء، وسيعدونني من الممالئين او المنافقين والباحثين عن مكان أو مكافأة ولهم مايعتقدون لكن ما أؤمن به شخصياً أننا أمام شاب لم ينكر بداءة أن وضع والده الرئيس ساعده .. وليس في هذا عيب فليس مطلوباً من جمال مبارك أن يتبرأ من والده ولا مطلوب من الرئيس أنه لمجرد كونه رئيساً لايلتفت لانبائه. كما ان هذه المساعدة لم تكن العامل الوحيد أو المؤثر فيما وصل اليه جمال مبارك، فهو في النهاية يحمل فكراً ومشروعاً للمستقبل إذا تحقق ولا انكر ان المشوار طويل سوف سيكون بمثابة إصلاح نسعي إليه جميعاً، لكنه يحتاج منا قبل ذلك أن نصدقه نواياه في الاصلاح وأن نعاونه فيما يسعي إليه هو ومن ينتمون لهذا الفكر والمشروع الذي لم يدع جمال مبارك مرة أنه صاحبه وحده ولم ينكر جهود الآخرين معه. والمعادلة المطلوبة ليست من اجل جمال مبارك أو الحزب الوطني وانما من اجل البلد الذي لم نعد لتحمل بقاء الوضع علي ماهو عليه اكثر من ذلك. من حق هذا الشاب وقد برأ نفسه من كل تهمة وجهها اليه المترصدون ان نعطيه فرصة ليحقق الاصلاح الذي يعد به وبعدها بالتأكيد سيختلف الوضع، ولست في حل أن من أقول أنه وقتها لن تكون الساحة خالية للحزب الوطني وحده أو جمال مبارك فقط، وانما فيما سيحدث من اصلاح سيظهر آخرون، أحزاب وتيارات قوية تستطيع أن تنافس ويستطيع المواطن أن يختار بحرية من يراه جديراً بثقته ليس في البرلمان فقط، وانما في كل موقع من الرئاسة وحتي مجلس محلي القرية. فلماذا لاننتظر خاصة وأن المؤشرات علي الاصلاح واضحة ولاتخطئها عين، بل ويشهد بها كل المراقبين. لماذا لانفكر في التأمل فيما يحدث حولنا. ونفضل دائما اساليب الردح والاتهامات الجزافية التي طالت كل مسئول او غير مسئول في هذا البلد. حتي الرموز الدينية لم يفلتوا منها شيخ الازهر والبابا شنودة خدامي السلطة والمفتي رجل سياسة، ووزراء نتهمهم بالعمالة وصحفيين بالفساد وكتاب بالقبيضة ونواب بالمصلحجية والرئيس بالديكتاتورية.. فما الذي بقي لهذا البلد وهل كل الناس فاسدون وحرامية ومن يكتبون ويعلو صوتهم فقط هم الشرفاء الذين لايشق لهم غبار، هل من ينهشون الاعراض بلاحياء، ويخرجون علي كل التقاليد ويخترقون حرمة الحياة الشخصية هم فقط من يحبون هذا البلد ويخشون عليه من الضياع. وهل الشتم والسب والقذف هو الاسلوب الامثل لمواجهة من نختلف معهم. أين الحوار والاختلاف المحترم والانتقاء الموضوعي البعيد عن الاسفاف. عموماً مع كل الاحترام للجميع فيجب الا نتوقف كثيراً أمام هؤلاء الذين لا أجد لهم وصفاً يليق بهم، وانما علينا أن نتركهم فيما هم فيه فلن يتقدموا خطوة ولن تتأخر البلد بسببهم مرة أخري، لأن الاصلاح بدأ ومن داخل مصر وليس من خارجها وبارادة مصرية وليس اجباراً وبتحرك ورغبة من القيادة السياسية واستجابة لمطالب ابناء مصر المخلصين حقاً وليس زيفاً وخداعاً.