في رد فعل مباشر علي اختطاف خمسة موظفين بالبعثة الدبلوماسية السودانية في العراق التي أعلنت الخارجية السودانية الافراج عنهم بعد يوم من اعلان الخرطوم اغلاق بعثتها الدبلوماسية ببغداد أفتي عالم سوداني ببطلان وحرمة بقاء تلك البعثة في العاصمة العراقية علي حساب أرواح الموظفين الخمسة. وقال إمام مسجد الخرطوم الكبير العتيق الشيخ كمال رزق في خطبة الجمعة الماضية إن الحكومة السودانية سترتكب جرما وخطأ كبيرا إذا رفضت النزول إلي رغبة الخاطفين بسحب بعثتها من العراق. وكان تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين تبني عملية الخطف مطالبا بقطع العلاقات مع الحكومة العراقية الحالية. وأكد الشيخ كمال أنه من أعان علي قتل مسلم ولو بشطر كلمة لقي الله مكتوبا علي وجهه آيس من رحمة الله. وأضاف أن الحكومة إذا اتخذت قرارا استكباريا عنيدا تراعي فيه الرئيس الأمريكي جورج بوش أو الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، ولا تراعي فيه حرمة أرواح المسلمين فإن كل أعضائها سيأتون يوم القيامة إلي الله وهم آيسون من رحمته. وبخصوص البقاء في العراق قال الشيخ إنني الآن أفتي بأن علي الحكومة أن تسحب بعثتها فورا من العراق "لأننا لسنا طرفا في القضية ولسنا أعداء للشعب العراقي". وواصل خطبته بالقول إن أهل السياسية "سيقولون سنحرج مع أمريكا ونحن نقول لهم أن تحرجوا ألف مرة مع أمريكا أفضل لكم من أن تحرجوا مع رب أمريكا". وأكد أن العراقيين لا يريدون منا أن "نبقي هناك وهم يقاتلون أعداء الله وأعداء بلادهم". وناشد الشعب السوداني الضغط علي الحكومة لسحب البعثة "حتي تنقذ هذه الأرواح البريئة". خطبة الشيخ كمال رزق لم تكن الوحيدة، إذ دعت الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة بالسودان الحكومة إلي اتخاذ قرار صائب يضمن سلامة أرواح السودانيين. وقالت الرابطة في بيان لها إن المشكلة الأساسية تكمن في احتلال العراق وهو الذي جر كل هذه المصائب، فعلي الدولة المحتلة وتفاديا لمثل هذه الحوادث أن تنسحب من العراق فورا وتتركه لأهله. البيان طالب الحكومة السودانية بأن تتعامل مع هذا الحدث بتعقل وروية وأن تبذل قصاري جهدها لحقن دماء بعثتها الدبلوماسية وإن أدي ذلك إلي سحبها كلها "فحقن دمائهم واجب وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وأن مصلحة الحفاظ علي دماء أفراد البعثة أولي وأرجح من إبقاء البعثة". كما دعا بيان الرابطة المقاومة العراقية إلي عدم التعجل في هذا الأمر وألا تقدم عليه من أجل فسح المجال للتفاوض مع كل الأطراف ما دامت هناك فرصة لذلك أو أن تمن علي هؤلاء وتتذكر قول النبي عليه الصلاة السلام "لو كان المطعم بن عدي حيا وكلمني في هؤلاء الأسري أي أساري بدر لأجبته". من ناحية أخري أثار اعتقال الكاتب الصحفي الدكتور زهير السراج استنكارا ورفضا إعلاميا وسياسيا واسعا باعتباره مجافيا للدستور واتفاقية السلام الموقعة بين الحكومة والحركة الشعبية في يناير من العام الماضي. وكان جهاز الأمن قد أعلن اعتقال السراج الجمعة الماضي علي خلفية ما وصفه مسئول بالجهاز تجاوزه للقانون وتعديه علي الأعراف الراسخة وتطاوله بالغمز واللمز والسخرية علي مقام رئيس البلاد وقائدها. وفيما لزم المؤتمر الوطني الصمت أعلنت الحركة الشعبية رفضها الاعتقال واعتبرته انتهاكا صريحا للدستور الانتقالي واتفاقية السلام داعية إلي إطلاق سراحه فورا. ووجه رئيس الهيئة البرلمانية لنواب الحركة الشعبية بالمجلس الوطني ياسر عرمان انتقادات حادة لجهاز الأمن، وقال إنه ليس لديه سلطات تنفيذية بعد اتفاقية السلام, وأكد أن اعتقال السراج وضع عدة علامات سالبة وبعث إشارات غير إيجابية حول تنفيذ اتفاق السلام والدستور. وأوضح عرمان في مؤتمر صحفي نظمه الصحفيون المتضامنون مع الكاتب أن الاعتقال جاء كأول انتهاك لحقوق الإنسان في العام الجديد مشيرا إلي أن ما تم إساءة للدولة ونظام الحكم فيها, وطالب جهاز الأمن باحترام الدستور وإطلاق سراح الكاتب لمصلحة الحكم وأضاف "أنه لا يمكن أن يعتقل السوداني بعد 50 سنة من الاستقلال لمجرد رأي". كما أدان الأمين العام لحزب الأمة عبد النبي علي أحمد الاعتقال ودعا القوي الوطنية السودانية إلي التضامن لأجل إطلاق السراج وكل المعتقلين السياسيين بالسودان, وأعلن أن حزبه سيعمل بقواعده علي منع تكرار هذه الأخطاء, وحذر من التدخل الأجنبي الذي سيواجهه السودان بسبب تكررها. ومن جانبه وصف عضو اتحاد الصحفيين السودانيين الطاهر ساتي الاعتقال بأنه أزمة لابد من التصدي لها وطالب الدولة بأن تسلك الطرق القانونية في معالجة مثل هذه القضايا داعيا الجميع إلي التكاتف لحماية الحريات الصحفية والعامة. ووصفت الكاتبة الصحفية آمال عباس الاعتقال بأنه لا يشبه المرحلة التي يمر بها السودان, ودعت إلي التضامن لأجل تغيير كافة القوانين المتعارضة مع الدستور. من ناحية أخري اعتبر تجمع الصحفيين الديمقراطيين أن الاعتقال لا يشكل انتهاكا لحرية التعبير ولاتفاقية السلام والدستور الانتقالي فحسب وإنما يشكل سابقة خطيرة تسعي إلي تكريس تصور لرئاسة الجمهورية وكأنها فوق النقد "أو كأنها ذات مقدسة يشكل انتقادها خروجا علي ما في الدين بالضرورة", وطالب الحكومة بإطلاق سراح الكاتب فورا وتقديمه للقضاء العادي إذا كانت هناك جريمة.