حين هبت نسائم رسالة المسيح عليه السلام من فلسطين غشت أفئدة المصريين بردا وسلاما وحين عبر عمرو بن العاص بجيشه الصغير رمال سيناء قاصدا الوادي لم ير المصريون في رسالة الاسلام التي حملها شيئا غريبا عما هو مجذر في ارواحهم من محبة وسلام فأسلموا..لقد رأي المصريون بعيون ارثهم الحضاري الراقي في الاسلام والمسيحية ديانتي سلامفكانوا الأسرع في اعتناقهما.. وكانت مصر الجغرافية الوحيدة التي ازدهرت عبرتضاريسها بذور المسيحية والاسلام الي حد كبير بغير قلاقل أو حروب.. الوجدان المصري ومنذ فجر التاريخ يعبق بقيم الحب والتسامح والتآخي المنبثقة عن الحضارة الفرعونية العظيمة الأكثر انسانية بين كل الحضارات..كانت مصر مقصدا مغريا للهجرات..خاصة من الشرق..فان كان القادمون بدوا أجلافا يريدون النهب والسطو كما هي عادة بدو غرب آسيا في ذلك الحين تصدت لهم مصر بقوة..وان كانوا أهل سلام وجدوا موطنا دافئا في قلوب المصريين..بل ويقرب حكامها عقلاءهم..ويستوزرون منهم..وقصة سيدنا يوسف ليست غائبة عن بال أحد..كانت الأسكندرية عبر 25قرنا العالم مصغرا في مدينة..يونانيون وارمن واتراك وطليان..وجيل بعد جيل يتشربون الخلطة المصرية فيصبحون مصريين..قيل لنا في المدارس أن أحمس طرد الهكسوس..وثمة مغالطة كبري في ذلك..أحمس حرر مصر من حكام الهكسوس وجيوشهم..أما معظم الهكسوس..فقد أصبحوا مصريين..تزاوجوا من مصريين وأكلوا من أكلهم وشربوا من نيلهم ..وجيلا بعد جيل تلاشت جينتهم البدوية وتشكلت مكانها الجينة المصرية بعبقها الحضاري العظيم.. فماذ يحدث الآن..؟غرباء..يقينا ليسوا مصريين..يحاولون العبث بدواخلنا..يريدون أن ينتزعوا من قلوبنا أشجار الحب والتسامح التي تمتد بجذورها سبعة ألاف سنة في تربة التاريخ..ّ! موساد وقاعدة وسي ان ان وأقباط مهجر..وللأسف يجدون في الداخل المصري عونا..هؤلاء الذين يريدون تحويل مصر الي ديار حرب من أجل كاميليا ووفاء اللتين أسلمتا وعلان الذي تنصر..انها حرب السفهاء التي يشعلها أبو جهل الجديد سواء كان يطلق لحيته ويقصر جلبابه أو يلوح صليب في يده.. محمد وعيسي بريئان من أفعال أبي جهل الألفية الثالثة..ومصر..كل مصر مسيحيوها ومسلموها ينبغي أن يتصدوا له بقوة..وأجزم أن هؤلاء المتعصبون الآن في هذا الخندق أو ذاك لو وجدوا عند ظهور المسيح أو محمد لما تنصروا ولما أسلموا..بل كانوا أشد الناس ضراوة في حربهم لرسالتي المسيح ومحمد..لأنهما رسالتا سلام..والسلام لاينبت الا في رياض التسامح والتآخي..وهؤلاء بسبب ضيق أفقهم تحولت قلوبهم الي صحاري قاحلة. فلنحارب التطرف في بيوتنا ومساجدنا وكنائسنا بقوة..وتلك مسئوليتنا جميعا..الأب والأم والمدرس والاعلامي والسياسي..التطرف الفكري الأسود يتسرب الي القاع المصري منذ عدة عقود..واجتاح المدارس ووسائل الاعلام والجامعات ونحن لانراه..أو نراه ولانبالي..!وكأنها خطة مدبرة من حكومة رجال الأعمال..لكي لايعلو صوت في المحروسة التي لم تعد محروسة الا صوتها..وزعت علي الناس عيونا ثلجية..تري ببرود..وكأنطوابير البطالة تلك تتسكع علي أرصفة زيمبابوي وليست مصر..وكأن جواتيمالا هي التي تتصدر قوائم الدول الفسدانة وليست مصر..وكأن اعصار تزوير الانتخابات البرلمانية اجتاح تشيلي وليس مصر.. وهذه هي النتيجة..المدرس يجد في مدرسته تلاميذ يرفضون السلام علي زملاء لهم أو تناول الطعام مع أسرهم لأنهم كفرة..ولايتحرك..والأب يري ابنه يكفر هذا وذاك..ويظن في ذلك هداية..ويقنع نفسه قبل من حوله أن هذا خير للفتي من شلة السوء والبانجو أو الانتحار من فوق كوبري قصر النيل ان لم يجد عملا بعد التخرج..! فكيف تكون المواجهة.. وقبل أن تترعرع بذور الفتنة وتطرح الخراب والدمار؟سريعا.. لابد من أن يلتف كل المصريين حول أجهزتهم الأمنية وهي تضرب بقوة وشراسة هؤلاء الذين يريدون تمزيق مصر. وعلي المدي البعيد نحن في حاجة ماسة الي اعادة هيكلة دماغ المصريينوزرعه بفكر خلاق يتكيء علي التسامح والحب وقبول الآخر والمواطنة الكاملة والايجابية والتطلع بشغف الي المعرفة والارتقاء بالذوق الجمالي..مشروع مثل هذا ينتهي بالمصري الي أن يصبح قاطرة لمشروعنا الحضاري وليس عائقا..الا أن السؤال الذي يمكن أن يطرح بقوة :كيف يمكن أن يكون المصري قاطرة هذا المشروع الحضاري التاريخي..وقد ركبوا له عيونا ثلجية فلم يبال بالتوجه الي صناديق الاقتراع ليختار من يمثله في البرلمان..!فقاموا هم بالمهمة وسودوا البطاقات الانتخابية نيابة عنه!..علي أية حال ليس هذا وقت توجيه اللوم والمحاسبة..علينا نحن المسلمين أن نتوجه يوم الجمعة القادم والذي يتوافق مع احتفالات المسيحيين بأعيادالميلاد الي الكنائس..لنؤدي صلاة الجمعة في باحاتها ان أفتي شيوخنا بجواز ذلك أو خارجها..ولنجعل - من أجسادنا جدار حماية لها ولأخواننا..فخير لنا أن نشاركهم الموت ولانحيا بعار تخازلنا عن حمايتهم! Kasapi2005.yahoo.co.UK