شيء طيب أن تغير جبهة الإنقاد من أجندتها التصادمية السابقة في مواجهة النظام الحاكم، من رفض كل شيء إلي الإلتقاء ولو في منتصف الطريق احتكاما الي الممارسة السياسية كحل نهائي محترم ديمقراطي وحيد لتداول السلطة، بعد أن أعلنت قبل أيام استعدادها المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة . لا يعنيني هنا السؤال عمن وراء هذا التغيير التكتيكي في استراتيجية الجبهة التي كانت قد صدرت دماغها منذ اعلان نوفمبر الدستوري، وتحصينات رئيس الجمهورية لقراراته، ثم تعيين النائب العام الجديد، تبعتها رسالات رفض الاعتراف بالدستور و عدم المشاركة في الحوار الوطني الذي دعا اليه الدكتور مرسي مرارا بلا سقف، ولا يعنيني عما إذا كان هذا التغير وراءه ضاغط أم لا ، إذ أن المهم هنا هو مصر وشعبها الذي أرهقته المواجهات والصدامات الفكرية والقانونية ، ورؤي النخب السياسية علي الجانبين، الديني منهما والليبرالي، بلا طائل أو عائد، اللهم إلا التناحر علي السلطة رغم اسدال الستار بوصول فصيل سياسي محسوب علي التيار الإسلامي للحكم. قرار الجبهة فضلا عن أنه صائب وعقلاني مائة بالمائة، حيث لا طريق للتغيير والنضال السياسي الحقيقي علي الأرض إلا من خلال الممارسة التي تسطرها كتب الديمقراطية ولا تعترف بسواها وسيلة للتعبيرعن الإرادة الشعبية كاستحقاق وطني، ثم وحتي يكون ومن ناحية أخري اسم الجبهة علي مسمي كما يقولون وليس تزييفا لها، بعيد عن الاكتفاء بإطلاق الشعارات الحنجورية الرنانة دون وعي أو مسئولية، لإلهاب حماس الشباب في جانب، في مقابل احتقان غيرهم في جانب آخر، ، ليدخل الطرفان علي إثر ذلك في أتون حرب أهلية تارة، وطائفية تارة أخري، فضلا عن التصادمات والمواجهات مع الأجهزة الأمنية، تخسر فيها جميع الأطراف، وتدفع الضحية مصر الفاتورة من استقرارها وأمنها واقتصادها وسمعتها الدولية وفي المقدمة بالطبع جلال وتحضر ثورتها البيضاء في 25 يناير2011. شيء مهم أن يعدل " الانقاذيون" عن استراتيجيتهم في تصدير القلق والتوتر والهلع والاضطرابات للمجتمع المصري، حين يوفرون بقصد أو بغير قصد غطاء سياسياً واعلامياً، للضغط علي الشارع للخروج بلا معني أو داع كل اسبوع بمسمي "مليوني"يختلف عن الذي قبله، يجد فيه ممولو التخريب والبلطجة ومعهم أصحاب المصالح داخلياً وخارجياً ضالتهم في زعزعة استقرار التجربة المصرية بوصول أول رئيس مصري مدني إلي الحكم عبر انتخابات ديمقراطية شهد لها العالم بالنزاهة، يدعمهم بالطبع الرافضون لوصول فصيل سياسي ينتمي للتيار الديني للحكم، فلجأوا لإثارة القلاقل، وتخريب المنشآت الحيوية ، عامة وخاصة، وتعجيز رئيس الدولة عن المضي قدما نحو تفعيل مشروعه النهضوي، أوسمه إن شئت برنامجه الانتخابي، بما ترتب عليه رفع درجة الاحتقان ضده لدي بعض من اختاروه إلي حيث محطة الندم والأسف والبغض، والتوعد بإسقاطه ونظامه في أول انتخابات رئاسية أو برلمانية، ناهيك عن السعي نحو مغازلة المؤسسة العسكرية عبر توكيلات مشهرة للانقلاب علي الحكم،أيهما أقرب، دون أن نغفل وجود بعض أخطاء في الممارسة السياسية لدي مؤسسة الرئاسة، و دون أن ننسي أيضا تغذية بعض الفضائيات برموز النخب إياها لتنشيط دورة الترحم علي زمن الرئيس السابق!! من حق جبهة الإنقاذ بالطبع ومعها الشعب وكل القوي السياسية والوطنية، أن تطالب مؤسسة الرئاسة بضمانات لعدم استئثار النظام الحاكم وسلطتيه التنفيذية والتشريعية بالاستحواذ وعدم نزاهة الانتخابات البرلمانية المقبلة، ومن حقهم ضمان مراقبة فاعلة من منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام.، أو حتي الرقابة الدولية لمنظمات مدنية وحقوقية لكن ليس من حق كل هؤلاء وضع شروط مسبقة للمشاركة، مثل حتمية تغيير الحكومة واستبدالها بما وصفوه بالحكومة المحايدة، أو بتعيين نائب عام وفقاً للاجراءات الدستورية في إشارة إلي الطعن في نزاهة حكومة الدكتور هشام قنديل، أو المطالبة علي حد مطالبهم. أ قولها بصراحة: إذا كانت الانقاذ جاهزة وعلي ثقة من وجود رصيد لها بالشارع السياسي ، فلتتمسك بحقها في التغيير وتداول السلطة من خلال الاعلان الرسمي بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، أما إذا كانت تناور سياسياً - وأظنها كذلك_- لقناعتها بعدم امتلاكها مقومات التغيير الشرعية عبر صندوق الانتخابات ، فلترح نفسها ولترحنا من اللهث وراء شروطها القديمة حين تجدها ذريعة أو كما نقول حجة لمسح التختة !! This e-mail address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it