يبدو أن الأيام الأخيرة لحكومة الدكتور الببلاوى بدأت وانها الآن فى حالة الموت الأكلينكى.. ليس بسبب الأزمة الأخيرة لاستقالة طاهر أبو زيد والتخبط فى معالجتها ولكن بصراحة منذ تشكيلها وهى تتعثر وإذا كان هناك ثلاثة وزراء قد يرى البعض أنهم الأفضل إلا أن الكثيرين منهم ومن خلال ممارساتهم وتصريحاتهم أيضاً تكشف أنها وزارة لا تجيد إلا الكلام أو «نظرية» لو أردنا دقة التوصيف.. فالملف السياسى للأزمة لم تنجح فى التعامل معه سواء على المستويين الداخلى والخارجى وكانت تصرفات الحكومة كلها تصب فى رد الفعل ولم تكن لها رؤية واضحة فى مواجهة التحديات وفى مقدمتها حالة الاستقطاب السياسى التى بدأت قبل 30 يونيه وتفاعلت وتفاقمت بعدها نتيجة لتبنيها أهداف جبهة الإنقاذ التى كانت تستهدف تكريس الانقسام السياسى باعتبار أن ذلك يتيح لها الاستحواذ على السلطة والوصول إلى سدة الحكم كما يريد حالياً عدد من قياداتها هذا التوجه مهد الأرض وخصبها للفضائيات التى تنتمى إلى نظام مبارك وكلها تابعة لرجال الأعمال الذين يدافعون عن مصالحهم قبل المصلحة العامة.. حيث قامت بأكبر عملية تجريف للسلام الاجتماعى وتقطيع اللحمة الوطنية ببث الكراهية بين عناصر المجتمع وشيطنة الآخر ولأن ولاءهم لقيادات الحزب الوطنى قاموا بعمليات تشويه لثورة 25 يناير.. وعلى الجانب الآخر تقف الحكومة مرحبة بل مشجعة أحياناً وسعيدة فى كل الوقت لما يحدث.. ولم يكن الملف الاقتصادى أحسن حالاً من «السياسى» بل كان التعامل معه بمنتهى السوء لدرجة أن أى متابع حتى ولو كان اقتصادياً محايداً سيجد صعوبة فى ان يذكر إنجازات حقيقية على أرض الواقع رغم ان هذه الحكومة الإنتقالية كانت أكثر حظاً من سابقيها.. فلقد حصلت على 12 مليار دولار مساعدات ومنحاً من السعودية والإمارات والكويت وتم استهلاكها وكنا نتوقع أن يتراجع عجز الموازنة ويستعيد الجنيه المصرى هيبته أمام الدولار أو على الأقل يحافظ على استقراره وان يتراجع معدل التضخم وينخفض مؤشر البطالة كل ذلك لم يحدث!!.. الأغرب والمثير أن هذه الحكومة التى تعلم علم اليقين ان عمرها لن يتعدى شهوراً قامت بعملية خطيرة للغاية بالتخلص من «تحويشة العمر» أى 9 مليارات دولار «60 مليار جنيه» المعروفة ب «وديعة حرب الخليج» التى حصلت عليها مصر.. لقد قامت الحكومة بتسييلها أو فكها تحت دعوى برنامج تحفيز الاقتصاد على مرحلتين كما أعلنت أنها صرف مليار جنيه لتقليل السحب على المكشوف من أجل السيطرة على عجز الموازنة.. وهنا نتساءل.. ما النتيجة الحقيقية؟! العجز يكاد يكون كما هو حيث يقدره الخبراء وبعض الإحصائيات ب 200 مليار جنيه.. كما أن عمليات طرح أذون الخزانة مستمرة وبمعدلات أعلى من ذى قبل!!. أما الثلاثين مليار الأخرى كما يقول أحمد جلال وزير المالية ذهب ثلثها أى 10 مليارات على البنية الأساسية رغم أن الوزير لم يذكر هذه المشروعات فى حديثه للزميلة أخبار اليوم إلا أننا سوف نسلم بذلك.. أما الباقى فسيتم صرفه على الحد الأدنى للأجور هذا ما أكده الدكتور جلال.. وهنا تسأل: أين الاستثمارات الجديدة التى تفتح آفاقاً فرص عمل أمام العاطلين حيث أصبح كل بيت فيه عاطل وأكثر؟!. للأسف المساحة لا تكفى فى أن نزيد ونكشف بالأرقام عن الممارسات العبثية لحكومة الببلاوى لقد أهدرت 21 مليار دولار دون التوظيف الرشيد والسليم رغم أنها تعلم أنها «انتقالية» لتأتى الحكومة المقبلة بل الرئيس القادم ليتحمل مشكلات بالجملة ولا أملك إلا أن أقول هنا ربنا يستر على البلد.