أكد الباحث الأثرى سامح الزهار، المتخصص فى الآثار الإسلامية والقبطية، أن "الهجرة النبوية الشريفة حدث تاريخي لا يضاهيه حدث، حيث رسخت للفصل بين الحق والباطل، وجسدت بين طياتها كل معاني الصبر والتضحية والثبات على المبدأ، كما تعد الحد الفاصل بين عوائد المجتمع الجاهلي ونظامه وتأسيس دولة الإسلام بالمدينة المنورة". وقال الزهار - فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط - إن "هجرة الرسول كانت في العام الثالث عشر من بعثة النبي (صلى الله عليه وسلم) في يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول (624م) وكان عمرالرسول وقتها 53 عاما". وأوضح أن "العمل بالتاريخ الهجري بدأ في شهر ربيع الأول سنة 16 ه، في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وذلك بسبب خطاب أبى موسى إلى الخطاب، والذى قال فيه "إنه يأتينا من قبل أمير المؤمنين كتب لا ندري على أيها نعمل، قد قرأنا صكا منه محله شعبان، فما ندري أي الشعبانين الماضي أم الآتي". وأضاف أنه "من هنا جاءت فكرة التقويم الهجرى، حيث عمل عمر بن الخطاب على كتابة التاريخ، وأراد أن يجعل أوله شهر رمضان، فرأى أنه بذلك ستقع الأشهر الحرم خلال عامين فجعله من المحرم، لتجتمع كلها في سنة واحدة". وأكد الباحث الأثرى أن "الهجرة النبوية تعد كفكر وأسلوب ومنهج، درسا عظيما من دروس السيرة النبوية، أوضحت واجب المسلم بالالتزام بالدين قبل الطين والعقيدة قبل المصلحة الشخصية والعزيمة قبل الرخصة والتضحية بالنفس والمال والأهل والولد في سبيل الله، ونصرة دينه، وإعلاء كلمته، وإقامة حكمه، وإن متاع الدنيا وأموالها وزينتها لا تساوي شيئًا أمام عقيدة التوحيد وأوامره". وذكر أنه "من أهم الدروس المستفادة من الهجرة النبوية الشريفة الاعتماد على الله والأخذ بالأسباب والأمل والثقة في النصر فلم يفقد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) روح الأمل في أي لحظة من لحظات حياته، حتى في هذه الرحلة وهو يخرج من مكة و لا يأمن على حياته ولا على حياة أصحابه، إلى جانب حرص رسول الله على الصحبة في كل مراحل حياته وفي كل خطوات دعوته". وأشار إلى أن "الرسول (صلى الله عليه وسلم) أثبت للعالم أجمع، من خلال رحلة الهجرة، أنه القائد القدوة، حيث أوضح في هذه الرحلة كيف أن القائد العظيم كان يعيش معاناة شعبه، يهاجر كما يهاجرون، ويطارد كما يطاردون يعيش معهم حياتهم بكل ما فيها من آلام وتضحيات"، مؤكدا أنه "من أهم الدروس التى تركها لنا الرسول من الهجرة أيضا درس الدعوة في كل مكان وزمان فكانت الدعوة في قلب رسول الله لا يضيع فرصة ولا يرتبط بظرف، يدعو كل من يستطيع، وعاونه على ذلك أصحابه وبذله فى ذلك الكثير من التضحيات". وأوضح أن "من أعمق الدروس المستفادة من الهجرة النبوية هو جهد الداعية مع أهل بيته وعشيرته، حيث كشفت لنا قصة الهجرة كيف استعمل أبو بكر الصديق "رضى الله عنه" عائلته كلها في سبيل الله فقد جند للدعوه ابنه عبد الله وابنته أسماء واستعمل عامر بن فهيرة مولاه في إخفاء آثار الأقدام، مما يعكس شدة حب الصديق "رضى الله عنه" لله ورسوله (صلى الله عليه وسلم) واستعداده للعمل تحت أي ظرف وفي كل زمان ومكان لخدمة القضية ونصرة دين الله".