في ظل تضاؤل الآمال لاطلاقٍ قريب لسراحهم، لا يجد الاسرى الفلسطينيون في السجون الاسرائيلية سوى التمسك بقشة الأحلام كمخرجٍ لهم من واقعهم المأساوي، من ذلك حلم استثمار العلم من أجل تحقيق أمانيهم بانجاب أطفال لحفظ أنسالهم خارج القضبان حيث يعد "التلقيح الصناعي" أحد السبل لذلك. ومع هذا التطور العلمي الحديث أصبح المستحيل ممكنا ، فقد تحدى الأسرى الفلسطينيون الاحتلال الإسرائيلي من خلف قضبان السجون، وقاموا بتهريب " الحيوانات المنوية" إلى زوجاتهم بهدف الإنجاب عبر تقنية "أطفال الأنابيب"، وحيث نجد أن هناك أربعة من زوجات الأسرى في الضفة الغربية "حوامل" الآن بهذه الطريقة، ليثبتوا للعالم كيف يكون صمود وتحدي الشعب الفلسطيني.
وكان الأسير عمار الزبن 38 عاما من بلدة ميثلون في شمال الضفة الغربية، والمحكوم 27 مؤبدا إضافة إلى 25 عاما، هو أول أسير فلسطيني، ينجح في تهريب عينة من حيواناته المنوية، بطريقة بدائية، إلى زوجته دلال الزبن 32 عاما، مما أثمر عن إنجاب طفلهما "مهند" الذي يبلغ من العمر الآن 6 شهور.
الزوجات الأربع خضعن بشكل متفرق لعمليات زراعة الأجنة، في مركز رزان الطبي لأمراض العقم وأطفال الأنابيب في مدينة نابلس، بعد أن جلبن عينات من أزواجهن الأسرى للمركز، وأبدين رغبتهن بالإنجاب.
ويقول الأطباء في المركز انه ليست لديهم مشكلة في أن تحمل هؤلاء النسوة من أزواجهن الأسرى بطريقة "أطفال الأنابيب"، ما دامت كل الشروط والضوابط متوفرة، ويؤكدون أن "العينات وصلت المركز بطريقة سليمة وموثوقة، وبوجود أقارب أشخاص الزوجات والأزواج وموافقتهم".
"سفير الحرية" وقال مدير مركز رزان الدكتور سالم أبو خيزران في تصريحات صحفية، بأنه "بعد تجربة الأسير عمار الزبن الناجحة، نجح عشرات الأسرى الآخرين من مختلف المحافظات، ومن مختلف الفصائل الفلسطينية، في تهريب حيواناتهم المنوية بهدف الإنجاب، أو بهدف تجميدها لدينا، بانتظار الوقت الملائم لإجراء الزراعة".
وأضاف أن "بعض هذه العينات، كانت غير صالحة لأنها لم تخزن بطريقة سليمة، فقمنا بالتخلص منها على الفور، أما الصالح منها فتم استخدامه في عمليات زراعة الأجنة، وقد فشلت بعض محاولات الزراعة، فيما نجحت أخرى، ولدينا الآن 4 حالات ناجحة".
وأشار أبو خيزران إلى أن المركز يحتفظ كذلك، بعينات صالحة أخرى، لأسرى آخرين، تم تجميدها بانتظار أن يقرروا هم الوقت المناسب لزراعتها.
الأطباء في مركز رزان سعداء بهذا الحدث، ويعتبرونه "انجازا وطنيا" تارة، و"شكلا من أشكال الانتصار على الاحتلال" تارة أخرى، لذلك جمع الأطباء، أمس الأربعاء، نساء الأسرى الحوامل، في لقاء صحفي، للإعلان عن حملهن على الملأ، وقد حضرت اللقاء كذلك، دلال الزبن، التي كانت تحمل بين ذراعيها ابنها مهند.
وقال الدكتور نظام نجيب، مدير المستشفى العربي، الذي يعد مركز رزان احد أقسامه، أن مهند هو "سفير الحرية الذي صنع فاصلا للحركة الأسيرة والمجتمع الفلسطيني".
آباء خلف القضبان وبدت ملامح النشوة والفرح على وجوه الزوجات الأربع، وقالت سلام نزال، زوجة الأسير علي نزال من قلقيلية، بأنها حامل الآن في شهرها الثاني. وأضافت أن زوجها محكوم 20 سنة، قضى منها 7 سنوات، ولديها 3 بنات تتراوح أعمارهن بين 6 -10 سنوات. وأعربت نزال عن سعادتها البالغة بحملها موضحة أنها تحمل بمولود ذكر، سيطلقون عليه اسم شريف.
وقالت رماح السيلاوي، زوجة الأسير أسامة السيلاوي، من جنين، أنها حامل الآن بشهرها الثاني، مشيرة إلى أن زوجها محكوم 4 مؤبدات و 55 سنة، وهو معتقل منذ عام 1993.
من ناحيتها، قالت والدة الأسير رأفت القروي، من رام الله، وهي تبكي بان كنتها حامل منذ شهرين؛ وأشارت إلى أن ابنها رأفت، محكوم 15 عاما، قضى منها 7 سنوات، وكان مطاردا لسنوات قبل اعتقاله. وذكرت ان ابنها اعتقل وهو عريس، حيث لم يكن قد مضى على زواجه 6 أشهر.
وذكرت ليديا الريماوي، وهي زوجة الأسير عبد الكريم الريماوي، من رام الله، أنها حامل منذ شهر ونصف، موضحة أن زوجها محكوم 25 سنة.
وأشار الدكتور أبو خيزران، إلى انه سيتم الإعلان في غضون الأيام القادمة، عن المزيد من زوجات الأسرى الحوامل بتقنية "أطفال الأنابيب".
امتيازات لسفاح
وتحظر السلطات الإسرائيلية على الأسرى الفلسطينيين الاختلاء بزوجاتهم، فيما تسمح للسجناء الإسرائيليين بذلك. وأنجب يجال عامير قاتل رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إسحاق رابين، طفله الأول وهو بداخل سجنه، دون أن يضطر لاستخدام تقنية أطفال الأنابيب. حيث اختلي عامير بزوجته في 2006، لمدة عشر ساعات، بعد سلسلة إجراءات قضائية. وتمت الخلوة، في غرفة خاصة، ذات سرير مزدوج واحد، ووضعت في الغرفة مقبلات ومشهيات، لتوفير جو شاعري للزوجين. وقال أميتاي عامير شقيق قاتل رابين "بعون الله سيرزق أخي خلال تسعة أشهر بطفل"، وتأتى تصريحات اميتاي مع تزايد الانتقادات لخطوة السماح لقاتل رابين الاختلاء بزوجته.
وشنت صحيفة "هاآرتس" وقتها هجوما على قرار السماح لعامير بالاختلاء بزوجته، وكتب أحد معلقي الصحيفة تحت عنوان "امتيازات لسفاح" بأنه في السابق سمح لعامير بالزواج، والآن بتخصيب زوجته، وفي المستقبل سيطالب بالخروج لرؤية ابنه المنتظر، وسيسمح له بإجازات، واعتبرت حركة السلام الآن الخلوة الزوجية لعامير بأنها "وصمة عار في جبين الديمقراطية الإسرائيلية". شائعات
من جانبها عقبت سيفان وايزمان المتحدثة باسم مصلحة السجون الإسرائيلية على تقنية أطفال الأنابيب وقالت: "نحن على علم بهذه الشائعات، ولكننا متشككون كثيرا لأنه من أجل نجاح عملية مماثلة يجب القيام بها بسرعة حيث تحتفظ الحيوانات المنوية بصفاتها الإنجابية لوقت قليل جدا".
وأضافت: "حتى النساء اللواتي يأتين للزيارة في السجون ليس لديهن أي اتصال مباشر مع السجناء، كما أنهن مضطرات للمرور عبر حواجز، وأخذ حافلات".
وتابعت: "باختصار إن الطريق إلى المستشفى قد يستغرق وقتا طويلا، وطالما لم يتم إجراء اختبارات للحمض نووي، فنحن نتعامل مع هذه القصص بحذر شديد" .