أكدت المحكمة في حيثيات حكمها ببراءة 3 ضباط قسم " دار السلام " من قتل المتظاهرين انه لما كان الجزاء الجنائي هو اخطر الجزاءات جميعا يصيب الناس في ارواحهم واشخاصهم وأموالهم وكيانهم الادبي ومن سما وجب التزام الحرص الشديد والتحقق الكامل والوصول الى اليقين القضائي الاكيد . واشارت الى ان هذا اليقين يستمد أساسه من اصل البراءة الذي هو اصل من اصول المحاكمات الجنائية ..وهو يضع عبء الاثبات الجنائي على عاتق سلطة الاتهام ..وان الاحكام الجنائية تبنى على الجزم واليقين من الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن او الاحتمال من الفروض او الاعتبارات المجردة .
وكانت المحكمة بما لها من دور ايجابي في تحقيق الدليل في الدعوى الجنائية واتخاذ الاجراءات التي توصلها للحقيقة قد تناولت الدعوى الجنائية الماثلة بجلسات عدة استعدت فيها شهود الاثبات الرئيسيين وغيرهم وناقشتهم في مضمون شهاداتهم وأتاحت ذلك للخصوم في الدعوى وصولا لليقين المتحد ، كما كلفت الفنيين المتخصصين بتفريغ محتويات الاسطوانات المدمجة التي تقدم بها شهود الاثبات والمتهمين وتحتوي على مشاهد لبعض وقائع الدعوى وشاهدتها بنفسها .
وخلصت المحكمة بعض استعراضها لوقائع القضية وما احاط بها من ظروف وملابسات الى عدم الطمأنينة الى صحة الاتهام القائم فيها قبل المتهمين ..بعد ان اختلج وجدانها الشك فيه ، وان كانت اوراق الدعوى قد حملت دلائل مستمدة من اقوال شهود الاثبات و تحقيقات النيابة العامة الا ان هذه الدلائل سرعان ما تبدلت بعد ان تناولتها المحكمة بالتحقيق والفحص ووازت بينها و بين ادلة النفي التي حملتها الاوراق وذلك لاسباب حاصلها اولا انه بينما شهد بعض شهود الاثبات انهم شاهدوا ضباط وامناء شرطة من وحدة مباحث قسم شرطة دار السلام وضباط وجنود من قوة القسم يؤازرهم بعض الاشقياء والمسجلين يطلقون اعيرة نارية بكثافة و بصورة عشوائية على المتظاهرين امام ديوان القسم .
وقال بعضهم انهم شاهدوا من بين هؤلاء الاشخاص المتهمين الماثلين الا انهم عادوا و شهدوا بجلسات المحاكمة التي استمعت فيها المحكمة لاقوالهم انهم لم يبصروا اي من المتهمين يطلق اعيرة نارية على المتظاهرين وانهم لم يعاينوهم بموقع الاحداث امام ديوان القسم وان ما شهدوا به بالتحقيقات كان نقلا عن متظاهرين آخرين لم يسمونهم او يبلغوا المحكمة اسمائهم .
واضافت المحكمة ان باقي شهود الاثبات ال54 الذين ورد ذكرهم بأدلة الثبوت هم في جلهم لم يشهدوا وقائع القتل او الشروع فيه فكان منهم بعض ذوي المجني عليهم والبعض الاخر من الاطباء الذين قاموا بتوقيع الكشف الطبي على المجني عليهم فيما جاءت شهادات المجني عليهم والمصابين قاصرة عن بلوغ حد الكفاية اللازم للادانة اذ قرروا انهم لم يشاهدوا مطلق الاعيرة النارية التي احدثت اصابتهم ولا يعلمون شخص مطلقها او الاسلحة التي استخدموها .
كما لم يكشف استعراض المحكمة لتقرير خبير المصنفات الفنية عن سمة دليل اثبات او نفي و كل ما اظهره عرض تلك الاسطوانات ومشاهدتها بمعرفة المحكمة مظاهرة سلمية في النهار وعمليات كر وفر ليلا امام قسم شرطة دار السلام بين فريقين احدهما يقف امام ديوان القسم تحت اضواء الطريق العام والاخر يقف بالقرب منه في منطقة مظلمة يتبادلون القاء اشياء ومواد حارقة وسط اصوات متداخلة واطلاق الاعيرة النارية يتدرج بين الكثافة والفردية ولا يظهر مطلق تلك الاعيرة ومن اي اتجهات اطلقت ..كما لم يظهر من خلاله ايضا اي من المتهمين الماثلين بموقع الاحداث ..واحتوت المشاهد اثار الاعتداء على القسم من تكسير الخشب والحوائط وآثار حرائق داخل القسم و خارجة و اشخاص يحملون متاع و منقولات خارجين من ديوان القسم و احتراق احدى سيارات الشرطة.