انتخابات مجلس النواب 2025| الأحزاب على خط النار.. متابعة دقيقة وغرف عمليات مفتوحة    سعر الذهب اليوم الخميس 13-11-2025 بالصاغة.. عيار 21 بكام الآن بعد آخر ارتفاع؟    الأمطار تُغرق بورسعيد والمحافظة تواصل جهودها لشفط المياه.. صور    المؤرخ الألماني يورجن تسيمرر ل«آخرساعة»: نفرتيتي ليست ملكًا ل«برلين»| حوار    خلال ساعات، ترامب يوقع على مشروع قانون لإنهاء الإغلاق الحكومي    مجلس النواب ينهى أطول إغلاق حكومى فى تاريخ أمريكا    قانون يكرّس الدولة البوليسية .."الإجراءات الجنائية": تقنين القمع باسم العدالة وبدائل شكلية للحبس الاحتياطي    حبس المتهمين بسرقة معدات تصوير من شركة في عابدين    نجم الزمالك السابق: «لو مكان مرتجي هقول ل زيزو عيب».. وأيمن عبدالعزيز يرد: «ميقدرش يعمل كده»    بسنت النبراوي تتألق على السجادة الحمراء في افتتاح الدورة ال46 من مهرجان القاهرة السينمائي    من «رأس الحكمة» إلى «علم الروم».. مصر قبلة الاستثمار    حبس المتهم بقتل زوجته فى المنوفية بسبب خلافات زوجية    حبس شخصين لقيامهما بترهيب وفرض إتاوات على ملاك وحدات سكنية بالقطامية    مؤتمر المناخ COP30.. العالم يجتمع في قلب «الأمازون» لإنقاذ كوكب الأرض    احسب إجازاتك.. تعرف على موعد العطلات الدينية والرسمية في 2026    «السك الأخير».. إنهاء عملة «السنت» رسميًا بعد 232 عامًا من التداول    «لو أنت ذكي ولمّاح».. اعثر على الشبح في 6 ثوانِ    القيادة المركزية الأمريكية: نفذنا 22 عملية أمنية ضد "داعش" طوال الشهر الماضي    إعلام: زيلينسكي وأجهزة مكافحة الفساد الأوكرانية على شفا الحرب    التفاف على توصيات الأمم المتحدة .. السيسي يصدّق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    أبوريدة: متفائل بمنتخب مصر فى أمم أفريقيا والوقت لا يسمح بوديات بعد نيجيريا    نقابة الموسيقيين تنفى إقامة عزاء للمطرب الراحل إسماعيل الليثى    انطلاق معسكر فيفا لحكام الدوري الممتاز بمشروع الهدف 15 نوفمبر    المستشار بنداري: أشكر وسائل الإعلام على صدق تغطية انتخابات نواب 2025    عماد الدين حسين: إقبال كبير في دوائر المرشحين البارزين    وزير المالية السابق: 2026 سيكون عام شعور المواطن باستقرار الأسعار والانخفاض التدريجي    الاحتلال الإسرائيلي يشن سلسلة اقتحامات وعمليات نسف في الضفة الغربية وقطاع غزة    أمطار تضرب الإسكندرية بالتزامن مع بدء نوة المكنسة (صور)    قرارات جديدة بشأن مصرع وإصابة 7 في حادث منشأة القناطر    مرور الإسكندرية يواصل حملاته لضبط المخالفات بجميع أنحاء المحافظة    واشنطن تدعو لتحرك دولي عاجل لوقف إمدادات السلاح لقوات الدعم السريع    وزير الإسكان: بدء التسجيل عبر منصة "مصر العقارية" لطرح 25 ألف وحدة سكنية    فرصة مميزة للمعلمين 2025.. التقديم الآن علي اعتماد المراكز التدريبية لدى الأكاديمية المهنية    بتروجت: اتفاق ثلاثي مع الزمالك وحمدان لانتقاله في يناير ولكن.. وحقيقة عرض الأهلي    الإنتاج الحربي يلتقي أسوان في الجولة ال 12 بدوري المحترفين    محمد صبحي يطالب أدمن صفحته بإحياء ذكرى زواجه ال52    فيفي عبده تبارك ل مي عز الدين زواجها.. والأخيرة ترد: «الله يبارك فيكي يا ماما»    يقضي على ذاكرتك.. أهم أضرار استخدام الشاشات لفترات طويلة    عقار تجريبي جديد من نوفارتيس يُظهر فعالية واعدة ضد الملاريا    طريقة عمل فتة الحمص بالزبادي والثوم، أكلة شامية سهلة وسريعة    النيابة العامة تخصص جزء من رسوم خدماتها الرقمية لصالح مستشفى سرطان الأطفال    أسعار السمك البلطي والكابوريا والجمبري بالأسواق اليوم الخميس 13 نوفمبر 3035    ممثل المجموعة العربية بصندوق النقد الدولي: مصر لا تحتاج لتحريك سعر الوقود لمدة عام    إذا قالت صدقت.. كيف تتمسك مصر بملفات أمنها القومي وحماية استقرار المنطقة؟.. من سرت والجفرة خط أحمر إلى إفشال محاولات تفكيك السودان وتهجير أهالي غزة .. دور القاهرة حاسم في ضبط التوازنات الإقليمية    ترامب يحمل «جين تاتشر» وكيندي استخدم مرتبة صلبة.. عادات نوم غريبة لرؤساء أمريكا    خبير لوائح: قرارات لجنة الانضباط «تهريج».. ولا يوجد نص يعاقب زيزو    محمود فوزي ل"من مصر": قانون الإجراءات الجنائية زوّد بدائل الحبس الاحتياطي    تأكيد لليوم السابع.. اتحاد الكرة يعلن حرية انتقال اللاعبين الهواة بدون قيود    حيثيات حبس البلوجر «سوزي الأردنية»: «الحرية لا تعني الانفلات»    «يتميز بالانضباط التكتيكي».. نجم الأهلي السابق يتغنى ب طاهر محمد طاهر    قد يؤدي إلى العمى.. أعراض وأسباب التراكوما بعد القضاء على المرض في مصر    مقرمش جدا من بره.. أفضل طريقة لقلي السمك بدون نقطة زيت    شريف عامر: قانون الإجراءات الجنائية الجديد أحد أهم القوانين على مستوى العالم    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حيثيات أول حكم إدانة ضد قتلة المتظاهرين
القاضى يحمّل الشرطة بأكملها مسئولية أحداث العنف التى شهدتها البلاد.. والمتهمون لم يكونوا فى حالة دفاع شرعى عن النفس لان الضحايا كانوا عزلا
نشر في الوطن يوم 25 - 05 - 2012

حصلت «الوطن» على مذكرة بأسباب الحكم الذى أصدرته محكمة جنايات الجيزة برئاسة المستشار محمد فهيم درويش -الثلاثاء الماضى- بالسجن المشدد 10 سنوات على 5 أمناء وأفراد شرطة، وبراءة 10 ضباط وحبس اثنين آخرين سنة مع إيقاف التنفيذ، لإدانتهم بقتل 6 وإصابة 17 من المتظاهرين السلميين يومى 28 و29 يناير العام الماضى خلال أحداث ثورة يناير، أمام أقسام شرطة بولاق الدكرور وأبوالنمرس والحوامدية ومركز الجيزة والبدرشين.
قالت المحكمة فى أسباب حكمها: «إن وقائع الدعوى حسبما استقر فى يقين المحكمة واطمأن إليه وجدانها، وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بالجلسات، تتلخص فى أن الشعب المصرى قد أصابه الغضب الشديد نتيجة تردى الأحوال الاقتصادية والفساد الكبير الذى استشرى فى البلاد على مدى ثلاثة عقود عجاف، وقد أشعل فتيل الغضب أسلوب التعامل الأمنى والقمع الذى تمارسه الشرطة تجاه المواطنين فى ظل قانون الطوارئ، وما يرتكب من انتهاك لحقوق الإنسانية الذى يتمثل فى طريقة القبض والحبس والقتل والتعذيب داخل أقسام الشرطة وتقييد للحريات».
وأضاف القاضى أنه بالإضافة لما سبق، فإن نتيجة الانتخابات التشريعية لمجلسى الشعب والشورى عام 2010 وحصول الحزب الحاكم على 97% من مقاعد المجلس، أصاب المواطنين بالإحباط، واصفا الانتخابات بالمزورة لأنها تناقض الواقع فى الشارع المصرى، وفى هذه الأثناء اندلعت الثورة التونسية فى 18/12/2010 تضامنا مع «محمد البوعزيزى» الذى أضرم النار فى نفسه، وهى التى أطلقت شرارة الثورات العربية، وكان النظام البائد قد سعى حثيثا نحو تكريس الحكم وتوريثه، إذ تجاهل النظام المطالب العادلة للشعب، وهو ما دفع المعارضة لتنظيم مسيرات سلمية للاحتجاج على تلك الأوضاع، وسرعان ما تحولت تلك المظاهرات إلى ثورة شعبية عارمة.
وبدلا من أن تقوم الشرطة بتأمين تلك المظاهرات السلمية، وتأمين المنشآت، سعت إلى محاولة إخمادها وقمعها بكل الوسائل لحماية النظام فتعاملت مع المتظاهرين بالقوة والعنف غير المبرر ترويعا لهم فى محاولة يائسة لمنع الحشود الغفيرة من التظاهر، وأن المتهمين من الأول وحتى الخامس وجهت إليهم الاتهامات، حيث قام المتهم أحمد عطية على خلاف باعتلاء سطح مسكنه المطل على مكان الحادث والمجاور لمقر عمله مدججا بالسلاح كما وقف بقية المتهمين حاملين بنادقهم وأسلحتهم وقد أطلقوا وابلا من الرصاص الحى والخرطوش على المحتشدين أمام المركز قاصدين منع هتافاتهم وفض تظاهرهم أيا ما كانت النتائج متذرعين بعدم انصياع المتظاهرين للأمر، فأحدثوا بالمجنى عليه ياسر فتوح العيسوى الإصابة الموصوفة بالتقارير الطبية والتى أودت بحياته.
واقترنت بتلك الجناية قبلها وتقدمتها العديد من الجنايات الأخرى وهى أنه فى ذات الزمان والمكان شرعوا وآخرين من قوات مركز شرطة أبوالنمرس فى قتل رضا محمد حسن وجمعة أحمد إسماعيل.
وقالت المحكمة إنه قام الدليل على صحة إسناد تلك الوقائع إلى المتهمين من أقوال الشهود وعددهم 8 شهود إثبات بالإضافة إلى التقارير الطبية والشرعية الخاصة بالمجنى عليهم، وأوضحت أن أقوال كل الشهود أشارت إلى أن المتهمين ارتكبوا الجرائم يوم 29 يناير 2011 أثناء المظاهرات أمام مركز شرطة أبوالنمرس، وقال أحد المتهمين للمتظاهرين وهو المتهم أحمد عيد أثناء إطلاقه النار من أعلى سطح منزله «انتوا يا فلاحين بتعملوا مظاهرات؟»، وأن هناك جرائم ارتكبت يوم 28 يناير الساعة السادسة والنصف مساء، بينما شهد رضا محمد حسن بأنه أصيب بطلق نارى أثناء مروره من أمام مركز أبوالنمرس وفقد إبصاره بالعين اليمنى.
وأكدت المحكمة أن دفاع المتهمين، طالب ببراءتهم لانتفاء صلة بعضهم بالواقعة وشيوع الاتهام وتوافر حالة الدفاع الشرعى عن النفس وتناقض أقوال الشهود، وحيث إن النيابة العامة أكدت أن المظاهرات التى شهدتها البلاد اتسمت بالسلمية وتجمعت فى ميدان التحرير وتم تفريقها بالقوة والعنف وواصل المحتجون مظاهراتهم صباح اليوم التالى فقوبلوا بطلقات الخرطوش لحملهم على التفرق وهو ما تسبب فى وفاة بعضهم وإصابة البعض الآخر، وأن المتهمين بيتوا النية لمنع المظاهرات وراقبوا تحركات المجنى عليهم ومسيراتهم وأماكن خروجها ورصدوا أعداد المتظاهرين، وأن حظ المتهمين العاثر قادهم إلى مرور المتظاهرين من أمام مقار الشرطة فأمطروهم بوابل من الرصاص دون أن يفرقوا بين كبير وصغير، أو رجل وامرأة، وأنه لم يسلم من الرصاص من كان فى منزله أو متجره أو عابرا.
وأضافت أن جميع الشهود أكدوا أن قوات الشرطة هى من بدأت بالاعتداء على المتظاهرين وأطلقت الرصاص عليهم، وأنه ثبت أن قتل وإصابة المجنى عليهم وقع قبل اقتحام مركز شرطة أبوالنمرس، وهو ما أكده مأمور المركز بأن الاقتحام وقع فى الثامنة مساء بينما كانت الإصابات منذ صلاة الجمعة من نفس اليوم، وأن إطلاق الرصاص فى أجساد المجنى عليهم كان فى أماكن قاتلة، وبالمخالفة لتعليمات قانون الشرطة.
وقالت المحكمة: إن دفع المتهمين بأنهم كانوا فى حالة دفاع عن النفس مردود، بأنه يلزم لحالة الدفاع الشرعى أن يتم استعمال القوة والعنف اللازم لرد أى اعتداء على نفس المدافع أو عن غيره، وأنه يلزم أن يكون قد صدر فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم، إلا أنه ثبت أن تسلسل الأحداث فى القضية لاينم من قريب أو من بعيد عن وقوع اعتداء على نفس المتهمين أو مقر مركز الشرطة، كما لم يصدر من أحد من المجنى عليهم أى فعل يخشى المتهمون منه على وقوع جريمة يجوز فيها الدفاع عن النفس، بالإضافة إلى أن المتهمين كانوا عزّلا يسيرون فى مظاهرة سلمية يهتفون بإسقاط النظام.
وأضافت المحكمة أن وجود المتهمين فى مسرح الجريمة حاملين الأسلحة النارية وإطلاق الأعيرة النارية على المجنى عليهم، من شأنه أن يرشح بقيام مساهمتهم مع الآخرين فى قتل المجنى عليه «ياسر فتوح» ولو لم يكن معلوما أو معنيا بالذات لمطلق العيار الذى أودى بحياته، وأنه ثبت للمحكمة أن اتفاقا من الجناة على مهاجمة جمع من الأشخاص كان يشارك فى تظاهرة سلمية أو عابرا أمام مقر الشرطة تهيؤهم قبل الاعتداء بالعداء والسلاح وسعيهم إلى مكان المجنى عليهم، واعتلاء أسطح المبانى لدقة التصويب ووجود صلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعا وجهة واحدة فى تنفيذها، ومن ثم فإن المتهمين فاعلون أصليون فيما ارتكب من جنايات القتل العمد والشروع فيه.
وقالت المحكمة إنه من جميع ما تقدم يكون قد ثبت فى يقين المحكمة واستقر فى وجدانها وارتاح ضميرها إلى أن المتهمين أحمد إبراهيم شيخون، ومحمود محمد حميدة والحسينى حجازى على وفريد شوقى إبراهيم وأحمد عيد على خلاف، قتلوا المجنى عليه المذكور وشرعوا فى قتل آخرين، قاصدين قتلهم.
وبالنسبة للمتهمين الثامن والتاسع ممدوح عبدالباقى وأحمد مبروك، فإن المجنى عليه مصطفى محمد أحمد أبوزيد كان يمارس لعبة كرة القدم فى فناء مدرسة أحمد عرابى أمام مركزى شرطة البدرشين وسمع هتاف المتظاهرين وخرج لاستطلاع الأمر فشاهد قوات الشرطة تطلق وابلا من الرصاص على المتظاهرين، فأصابت إحداها المجنى عليه، كما تقدمت الجناية وتلتها جنايات أخرى هى الشروع فى قتل المجنى عليهم محمد إسماعيل رمضان وأحمد رجب ومحمود حسن وياسر حربى ومحمد حنفى، وقالت المحكمة إن الاتهامات ثبتت من أقوال الشهود وهم 8 شهود إثبات أيضا، من بينهم زملاء المجنى عليه الذين كانوا يلعبون الكرة بفناء المدرسة.
وأشارت المحكمة إلى أنها طلبت بجلسة 18/2/2011 سماع شهادة رئيس المخابرات العامة عن الأحداث التى وقعت يومى 28 و29 يناير 2011، فورد كتاب من المخابرات بتاريخ 8/3/2011 بأن اللواء مراد موافى لم يكن تولى المنصب وقتها، ورد أمين عام المخابرات فى 1/4/2011 بأن هيئة الأمن القومى ليس لديها معلومات عن الأحداث التى وقعت أمام أقسام الشرطة.
وتابعت المحكمة: إن هيئة الأمن القومى ليس لديها معلومات عن الأحداث التى وقعت أمام أقسام شرطة بولاق الدكرور ومركز الجيزة والبدرشين والحوامدية وأبوالنمرس.
وقالت إن دفاع المتهمين تمسك بأنهما كانا فى حالة دفاع عن النفس حيث قال المتهم ممدوح عبدالباقى، مأمور مركز شرطة البدرشين، إنه فوجئ أثناء وجوده بمركز الشرطة مقر عمله بالمواطنين يقذفون الحجارة والمولوتوف والأعيرة النارية يوم 28 يناير، فتعاملت قوات الأمن المركزى معهم بالقنابل المسيلة للدموع ثم إطلاق الأعيرة النارية فى الهواء حتى انصرفوا، وفى الساعة الخامسة من اليوم التالى وصل إلى علمه احتشاد عدد كبير لاقتحام وحرق المركز بسبب وفاة أحد المتظاهرين بعد دفنه، وحضروا الساعة 12 ظهرا ورشقوا الحجارة والمولوتوف فاضطرت القوات لإطلاق النار فى الهواء لتهديدهم الأمر الذى أدى لاقتحام القسم وتهريب المساجين.
بينما أنكر المتهم أحمد محمد مبروك، رئيس مباحث البدرشين، ما أسند إليه وأضاف أن استخدام القنابل المسيلة للدموع فشل فى تفريق المتظاهرين وحدثت إصابته فى قدمه اليمنى وتوجه إلى قرية المريوطية لتلقى العلاج وقدم أسطوانات مدمجة عليها مشاهد من يوم 29 يناير، وتمسك دفاعهما بأن جميع الشهود أجمعوا على أنهما ليسا فاعلين أصليين وأن الواقعة المنسوبة إليهما نسبت من قبل النيابة العامة ضد مجهول.
ورأت المحكمة أن تقدير حالة الدفاع عن النفس هى مسألة اعتبارية تقدر حسب الظروف والحالة النفسية للمتهمين، وتجعله فى حالة حرجة وحقيقة تتطلب منه معالجة موقفه على الفور والخروج من المأزق مما لا يصح معه محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ المتزن الذى كان يتصرف وقتئذ وهو محفوف بتلك المخاطر والملابسات.
وعلى الرغم من ذلك فإن القانون يوجب أن يرد المدافع عن نفسه بالقوة اللازمة التى تتناسب لرد الاعتداء عليه، وأن المتهمين تجاوزا هذا الحق فى الدفاع الشرعى عن النفس، وأن ذلك لا يعفيهما من العقاب عليه، لا سيما أن القانون وضع قيودا لاستخدام الأسلحة النارية فى التعامل مع التجمهر أو التظاهر تقوم على قواعد التدرج، إلا أنهما فى ظل تلك الظروف والمخاطر كانا محقان فيما خالط نفسيهما واعتقداه وما بدر منهما للحيلولة دون الاعتداء عليهما، لكن كان الرد بقوة لا تتناسب مع الاعتداء، وقالت المحكمة إنهما قتلا مع آخرين المجنى عليه مصطفى محمد أحمد أبوزيد عمدا وشرعا مع آخرين فى قتل آخرين خلال الأحداث.
وذكرت أسباب الحكم أن المحكمة رأت أن تأخذ المتهمين بقسط من الرأفة إعمالا للمادتين 17 و251 من قانون العقوبات، وأنها ترى أنهما لن يعودا مستقبلا إلى مخالفة القانون أو استخدام السلاح على نحو مفرط الأمر الذى ترى به المحكمة إيقاف تنفيذ العقوبة المقضى بها عملا بالمادتين 55/1، 56 من قانون العقوبات.
وقالت المحكمة إن المتهمين من الأول إلى السادس وهم هانى شعراوى والمعتصم بالله عبدالعال وعمرو محمد فاروق وعبده عمران ورضا عبدالعزيز الشيخ وأحمد بكرى من قوات قسم شرطة بولاق الدكرور، قتلوا المجنى عليه هشام فكرى معوض عمدا، وشرعوا فى قتل آخرين، وثبتت صحة الاتهامات من شهادة 56 شاهدا أكدوا فى التحقيقات أنهم ارتكبوا الجرائم المنسوبة إليهم، إلا أن المحكمة أكدت أنه على الرغم من كل تلك الأعداد من القتلى والمصابين فإنها لم ترَ فى الدعوى ثمة شهود رؤية شاهدوا المتهمين أو صورا صوتية أو مرئية لأى منهم عند ارتكابهم الجرائم، وأن معظم الشهود وجهوا سهام الاتهام للمتهمين بناء على السماع، وعن باعث الكيد والانتقام من رجال الشرطة بسبب أسلوب تعاملهم مع المواطنين، ولمعرفتهم المسبقة بهم.
وأضافت أسباب الحكم ببراءة المتهمين أن أقوال الشهود بها الكثير من التضارب والتناقض فى أعداد المتهمين ووصف ملابسهم وأنواع الأسلحة التى كانت معهم، بينما تراجع عدد كبير منهم خلال القضية عن أقوالهم بالاتهام المباشر للمتهمين، بالإضافة إلى أن تقارير تحريات الأمن العام بتاريخ 25/5/2011 ذكرت أن عددا من الخارجين على القانون والعناصر الإجرامية، والتيارات السياسية المختلفة، اندسوا وسط المتظاهرين وأحرقوا واعتدوا على قوات الشرطة وأحرقوا الأقسام وسيارات الشرطة وأطلقوا الرصاص عليهم، وأكدت المحكمة أنها لم تطمئن لأقوال الشهود فى واقعة وفاة المجنى عليها مهر خليل زكى، لتناقضها مع وقائع الدعوى، حيث قال الشهود إن المتهمين أطلقوا عليها الرصاص من أعلى القسم وهى كانت على سطح منزلها وبالمعاينة تبين أن سطحها يعلو سطح القسم بحوالى مترين، بينما يفصل بين المبنيين كوبرى وهو ما يجعل الرؤية مستحيلة من القسم لمنزل المجنى عليها، بالإضافة إلى العشوائية وشيوع الاتهام حيث كان يوجد المئات من جنود الأمن المركزى يحمون قسم الشرطة.
وأكدت المحكمة أن المتهمين المبرّئين كانوا فى حالة دفاع شرعى عن النفس وهو الأمر الذى أكدته التقارير وما رواه شهود الإثبات والنفى، وأن المتهمين كانوا محفوفين بالمخاطر واحتموا بسطح القسم عند تعرضهم للهجوم بقنابل المولوتوف والرصاص والخرطوش، كما اتضح من الصور الفوتوغرافية والأسطوانات المدمجة، وأن إطلاق الرصاص كان بصورة عشوائية من الجانبين.
أضافت المحكمة: «لأن الأحكام تبنى على الجزم واليقين، فإن ما نسب إلى المتهمين يكون على غير سند من الواقع والقانون ويتعين براءتهم مما نسب إليهم عملا بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية».
قالت المحكمة فى توصياتها حول القضية إن الدفاع عن المتهمين من الأول إلى السادس، كان قد طلب سماع شهادة رئيس المخابرات السابق فى شأن الإدلاء بمعلوماته بشأن وقائع هذه القضية وما تعرضت له البلاد قبيل وأثناء أحداث الثورة والتى وردت بتصريحه فى جريدة الأهرام المودعة ملف الدعوى، بأن الجهاز كانت لديه معلومات حول الأحداث التى أدت إلى ثورة يناير وأنه قام بعرضها على رئيس الدولة السابق إلا أن الأخير قام بتجاهل هذه المعلومات عن عمد مما عجل بالثورة، وأن المحكمة طلبت حضور الرئيس السابق للمخابرات إلا أنه اعتذر كتابيا وقال إنه ليس لديه معلومات عن القضية وأحداث 28 و29 يناير.
وأكدت المحكمة أن جهاز المخابرات لا يجب أن يقصر معلوماته التى تخص الأمن القومى على رئيس الدولة وأن يخبر بها الشعب من خلال مجلس أمن قومى مشكل من وزارة الدفاع والداخلية والأمن الوطنى، وممثلين عن الشعب، وقالت المحكمة إنه كان يجب تعديل قانون المخابرات العامة رقم 100 لسنة 1971 بما يتلاءم مع الأوضاع الجديدة فى الدولة (الجمهورية الثانية) لحماية الشعب مما قد يتعرض له من أى أذى.
وأضافت المحكمة أن الضمير الإنسانى يرفض جميع الأعمال التعسفية واستخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين المطالبين بحقوقهم المشروعة بطريق سلمى ولهذا فإن المحكمة تهيب بجهاز الشرطة أن يبدأ عصرا جديدا تصان فيه الحقوق والحريات كافة، تنتهج فيه الوسائل القانونية السلمية فى التعامل مع المواطنين الشرفاء وأن يتم تنفيذ القانون فى إطار الشرعية والدستور وهو ما يوجب إعادة النظر فى قانون الشرطة والتعليمات المنظمة لاستعمال السلاح وفقا للمعايير الدولية السارية فى هذا الشأن.
وناشدت المحكمة المشرع أن يسارع فى إجراءات سن القوانين التى تكفل حق التظاهر السلمى فى المجتمع لسد الفراغ التشريعى الذى جعل بعض الخارجين على القانون والعناصر الإجرامية يندسون داخل المظاهرات ووسط المتظاهرين وارتكاب أعمال إجرامية وتخريب المنشآت الشرطية وتعطيل المواصلات العامة وقطع الطرق العامة والاعتداء على رجال الأمن والنظام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.