وظيفة قيادية شاغرة في مصلحة الجمارك المصرية.. تعرف على شروط التقديم    تبدأ 22 مايو.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 للصف الثالث الابتدائي في القاهرة    البابا تواضروس الثاني يستقبل وكيل أبروشية الأرثوذكس الرومانيين في صربيا    «القومي للمرأة» ينظم ورشة عمل تفاعلية لخريجات برنامج «المرأة تقود»    مجدي البدوي: عمال مصر رجال المرحلة.. والتحديات لا تُحسم إلا بسواعدهم    توريد 89 ألف طن من القمح إلى شون وصوامع سوهاج    «العمل» تطلق حزمة برامج تدريبية لتطوير قدرات العاملين    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    فيديو.. خالد أبو بكر للحكومة: مفيش فسخ لعقود الإيجار القديم.. بتقلقوا الناس ليه؟!    هبوط مؤشرات البورصة بختام تعاملات الأربعاء بضغوط مبيعات أجنبية    مدبولي يُكلف الوزراء المعنيين بتنفيذ توجيهات الرئيس خلال احتفالية عيد العمال    طلعت مصطفى تعلن تحقيق 70 مليار جنيه من «ساوث ميد» خلال يوم.. وإجمالي مبيعات المجموعة يرتفع إلى 160 مليار خلال 2025    السيسي: حل الدولتين هو المسار الذي سيسمح بإنهاء الصراع في الشرق الأوسط    تعرف على تشكيل الجهاز الفنى للزمالك    كرة يد.. منتخب مصر يواجه البحرين في الجولة الثانية من كأس العرب    السنغال بالزي الأبيض والكونغو بالأزرق في كأس إفريقيا للشباب    غدًا.. اتحاد الطائرة يناقش تشكيل الأجهزة الفنية واعتماد الموازنة وخطط الإعداد للأولمبياد    تهشم 7 سيارات بعد اصطدام تريلا بها داخل معرض بالقطامية    تبدأ 21 مايو.. تعرف على جدول امتحانات التيرم الثاني 20285 للصف الثاني الثانوي في القاهرة    السيطرة على حريق بمصنع بلاستيك في القناطر الخيرية    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    أستراحة قصيرة لفريق "أحمد وأحمد"... وتصوير مشاهد أكشن في الصحراء    مهرجان أسوان لأفلام المرأة يسدل الستار عن دورته التاسعة بإعلان الجوائز    كسر حاجز ال 20 مليون جنيه.. إيرادات أحدث أفلام علي ربيع في السينما (تفاصيل)    حاول ألا تجرحهم برأيك.. 5 أبراج لا تتحمل الانتقاد    13 كيانا فنيا مصريا يشارك في Egyptian Media Hub بمهرجان كان السينمائي    مختص يكشف سبب "خناقات الأطفال" المتكررة.. هل طبيعية ولا علاوة خطر؟    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    وزارة الأوقاف تعلن أسماء المقبولين لدخول التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    وزير الصحة يناقش مشروع موازنة قطاع الصحة للعام المالي 2026/2025    فريق جراحي بأورام المنوفية ينجح في استئصال ورم ضخم وإنقاذ حياة طفل يبلغ 5 سنوات    الحكومة توافق على اعتبار إنشاء المخازن الطبية اللوجستية مشروع قومي    ضبط المتهمين في واقعة تعذيب وسحل شاب بالدقهلية    وكالة الأنباء الفلسطينية: ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي لمدرستين في مخيم البريج ومدينة غزة إلى 49 قتيلا    التايكوندو يتوجه للإمارات للمشاركة في بطولة العالم تحت 14 عام    إصابة ضباط وجنود إسرائيليين في كمين محكم نفذته المقاومة داخل رفح الفلسطينية    كيف يتم انتخاب البابا الجديد؟    بدء اجتماع "محلية النواب" لمناقشة عدد من طلبات الإحاطة    «مستقبل التربية واعداد المعلم» في مؤتمر بجامعة جنوب الوادي    «طالبوا ببيعه».. جماهير برشلونة تنتقد أداء نجم الفريق أمام إنتر في دوري أبطال أوروبا    قرار هام من المحكمة بشأن المنتجة سارة خليفة وآخرين في قضية تصنيع المخدرات    روجينا تهنئ رنا رئيس بزفافها: "أحلى عروسة وأحلى أم عروسة"    الداخلية: ضبط 507 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    ضبط 49.2 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    هل انكشاف أسفل الظهر وجزء من العورة يبطل الصلاة؟.. الإفتاء توضح    زيادة قدرتها الاستيعابية.. رئيس "صرف الإسكندرية يتفقد محطة العامرية- صور    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    المستشار الألماني الجديد يبدأ أول جولة خارجية بزيارة فرنسا    جامعة بنها: توقيع الكشف الطبي على 80 حالة بمدرسة المكفوفين    صندوق مكافحة وعلاج الإدمان يعلن عن وظائف شاغرة    أحمد سليمان: هناك محاولات ودية لحسم ملف زيزو.. وقد نراه يلعب خارج مصر    كندة علوش: تكشف «رد فعلها في حال تعرضها لموقف خيانة في الواقع»    أسامة ربيع: توفير الإمكانيات لتجهيز مقرات «الرعاية الصحية» بمواقع قناة السويس    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    ما حكم إخراج المزكى زكاته على مَن ينفق عليهم؟.. دار الإفتاء تجيب    الأزهر يصدر دليلًا إرشاديًا حول الأضحية.. 16 معلومة شرعية لا غنى عنها في عيد الأضحى    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    إريك جارسيا يلمح لتكرار "الجدل التحكيمي" في مواجهة إنتر: نعرف ما حدث مع هذا الحكم من قبل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا تريد إيران منا .. وماذا نريد نحن منها ؟
نشر في محيط يوم 11 - 10 - 2012

ليس من شك أن مكانة إيران في نظر الشعوب العربية قد تعززت، حين استطاع حزب الله أن يلحق هزيمة نكراء بالجيش الإسرائيلي في حرب تموز التي شنتها إسرائيل على لبنان عام 2006. فهذه الشعوب تعلم جيداً أن انتصار حزب الله على الصهاينة في تلك الحرب، ما كان ليكون لولا الدعم الإيراني غير المحدود لحزب الله.

وتعلم أيضاً أن المرجعية الدينية لجمهورية إيران الإسلامية، تدعوها للمساهمة في تحرير الأرض الفلسطينية من البحر إلى النهر، وإجبار الصهاينة المحتلين على الرحيل منها والعودة إلى مواطنهم الأصلية التي قدموا منها.

ومما عزَّز هذا الاعتقاد لديها، تلك التصريحات التي أطلقها وما زال يطلقها الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في كل مناسبة، عن أن وجود الكيان العبري على أرض فلسطين هو وجود غير شرعي ينبغي إزالته من الوجود، حتى يعود الفلسطينيون لأرضهم ومدنهم وقراهم.

كما عزز هذا الاعتقاد، قيام الحلف الثلاثي الذي ضم إيران وسوريا وحزب الله، والذي وضع شعوب المنطقة في حال ترقبٍ وانتظارٍ للحظة التي ينقض فيها هذا الحلف على إسرائيل.

وكان من الطبيعي- والحال هذه- أن تتوقع شعوب المنطقة من أنظمتها الحاكمة بما فيها إيران، إلقاء خلافاتها التقليدية جانباً في انتظار اللحظة التي يستطيع الحلف فيها دفع الكيان العبري للرحيل عن الأرض الفلسطينية المحتلة التي أقاموا عليها كيانهم عام 48.

لكن- ومع الأسف الشديد- وجدنا مواقف إيران تتغير وتتبدل، حيث أخذت- منذ انطلاق الثورة في سوريا- تبعد شيئاً فشيئاً عن الآمال التي عقدتها عليها شعوب المنطقة في المساعدة على تحرير ارض فلسطين من الاحتلال اليهودي الصهيوني.

وتبدَّى هذا الأسف حين عصفت رياح الربيع العربي بسوريا التي كانت وما زالت تخضع لنظام استبدادي فاشي فاسد ومجرم، أبى إلاَّ أن يذيق الشعب العربي في سوريا وما زال، من ذات الكأس الذي أذاقه مؤسس "نظام الأسدين" حافظ الأسد، حين دمر ما يقرب نصف مدينة "حماه" على رءوس أهلها، وقتل منهم ما لا يقل عن 25 ألف شهيدا.

فبرغم أن الشعار الذي رفعه الشعب السوري منذ البداية وهو يطالب بحريته ولمدة شهور متتالية كان "سلمية سلمية"، غير أن النظام قابل منذ اللحظة الأولى هذا الشعار باللجوء إلى الخيار الأمني المغلظ، والذي استخدم في تطبيقه كل ما تزخر به ترسانته الحربية من الصواريخ والأسلحة البرية والجوية وحتى البحرية.

كما لم يتورع من أن يوحي للشعب السوري والعالم، بانه قد يلجأ لاستخدام ترسانته من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، إذا ما شعر بخطر حقيقي يهدد وجوده، سواء أكان من الداخل أو الخارج.

ومع ذلك لم نر من إيران وهي الحليف الاستراتيجي لهذا النظام، والتي تعلقت بها أنظار الكثيرين من ابناء شعوب المنطقة كما أشرنا .. سوى التأييد والدعم المادي والعسكري- بلا حدود- للجرائم التي ارتكبها ويرتكبها نظام بشار بحق ابناء الشعب السوري كل يوم.

بل سرت أنباء كثيرة مؤخراً عن أن طهران قد طورت هذا الدعم، حيث أرسلت خبراء عسكريين واعضاء من الحرس الثوري، ليعملوا جنباً إلى جنب مع عصابات الأسد وشبيحته الذين يقتلون المدنيين ويقصفون المدن والقرى على رءوس ساكنيها.

كما سرت (أيضاً) أنباء عن أن حزب الله قد تخطَّى التأييد السياسي لنظام بشار، ليمد بشار بالمقاتلين من حزب الله الذين يفترض أنهم إعدوا لقتال الصهاينة، وتطهير الأراضي المقدسة من المحتلين اليهود. وبطبيعة الحال، ما كان لحزب الله أن يقدم على هكذا خطوة، دون مباركة وتأييد من طهران.

ومع الأسف الشديد (أيضا) .. حين يحاول المرء أن يبحث عن ثوابت موضوعية تبرر لإيران دعمها لنظام بشار الذي نعرف ويعرف حكامها تماماً، أنه (نظام استبدادي قمعي طائفي مجرم) .. لا يجد سوى دوافع مشبوهة، باتت تلوت نظرة الاحترام وتقضي على الأمال التي عقدتها شعوب المنطقة (يوماً) على إيران، في التصدي للوجود الصهيوني والأجنبي في المنطقة.

فنظرة الاحترام هذه وتلك الآمال التي باتت سراباً خادعاً، (والتي قامت أساساً على رفض إيران لوجود إسرائيل في المنطقة والتصدي لهيمنة أمريكا على ثرواتها النفطية) .. سرعان ما تبددت، حين بدأ الشك في أن التدخل الإيراني في أحداث سوريا بات يؤكد الاتهامات التي طالما سمعنا عنها، وهي أن سياسة حكام طهران نحو المنطقة العربية تستهدف بالدرجة الأولى بسط النفوذ الإيراني ونشر المذهب الشيعي في دولها، وليس مساعدة الشعب السوري في اللحاق بركب الربيع العربي الذي ينشد التحرر من النظم الاستبدادية في المنطقة، والتصدي لوجود إسرائيل وأمريكا فيها.

ومما يؤكد هذا الاتهام إعلان حزب الله في لبنان الذي يفترض أنه حزب (إسلامي عربي وطني) بالدرجة الأولى، قد سار على خُطى إيران في تعامله مع المأساة السورية، (والكل يعرف مدى ارتباط هذا الحزب بإيران مذهبياً وسياسياً واقتصاديا).

قد يقول المدافعون عن مواقف إيران المنحازة لنظام بشار: إنه الحليف الاستراتيجي الوحيد لها في المنطقة، وإن سقوطه يعني إضعاف قوة إيران في التصدي لأمريكا وإسرائيل اللتين تسعيان لإسقاط النظام في طهران، ووأد طموحاته في الهيمنة على المنطقة وبخاصة على دول الخليج العربية.

غير أن هذه الحجة سرعان ما تتهاوى حين نستذكر ويستذكر معنا الإيرانيون وأصحاب هذه الحجة، أن حكام طهران لم يفهموا جيداً الدوافع الحقيقية لهبوب رياح التغيير العاتية التي هبت ولا تزال تهب على المنطقة. فهم يعتقدون- كما الكثير من دول الغرب وحتى بعض حكام النظام الرسمي العربي- أن هذه الرياح ليست أكثر من كونها هبات عابره سرعان ما تذهب وتختفي، تماما مثلما اختفت دعوة القومية العربية التي داعبت خيالات شعوب المنطقة لعقود طويلة.

لكن ما لا يستطيع حكام إيران وغيرهم أن يدركوه جيداً، أن الدافع الحقيقي لثورات الربيع العربي التي جاءت بها هذه الرياح، هو قمع النظام الرسمي العربي من جذوره، واستعادة حق الإنسان العربي في حياة كريمة كما أرادها الله له .. حياة حرة كريمة شريفة قوية تعينه في التصدي لكل من يريد النيل من كرامته وشرفه ووطنه وعرضه، ويتعايش بسلام مع من لا يريد بعقيدته ووطنه وكرامته شراً. وهذا ما حاول االإنسان السوري استعادته من حكامه الظالمين، حين ثار على هذا الطاغية ونظامه الدموي الطائفي المجرم.

غير أن حكام طهران لم يحاولوا تسييغ أهداف الثورة السورية من هذه الزاوية، فكل ما فعلوه أنهم نظروا إليها على أنها محاولة غربية خالصة لإضعاف النفوذ الإيراني في الوصول إلى مياه المتوسط عبر سوريا من ناحية، والوقوف وجها لوجه أمام جيش إسرائيل على الحدود اللبنانية الإسرائيلية من ناحية أخرى، ما يشكل خطرا محققاً على أمن الكيان العبري ووجوده في المنطقة.

صحيح أن الغرب يسعى لتحقيق هذا الهدف، غير أن ما هو صحيح أيضاً أن تعامل إيران مع المأساة السورية كان خاطئاً منذ البداية، ذلك أنها استبعدت تماما الاعتراف بشرعية أهداف الشعب السوري في التحرر من نظام الطاغية بشار، كما استبعدت تماما احتمال نجاح الثورة في إسقاطه ونظامه.

فحكام طهران يعتقدون بأنهم وبشار وحزب الله، قادرون على وأد أي حركة تحررية في سوريا، فضلاً عن اعتقادهم بأن من يقوم بهكذا ثورة ينتمون (في الغالب) للمذهب السني الذي يقابل المذهب الشيعي الذي تأخذ به إيران وحزب الله، ولا يبتعد كثيرا عنه المذهب العلوي الذي يأخذ به النظام الحاكم في سوريا.

وهكذا يبدو أن ما يهم حكام إيران في تعاملهم مع المأساة السورية، هو دعم حليفهم الاستراتيجي الوحيد في المنطقة، الأمر الذي لا يتحقق- في نظرهم- إلا بوجود نظام يتفق توجهاته المذهبية والسياسية مع المذهب الشيعي الذي تأخذ به إيران.

وهذا ما دعا الكثيرين في هذه المنطقة إلى الأخذ بما يقال، عن أن ما يحرص عليه النظام الحاكم في إيران هو العمل على نشر المذهب الشيعي في المنطقة، وليس التصدي للوجود الأمريكي فيها، أو العمل على محو إسرائيل من على خريطة المنطقة كما يدعي.

نحن لا نريد أن نكرس إرجاع هذا التأييد لأسباب مذهبية كما يرى الآخرون، (ولهم عذرهم في رؤاهم هذه)، لكن .. ما نريد أن نسال عنه حكام إيران (الإسلامية) :

هل من الإسلام في شيء أن يقوم النظام في دمشق بقتل عشرات الآلاف وتدمير المدن والقرى والبلدات على رءوس ساكنيها؟.

وهل كان للأسلحة التي دفع الشعب السوري ثمنها من قوتهم ودمائهم كي يبني جيشه الوطني، أن تدك القرى والمدن السورية وتشيع فيها الموت والخراب والدمار؟.

ونتساءل (أيضاً) وبصوت عال: كيف يستقيم موقف إيران التي تدعي العمل من أجل تحرير الأرض المقدسة في فلسطين ونصرة الإسلام، مع تأييدها الصارخ للجرائم التي يرتكبها نظام الأسد بحق الشعب السوري المكلوم؟.

ثم وهذا هو الأهم: ما الذي يريده الإيرانيون من العرب؟، وماذا نريد نحن منهم؟، وما الذي ينتظرونه من نظام بشار الأسد إذا ما نجح في قمع الثورة (لا سمح الله) ؟، وما الذي كان وما زال يتوجب عليهم عمله بشأن تصحيح مواقفهم من المأساة السورية قبل فوات الأوان؟.

هذا ما سنتناوله في المقال القادم إن شاء الله.

اقرأ ايضا :
هل حان الوقت المناسب لمهاجمة الغرب لإيران ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.