وتوجه السيد الرئيس الدكتور محمد مرسي شرقاً نحو بكين ثم طهران هو تأكيد ،لما سبق والتزم به القائد أمامنا في ميدان التحرير ،وذلك عندما تعهد للثوار بأستقلال القرار المصري الخارجي ،والتعامل بندية وعلي أساس أحترام المصالحة المتبادلة بين "القاهرة" و كافة دول العالم ،ومن بين تلك الدول الولاياتالمتحدةالأمريكية ،ولم يكن غريباً أن تبادر واشنطن بتحديد موعداً لزيارة الرئيس الدكتور مرسي لواشنطن فور معرفتها أن سيادته سيبادر بزيارة بكين ثم طهران ،حيث تصور البيت الأبيض أن الرئيس الدكتور مرسي نسخة من "مبارك" يمكن أن تمارس عليه ضغوط من قبل الإدارة الأمريكية لكي لايزور طهران فيتراجع ،ومن الممكن أن يحدد له موعداً بصعوبة لزيارة واشنطن لكي يمتنع عن زيارة إيران،وعندما وجد باراك أوباما وجهاز أمنه القومي أن الرئيس الدكتور محمد مرسي لايريد من الأصل وغير متحمس لزيارة واشنطن ،وقرر التوجه نحو الصين وإيران غير عابيء بالضغوط الأمريكية والتهديدات الخفية ،أخطر البيت الأبيض مؤسسة الرئاسة المصرية بتحديد موعد للدكتور محمد مرسي لزيارة الولاياتالمتحدةالأمريكية. وبدورهما فهمتا كل من الصين الشعبية وجمهورية إيران الإسلامية رسالة القائد المنتخب لمصر وثورتها الدكتور محمد مرسي ،تلك الرسالة التي يحملها خلال زيارته لطهرانوبكين يحملها بأسم شعب مصر العظيم للدولتين ،الا وهي أن القاهرة تريدأن تعيد التوازن المفقود الي علاقاتها الخارجية وتتعامل بندية مع الجميع بعيداً عن حالات التبعية والأملاءات من أي طرف خارجي ،وبالتالي رأينا الصين تستقبل دكتور مرسي والوفد المرافق له بحفاوة بالغة ،و تفتح كل مجالات التعاون الإقتصادي مع القاهرة ،وتبرم سبعة بروتوكلات أقتصادية وتجارية مع مصر،وتقرر منح القاهرة أربعمائة مليون دولار مساعدات وكمنحة لاترد وبدون شروط ،وهو مبلغ يفوق المعونة الأقتصادية الأمريكية السنوية المقدمة لمصر و المشروطة بالذل والتبعية ،وهذا لم يكن مصادفة أنما أرادت بكين أن تقول لمصر أننا قبلنا إقامة شراكة اقتصادية واستراتيجية بين القاهرةوبكين علي أساس من الندية والأحترام المتبادل والمصالح المشتركة ، وها نحن نقدم عربوناً لمصر يفوق أثنين ونصف مليار جنيه منحة لاترد. أما طهران فأعدت للسيد الرئيس الدكتور محمد مرسي برنامجاً للتعاون بين البلدين لم يسبق أن أعدته لرئيس دولة أجنبية زارها من قبل ،وأستعد الأعلام الأيراني والساسة في طهران للإحتفاء برئيس مصر وهو القائد الذي وضع أبناء مصر أمانة الثورة في يديه ،وطهران كما علمنا ستعرض علي مصر حزمة من المعونات والمساعدات تغنيها تماما عن كل المعونات الأمريكية عسكرية كانت أم اقتصادية،وهي تشعر بأمل كبير أن تساهم ثورة مصر وثورات الربيع العربي في حدوث تقارب عربي إيراني يؤدي الي نزع كافة الخلافات بين طهران وشقيقاتها العربيات . ويخرج علينا بعثيون وقوميون في العراق الشقيق يشنون هجوم كاسح ضد طهران ويتهمونها بتحمل مسئولية غزو بلادهم ويحاولون تصفية ثارات مع قيادتها ،ويتحول هجومهم ضد كل من يتعاطف مع مبدأ إقامة علاقات عربية صحية مع إيران وبالذات مع مصر ،حيث وجدناهم يسبون رئيس مصر المنتخب من الشعب ،ولسان حال البعثيين يقول من لم يكن معنا فهو ضدنا ،وللاسف بهذا السلوك يخسر البعثيون شرائح واسعة ومهمة متعاطفة مع قضية العراق ،وينضم للمتحفظين علي إقامة مصر علاقات تعاون مع إيران دول عربية أخري ،والملفت للإنتباه أن تلك الدول تقيم علاقات مع إيران ،ولاتريد لمصر أن تحذو حذوها منطق معوج وغريب ومرفوض،ولابد من أصلاح تلك المعادلة. ونقول للأشقاء في العراق وتحديدا عناصر بالمقاومة أن مقاطعة إيران ليس هي الحل لمنعها من التدخل في شئون العراق ،كما نقول نفس الشيء للأخوة المتطلعين لتسوية مشكلة جزر الأمارات العربية المتحدة بالخليج المتنازع علي أسمه بين الفرس والعرب ،أما الأخوة في سوريا فلقد قالها لهم الدكتور محمد مرسي بأن أيران يتوجب عليها أن تكون جزء من حل المشكل السوري ،لذلك أقترح دكتور مرسي أن تشكل لجنة من مصر والسعودية وإيران وتركيا من أجل حل الأزمة السورية ،وهو الأقتراح الأمثل حتي لاتدمر سوريا تماماً وتشتعل حرب اقليمية كبري في المنطقة لايعلم الا الله ما تؤدي اليه،ونعتقد أن هذا المقترح المصري هذا سيفعل في قمة عدم الأنحياز بطهران . وإذا ما كانت زيارة السيد الرئيس الدكتور محمد مرسي للصين قد ترتبت عليها نتائج إقتصادية مهمة بالنسبة للبلدين ،فأن زيارته لإيران لابد وأن تثمر عن عودة العلاقات كاملة ما بين البلدين الشقيقين ،وعلي المتزرعين بتصدير المذهب الشيعي أن يتحلوا بفضيلة الحياة ،لأعتبارات من بينها أن مصر شيعية الهوي وسنية المذهب ،وأن الدول السنية العربية تفوق أيران بأضعاف في مجموع عدد سكانها ،وفي مواردها المالية ،وتتصور تلك الدول العربية ان مذهبها السني الحق ،وعلي الرغم من ذلك لم تخشي أيران أن تروج تلك الدول للمذهب السني فيها ،بينما نجد من بيننا من يلوك تصدير المذهب الشيعي الينا ليل نهار،وبالتالي فأننا نعتقد أن هذا المبرر ما هو إلا قميص عثمان الذي وضعته أمامنا القوي الأستعمارية والتكفيرية من أجل الأبقاء علي القطيعة بين دولتين أقليمتين شقيقتين مهمتين للغاية من اجل التوازن في المنطقة . ******************** الشيخ عاشور: أمريكا وراء الفتنة بين السنة والشيعة [email protected]