دمشق : لم تمنع زيارة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الى دمشق من ايقاف آلة القتل السورية ، ليعلن عن سقوط ما لايقل عن 50 قتيلا اليوم الأربعاء بينهم 20 طفلا في مدينة حمص ،جراء قصف جيش الأسد للمدينة. وقال نشطاء إن قوات مدرعة موالية للرئيس بشار الأسد توغلت في مدينة حمص بوسط سوريا اليوم ، وهي تطلق قذائف صاروخية وقذائف الهاون لإخضاع الأحياء المناوئة.
واضاف النشطاء إن دبابات دخلت حي الإنشاءات واقتربت من حي بابا عمرو الذي كان هدفا لأشد هجمات القوات الموالية، التي أودت بحياة أكثر من 100 شخص في اليومين الماضيين. وقال الناشط محمد الحسن عبر هاتف يعمل من خلال الأقمار الصناعية من حمص "الدبابات الآن عند مسجد القباب والجنود دخلوا مستشفى الحكمة في إنشاءات. واقتربوا أيضا من بابا عمرو ويسمع الآن القصف على كرم الزيتون والبياضة". وأضاف قوله "الاتصالات مقطوعة في كثير من أجزاء حمس. ويصعب تجميع صورة شاملة. لكن الدبابات منشورة في الطرق الرئيسية في المدينة، ويبدو أنها تتجه للتوغل في المناطق السكنية". وفي هذا السياق ، كشف ناشط سوري أن حى بابا عمرو دمر بالكامل جراء القصف الكثيف الذى تقوم به قوات الجيش .
مباحثات روسية واستمرت الهجمات على حمص على الرغم من حصول روسيا على وعد من الأسد بإنهاء إراقة الدماء ، وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد أجرى محادثات مع الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق الثلاثاء أكد فيها دعم بلاده للمبادرة العربية الأولى التي نصت على إرسال مراقبين، ونقل عن الأسد عزمه وقف العنف وتنفيذ الإصلاحات. بدوره، أعرب الرئيس السوري بشار الأسد خلال محادثاته مع الوزير الروسي استعداد بلاده للتعاون مع أي جهد يدعم الاستقرار في سورية. وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" أن الأسد أكد أن بلاده رحبت منذ البداية بأي جهود تدعم الحل السوري للأزمة، والتزمت خطة عمل الجامعة العربية وتعاونت بشكل كامل مع بعثة المراقبين العرب بالرغم من عرقلة بعض الأطراف العربية لعمل البعثة.
وأكد لافروف استعداد روسيا للإسهام في التوصل إلى مخرج للأزمة، وقال في تصريح للصحافيين "أكدنا استعدادنا للمساعدة في إنهاء الأزمة في اقرب وقت ممكن، استنادا إلى المواقف المعلنة في مبادرة الجامعة العربية التي تم توزيعها في الثاني من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي". وقال لافروف إن الرئيس الأسد تعهد بوقف العنف "أكد لنا الرئيس السوري التزامه الكامل بوقف العنف أيا كان مصدره، بناء على ما نصت عليه المبادرة". ونقل لافروف عن الأسد دعمه لعمل بعثة المراقبين العرب، قائلا: "أكدت سوريا اهتمامها باستمرار عمل بعثة المراقبين العرب، وزيادة عدد المراقبين لكي يعملوا في كل المناطق ويطلعوا بأنفسهم على الانتهاكات، من اجل تلافي العنف من أي مصدر". في المقابل، قالت الوكالة العربية السورية للأنباء إن "مجموعة إرهابية مسلحة" هاجمت حواجز تفتيش للشرطة على الطرق في حمص، وأطلقت قذائف الهاون على المدينة وإن ثلاثة منها سقطت على مصفاة نفط حمص، وهي إحدى مصفاتين في البلاد دون ذكر تفاصيل عن أي أضرار جراء الهجوم.
وفي السياق ذاته، أعلنت لجان التنسيق المحلية في سوريا ارتفاع حصيلة ضحايا العنف في سورية يوم الثلاثاء إلى 35 قتيلا بينهم أربع سيدات وستة أطفال. وأشارت اللجان إلى أن 19 قتيلا من بين الضحايا سقطوا في حمص، و10 في مضايا والزبداني بريف دمشق، وقتيلان في إدلب، وقتيلان بدرعا إضافة لقتيلين في حلب.
مساعدات إنسانية
سياسيا، يدرس البيت الأبيض إمكانية إرسال مساعدات إنسانية إلى الشعب السوري الذي يتعرض لقمع من جانب النظام الحاكم، دون توضيح كيفية أو آلية إيصالها، مع استمرار العمل السياسي مع الحلفاء لزيادة الضغط وعزلة الأسد إقليميا ودوليا.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المتحدث باسم الرئيس أوباما جاي كارني قوله إن الإدارة "لا تدرس حاليا" خيار تسليح المعارضة السورية، بناء على اقتراح تقدم به عدد من النواب الأمريكيين. وكان السناتور الجمهوري جون ماكين قد حض الولاياتالمتحدة الثلاثاء على درس فكرة تسليح المعارضة السورية التي تقاتل القوات التابعة لنظام الرئيس بشار الأسد، لوقف حمام الدم. ورأت الولاياتالمتحدة أن نقض روسيا والصين مشروع قرار بشأن سورية في مجلس الأمن الدولي كان قرارا خاطئا سمح للرئيس بشار الأسد بمواصلة قتل شعبه بوحشية، محذرة من أن الرهان على نظام الأسد مقدمة للفشل، وسيسقط لا محالة. مبادرة تركية
وفي إطار الجهود السياسية، دعا الوزير التركي للشؤون الأوروبية إيغيمن باغش الأسرة الدولية إلى التحرك لوضع حد للمجازر التي يتعرض لها المدنيون في سورية بإقناع النظام بإجراء إصلاحات ديموقراطية. وصرح باغش في مؤتمر صحافي عقد في بروكسل بعد محادثات أجراها مع رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولز، بأن تركيا تقوم بما هو صحيح من خلال التنديد بالقمع في سورية، مضيفا أنه آن الأوان لأن تعمل الأسرة الدولية معا لإقناع القادة السوريين بإجراء الإصلاحات اللازمة، ليتمكن جميع الناس في سورية من العيش بحرية ورخاء. ونقلت وكالة "رويترز" عن المسؤول التركي أن الفيتو وضع الدول الغربية أمام خيارات أخرى من بينها إنشاء مجموعة اتصال دولية بشأن سورية، لكنه أشار إلى أن الأمر مازال محل دراسة.
وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان قد أعلن في وقت سابق أن بلاده ستطلق مبادرة جديدة دولية لحل الأزمة السورية، بعد عرقلة مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يرمي إلى وقف إراقة الدماء في البلد المجاور. وأوضح أردوغان أن المبادرة الجديدة ستتم مع دول تدعم الشعب السوري ولا تدعم النظام، واتهم أردوغان في كلمته أمام البرلمان التركي، الدول التي أفشلت قرار مجلس الأمن بأنها تشارك في إراقة الدماء. وأضاف "سورية اختبار لمصداقية العالم. أولئك الذين يغضّون الطرف عما يجري ولا يتفاعلون معه كما يجب، سيعانون من عواقب هذه الأزمة كما لو كانوا هم من أراقوا الدماء بأنفسهم. المسار في الأممالمتحدة كان تجربة فاشلة للعالم المتحضر". وجدد اردوغان الثلاثاء التزام بلاده بدعم الشعب السوري، قائلا: "ستواصل تركيا الوقوف إلى جانب أشقاءها في سورية، سوف نستمر في الاعتراض على المجزرة هناك بصوت عالٍ، وسنواصل جهودنا للحصول على اهتمام المجتمع الدولي".
حصانة الأسد
وفي الولاياتالمتحدة تنتظر وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أن يطلعها نظيرها الروسي مباشرة على نتيجة محادثاته في سورية قبل التعليق عليها، رغم أن المتحدثة باسم وزارة الخارجية أشارت إلى أن بلادها تشكك في وعود الرئيس السوري.
ويأتي ذلك في الوقت الذي كشف فيه سفير الولاياتالمتحدة لدى الجزائر هنري إنشر أن بلاده لا تمانع في منح الحصانة للرئيس السوري بشار الأسد كجزء من صفقة لتفادي اندلاع حرب أهلية.
وقال إنشر،في مقابلة مع صحيفة "الخبر" الجزائرية نشرت اليوم الأربعاء إن "تطورات الوضع في سورية بلغت درجة من التعقيد" ، وأن "الفيتو الروسي والصيني ليس النهاية،بل على العكس بداية العمل لإيجاد مخرج للأزمة السورية وتنحي الرئيس". واعتبر أن الحديث عن إمكانية ضمان خروج آمن للرئيس السوري مقابل وقف العنف وتفادي الحرب الأهلية "أمر وارد"، على اعتبار أن الأولوية بالنسبة للإدارة الأمريكية تكمن في حماية المدنيين،وبالتالي "لا ضرر من التوصل إلى منح الحصانة كجزء من صفقة لضمان تفادي الحرب الأهلية" ، على غرار ما حدث مع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح. وأضاف السفير الأمريكي أن الأولوية تكمن في التفاوض مع المعارضة في الداخل والخارج،مشددا على أن المخرج من الأزمة السورية يتطلب العمل على توحيد المواقف الدولية،وأن المشاورات مستمرة في هذا الاتجاه.
وكانت دول الخليج قررت الثلاثاء إلى "سحب سفرائها من سورية، والطلب من سفراء النظام السوري مغادرة أراضيها وبشكل فوري"، بحسب بيان رسمي للمجلس. وأوضح البيان أن هذه الخطوة تأتي "بعد أن انتفت الحاجة لبقائهم بعد رفض النظام السوري كل المحاولات، وأجهضت كافة الجهود العربية المخلصة لحل هذه الأزمة وحقن دماء الشعب السوري". وفي هذا السياق، طلبت الحكومة الكويتية من السفير السوري لديها مغادرة أراضيها، كما سحبت سفيرها من دمشق وقررت محاكمة السوريين الذين اقتحموا سفارة بلدهم في الكويت وإبعادهم إلى الدول التي يختارونها.