اتفق خبيران (عراقي، وسعودي) على أن الزيارة المفاجئة التي أجراها وزير خارجية السعودية "عادل الجبير" إلى بغداد، تستهدف مساعدة العراق في التحرر من الهيمنة الإيرانية، وإعادته إلى الحاضنة العربية. واعتبر الخبيران - في حوار مع وكالة "الأناضول" - أن الفترة المقبلة مرحلة "قص أجنحة إيران في العراق"، وأن الزيارة تأتي في توقيت مناسب لتحقيق هذا الهدف لأكثر من سبب. وأوضحا أن هذه الأسباب يتصدرها "الفترة الرئاسية الجديدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعدما عبّر في أكثر من مناسبة عن انتقاداته التوغل الإيراني في العراق، وانحسار تنظيم داعش الإرهابي؛ ما يعني المشاركة العربية الفاعلة تمهيدًا لإجراء مصالحة سياسية في العراق". وقال "إياد الدليمي" (الكاتب والمحلل السياسي العراقي) إن الزيارة هدفها هو إبعاد العراق عن إيران، وإنها تعكس رغبة لدى رئيس الوزراء العراقي "حيدر العبادي" في إيجاد معادلة للنفوذ الإيراني بتقوية العلاقات مع السعودية. ورغم تأكيده أهمية الزيارة، فإن "الدليمي" يؤكد أن هناك أطرافًا عراقية غير سعيدة بها. وأوضح أن الزيارة رغم أهميتها للعراق بالدرجة الأولى، فإن هناك أطرافًا عراقية غير سعيدة بفتح باب العلاقات بين البلدين، وهي في المجمل أطراف شيعية لها أجندات إيرانية، وسبق لتلك الأطراف أن أسهمت بفاعلية في تخريب علاقات العراق بمحيطه العربي. وكشف "الدليمي" أن زيارة "الجبير" إلى العراق تم الاتفاق عليها على هامش مؤتمر ميونخ للأمن الذي عُقد في وقت سابق من شهر فبراير الجاري، متوقعًا أن يكون للزيارة انعكاس كبير على العلاقات العراقية السعودية مستقبلًا، ومن ثم العلاقات العراقية الخليجية عامةً. ودعا "الدليمي" العراق إلى استثمار زيارة "الجبير"، معتبرًا أن هذا الأمر سيظهر قدرة رئيس الوزراء "حيدر العبادي" ونيته أيضًا في التعامل مع المرحلة المقبلة، وهي مرحلة قص أجنحة إيران في العراق، محذرًا من أنه إذا لم يستثمر العراق هذه الفرصة، فإن داعش الذي يحاربه العالم اليوم في العراق وسوريا، سيعود بوجه أبشع، وحينها فإن البكاء على اللبن المسكوب لن ينفع العراق. بدوره، أكد الكاتب السعودي "سعود الريس" أن زيارة "الجبير" اختراق للسياسة الإيرانية في العراق، وأنها تحمل معاني كبيرة، فهي بمنزلة مد يد إلى العراق لاستعادته إلى حاضنته العربية، بعدما سعت إيران إلى وضع جدار بينه وبين أشقائه العرب. وتابع: "جزء كبير من مشكلات العراقيين سببها تغلغل الوجود الإيراني وانتشاره وسيطرته على بعض مفاصل الحياة فيه، بعد أن أصبح اليوم على قناعة بأن عليه استعادة مكانته في العالم العربي.. طهران استوعبت أن الظروف لم تعد كما كانت في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، لا سيما أن ترامب لديه قراءة لواقع المنطقة، ويعمل على أن تتخلى إيران عن أدوارها في زعزعة استقرارها". وحول توقعاته لإمكانية تدخل المملكة للقيام بوساطة في العراق، قال "الريس": "لن تتأخر لتحقيق ذلك.. ستبادر لتحقيق المصالحة، لكن هناك فريقًا في العراق لا يرغب في الدخول السعودي.. هناك فريق لا تزال إيران تسيطر عليه، وهو يسعى إلى تخريب علاقة العراق بمحيطه العربي، وخصوصًا السعودية". وحول تسمية سفير سعودي جديد في العراق، قال الخبير السعودي إن بلاده بالفعل كان لها سفير، وكانت هناك بوادر تقارب، لكن الهيمنة الإيرانية على القرار العراقي كان لها تأثير في تعاطي بغداد مع قضايا المنطقة. واليوم، السعودية تجد أن الوقت مناسب، ولو كان متأخرًا، لكن الظرف مناسب أن يكون العراق ضمن المنظومة العربية. وكان وزير الخارجية السعودي "عادل الجبير" قد وصل أول أمس، السبت، إلى العراق في زيارة مفاجئة تعد الأولى لوزير خارجية سعودي منذ عام 1990. والتقى الوزير السعودي عقب وصوله، رئيس الوزراء "حيدر العبادي"، ونظيره العراقي "إبراهيم الجعفري".