توقع المحلل السياسى التونسى الدكتور فريد العليبى أن يتراجع الدعم الأمريكى لحركة النهضة فى تونس خلال حقبة حكم دونالد ترامب للولايات المتحدة عما كانت عليه فى عهد باراك اوباما، وأن ينفك التحالف بين النهضة ونداء تونس لكن ستبقى تونس حليفا استراتيجيا للولايات المتحدة فى المنطقة. وقال أستاذ الفلسفة السياسية بالجامعة الوطنية التونسية فريد العليبى فى تصريح لمراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط بتونس "إن العلاقات الأمريكيةالتونسية تعود لعهود بعيده فتونس كانت منحازة لأمريكا خلال الحرب الباردة، وشاركتها جل مواقفها من قضايا عديدة عربية، ودولية والآن هناك أنباء غير مؤكدة عن قاعدة جوية أمريكية فى تونس، ومقرا لحلف للناتو، وهناك اتفاقية بين البلدين تصنف تونس باعتبارها حليفا استراتيجيا لأمريكا من خارج الحلف الأطلسي". وأضاف العليبي أن العلاقة الإستراتيجية بين تونسوأمريكا تلقى قبولاً من طرف حركتى النهضة الإسلامية ونداء تونس ما يعنى أن قدوم ترامب بوعوده الانتخابية المدوية ورغبته فى التركيز على الداخل الأمريكى والتخلى عن الحلم الامبراطورى الذى راود أوباما والحزب الديمقراطى من قبله قد تكون له تداعياته على تلك العلاقات فعلى الصعيد الاقتصادى قد تتراجع الإدارة الأمريكية عن ضمان القروض التونسية أو تحد من ذلك. ورأى أن أمريكا فى عهد ترامب قد لا تكون معنية بالقدر الذى يضمن استمرار الحزبين الأساسيين المكونين للسلطة فى تونس (النهضة والنداء) فى حالة التوافق بينهما ولن تضغط أمريكا لبقاء ذلك، كما كانت تدفع إدارة أوباما؛ ما قد يسرع بانفراط عقد تحالفهما الذى لا يخفى أن قوى عربية، وإقليمية، ودولية أخرى ترعاه بجانب أمريكا. وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة اتساع فى الهوة بين اليمين الدينى والقوى السياسية والنقابية التى ترى فى حركة النهضة لا تزال تعتبر قوة أصولية تهدد المكاسب الاجتماعية بمواقفها المتناقضة واستمرار هدفها الرئيس بالسيطرة التامة على السلطة السياسية حيث تستثمر الوقت لتحصين مواقعها قبل الانقلاب على أقرب حلفائها عندما يشتد عودها وفعلت ذلك من قبل فى عهد الحبيب بورقيبة عندما قربها وحاولت الإطاحة به وهو ذات الأمر الذى حدث مع زين العابدين بن علي. ورأى أن حركة النهضة فى أزمة حاليا بعد قدوم ترامب حيث اعتقدت أنها بتقديم بعض التنازلات الاختيارية ستحوز على ثقة الشعب التونسي، حيث ظهر فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة تراجعا واضحا لشعبيتها قياسا بانتخابات المجلس التأسيسى التى سبقتها، وهناك قسم كبير ممن قاطعوا الانتخابات لا يخفون أيضا عدم رضاهم عنها، بل انهم ينظرون اليها بتوجس وريبة وقد زاد ما حدث عربيا من مجازر دموية فى سوريا واليمن وليبيا والعراق وتورط فيها الإسلام السياسى من حدة تلك المشاعر السلبية تجاه النهضة لذلك لا يصدق كثيرون تراجعات النهضة الظاهرية فقد تعودت على اتخاذ مواقف متناقضة بحسب ما يمليه عليها كل ظرف بينما تظل محافظة جوهريا على مواقفها الإخوانية. وقال الدكتور فريد العليبي إن الولاياتالمتحدة ستحتاج لبعض الوقت إلى حركة الاخوان المسلمين فى تونس قبل أن تلفظها أو تحد من قوتها وتعتبرها منظمة ارهابية فمفاتيح قوة تلك الحركة جزء كبير منها عند الأمريكيين أو عند دول تأتمر بأوامرهم وهذا سينعكس على حركة النهضة التى تحاول الان الظهور بمظهر حزب سياسى تونسى قلبا وقالبا وتخفى روابطها بالحركة الإخوانية الأم". واعتبر أن قوة حركة النهضة فى الشارع التونسى حاليا نابعة من قوة الدعم الذى تتمتع به فهى قوة مالية وإعلامية قبل أن تكون سياسية، وقبل سنوات ليست طويلة كان حضورها ضعيفا ومع انبثاق الإسلام السياسى فى بعض المراكز الإقليمية قويت شوكتها مستفيدة من الدعم الخارجي، ولكن الآن وفى ظل تخلى بعض الداعمين عنها ومعاناة آخرين من الأزمات فضلا عن الأوضاع العربية والدولية التى تنعكس سلبا على الإسلام السياسى ككل سينعكس سلبا أيضا على مستقبلهم فى تونس. وأشار العليبى إلى أن حالة التعايش الليبرالى - الإسلامى على مستوى السلطة السياسية فى تونس برعاية دولية لم تأت بنتيجة فى صالح الشعب التونسى الذى تتفاقم بين صفوفه البطالة والانتحار والفقر وارتفاع الأسعار ولا يجد من سبيل غير الاحتجاج ما يجعل الشعب فى جانب والحزبين النهضة والنداء فى جانب آخر، ويؤكد ذلك تعطيل الحزبين قانونا مثيرا للجدل حول الكشف عن الحسابات المصرفية فى إطار محاربة الفساد المالي.