فى مصر هناك قامات كثيرة لها مواقف حفرت فى ذاكرة تاريخ هذه الأمّة، مَهما مرت عليها الأزمان تظل مضيئة كالفنار الصامد أمام العواصف العاتية.. كذلك تظل هذه الشخصيات والقامات ترسم وتُعَبر عن نسيج هذا الوطن وتعكس صورة نسيج هذه الأمة الصحيح. البابا يهنئ «روزاليوسف» بمئويتها
قال قداسة البابا تواضروس مهنئًا بمئوية روزاليوسف، إن معنى كلمة روز (ورد) واليوسف من كلمة يوسف ومعناه (يزيد فى النعمة)، فمعنى المجلة أو مؤسّسة المجلة.. معنى جميل، وهى تمثل مئة عام من التاريخ المصرى بكل صفحاته وبكل أمواجه وبكل اللحظات الصعبة فيه.. وأضاف: فى بعض الأوقات كنتم حادين جدًا، و«ناشفين» جدًا، و«قاسيين» جدًا، وهذه أوقات قليلة.. وهذا يبدو أنه كان طبيعة الصوت الصارخ فى المجلة.. لكن فى أوقات كثيرة قدمتم تحقيقات صحفية حلوة وناقشتم قضايا فى المجتمع وقمتم بالدور التعريفى للمجتمع بشأن الوطن والتاريخ والأحداث التى تجرى فيه.. وهذا شىء ملهم ورائع.. وأن تستمر مجلة 100 عام بالتأكيد عمل أصيل وعمل كبير، وطبعًا مش جيل واحد الذى خدم بل أجيال وتواصُل الأجيال علامة نجاح وعلامة حياة.
أنا أهنئكم أنتم أصحاب الجيل الحاضر اليوم وأنتم محظوظون أن تحتفلوا بمئة عام فى تاريخ المجلة، أتمنى أن المجلة يكون دورها أكثر فاعلية فى المجتمع وتناقش قضايا وموضوعات تهم الإنسان بصورة عامة وتهتم بالجوانب الإيجابية البناءة، فأنا أريد أن أبنى الإنسان، فكما دائمًا يقول السيد الرئيس أنه فى هذه الفترة نريد بناء الإنسان. فكريًا، إنسانيًا، اجتماعيًا.. صحيح أن المجلة هى مجلة سياسية ولكن أتمنى أن تأخذ الطابع الإنسانى.. وفى النهاية؛ كل سنة وأنتم طيبون وعقبال مئة عام أخرى، وربنا يفرّحكم بتعبكم ودوركم فى خدمة المجتمع.
من هذه الشخصيات التى حفرت أسماءها فى تاريخ مصر الحديث بمواقفها الوطنية التى أنقذت هذا البلد من شرور وفتن كثيرة نسجت لإسقاطها قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.
شخصية هادئة، محبة، صبورة، شعارها «المحبة لا تسقط أبدًا».. تلك الآية التى تتصدر مكتبه الموجود بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية والتى دائمًا ما يسير ويتعامل بها.
ولذلك لم نكن نستطيع أن نحتفل بالعيد المئوى لمجلة «روزاليوسف» دون أن نلتقى به، فكان لنا لقاء خاص جدًا، تحمَّلنا كعادته وأجاب فيه عن كل أسئلتنا وتساؤلاتنا فكان لنا معه هذا الحوار:
بداية؛ منذ 2012 قداستكم توليتم سدة الكرسى المرقسى فى فترات عصيبة.. كيف ترى ما وصلت إليه الكنيسة المصرية فى سياق الجمهورية الجديدة والخطى التى يسير عليها سيادة الرئيس؟ - فى البداية نرحب بكم وكل جيل مئوى وأنتم طيبين وعقبال مدى السنين لمجلة وجريدة لها قيمتها ودورها فى الحياة المصرية وحياة المجتمع.
فى 2012 ربنا سمح باختيارنا وكانت هناك أحداث كبيرة وجديدة فى هذه الأيام حتى صار السيد الرئيس وانتُخب رئيسًا للجمهورية فى 2014، وذلك بعد الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور الذى كان يشغل الحياة فى هذا الوقت هو «الإرهاب»..ومواضيع الإرهاب كانت شديدة وقاسية على كل المصريين وعلى الكنيسة القبطية، وهى مرحلة عصيبة لكن الدولة وقفت بقوة وبشدة، ولذلك إلى حد كبير تم الانتصار فى معركة الإرهاب.
وفى الوقت نفسه كانت هناك معركة البناء والتعمير والإنجاز والمشروعات، فبلا شك نحن نحيا فى جمهورية جديدة ولها إنجازات ولها عمل ووجه الحياة تغير فى أمور كثيرة جدًا، يمكن أشهرها وأكثر شىء يلمسه المواطن «الطرُق».. ولذلك أصبح من كلمات المصريين اللطيفة يقول لك «تصور كنت باجى من البيت لغاية الحتة الفلانية فى ساعة ونص لكن الآن فى تلت ساعة».. فأصبح هذا هو الإحساس الشخصى الذى شعر به المواطن.
هناك مكتسبات كثيرة طبعًا المواطن المصرى اكتسبها فى الجمهورية الجديدة، لكن دعنى أسأل قداستكم ما هى مكتسبات الكنيسة القبطية من الجمهورية الجديدة؟
- الكنيسة جزء من الوطن.. والكنيسة أقدم كيان شعبى على أرض مصر منذ القرن الأول الميلادى، وهى كيان منظم ومعروف وواضح يعمل بوضوح ويعمل لصالح الوطن دائمًا، أشياء كثيرة لكن يمكن من أكثر الأمور الواضحة هو قانون بناء الكنائس، فهذا القانون صدر فى سبتمبر 2016 وحل مشكلة قائمة لعقود طويلة قبل ذلك، ونتذكر أزمة الفتنة الطائفية التى كانت فى سنة 1972 وكان الدكتور جمال عطيفى رئيس لجنة تقصى الحقائق ووضع 35 نقطة لعلاج هذه المشكلة، وللأسف لم يؤخذ بها، للأسف. وظلت هذه الفتنة الطائفية تطل على الوطن بين وقت وآخر وظلت تتراكم.
فعندما يخرج هذا الإنجاز، ويصدر باسم الدولة، ويناقش فى مجلس النواب، ويتوافق عليه، ويطبق على أرض الواقع، حاجة جميلة خالص، يعنى يمكن دى نقطة مضيئة وسط نقاط كثيرة ولكننا نذكره من أهم إنجازات هذه الفترة.
هل نستطيع أن نقول إن قانون دور العبادة الموحد نجح فى حل مشكلة بناء الكنائس بنسبة %100؟
- ليس شرطًا أن يكون %100، لكن هناك جوانب حلها بنسبة %100، فمثلاً تقنين الكنائس حدثت بنسبة كبيرة تقترب من ال %100.
أريد أن أتوقف عند هذه النقطة.. قداستكم أكدتم أنه من أحد أهم المكتسبات خلال العقد الماضى، نستطيع أن نقول كم كنيسة تم بناؤها فى خلال الفترة الأخيرة منذ 10 سنين أو أكثر، وكانت بفضل هذا القانون؟
- لا أستطيع، لا يوجد لدىّ إحصاء محدد لكن هناك أماكن كثيرة.
هناك تقديرات تقول إن ما تم ترميمه أو بناؤه يفوق ما تم فى 60 سنة.. هل هذا حقيقى أم أننا لا نستطيع أن نقول ذلك؟ - هناك نقطتان لا بُدّ أن تفرّق ما بينهما، الأولى تقنين الكنائس القائمة، فهى فقط أخذت صورة قانونية..
وهناك كنائس فى المدن الجديدة يتم بناؤها لأنها مدينة جديدة وتحتاج لكنيسة، وأظن القصة المشهورة للرئيس السيسى فى اجتماع من الاجتماعات عندما سأل «فين الكنيسة» فى تصميم المدينة؟
ربما تكون بعض المشكلات فى المدن القديمة لأن مساحة الأرض أصبحت محدودة، فلا يزال فيها بعض المشكلات لكن فى المدن الجديدة قائمة وفى تقنين الكنائس قائمة.
بالنسبة للكنيسة والدولة فى الجمهورية الجديدة هناك ممارسات مهمة جدًا أكثرها مفهوم المواطنة الذى أصبح ممارسة واقعية على الأرض.. كيف ترى هذا المكتسب وهذا الأمر؟ - طبعًا منذ تولى الرئيس وعنصر أو فكرة أو مبدأ المواطنة هو مبدأ أساسى تحرص عليه الدولة. وطبعًا مبدأ المواطنة يأتى وراءه احترام الآخر وحقوق الإنسان والمساواة والعدالة وهكذا.. أى إنه يتفرع إلى مبادئ أخرى، وطبعًا هذا يتحقق خطوة خطوة، وهذا شىء جيد جدًا فى المجتمع.. وأريد أن أقول لحضرتك إن المجتمع المتنوع هو مجتمع قوى.
هل هذا متحقق فى المجتمع المصرى حاليًا؟ - يتحقق وسرنا خطوات كثيرة جدًا، لكن المجتمع متنوع بصفة عامة، فلماذا- على سبيل المثال- دولة مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية قوية؟ لأن المجتمع هناك متنوع.
والله عندما خلق الإنسان- حتى الإنسان الواحد- أى البشر خلقهم متنوعين لا يوجد واحد مثل الآخر.. فهذا التنوع يعطى قوة للإنسان.
فى الفترة الحرجة التى تحدّثت عنها فى 2012 وما بعدها كانت الكنيسة لها موقف وطنى مهم جدًا داعم للدولة المصرية.. نحب أن نسجل هذا الموقف ونحن نتحدث فى هذه المرحلة ونسجل هذا الموقف لقداستك وأيضًا المواقف التى جمعتكم مع سيادة الرئيس؟ - الكنيسة القبطية المصرية كنيسة مشغولة بخدمة الوطن ومشغولة بصيانة الوطن، وهى خادمة للوطن، وهذه نقطة جوهرية مهمة فى تاريخنا ليس فقط اليوم أو فى السنوات العشر الماضية، هذا تاريخ طويل جدًا بهذه الصورة.
علاقتنا بالسيد الرئيس علاقة طيبة جدًا، وهو إنسان محب، وطبعًا تعاملنا معه قبل أن يصبح رئيسًا عندما كان وزيرًا للدفاع، وقضينا معه وقتًا عندما كانت هناك لجان من الكنيسة وجلسنا وتناقشنا معه فى نقاط كثيرة جدًا.
وظهر فى هذه الفترة حرصه الشديد وأمانته الشديدة، واهتمامه الشديد بالأرقام.. وهذه علامة من علامات النجاح.
ثم بعد توليه الرئاسة طبعًا فى المناسبات العامة القومية والوطنية نتقابل وتكون فرصة جميلة، كما يزورنا فى ليلة العيد وهى زيارة مهمة نفرح بها كمصريين وليس كأقباط فقط؛ خصوصًا أنها تكون فى بداية سنة جديدة.. وهذا العام نكون قد أكملنا 10 سنوات منذ المرة الأولى التى زارنا فيها والتى كانت سنة 2015.
أعود مرة أخرى لنقطة المواطنة.. هل قداستكم ترى أن هناك مواطنة حقيقية يعيشها الشارع المصرى؟ ودائمًا نتكلم عن دور الدولة فى تحقيق المواطنة.. لكن دعنى أسأل قداستكم هل للكنيسة دور أيضًا فى تحقيق المواطنة بشكل كامل؟ - موضوع المواطنة لا يأتى بين يوم وليلة، موضوع المواطنة هو موضوع تربية، فى البيت والمدرسة والجامعة والعمل والمؤسّسة الدينية، التربية الوطنية مهمة تأتى عبر زمن وليس فى يوم وليلة كما قلت، لكن الدولة تسعى فعلاً إلى تحقيق هذه المواطنة.
إلى أى مدَى نجحنا؟ - قطعنا شوطًا كبيرًا فيها، وبالمقارنة بالفترات السابقة سنجد أننا قطعنا %50 و%60 و%70، وهذه نتائج جيدة ومهمة لصالح الوطن ولصالح الحياة، وأريد أن أقول إن من الأمور التى دائمًا السيد الرئيس يؤكد عليها أننا لا بُدّ أن نكون واحدًا.
عندما يزورنا فى الكنيسة فى ليلة العيد، هذه العبارة دائمًا تتكرر «لازم نكون واحد».. وكلمة واحد لا تأتى إلا من خلال المواطنة.
الكنيسة لها دور كبير قوى لأن الكنيسة وطنية والكنيسة لا تمارس السياسة على الإطلاق، وهى خارج حدود السياسة، لا يوجد حزب فى الكنيسة، مفيش الكلام ده خالص، وكل الأعمال الوطنية نشارك فيها.. نشارك فى الانتخابات، الاستفتاءات الوطنية، ونحث أولادنا على المشاركة.. هناك تحفيز وهو شىء مهم.
أيضًا نحن نتعلم دروسًا عن مصر فى الكنيسة، لدينا على الأقل درسان كل عام، فى يناير وفى يونيو، ففى يونيو عيد دخول المسيح أرض مصر، ويناير فى ميلاد السيد المسيح والهروب إلى مصر.. وهذا على الأقل، وقِس على هذا المواطنة.
أيضًا المواطنة تظهر فى الدور الاجتماعى فى الكنيسة ننشئ مستشفى لخدمة كل المصريين، ومَدرسة تخدم الجميع، وكذلك مركز مهنى يخدم كل الناس.. أعطيكم مثالًا، تعاونت الكنيسة مع وزارة الإنتاج الحربى فى عمل فصل لتعليم «اللحام»، وهو جزء من التعليم الفنى فقمنا بعمل إعلان، تقدم مصريون مسيحيون ومسلمون وأنشأنا فصلًا دراسيًا، والوزارة قدمت لنا المدربين والمدرسين علموهم ثم أخذوا التدريب العملى فى ورش تابعة للوزارة وتخرجوا وأقمنا لهم حفل تخرُّج كانوا 14 فردًا بحضور مسئولين من الوزارة.. وهذا دور مجتمعى، كذلك نقوم أيضًا بعمل فصول فى الصيف لتعليم اللغات.. وهكذا.
فى الفترة الأخيرة بدأت تنتشر مدارس تابعة للكنيسة القبطية معترف بها من وزارة التربية والتعليم تديرها مؤسّسة دينية.. هل هناك مضايقات تنال هذه المدارس، وهل هناك إقبال عليها من المسلمين أم أنها مسيحية فقط؟ - معظم الدارسين بهذه المدارس مسلمون، فنجد أن 70 فى المئة من الطلبة أو أكثر للمصريين المسلمين.
هل هى متساوية مع المدارس الكاثوليكية، فالمدارس الكاثوليكية لها تاريخ كبير فى مصر؟ - هنا مغالطة.. لأن الكنيسة القبطية والجامعات القبطية كان لهم مدارس كثيرة جدًا، ثم جاء التأميم، التأميم «قَصَم ظهرها».. فهذه نقطة مهمة جدًا، يعنى أنا تعلمت فى مدرسة ابتدائية فى مدينة دمنهور أنشئت سنة 1901 كان اسمها مدرسة الأقباط.. وبالمناسبة مدرسة الأقباط فى مدينة دمنهور دخلها البابا كيرلس ودخلها البابا شنودة وأنا دخلتها.. صدفة غريبة، واسمها حاليًا مدرسة المحبة.
الكنيسة المصرية تشارك فى وضع المناهج التعليمية وأصبح هناك فصل موثق بشكل أساسى عن المواطنة.. ما هو دور الكنيسة فى وضع هذه المناهج خارج إطار الكتب الدينية.. هل توجد مناهج أخرى الكنيسة تشارك فيها مع وزارة التربية والتعليم؟ - نشارك فقط فى منهج التربية الدينية المسيحية.. وطبعًا نضع فيه جزءًا خاصًا بالمواطنة.
لكن فى المناهج الكنسية فكرة المواطنة موجودة، هناك درس اسمه «محبة الوطن» ونأخذ فيه مثالاً من العهد القديم مثال «نحميا» وكيف أحب الوطن.. ونركز على العبارة التى قالها «إله السماء يعطينا النجاح ونحن عبيده نقوم ونبنى».. وهذا موجود فى فصول التربية الكنسية.
دعنا نتحدث مع قداستكم عن الشباب، وأنا أعلم أن الكنيسة وقداستكم تولى اهتمامًا شديدًا بالشباب، وأبدأ من شباب المهجر بما أننا نتحدث عن فكرة المواطنة إلى أى مدى الكنيسة نجحت فى ربط الجيل الرابع والخامس من أقباط المهجر بالكنيسة الأم وبالوطن؛ خصوصًا أن قداستكم تهتم بمؤتمرات الشباب، وهل هناك آليات قياس من الكنيسة لمتابعة الشباب بعد عودتهم لبلادهم؟
- كل الشباب فى الكنائس القبطية لديهم اجتماع شباب لشباب الكنيسة فى كل كنائسنا من دون استثناء، وهو اجتماع أسبوعى هنا وفى المهجر، فى كل كنائسنا بصورة عامة، وهذا الاجتماع أحيانًا لشباب الجامعة وأحيانًا لشباب المهنى وأحيانًا للشباب المتخرجين ونضيف عليهم اجتماعًا للأسَر حديثة الزواج لأن معظمهم شباب.
ونعمل اجتماعًا قبل هذا كله اسمه اجتماع الإعداد للزواج، هذا كله يصب فى خدمة الشباب، وهذا فى كل كنائسنا بصورة عامة، داخل مصر أو خارجها.
لكنا نعمل أشياء أخرى، مثلاً نقيم مؤتمرات للشباب وهى مؤتمرات روحية ودينية وكنسية.
بدأنا منذ 8 سنين نعمل فكرة جديدة أننا نجمع من شباب كنائسنا فى المهجر ونجمع أعدادًا ليست كبيرة وذلك حسب سعة المكان، فهو يسع نحو 200 شاب وشابة من كنائسنا.
ونحن لنا حاليًا فى العالم 600 كنيسة قبطية ونحو مليونىّ قبطى خارج مصر بصفة عامة نجمعهم هنا من الأجيال الثالث والرابع والخامس بعضهم وُلد بجنسية البلاد التى يعيشون فيها، نحضرهم إلى مصر حتى تعيش فى قلبهم، نقدم لهم برنامجًا حافلًا ومُرَكزًا جدًا ومُعدًا جيدًا جدًا.
أول مجموعة تقابلت مع السيد الرئيس سنة 2018، والثانية كانت فى سنة 2022 قابلت رئيس مجلس الوزراء، والمجموعة الأخيرة سنة 2025 منذ شهرين قابلت وزير السياحة ونائب وزير الهجرة.. حاجة جميلة جدًا أنهم تكون لديهم فكرة عن وطنهم الأم ويعرفوا ما هى مصر، مثلاً أخذناهم ذات مرة لزيارة قناة السويس الجديدة وأخذوا مراكب فى القناة، لا تتخيلوا إلى أى مدى كانت مؤثرة فيهم جدًا.
مرة أخرى زاروا مدينة العلمين الجديدة. مرة ذهبوا إلى واحد من أديرتنا القديمة فى أسيوط وهذه المرة ذهبوا إلى العين السخنة ودير الأنبا أنطونيوس، أول دير فى العالم وأيضًا المتحف الكبير.. وهكذا.
ما مكتسبات مثل هذه الزيارات؟ - أولاً يأخذون فكرة عن صورة مصر الجديدة والدور الفاعل فيها وقامات النجاح، فنحن نقابلهم بنماذج وشخصيات ناجحة وفى نفس الوقت يكون لهم دور كبير جدًا عند عودتهم، وذلك بالحديث عن مصر فيكونون بمثابة سفراء لمصر، ونحثهم على مقابلة السفير المصرى فى البلد الموجودون فيها ليحكوا له عن رحلتهم ماذا فعلوا وإلى أين ذهبوا، ونحثهم على أن يحكوا لأصحابهم وزملائهم فى الجامعة والكليات عن مصر وكيف أصبحت.
هذا دور مجتمعى مهم، لكن اسمح لى فى نفس المفهوم، هل من مكتسبات هذا الأمر أنه أعاد صياغة مفهوم ما يسمى ب «أقباط المهجر» أو الفكرة أو الصورة الذهنية التى كانت ترسخ أو تستخدم هذا المصطلح؟ - هذا التعبير كان اختراعًا سياسيًا إلى حد ما، الآن مَن يهاجم مصر هو شخص مصرى هاجر سواء كان مسلمًا أو مسيحيًا، لكن هناك نقطة مهمة جدًا وهى أن الكنيسة حافظت على تجمعات الأقباط فى الخارج وهذا غير موجود.
السفارات تقوم بدور كبير وتحاول تجمع كل المصريين ولكنها لا تستطيع أن تجمع الكل، وهنا الكنيسة صارت كأنها سفارة شعبية تجمع جزءًا، وإن كان معظم كنائسنا فى الخارج هى مكان التقاء للمسيحيين وغير المسيحيين.
دعنى فى نقطة أقباط المهجر أقول إنه فى وقت من الأوقات الأوضاع السياسية هى التى كانت سببًا فى وجود هجرة وظهور موجات هجرة للأقباط.. هل قداستكم ترى أن مثل هذه الموجات لا تزال متواجدة أم أن مثل هذه الأسباب لم تعد قائمة؟ - دعينى أعدل لك السؤال، هجرات المصريين بصفة عامة ومن ضمنهم الأقباط كانت ولا تزال تتم لأسباب اقتصادية وتعليمية واجتماعية.. وحكاية السياسية دى أضعف حاجة، يعنى أنا أريد أن أسافر من أجل تعليم أولادى أو أعمل بيزنس أو أدرس ماجستير ودكتوراه أو أعمل معادلة.. فالسفر له أهداف كثيرة.
وأحب أن أضيف أن المصريين من آخر الشعوب التى هاجرت.. على سبيل المثال لبنان ومصر، اللبنانيون بدأوا الهجرة منذ أربعة قرون ونحن بدأنا منذ 50 سنة أو 60 سنة.. لماذا؟ لأن المصريين كلهم فى تاريخهم عاشوا بجوار نهر النيل فأصبح هناك نوع من الربطة القوية ما بين الإنسان المصرى والنهر وما بين الأرض التى حوله، الأرض نأكل منها فأصبحت أمّنا، والنهر نشرب منه فأصبح أبونا، وأنا الإنسان، فهذا الثلاثى القوى رباط قوى حتى اليوم نجد مثلاً أنه من باب الوجاهة الاجتماعية أن حضرتك تقول لى أنا عندى شقة على النيل.. مجرد ما تقول أنا عندى شقة على النيل تبقى أنت من علية القوم، وهذا جعل مصريين كثيرين لم يهاجروا بسبب الارتباط، وحتى عندما يهاجرون يقولون «بس اللى بحلم بيه أنى لما أموت أتدفن فى بلدى».. فكلمة أقباط المهجر كلمة لها مدلولات سياسية ونحن لا نقبلها.
هل قداستكم ترى أنها لم تعد موجودة؟ - هل المصريون المسلمون نسميهم إيه؟ مسلمو المهجر؟!
نعود إلى موضوع الشباب.. هل قداستكم ترى أن هناك عزوفًا لدى الشباب عن الكنيسة فى الفترة الأخيرة؟ - بصفة عامة العالم اليوم يتسبب فى تشتيت الشباب.. يعنى الشباب الذى يجلس أمام الإنترنت والسوشيال ميديا العالم كله مفتوح عليه، ده يشده وده يشده وده يشده والموضوع ده يشده. كان زمان يعنى مثلاً من 30 أو 40 سنة لم يكن هناك هذا التشتيت، كانت المصادر التى أمام الشباب محدودة. اليوم هذا التشتيت عامل أزمة لدى الشباب لا يعرف فى أى اتجاه يسير، بالضبط مثل شخص واقف فى ميدان أمامه شوارع كثيرة ولا يعلم فى أى شارع يذهب، وهذا يسبب نوعًا من الاضطرابات فى فكر الشباب، وفى الكنيسة نحاول نخدم الشباب.
قداستكم فى بداية توليكم لسدة الكرسى المرقسى طلبتم من الأساقفة والآباء الكهنة تطوير الأدوات التى يستخدمونها لتتماشى مع متطلبات العصر.
- وهذا فعلاً ما نقوم به.
هل نجحت الكنيسة فى تطوير أدواتها لتكون مؤسّسة جاذبة للشباب؟ - نجحت بالفعل... هناك أنشطة بصفة عامة وخدمات وقيادات شبابية، لدينا مشكلة كبيرة كمصريين وهى أن هناك شبابًا كثيرين والقادة قليلين، فقائد الشباب لا بُدّ أن تكون لديه مواصفات معينة ليقود الشباب، ولذلك نحن نحاول عندنا مثلاً نعمل إعداد لقيادات الشباب حاجة مهمة نحاول أن يكون لدينا عدد كبير من الأباء الكهنة شباب، يترسّموا وهم شباب حتى يتواصلوا مع الشباب، حتى فى بعض أساقفة، عندنا أساقفة من مواليد سنة 1985 وقربنا على التسعين شباب وعلاقتهم مع الشباب علاقات قوية قوى.
الكنيسة مؤسّسة عريقة عندما نتحدث عن التطوير يحدث أحيانًا بعض اللغط أو عدم الفهم مما يتسبب لن أقول انقسامات وإنما «خناقات» وهى الموجودة فى كل المؤسّسات بين التيارات القديمة والجديدة.. إلى أى مدى نجحت الكنيسة أنها تذلل هذه العقبات وتدخل التطوير الكبير فى عناصرها؛ خصوصًا أن هناك مقومات شديدة أحيانًا تطال الكنيسة فى هذا الموضوع؟
- سؤالك ينقسم لقسمين؛ الأمور الثابتة فى الكنيسة كالعقيدة والإيمانيات هذه أمور ثابتة لا يتم فيها لا تطوير ولا تغيير ولا أى شىء نهائيًا، لكن الأمور التى نمارسها بالشكل وسأعطيك أمثلة هذه تحتاج تطوير فمثلاً كانت كنائسنا فى وقت من الأوقات لا تستخدم الميكروفون ثم بدأنا نس تخدمه هذا تطوير، كان زمان وزمان هذا أيضًا من 20 سنة كانت كنائسنا أقصى حاجة يكون بها مروحة، أنا تربيت فى كنيسة لم يكن بها مروحة حتى، لكن اليوم كل كنيسة بها تكييف، كنا زمان نجلس على دكك خشب بسيطة لكن الآن الدكة أصبحت لها نوع من أنواع التنجيد حتى تكون مريحة.. كل هذه التغييرات هى تغييرات وتطوير.
كمان فى أساليب التعليم نحاول نقدم التعليم بأساليب علمية معاصرة وجديدة والتى تدرس الشخصية ونفسية الإنسان والجو المحيط به وتطلعاته وأحلامه ومشاعره وهكذا. الأسئلة الوجودية التى لدى الشباب كيف نجاوب عليها، فهناك تطوير يتم فى الأمور القابلة للتطوير، لكن أساسيات الحياة والإيمان والعقيدة لا يتم التطوير فيها ولا تغيير.
أمّا المشكلات التى تتحدثين عنها والخناقات فهى تأتى من سوء الفهم، واحد قال حكاية الناس صدقتها وهى ليس لها أصل إطلاقًا وتكون النتيجة أنهم يتخانقوا.
بالرجوع لمصطلح تشتيت للشباب الذى استعملته قداستك.. ما هى نصيحتك للتعامل مع هذا التشتيت لأنه فعلاً مصطلح بليغ يصف فعلاً حالة واقعية جدًا للشباب؟ - حاجة مهمة جدًا هى إعداد قادة يستطيعون مخاطبة الشباب، ولا بُدّ أن يكونوا من بين الشباب، أمّا النقطة الثانية فهى التوعية الدائمة، لذلك مثلاً فى مرات كثيرة قابلنا السيد وزير الشباب الدكتور أشرف صبحى جاء وحضر معنا هنا، وكانت معه مجموعات من الشباب كبيرة تحت مسميات كثيرة طبعًا مسلمين ومسيحيين، وكان بعضهم من بلاد أخرى خارج مصر.
أيضًا كانت فرصة أنى أعَرّفهم على الكنيسة وأتكلم معهم ويسألوننى أسئلة وأرد عليهم حاجة مهمة جدًا. مثلاً بعض الشباب الذى يدرس فى الجامعات الأجنبية هؤلاء لديهم تطلعات وأفكار يمكن غير مرتبطة بالواقع المصرى، فرصة عندما نقابلهم نتكلم معهم، نجاوب على أسئلتهم والاستفسارات الخاصة بهم.
الشباب بصفة عامة طاقة رائعة ونعتبره الحلقة الذهبية فى حياة أى مجتمع، وبالتالى واجبنا نحن خدمتهم وإعداد من يخدمهم ودائمًا إجراء الحوار معهم.
منذ فترة كان هناك قرار صدر من المجمع المقدس أن المسئولين عن إثارة الخلافات على السوشيال ميديا سيتم النقاش معهم أو مساءلتهم.. ماذا تم فى هذا القرار؟ - تمت مقابلات مع بعضهم وعرفوا بأخطاء كثيرة وقعوا فيها وتمت مناقشتهم والأمور تسير بهدوء شديد جدًا.
فى فترة من الفترات لجأ الأقباط للكنيسة لأسباب كثيرة، حتى ظهر مصطلح دولة داخل دولة، هل قداستكم ترى أننا الآن تخلينا عن هذه الفكرة والأقباط بدأوا الخروج خارج الكنيسة؟ - طبعًا طبعًا..
هل هذا هو الصحيح أم أنه يترجم أن الكنيسة أصبحت غير قادرة على جذب الشباب؟ - لا لا لا... ما يحدث هو عبارة عن مشاركة ونحن نحث كل أولادنا وبناتنا على المشاركة فى كل شىء فى اتحادات الطلبة، فى «حياة كريمة» وفى الخدمات الاجتماعية المتعددة لا بُد لهم أن يشاركوا ونشجعهم، وطبعًا لا يتم ذلك بين يوم وليلة لكن يحتاج وقتًا، وهذا دور أساسى فى الكنيسة.
لدينا فى المجمع المقدس لجنة للعلاقات العامة ومن دورها أنها تحث الشباب والشابات على المشاركة فى الانتخابات ليس الإدلاء بالصوت لكن فى الترشيح حتى يشعروا أن خدمة الوطن تساوى خدمة الكنيسة بالضبط.
كيف يرى قداسة البابا السوشيال ميديا بشكل عام ومردودها فى حياة الشباب والأطفال.. كيف ترى تأثيرها، وهل من المفترض أن يتم تقنينها، وإلى أى مدى يتم استخدامها؟ - لا يمكن تقنينها ولا يمكن السيطرة عليها تمامًا.. السوشيال ميديا صارت كالوحش.. وحش يلتهم نفوس وعقول وقلوب ومشاعر صغار وكبار بصفة عامة.. و95 % من المنشورات على السوشيال ميديا غير حقيقية وأكاذيب.. واحد يكذب كذبة ويقوم الثانى ملمع الكذبة يقوم الثالث يأخذ الكذبة ويزود عليها وهكذا، فيعيش العالم فى عالم أكاذيب، ولذلك هناك دراسات علمية كاملة عن «ماذا بعد الكذب؟» يعنى بعد ما العالم كله يعيش فى كذب إيه اللى بعد كده؟.
ماذا عن ال AI الذى بدأ يتعلم الكذب، كيف نتعامل مع السوشيال ميديا وهذه الأكاذيب؟ - البيت، والمؤسّسة الدينية والمؤسّسة التعليمية، هذه المؤسّسات الثلاث المسئولة عن تنشئة الإنسان «بيتى وكنيستى ومدرستى» هم الذين يعلموننى، إذا أجادوا أدوارهم لا شىء خارجى يمكن أن يؤثر فينا، هناك آية جميلة فى الكتاب المقدس تقول «النفس الشبعانة تدوس العسل»، الإنسان عندما يكون شبعان تقدم له العسل يقول «أنا شبعان».. العسل هنا هو أى إغراء أو أى تعليم خارجى أو أى حاجة تشتتنى أقدر أدوسها طالما أنا شبعان.
شبعان من بيتى من كنيستى وفى مدرستى.
قانون الأحوال الشخصية مطروح منذ فترة نريد أن نعرف تقدير الموقف.. إلى أين وصلنا فيه وإلى أى مدى ممكن أن نرى هذا القانون؟ - القانون أخذ وقتًا طويلًا جدًا وأخذ دراسة معمقة جدًا ويحل مشكلات كثيرة جدًا.. ونتساءل أين القانون؟!
ما الذى يعطل صدوره؟ هل هو فى البرلمان؟ أعتقد أنه فى البرلمان مقدم منذ سنين وتم عمل عليه دراسات واجتماعات ومناقشات وحكايات يعنى هذا عددها، وتم الحوار بين الكنائس قبل ذلك فى إعداده ولا أعلم لماذا لم يصدر حتى الآن.
هل توافقت الكنائس عليه؟ - الكنائس متوافقة، وكلنا متوافقون، ورؤساء الكنائس وافقوا عليه ووقعت عليه.
هل المشكلة أن القانون لا يزال فى البرلمان؟ - للأسف لا أعلم يا ريت تسألوا لى!!
بما أننا نتحدث عن قانون الأحوال الشخصية، المجالس الإكليريكية التى تم وضعها هل نجحت بشكل كبير فى حل مشاكل الأقباط بالنسبة لقانون الأحوال الشخصية؟ - إلى حد كبير؛ وبخاصة فى تقليل مساحات الانتظار والوقت، كان زمان كل الأحوال الشخصية تصب عند شخص واحد هو نيافة الأنبا بولا وهو الذى كان مسئول مجلس الأحوال الشخصية مما كان يتسبب فى أن هذه المشاكل تستغرق وقتًا كبيرًا، فقسّمناها على حسب اتساع الكنيسة إلى 6 أقسام، ثلاثة داخل مصر وثلاثة خارجها، وأصبح هناك مجلس لأمريكا ومجلس لأوروبا ومجلس لآسيا وأستراليا.
وهنا واحد للقاهرة وواحد للإسكندرية وبحرى وواحد للصعيد وإفريقيا. هذه المجالس نجحت إلى حد كبير فى أنها تقلل فترات الانتظار ومنحت قرارات وحلت مشكلات إلى حد كبير جدًا.
والقانون الجديد سيساعد فى دورها من الناحية قانونية، نحن نسير بالقانون أيضًا الآن، لكن بقوانين قديمة فأصبح فيها نوع من وجهات النظر، القانون الجديد يوحد وجهة النظر.
هذا الأمر ينقلنا للنقطة الثانية وهى الحوار ما بين الكنائس.. هناك حوار إيجابى جدا؟ - ماذا تقصد بالحوار؟ الحوار بين الكنيسة الأرثوذكسية وبقية الكنائس.. - فى العالم؟ لا هنا فى مصر ؟
- فى مصر الحوار قائم وزى الفُل ولدينا مجلس كنائس مصر وكنا بالأمس نحدد موعد اجتماع شهر فبراير المقبل والعلاقات طيبة جدًا بين كل رؤساء الكنائس، لكن إذا كنت تقصد الحوار مع كنائس العالم أيضًا لنا مشاركة مع كل كنائس العالم.
كان هناك وفد شارك فى الحوار مع الكنيسة الروسية لنا حوار مع الكنائس البيزنطية وأيضًا حوار مع الفاتيكان والكنائس الكاثوليكية ولنا علاقات وحوارات مع الكنيسة الإنجليكانية، نحن كنيسة قديمة، الكنيسة المصرية واحدة من أقدم كنائس العالم ولها دورها ولها تاريخها ولها تراثها ونشارك فى علاقات جيدة مع كل كنائس العالم دون استثناءات.
كانت لكم علاقة قوية مع بابا الفاتيكان الراحل البابا فرنسيس.. كيف هى علاقتكم مع البابا الجديد؟ - علاقتنا جميلة جدًا، بعد ما تم اختياره أرسلت وفدًا للتهنئة وحضور مراسم التنصيب، وتحدثت معه تليفونيًا وكانت مكالمة طيبة.
وفى عيد ميلاده السبعين أرسلنا أسقفنا فى روما وحضر الاحتفالية التى أقيمت بهذه المناسبة.
من منطلق الحوار بين الكنائس دائمًا مطروح قضية تخص الأمن المصرى أو الأمن المائى.. هل للكنيسة المصرية دور فى هذا الامر؟
- الكنيسة الإثيوبية كانت بنت الكنيسة القبطية حتى عام 1959 وانفصلت عنها وعندما الكنيسة تنفصل عن الكنيسة الأم نسميها sister church أو كنيسة أخت أى أصبحت كنيسة شقيقة لنا وتشارك معنا والعلاقة قوية.
كانت الكنيسة فى إثيوبيا كنيسة أرثوذكسية وذلك عندما كان الإمبراطور أرثوذكسيًا كان هو هيلاسلاسى الذى اغتيل سنة 1974 وتحولت إثيوبيا إلى حكم شيوعى، والحكم الشيوعى بدأ يضعف الكنيسة فبدأت الكنيسة هناك تضعف جدًا وقتلوا البطريرك الذى كان موجودًا وأقاموا بطريركًا غير شرعى وبعد ذلك الكنيسة بدأت تعود ولكن ليس بنفس قوتها.
دور الكنيسة فى المجتمع الإثيوبى حاليًا هو دور محدود جدًا لكن لنا علاقات كنسية ولنا أب راهب مقيم هناك وعندنا بعض الكهنة الإثيوبيين يتعلمون عندنا، وأضيف لذلك أن الكنيسة الإثيوبية انفصلت عنها الكنيسة الإرترية وأصبحت كنيسة أخرى، وكل هذا أضعف الكنيسة هناك.
دائمًا قداستكم تتحدث عن مصر ودور مصر.. كيف ترى دور مصر فيما يحدث الآن فى كل الأزمات المحيطة الإقليمية؟ - مصر الرجل الكبير فى المنطقة كلها.. والحقيقة أن الدولة والقيادة السياسية تقوم بدور شديد جدًا، وأنا شخصيًا أصلى لأجلهم ولأجل السيد الرئيس أن ربنا يوفقهم، لأن بالفعل المواقف حرجة وشديدة الخطورة وتتطلب كل الحكمة وكل الروية وإظهار القوة والحزم والبحث عن السلام وحفظ السلام، والحقيقة المواقف فى غاية الدقة، وربنا يعطى النعمة والرؤية فى إدارة هذه المواقف.
الكنيسة وقداستك لكما موقف مهم جدًا فى القضية الفلسطينية وهو لا يختلف عن ثوابت ومحددات الموقف المصرى فى هذه القضية.. نحب نسمع من قداستك تقدير هذا الموقف.
- لفلسطين تاريخ قوى ولها جزء كبير فى الكتاب المقدس ولدينا مطران فى القدس مطران قبطى موجود ولدينا كنائس وأديرة ومدارس فى القدس التى هى أورشليم.. لنا حضور.. وهناك أقباط أيضًا عددهم قل جدًا بسبب هذه الأزمات ولكن لهم تواجُد، وقبل ما يكون لنا سفير مصرى بعد معاهدة الصلح كان لنا مطران قبطى، والمطران القبطى هو مصرى، فهو دور مهم.. وطبعًا عبر التاريخ الحديث من أيام البابا شنودة والبابا كيرلس وفلسطين موجودة فى الوجدان، وأقيمت مؤتمرات كثيرة لشرح القضية الفلسطينية ومن أجل الدور الكنسى، وزارنا رئيس السلطة الفلسطينية أكثر من مرة وأنا زرت القدس فى وفاة المطران المصرى هناك وحضرت، وكانت فرصة طيبة بالرغم أنها كانت فى ظرف كنسى خاص.
بصفة عامة الفلسطينيون شعب له أرض جاء المحتل وحاول يطردهم.. فالقضية واضحة وضوح الشمس، والدور المصرى عظيم للغاية وآخرها كلمة السيد الرئيس فى مؤتمر قطر.
كيف تتابع أخبار القضية الفلسطينية فى الفترة الأخيرة؟ - من خلال الأخبار طبعًا، والأمر غير مقبول لا إنسانيًا ولا سياسيًا ولا اجتماعيًا، وما يحدث كسَر القانون الدولى وكسَر الحياة بصفة عامة والعلاقات بين الدول، وفى النهاية ربنا هو اللى يتصرف.
تابعنا فى تلك القضية بعض المصطلحات الدينية مثل مسمى إسرائيل الكبرى أو أرض الميعاد من المحتلين.. كيف تراها قداستكم؟ - الخلط بين المفاهيم الدينية والمفاهيم السياسية خطير للغاية.. والبابا شنودة له محاضرة رائعة ممكن حضرتك تعود إليها عنوانها «إسرائيل فى الميزان» ألقاها فى نقابة الصحفيين سنة 1977، وهى محاضرة قوية شرح فيها كل الأمور، وطبعًا الخلط الدينى خلط متعمد لكى نضعها تحت غطاء الدين لكن هى أساسًا سياسة وعدوان واحتلال فقط.
فى احتفال روزاليوسف ب 100 عام وقبلها الأهرام الاحتفال ب 150 عامًا.. كيف ترى علاقة الكنيسة بالإعلام؟ - أحيانًا الإعلام يتعمد عن قصد أو غير قصد أنه يهمّش دور الكنيسة مع أن الكنيسة أحد مَواطن القوة فى المجتمع المصرى، بمعنى إذا نظرنا إلى المجتمع المصرى هو يشبه معبد الكرنك مكون من أعمدة ولا يمكن الاستغناء عن عمود واحد، كل الأعمدة فى أى بناء لا أستطيع الاستغناء عن أى واحد منهم لأن المبنَى كله سينهار.
الحياة فى مصر هى عبارة عن أعمدة فى بناء كبير ومجموعة من الأعمدة فيها القضاء عمود والصحافة عمود والثقافة عمود والشرطة عمود والقوات المسلحة عمود والكنيسة عمود والمؤسّسة الدينية الإسلامية عمود والرياضة عمود، كلها أعمدة تشكل كيان المجتمع المصرى، وتهميش أو إضعاف دور الكنيسة ليس فى صالح الوطن إطلاقًا، والكنيسة أمينة جدًا على الوطن، أمينة جدًا.. وهذه الأمانة يشهد لها 20 قرنًا من الزمان.
تكتبون مقالات كثيرة وتعرفون تاريخ البطاركة.. وكيف واجهوا فى يوم من الأيام عندما أرسل قيصر روسيا مندوبًا ليضم الكنيسة القبطية إليه لكن البابا البسيط سأله سؤالاً لطيفًا جدًا، قال له «يا بنى قيصر روسيا ده إنسان قاله أيوه قاله هيموت قاله آه كل البشر هيموتوا قاله روح قوله إحنا فى حمى مَلك لا يموت»..
فالقنصل كان يسجل مذكراته ويقول صمت أمامه عدة دقائق لا أجد كلمات أقولها مع أنه دبلوماسى يجيد الكلام.
لذلك الدور الوطنى فى الكنيسة القبطية واضح جدًا جدًا جدًا، لكن بعض الإعلام يهمشه أو يعمل أى عمل مسرحى أو سينمائى أو تليفزيونى ويجعل دور الشخص المسيحى هو الدور الضعيف أو السيئ أو زى ما يكون.
مثال آخر، خبر مهم فى الكنيسة المصرية الموجودة على أرض مصر، يتم نشره بصورة صغيرة فى صفحة داخلية فى مكان فى نهاية الصفحة.