مع حلول العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم يبادر الصائمون بالاعتكاف في المساجد والانعزال مؤقتا عن الناس وأمور الحياة والتفرغ فقط لعبادة الله وقراءة القرآن والذكر والنوافل، وهو سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم تحقق هدوء للنفس وراحة للقلب من مشاغل الحياة ولو لفترة من الوقت. وروت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله)، لكن للاعتكاف آداب وسلوكيات فضيلة سنها النبي واتفق عليها العلماء كأن يتجنب المعتكف الانشغال بغير عبادة الله من القول أو الفعل. ومن هذه الآداب أن يتم استحضار النية واحتساب الأجر على الله عز وجل وكذلك استشعار الحكمة منه والمحافظة على الأعمال اليومية من سنن وأذكار كالسنن وصلوات الضحى والقيام والوضوء والإكثار من النوافل والانتقال من نوع لآخر حتى لا يصاب المعتكف بالفتور فتارة يقضي وقته بقراءة القرآن أو التسبيح أو الحمد أو التكبير أو الصلاة وقراءة كتب أهل العلم. ومن الآداب أيضا الإقلال من الطعام والكلام والنوم والحرص على الوضوء طوال وقت الاعتكاف، كذلك لا يخرج المعتكف من المسجد إلا للضرورة القصوى، القرآن الكريم بين أنه لا يجوز للرجل أن يباشر أهله وهو في معتكفه فقال "ولا تباشروهن وانتم عاكفون في المساجد، مضيفا "كان صلى الله عليه وسلم اذا دخل العشر الأواخر اجتهد في العبادة واعتزل أهله وأيقظهم للطاعة والعبادة وشد مآزره". روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه رأى رجلا مهموما في المسجد فقال له ابن عباس ألك حاجة تريد أن تقضيها فقال الرجل نعم، فأخذ ابن عباس نعليه وخرج فقال له الرجل يا بن عباس أنسيت أنك في معتكف فقال له سمعت صاحب هذا القبر- يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم والعهد به قريب وذرفت عينا ابن عباس بالدمع-إنه يقول من سعى في حاجة أخيه ليقضيها له كان خير له من اعتكاف عشر سنين".