عن دار فضاءات الأردنية، صدرت مؤخرا رواية (كاماراد – رفيق الحيف و الضياع) للروائي الجزائري الصدّيق حاج أحمد (الزيواني)، تعالج الرواية قضية من قضايا الساعة، المتمثلة في الهجرة غير الشرعية للأفارقة نحو الفردوس الأوروبي. تدور أحداث الرواية، حول شخصية نيجيرية محورية، تدعى (مامادو)، تنطلق في رحلتها من عاصمة النيجر (نيامي)، نحو فردوس الشمال، سالكة أصعب الظروف عبر الصحراء مع المهربين، للوصول لجنوب الجزائر، لتنتحل هوية شخصية أخرى ماليانية مسيحية، تدعى (كوليبالي)، بجواز سفر مزوّر، يعبر به أرض الجزائر نحو الشمال، وصولا حتى الحدود المغربية، لينطلق في رحلة شاقة أخرى، ليصل مدينة الفنيدق المغربية، قبالة جيب مدينة (سبتة) الإسبانية، محاولا عبور السياج، في ليلة أعياد الميلاد، ليسقط أخيرا في قبضة الحرس المغربي، بعدما ضاعت منه تميمته، التي أعطتها له أمه، كحجاب لكل ضيق.. قدّم لها الناقد الأكاديمي الجزائري السعيد بوطاجين على ظهر الغلاف فقال: " في رواية كامارادْ - رفيق الحيف والضياع - ما يستحقّ القراءة المتأنية، بالنظر إلى الأجواء الجديدة، التي بأّر عليها الروائي الصدّيق حاج أحمد. إننا أمام عوالم يتداخل فيها الواقعي بالسحري والخرافي والأسطوري: الملمح العام الذي يسم بعض البلدان الأفريقية، التي تتمازج فيها الأشياء مكوّنة ما يشبه الحقيقة الوهمية.. لقد بذل الكاتب جهدا استثنائيا، في التنقيب عن العادات والحالات الثقافية والمعجم والمعتقدات المتواترة، ليقدّم صورة ذات أهمية متقدّمة، بالعودة إلى قلّة النصوص التي اهتمّت بالموضوع في قارة منهكة ومنسية في هامش الوقت.. كما يكشف النص عن تفاصيل دقيقة في قوالب فنية راقية، وبطاقة سردية متميزة؛ لأنها تمثّلت الأجواء والشخصيات والكلمة والعبارة والحالة.. إنها رحلة البحث عن الذات هربا منها أو محاولة القبض على مستقبل كقوس قزح.. قريب ومستحيل.. هجرة من بلدان لا توفّر لأبنائها سوى الخراب والكذب والحطام والموت. رحلة إلى آفاق تصبح فيها الشخصية ضائعة كغيمة الصيف.. لا هي إلى البرّ ولا هي إلى البحر. كحال من لا يملك موطنا، يحمل مواصفات الأوطان.. ذلك تماما ما ركّزت عليه الرواية في التعامل مع موضوع الهجرة غير الشرعية، بمعرفة كبيرة و بوعي يستحقّ التثمين، من حيث إنها أحاطت بالعلّة والتفاصيل والمسارات والنتائج. رواية (كامارادْ) بحث مركّب وجهد يتوفّر على حكمة وعبقرية، قد تكون الطرائق السردية عاملا أساسيا من عوامل انتصاره. نحن في مواجهة عمل فنّي مهمّ؛ لأنه عدل عن المتواتر، من أجل تحقيق هويّة سردية لها سماتها الخاصة بها، كتجربة مستقلّة بذاتها. نص جدير بالقراءة؛ لأنه يقدّم نفسه، كعمل جادّ، أُسِّس على جهد ومعرفة بالواقع والتاريخ والنواميس الأفريقية و بالشكل السردي المناسب لموضوع قليل الانتشار في المنجز الأدبي العربي الرّاهن".