تراجعت خلال السنوات الماضية وبشكل لافت ظاهرة الهجرة السرية (غير الشرعية) في الجزائر، عبر تلك القوارب، التي كانت تشق عباب البحر باتجاه أوروبا، لأسباب عدة تجمعت وتحالفت فجعلت الشاب، الذي كان يُمنّي النّفس بحياة أفضل على الضفة الأخرى، يعدل عن هذه الفكرة، ويبقى في بلاده. فاطمة الزهرة سعيد بورعدة، نائبة رئيس جمعية مفقودي البحر (غير حكومية) الناشطة بمحافظة وهران غرب الجزائر، عزت في تصريحات لوكالة "الأناضول"، تراجع ظاهرة الهجرة السرية، إلى "خوف" الشبان الجزائريين، من أن يلقوا مصير أولئك الذين هلكوا في عرض البحر قبل أن يصلوا إلى سواحل أوروبا. وقالت فاطمة إنه "أمر مروّع أن تشاهد جثث المهاجرين السريين تنتشل من البحر؛ هذه المشاهد، كانت دافعا نفسيا لدى هؤلاء الشبان، لإزالة فكرة الهجرة نحو أوروبا عبر قوارب الصيد من مخيلتهم نهائيا". وذكرت فاطمة أنّ "مأساة" المهاجرين السريين المفقودين، ما تزال ترخي بظلالها على المجتمع الجزائري، وساهمت هي الأخرى في الحدّ من ظاهرة الهجرة السرية، التي اعتبرتها "كابوسا" مرعبا ما يزال يقض مضجع العشرات من العائلات الجزائرية، التي لم تعرف إلى حدّ الساعة إذا ما كان أبناؤها أحياء أو في تعداد الموتى. وأشارت إلى أن جمعية "مفقودي البحر" أحصت 520 مهاجرا سريا ينحدرون من محافظات بغرب الجزائر، ما يزالون مفقودين حتى الآن، بعد أن باءت كل محاولات البحث عنهم بالفشل. وكانت المحافظات الساحلية الغربية للجزائر على غرار عين تموسنت ومستغانم ووهران وعنابة بشرقها، قد شهدت في سنوات التسعينيات وبداية الألفية الثالثة، تنظيم رحلات هجرة سرية نحو سواحل إسبانيا وإيطاليا، انتهت بهلاك عدد من المهاجرين، وفقدان آخرين ما يزال مصيرهم مجهولا إلى حدّ الساعة، لكن "الظاهرة" سرعان ما تراجعت في السنوات الأخيرة. وقال فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان وهي هيئة حقوقية تابعة للرئاسة الجزائرية في تصريحات نشرتها وسائل إعلام محلية سابقا إن "عدد المهاجرين السريين الجزائريين نحو أوروبا سنة 2010 بلغ 6335 شخصًا، لكن هذا العدد تراجع إلى 493 شخصًا سنة 2013، وإلى أقل من 300 شخص خلال 2014 ".