يؤسس الكاتب والإعلامي السعودي جمال خاشقجي في كتاباته لما أطلق عليه شخصيا مدرسة "الاستشراق الخليجي في تناول الشأن المصري"! لغة هذه الكتابات تشعرك أنهم يتحدثون عن سريلانكا أو موزمبيق، يتناولون الشأن المصري باستكبار وتعال مدهشين، لا تعرف مصدرهما ولا مبررهما. يتحدثون عن الفقر وعن تردي الأحوال الاقتصادية وعن الخلافات السياسية بنفس لغة الكتاب الغربيين عن جمهوريات الموز. هم في نهاية المطاف يبدون ك"خواجات" يرتدون برانيط، لا عربا بغترة وشماغ. هكذا كتب ابراهيم الجارحي، الكاتب والرسام، بمدونته الشخصية أمس الأول، والتي علق عليها المفكر الكبير طارق حجي بتدوينة وصفت بأنها هجوم عنصري على الخليج ، خاصة حين قال لا أدري كيف يكون هناك "مفكر" و"سعودي" فهما فكرتان متناقضتان! وأضاف : أنا أقرأ منذ 55 سنة وأكتب منذ 40 سنة وقمت بتأليف 32 كتابا ولكنني لم أسمع من قبل اسم "جمال معلقة" هذا ... فالخاشوق هو الاسم التركي للمعلقة. وبكل موضوعية فاننى أطالب أي مصري بأن يستفرغ معي على شيء يلبس الثوب والعقال ومع ذلك يتكلم عن مصر بخفة وهو فى بلد ان هزت داعش أمنها فلن ينقذها إلا مصر التى تجاسر أن يتكلم عنها دون وضوء ... وفي تدوينة ابراهيم الجارحي نجده يكتب : استكمل السيد خاقشجي، وهو كاتب من العيار الثقيل، سلسلة كتاباته الاستشراقية في جريدة الحياة، بمقال معنون ب" حتى لا تسقط مصر في فخ داعش"، ومفاد المقال أن العرب يحبون مصر المسكينة المتواضعة القدرات العسكرية والمأزومة الأحوال السياسية، لذلك يربأون بها أن تورط نفسها في فخ حرب مفتوحة مع داعش المتوحشة. وردا على الدلائل التي ساقها الكاتب، كتب الجارحي يقول : أعيب على صحفي مخضرم كالأستاذ جمال، ألا يفرق بين البيان الرسمي الصادر عن جيش مصر الذي يقول أن الأهداف أصيبت بدقة، وبين رواية الإعلاميين المصريين الناقلين عن البيان الرسمي للمؤسسة العسكرية، في محاولة منه للإيحاء بأن إصابة الأهداف، مجرد تهويل إعلامي لا حقيقة عسكرية جلية. وأضاف بمقطع آخر : أود أن أستفسر من الفيلد مارشال خاشقجي: من قال لك أن مصر لا تمتلك "قنابل ذكية"؟ ومن قال إن الطيارين المصريين لم يقصفوا من على ارتفاع منخفض؟ ومن قال إن التكلفة التي وصفتها ب"الباهظة" لا تتحسب مصر لها؟ من البرنيطة للخوذة، يتحول المستر خاشقجي إلى الجنرال خاشقجي، ليشكك في قدرات مصر من كل ناحية عنً له أن يشكك فيها، دون خلفية داعمه لتشكيكاته ودون سند منطقي لمعاداته للرواية المصرية الرسمية. ومتجردا –بصورة مؤقتة- من مصريتي ومن تصديقي لرواية جيشها، أضع بيني وبين القاريء وبين الأدميرال جمال، تقرير فوكس نيوز الأمريكية عن الضربة المصرية وعن الأداء العسكري والسياسي المصري، ليقرأ بنفسه الإعجاب والغيرة والاندهاش في أداء مصر. والتقرير ينقل عن عسكريين فعليين، لا عن خيالات وتساؤلات لجوجة كتلك التي أوردها الكولونيل جمال. الفكرة المحورية في مقال خاقشجي، يسوقها في آخر سطوره: "لدى مصر ما يكفيها من المشكلات، ومحبة مصر أن نبعدها وننصحها بعدم الوقوع في «نكسة» أخرى". وتعليقا يقول الجارحي : هنا يكون من الإنصاف أن يتوجه السيد خاشقجي بتشكيكاته لصانع القرار السعودي (الذي يقال أن كاتبنا الهمام مقرب منه ومعبر عن وجهات نظره، أو جهة نظره أحد أجنحته) بهذا المقال ليحذره من الجيش المصري (الذي انتكس قبل نحو نصف قرن!) مخوفا من الاستعانة به سندًا وظهيرًا. خاصة وأن التقارير الدولية تتوالى عن استعانة المملكة بالجيش المصري لتأمين حدودها مع العراق انتظارا لبناء جدار عازل بطول حدود السعودية مع العراق، تحسبا للهجمات الإرهابية. وبنبرة ساخرة يكتب : أسرع جمال بمقالاتك، قبل أن يتورط الجندي السعودي الباسل في الاستعانة بالجيش المصري الخائب لتأمين حدوده مع اليمن، ولسد ثغراته العسكرية مع العراق. أسرع قبل أن تستأنف المملكة مناوراتها العسكرية البحرية مع مصر. أسرع قبل أن تستعين بالجيش المصري لتأمينك شخصيا من إيران التي تحاصر المملكة عراقا ويمنا ولبنانا وسوريا، فطياروه لا يحلقون على ارتفاعات منخفضة ولا يمتلكون قنابل ذكية..أسرع وكن لبلادك الناصح الأمين!