توقع خبراء سياسيون أن يوم 28 من الشهر الجاري موعد "الثورة الإسلامية"، التي دعت إليها الجبهة السلفية بمصر تحت اسم "انتفاضة الشباب المسلم"، سيكون يوماً عادياً، ولن يشهد استجابة "واسعة" من المصريين مقارنة بالمظاهرات التي خرجت يومي 25 يناير 2011 "انتهت بالإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك"، و30 يونيو 2013 "انتهت بعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي". ورأى الخبراء، أن أحداث اليوم ستتلخص في خروج أعداد من المتظاهرين، وحدوث مواجهات أمنية في بعض المناطق، دون أن تكون "ثورة" يحدث على إثرها تغييرات جذرية. ودعت في وقت سابق، هذا الشهر، الجبهة السلفية إلى "الثورة الإسلامية" أو "انتفاضة الشباب المسلم"، يوم 28 نوفمبر الثاني الجاري، مطالبين ب"فرض الهوية الإسلامية دون تمويه، ورفض الهيمنة على القرارات السياسية والاقتصادية، وإسقاط حكم العسكر" بحسب تصريحات لقياديين بالجبهة السلفية. و"الجبهة السلفية" تعرف نفسها على أنها رابطة تضم عدة رموز إسلامية وسلفية مستقلة؛ كما تضم عدة تكتلات دعوية من نفس الاتجاه ينتمون إلى محافظات مختلفة في مصر، وهي إحدى مكونات "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" الداعم لمرسي. وتعد هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الدعوة إلى "ثورة إسلامية" صراحة بمصر منذ الإطاحة بمرسي في 3 يوليو 2013. عبد الغفار شكر، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، قال إن "التيار الإسلامي، وفي مقدمته مكونات "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، المؤيد لمرسي"، فقد قدرته على الحشد الجماهيري، وبالتالي لن يكون هناك فرصة لانضمام قطاعات من المصريين لهذه المظاهرات". وفي تصريحات للأناضول، أضاف شكر أن "الشعب يحتاج إلى مشروعات اقتصادية ومزيد من إتاحة الحريات وليس ثورة ميادين مجدداً". ومضى قائلا "كل ما نسمع عنه من دعوات للثورة الإسلامية هي تهديدات جوفاء للنظام الحالي، لن تحقق شيئا ملموسا على الأرض". متفقاً معه، قال مصطفى بكري القيادي بائتلاف "الجبهة المصرية"، وهو ائتلاف يضم عددا من الأحزاب المصرية، إن "المظاهرات هذا اليوم لن تلقى قبولاً من المصريين، الذين يرغبون في الاستقرار، وبالتالي فإن الحديث عن الثورة بالإضافة إلى أنها إسلامية سيكون بداية النهاية لهم". وخلال حديثه للأناضول، توقع بكري ألا يزيد عدد المشاركين في هذه المظاهرات عن بضع مئات وربما أقل، لاسيما أنها ستكون شبيهة للمظاهرات الداعمة لمرسي، مضيفاً "سيكون يوم 28 نوفمبر الجاري يوماً عاديا". وفسّر ياقوت السنوسي، منسق عام القوى الوطنية الثورية بالجامعات المصرية "كيان مستقل يضم أساتذة جامعات مصرية"، ما ذهب إليه شكر وبكري، قائلا إن "الشعب المصري لديه طموحات بعد 4 سنوات مضت على ندلاع ثورة يناير 2011، لكن هذا لن يدفعه للقيام بثورة إسلامية، فهو ينتظر ما سيقدمه له النظام الحالي من إصلاحات للأنظمة السابقة، ويدرك أن بلاده تمر بفترة حرجة، وتواجه مخاطر في مقدمتها الإرهاب". وأضاف السنوسي " لن يسمح المصريون لأحد أن يستغل طموحاتهم واحتياجتهم اليومية مجدداً، باسم الإسلام، سواء كانت هذه الجهة تنظيم في الخارج أو الداخل"، في إشارة إلى داعش، وأنصار بيت المقدس. واندلعت موجة انتقادات واسعة لدعوات الجبهة السلفية بشأن "الثورة الإسلامية"، معتبرين أنها ستكون على خطى الثورة الإيرانية، فيما رفض محمد جلال القيادي بالجبهة للأناضول في وقت سابق "استنساخ التجربة الإيرانية"، مشدداً على عدم استخدام الأسلحة في هذا اليوم. من جانبه، قال اللواء علاء عز الدين، المدير السابق لمركز الدراسات الإستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية "تابعة للجيش المصري"، لوكالة الأناضول إن "السبب في وجود فرص ضعيفة لنجاح الثورة الإسلامية، يرجع إلى أن المصريين ينتظرون مرحلة الاستقرار، وتصحيح الأوضاع الاجتماعية والسياسية بالنسبة لهم لن يكون من خلال ثورة، إلى جانب رفضهم ممارسات جماعة الإخوان المسلمين، وبالتالي فإن أي دعوات للتظاهر في الوقت الحالي بمثابة تهديد للاستقرار الذي ينشدونه". واتفق عز الدين مع الخبراء السياسيين، في أن يوم 28 نوفمبر الجاري سيكون عاديا، مفسراً ذلك بأنه "يأتي ضمن تهديدات إرهابية تهدد المنطقة وأخرها إعلان تنظيم أنصار بيت المقدس مبايعته لتنظيم داعش". فيما قال محمد جلال، القيادي بالجبهة والمتحدث باسم "انتفاضة الشباب المسلم"، للأناضول "أرى أن فرص نجاح الدعوة لتدشين ثورة إسلامية كبيرة جدا، لأن المصريين يشعرون بالسخط على الأوضاع مجتمعية، وإذا كانوا سخطوا من الإخوان، فهم لم يسخطوا بعد من الإسلام". وفي تصريحات خاصة عبر الهاتف، أضاف جلال "نحن نقدم منهجاً جديداً يعبر عنهم "المصريين" وهو الشريعة الإسلامية، وبالتالي قطاع كبير من المصريين سينضمون لدعوتنا، ونحن سنظل نرفع تلك المطالب تحت حكم أي رئيس قادم". ولم يفصح القيادي عن طبيعة الفعاليات التي ستقوم بها الجبهة خلال هذا اليوم، لكنه قال "سنملأ الشوارع والميادين بصور المعتقلين، وسنوصل رسالتنا للجميع". وتوقع جلال حملة اعتقالات موسعة تطالب قيادات الجبهة في الفترة التي تسبق "يوم الانتفاضة" ، وهو الأمر الذي لن يغير شيئاً أو يدفعهم لتغيير موعد اندلاع الثورة الإسلامية، على حد قوله. وأثارت دعوة الجبهة السلفية لقيام "الثورة الإسلامية"، وهي المرة الأولى منذ الإطاحة بمرسي، مطلع الشهر الحالي، حفيظة قوى سياسية مؤيدة للسلطات الحالية، محسوبة على التيار الإسلامي في مقدمتها، الدعوة السلفية وحزب النور "سلفي". و قال وزير الأوقاف المصري، محمد مختار جمعة، أول من أمس الاثنين، إن "مطلقي دعوات الثورة الإسلامية أشبه بالخوارج"، وإن دعواتهم للخروج في 28 من الشهر الجاري "دعوات خبيثة وعميلة وآثمة". ويوم الأحد الماضي، قال مصدر أمني مصري، إن قوات الأمن ألقت القبض، على "أحمد مولانا" القيادي بالجبهة السلفية على خلفية تقديم بلاغات ضده، تتهمه بالدعوة إلى العنف، والتحريض على الإرهاب. وقال اللواء هاني عبد اللطيف المتحدث باسم الداخلية المصرية، في تصريح سابق للأناضول، إن "الوزارة تتخذ كافة التدابير اللازمة لأي محاولات لإثارة الفوضى أو العنف في الشوارع والميادين، فضلاً عن ضرورة أخذ تصاريح لازمة قبل اندلاع أي مظاهرات". وفي 3 يوليو من العام الماضي، عزل الجيش المصري بمشاركة قوى دينية وسياسية وشعبية الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي إلى جماعة الإخوان، بعد عام واحد من حكمه للبلاد، عقب احتجاجات واسعة ضده، وهي الخطوة التي يعتبرها مؤيديه"انقلابا"، فيما يعتبرها معارضوه "ثورة شعبية".