في ظل تدني مستوي المعيشة وارتفاع معدلات البطالة في مصر، أصبح الحصول علي وحدة سكنية، حلما صعب المنال، للفقراء ومحدودي الدخل، وبينما ينتظر البسطاء تحقيق ذلك "الحلم" بأسعار تتناسب مع دخولهم تعلن وزارة الإسكان عن مشروع "دار مصر" بأسعار خيالية تصل لأكثر من نصف مليون جنيه في بعض المناطق. المواطنون: الحكومة تجاهلتنا والمستفيد أصحاب الملايين يقول ممدوح عبد المحسن مدرس: إن الحكومة تجاهلت الفقراء في الإعلانات الأخيرة عن الوحدات السكنية، ومن يستفيد من العروض المقدمة، هم التجار وأصحاب الملايين، الذين لا يحتاجون أي نوع من الدعم أما الفقراء فلا عزاء لهم. وتساءل عبد المحسن، من الفقراء يمتلك مبلغ 25 ألف جنيه ليدفعه مقدم شقة لا يعرف متى يتسلمها ؟. وتقول عواطف رمضان موظفة: أزمة الإسكان في مصر من الأزمات الأزلية، التي ارتبطت بكل العصور، وتعاملت معها جميع الحكومات ولكن اختلفت الطريقة التي يتم التعامل معها بها، لافتة إلي أن المشكلة تتزايد يوما بعد يوم. وأضافت أنه في الفترة الأخيرة ارتفعت أسعار الوحدات السكنية التمليك، والإيجار متأثرة بالطلب المتزايد نظرا للزيادة السكانية المتواصلة، وارتفاع الكثافة للسكان في عواصم المدن والقاهرة. أما رجب عبد الصمد، عامل ومقيم بالقاهرة يقول: إن إيجار السكن قد ارتفع كثيرا موضحا أنه يسكن هو وأسرته في غرفتين بإيجار شهري وقدرة 500 جنيه. وأضاف أنه يعمل في المعمار يومين فقط في الأسبوع بسبب الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، ولا يستطيع دفع المقدم المطلوب لحجز شقق الحكومة . سعيد عبد العظيم قال، تقدمت في جميع الإعلانات التي قامت الحكومة بالإعلان عنها، ولم يحالفني الحظ حتى الآن في الحصول علي وحدة سكنية. وأضاف أن الإعلان الأخير لا يناسب الكثيرين بسبب المقدم المطلوب وهو 25 ألف جنيه, فضلا عن القسط الشهري. ومن جانبه، يقول عادل أبو سريع صاحب مكتب عقارات: إن العروض المقدمة من وزارة الإسكان قد خيبت أمال الكثيرين. وأضاف أن الشروط التي وضعتها الوزارة قاسية جدا ،حيث لا يستطيع لا محدودي ولا متوسطي الدخل الوفاء بها. وعن القطاع الإسكاني الخاص قال أبو سريع : إن ارتفاع أسعار مواد البناء والخامات المستخدمة من حديد وطوب، واسمنت انعكست علي أسعار الوحدات السكنية. الخبراء: دعم الإسكان لا يصل لمستحقيه يقول الدكتور إيهاب حماد أستاذ التخطيط العمراني بجامعة قناة السويس: إن مشكلة الإسكان في مصر نتيجة تراكمات سابقة وسياسات خاطئة في توجيه الدعم الإسكاني لمن لا يستحق . وكشف حماد عن أن معظم المشروعات الإسكانية السابقة التي قامت بها الدولة مثل ابني بيتك، أو الإسكان للشباب، أو المتوسط، وغيرها من المشروعات التي استفاد بها من لا يستحق وقام بيعها لآخرين بأثمان مرتفعة ولم يتحقق الهدف المرجو منه، وشدد علي ضرورة وضع برنامج واضح لتطبيق العدالة الاجتماعية في مصر. وطالب الدكتور حماد الدولة: بأن تتبني فكرا تخطيطيا يقضي علي العشوائيات مشيرا إلى أن غل يد الدولة يعطي الفرصة لتكوين العشوائيات، التي تعتبر قنبلة موقوتة علي وشك الانفجار قريبا. ومن جانبه، أكد الدكتور رضا عيسي الخبير الاقتصادي: أن مصر تحتاج سنويا إلى نحو 400 ألف وحدة سكنية لسد حاجة السوق المتزايد سنويا، واصفا ذلك بالعملية الاقتصادية الكبيرة التي تحتاج إلى تمويل عقاري وفكر جديد وهيئة تعاونيات جادة، وقطاع خاص لديه مصداقية من ناحية الجودة وبرامج التنفيذ. وأضاف عيسي، أن مشروع المليون وحدة سكنية الجاري تنفيذه لن يكون كافيًا لحل أزمة الإسكان، لكنه يساهم بشكل كبير في توفير الوحدات لمحدودي الدخل. ولفت أن أقصى ما استطاعت الحكومة والقطاع الخاص توفيره خلال السنوات الماضية هو 40% فقط من حاجة السوق، وهو ما ضخم من قائمة انتظار الراغبين في الاستفادة بوحدة سكنية من 5 إلى 15 عاما. وأضاف أن نظام التمويل العقاري لم يلعب دورا في تحفيز المواطنين ولم يطرح حلولا تناسب المواطن المصري بسبب سعر الفائدة، وهو ما أثقل كاهل المواطن البسيط. بينما يري طارق أبواليزيد مطور عقاري، إن أزمة الإسكان في مصر تتلخص في البيروقراطية الحكومية التي تفتح الأبواب أمام الرشاوى والفساد، بشتى طرقة. وأوضح أن السوق يتعرض لحالة ركود كبيرة وخاصة في الفترة الأخيرة، في ظل الانكماش الاقتصادي الذي تمر به مصر حاليا. وأضاف أبو اليزيد إن مصر بها مساحات كبيرة من الأراضي الفضاء غير المستغلة ولو تم تقنين الأوضاع الحالية بالنسبة لواضعي اليد، فسوف تتوافر سيولة كبيرة تمكن الدولة من عمل مرافق وخدمات، تسهل بعد ذلك عملية اقتحام الصحراء وفتح أفاق جديدة نحو تنمية شاملة تعم بالخير على الجميع. وطالب أبو اليزيد الحكومة بتسهيل إجراءات الحصول علي الأراضي وخاصة للشركات الجادة لعمل رواج في السوق العقاري في مصر مع تطبيق معايير الشفافية.