التمليك ممنوع علي الفقراء والقديم والجديد بهما عوار وعود وهمية وتراجع دور الدولة البيروقراطية سبب الأزمة المدن الجديدة طوق نجاة الحصول علي وحدة سكنية حلم يراود السواد الأعظم من المصريين وخاصة الشباب منهم، في ظل ارتفاع الأسعار وتدني الدخول وانتشار البطالة وعجز الحكومات المتعاقبة علي حكم مصر التي يجب أن تضع حلولا جذرية لتلك الأزمة. وفي الوقت الذي تركت الفقراء ومحدودي الدخل فريسة للسوق الذي لا يرحم، نستعرض في التقرير التالي تشخيص الأزمة، وسبل الخروج منها مع إطلالة علي الوضع الإسكاني في مصر حاليا. معالم الأزمة تعد أزمة الإسكان في مصر من الأزمات الأزلية التي ارتبطت بكل العصور وتعاملت معها جميع الحكومات ولكن أن اختلفت الطريقة التي يتم التعامل معها إلا أن المشكلة تتزايد يوما بعد يوم، وفي الفترة الأخيرة ارتفعت أسعار الوحدات السكنية سواء تمليك أو إيجار متأثرة بالطلب المتزايد نظرا للزيادة السكانية المتواصلة، وارتفاع كثافة السكان في عواصم المدن والقاهرة تحديدا، وارتفعت أسعار مواد البناء والخامات المستخدمة من حديد، وطوب ، واسمنت وانعكس ذلك علي أسعار الوحدات السكنية. وتتعدد الأنظمة التي تحكم الإسكان في مصر، ومنها: قانون الإيجار القديم والجديد في الميزان وهو قانون أصدره الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في حقبة الستينيات، وارتبط بالوضع الاقتصادي السائد في ذلك الوقت. وتم تحديد سعر الأجرة التي لم تتحرك كثيرا حتى الآن وأعطى الحق للمستأجر في أن تكون العلاقة الإيجارية علاقة مؤبدة وتعرض القانون لنقد شديد، وخاصة وقد بدئت مصر تتحول من الاشتراكية إلى النظام الرأسمالي وتم إلغائه وحل محلة قانون إيجار الأماكن الذي عرف بقانون الإيجار الجديد في التسعينيات مع إلغاء القانون القديم، إلا أن الأماكن التي أجرت قبل القانون الجديد مازالت تخضع لإحكام قانون الستينيات في الوقت الذي تنعدم فيه النسبة والتناسب بين الوضعين. العقد شريعة المتعاقدين ومع أن القانون الجديد قد حرر العلاقة بين المالك والمستأجر وجعل العقد شريعة المتعاقدين إلا أن الملاك يغالون في رفع الأجرة حيث تصل في اغلب الأحيان لأكثر من 500 جنيه في الأماكن المتوسطة أو العشوائية، في حين أن هناك وحدات قد أجرت في ظل القانون القديم يدفع مستأجريها من 3 الي 5 جنيهات شهريا إلى الآن وفي أماكن راقية من الممكن أن يصل الإيجار وفقا للقانون الجديد لأكثر من 3000 جنيه مع الزيادات التي حدثت مؤخرا. التمليك ممنوع علي الفقراء وتتعد أنظمة التمليك العقاري في مصر وفي ظل نظام السوق المفتوح والعرض والطلب تاه الفقراء ومحدودي الدخل وعجزوا أن يدخلوا حلبة السباق علي الحصول علي أربعة جدران لأن المنافسة غير متكافئة. ويبلغ ثمن اقل وحدة تصلح للسكن الآدمي المعقول من 150 الف إلى 200 ألف جنيه، وغالبا ما تكون في منطقة عشوائية لا تخضع لأي اشتراطات تنظيم، أو لوائح مما يدفع الفقراء إلى اللجوء لسكن المقابر والاحواش بما فيها من مخاطر وانعدام سبل الراحة والأمان وغياب دولة القانون في تلك المناطق. وعود وهمية وتراجع دور الدولة وبعد ثورة 25 يناير 2011، بدأت الدولة ممثلة في حكومتها في ذلك الوقت في الإعلان عن التقدم لحجز وحدات سكنية في جميع المحافظات إلا انه علي ما يبدوا أنها كانت عملية الهدف منها فقط احتواء غضب الشباب الذي كل ومل في الحصول علي فرصة عمل أو مسكن يقيم فيه أسرة وخرجت تصريحات كثيرة من المسئولين تحمل وعودا براقة إلا أن تلك الوعود ليس لها أي أساس علي الأرض في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر حاليا في الوقت الذي قلصت الدولة الدعم الموجة للإسكان إلى 50% في الموازنة الجديدة. مشروعات مع إيقاف التنفيذ وفي أعقاب ثورة 30 يونيو انهالت علي مصر التبرعات والإعانات من الدول العربية وتم الإعلان عن أن الإمارات أعلنت عن إنشاء مليون وحدة سكنية، إلا أن تلك الوعود لم تظهر لها معالم حتى الآن وأعلنت وزارة الإسكان عن فتح باب التقدم لحجز وحدات بنظام التمويل العقاري أو الإسكان الاجتماعي، وتتباين آراء المواطنين وخاصة محدودي الدخل الذين لو انطبقت عليهم شروط التقدم للحجز لا يستطيعون الوفاء بالمبالغ المطلوبة. عودة دور الدولة ضرورة يقول الدكتور إيهاب حماد أستاذ التخطيط العمراني بجامعة قناة السويس إن مشكلة الإسكان في مصر هي نتيجة تراكمات سابقة وسياسات خاطئة في توجيه الدعم الإسكاني لمن لا يستحق. و كشف حماد عن أن معظم المشروعات الإسكانية السابقة التي قامت بها الدولة مثل ابني بيتك أو الإسكان للشباب أو المتوسط وغيرها من المشروعات استفاد بها من لا يستحق وقام ببيعها لآخرين بأثمان مرتفعة و لم يتحقق الهدف المرجو منه، مشددا علي ضرورة وضع برنامج واضح لتطبيق العدالة الاجتماعية في مصر. وطالب حماد الدولة بأن تتبني فكر تخطيطي يقضي علي العشوائيات لا تغل يد الدولة يعطي الفرصة لتكون العشوائيات التي تعتبر قنبلة موقوتة علي وشك الانفجار قريبا. البيروقراطية سبب الأزمة ويري طارق ابو اليزيد مطور عقاري، ان أزمة الإسكان في مصر تتلخص في البيروقراطية الحكومية التي تفتح الأبواب أمام الرشاوى والفساد يشتي طرقة موضحا أن السوق يتعرض لحالة ركود كبيرة وخاصة في الفترة الأخيرة، في ظل الانكماش الاقتصادي الذي تمر به مصر حاليا. وأضاف ابو اليزيد أن مصر بها مساحات كبيرة من الأراضي الفضاء الغير مستغلة، ولو تم تقنين الأوضاع الحالية بالنسبة لواضع اليد فسوف تتوافر سيولة كبيرة تمكن الدولة من عمل مرافق وخدمات، تسهل بعد ذلك عملية اقتحام الصحراء، وفتح أفاق جديدة نحو تنمية شاملة تعم بالخير علي الجميع. وطالب طارق الحكومة بتسهيل إجراءات الحصول على الأراضي وخاصة للشركات الجادة لعمل رواج في السوق العقاري في مصر مع تطبيق معايير الشفافية. المدن الحديدة طوق نجاة ومن جانبه يري المهندس الاستشاري محمود كمال أن التوجه نحو إنشاء مدن جديدة هو طوق النجاة للخروج من الأزمة الإسكانية في مصر، مع منح أراضي للخريجين بمقابل معقول علي حسب الظروف والإمكانيات وتوفير المرافق الحيوية التي تخدم المدن من مواصلات وكهرباء ومياه ومد خطوط تليفونات. وأضاف أن علي الشباب اقتحام الصحراء، والتوجه إلى المدن الجديدة لرفع العبء عن القاهرة والمدن القديمة، مطالبا الدولة بوضع جدول زمني للفضاء علي العشوائيات وعلاج أوجه القصور الحكومي في قطاع الإسكان. ويبقي السؤال، هل ستستطيع الدولة المصرية تحقيق حلم الشباب في الحصول علي ابسط حقوق الإنسان وهو الحق في السكن ؟ أم ستستمر الوعود البراقة دون تحقيق أي منها.