موقعة عين جالوت في مثل هذا اليوم من عام 658ه الموافق انتصرت جيوش المسلمون بقيادة السلطان سيف الدين قطز على جحافل التتار؛ حيث هزم المماليك حشود التتار وأوقعوا بهم هزيمة مذلة . وقد كانت جيوش التتار بقيادة هولاكو قد احتلوا ما بقي من ملك الروم في عام 654 ه ثم بدأت في غزو بلاد الإسلام فدخلوا بغداد في عام 656 ه، فارتكبوا أفظع المجازر وأبشع المذابح في تاريخ الإنسانية لم ينجو من أيديهم شيخ أو رضيع ،رجال أو نساء وبلغ القتلى ألاف الآلاف فغط البر و النهر وهتكوا الأعراض ونهبوا، ودمروا واحدة من اثري المكتبات في التاريخ البشري وقضوا على الأخضر واليابس في عاصمة الخلافة العباسية، وعلى معالم الحضارة الإسلامية، ثم قتلوا الخليفة المستعصم بالله وأفراد أسرته وأكابر دولته. ثم تقدم التتار إلى بلاد الجزيرة، واستولوا على "حران" والرُّها وديار بكر في عام 657 ه، ثم جاوزا الفرات، واستولوا على حلب وسيطروا عليها وجرت الدماء في الأزقة أنهارًا. وواصل سافكي الدماء التقدم في سائر البلدان الإسلامية فوصلوا إلى دمشق وما أن علم سلطانها الناصر يوسف بن أيوب بمقدم التتار حتي فر هاربًا ، ودخل التتار دمشق وتسلموها بالأمان، ثم غدروا بأهلها وفتكوا بهم، ونهبوا وسلبوا ودمروا. وتوالي سقوط المدن العربية فوصلوا إلى نابلس، ثم إلى الكرك حتي بيت المقدس، ثم تقدموا إلى غزة دون أن يلقوا مقاومة تذكر، واضطر هولاكو إلى مغادرة سوريا ، بعد أن جاءته الأخبار بوفاة أخيه الأكبر "منكوقاآن" في الصين، وتنازع أخويه الآخرين "قوبيلاي" و"أريق بوكا" ولاية العرش. قبل مغادرة "هولاكو" سوريا أرسل رسولاً من رجاله وبرفقته أربعون رجلاً من الأتباع إلى قطز يحملون إليه رسالة منه جاء فيها: "........... ، إنا نحن جند الله في أرضه، خلقنا من سخطه، وسلطنا على مَن حَلَّ به غضبه، فلكم بجميع البلاد معتبر، وعن عزمنا مزدجر، فاتعظوا بغيركم وأسلموا لنا أمركم. قبل أن ينكشف الغطاء، فتندموا ويعود عليكم الخطأ، فنحن ما نرحم من بكى، ولا نرقّ لمن شكر......." وما أن وصلت قطز الرسالة حتي اتفق مع جميع الأمراء قتل رسل هولاكو فقبض عليهم وأمر بإعدامهم فضربوا بالسيف في وسطهم ليشطروا شطرين ، كل مجموعة منهم أمام باب من أبواب القاهرة، ، و زحف التتار باتجاه مصر. فجمع الملك المظفر قطز جيوش مصر ومن فر من بلاد سوريا وفلسطين وأعد العدة والعتاد لملاقاة جحافل التتار ونودي في القاهرة والفُسطاط وسائر أقاليم مصر بالخروج إلى الجهاد.. ولكن حالت جيوش المسلمين النفسية كانت مضطربة من ملاقاة التتار وخرج قطز من مصر في ، في شهر رمضان من سنة 658 ه فغادر معسكر الصالحية بجيشه، ووصل مدينه غزة وكان في غزة جمع التتار بقيادة "بيدر فداهمهم قطز قبل وصول "كتبجا " قائد التتار فاستعاد غزة من التتار، وأقام بها يومًا واحدًا، ثم غادرها شمالاً باتجاه التتار. وبعث قطز طلائع قواته بقيادة بيبرس لمناوشة التتار وجمع المعلومات فالتقى بيبرس بطلائع التتار في مكان يقع بين "بيسان" و"نابلس" يدعي: "عين جالوت" في "الغور" غور الأردن، وشاغل التتار حتى وافاه قطز على رأس القوات الأصلية من جيشه، وفي يوم الجمعة 25 رمضان سنة 658ه- 6 سبتمبر1260م نشبت بين الجيشين المتقابلين معركة حاسمة، وكان التتار يحتلون مرتفعات "عين جالوت"، فانقضوا على جيش قطز تطبيقًا لحرب الصاعقة التي دأب التتار على ممارستها في حروبهم، تلك الحرب التي تعتمد سرعة الحركة بالفرسان، وكان القتال شديدًا لم يُر مثله، حتى قتل من الجانبين جماعة كثيرة. وتغلغل التتار عميقًا، واخترقوا ميسرة قطز، فانكسرت تلك الميسرة كسرة شنيعة، ولكن قطز حمل بنفسه في طائفة من جنده، وأسرع لنجدة الميسرة، حتى استعادت مواقعها. واستأنف قطز الهجوم المضاد بقواته وكان يتقدم جنوده وهو يصيح: "واإسلاماه.. واإسلاماه.." واقتحم قطز القتال، وباشر بنفسه، وأبلى في ذلك اليوم أعظم البلاء، و أخفى معظم قواته النظامية المؤلفة من المماليك في شعب التلال، لتكون كمائن، وبعد أن كر بالمجاهدين كرة بعد كرة حتى زعزع جناح التتار، برز المماليك من كمائنهم وأداموا زخم الهجوم بشدة وعنف. وكان قطز أمام جيشه يصرخ: "واإسلاماه.. واإسلاماه.. يا الله انصر عبدك قطز على التتار"، وكان جيشه يتبعه مقتديًا بإقدامه وبسالته، فقتل فرس قطز من تحته، وكاد يعرض للقتل لولا أن أسعفه أحد فرسانه، فنزل له عن فرسه ، وتم قتل كتبجا قائد التتار وولوا الأدبار . وكانت هناك مزرعة للقصب بالقرب من ساحة القتال، فاختفى فيها فوج من التتار، فأمر قطز جنوده أن يضرموا النار في تلك المزرعة، وأحرقوا فوج التتار جميعًا. وبدأ المسلمون فورًا بمطاردة التتار، كما طاردهم المسلمون الذين لم يكونوا من جيش قطز، حتى دخل قطز دمشق في أواخر شهر رمضان المبارك، فاستقبله أهلها بالابتهاج. وامتدت المطاردة السريعة إلى قرب مدينة حلب، فلما شعر التتار باقتراب المسلمين منهم تركوا ما كان بأيديهم من أسارى المسلمين، ورموا أولادهم، فتخطفهم الناس، وقاسوا من البلاء ما يستحقونه ، فانتصرت جيوش المسلمين وألحقوا بالتتار شر هزيمة وقتلوهم شر قتله وعادت ديار المسلمين إلي أهلها بعون الله وفضله علي عباده . مولد الفقيه والأصولي الكبير فخر الدين الرازي في مثل هذا اليوم من عام 544 ه الموافق 26 من يناير 1150م مولد الفقيه والأصولي الكبير "محمد بن عمر بن الحسين بن علي"، المعروف ب "فخر الدين الرازي"، صاحب تفسير القرآن الكريم "مفاتيح الغيب" وهو من أجلِّ التفاسير وأشهرها، وقد تجاوزت مؤلفاته أكثر من مائة كتاب.