جعفر عايد المعايطة أرسل هولاكو رسالة للشعب المصري وهو زاحف بجيشه باتجاهها بعد استيلائه على سورية وفلسطين، قائلا: "نحن لا نرحم من بكى، ولا نرقّ لمن شكر، فعليكم بالهرب، وعلينا الطلب، فما لكم من سيوفنا خلاص، ولا من مهابتنا مناص، فخيولنا سوابق، وسهامنا خوارق، وسيوفنا صواعق، وقلوبنا كالجبال، وعددنا كالرمال، فالحصون عندنا لا تمنع، والعساكر لقتالنا لا تنفع، ودعاؤكم علينا لا يُسمع لا مفر من الموت هنا". كان جيش التتار متفوقًا على جيش مصر عَددًا وعُددًا، وقد ازداد تعداد جيش التتار بالذين التحقوا به من الموالين والمرتزقة والصليبيين، بعد احتلاله أرض الشام. كان هولاكو في خلق لا يحصيهم إلا الله، ولم يكونوا من حين قدومهم على بلاد المسلمين سنة 616 ه - 1219م يلقاهم عسكر إلا فلّوه، وكانوا يقتلون الرجال ويسبون النساء ويستاقون الأسرى وينهبون الأموال، لذلك صمم قادة مصر (المماليك) بعد إكمال حشد قواتهم ليس حماية مصر أم الدنيا فقط بل حماية ورد الكرامة العربية المهدورة في بغداد وفلسطين وسورية والأردن، لكثرة عدد التتار واستيلائهم على معظم بلاد المسلمين، ولم يبق خارج حكمهم إلا مصر والحجاز واليمن. لقد كانت المعنويات منهارة، فلا عجب أن يبذل "قطز" كل جهده لرفع معنويات قادته وشعبه المصري، وبإعدام قطز لرُسل "هولاكو" على أبواب القاهرة، يعني القرار المصيري (الحرب) خرج قطز يوم الاثنين الخامس عشر من شعبان سنة 658 ه - 1260م بجميع عسكر مصر ومن انضم إليهم من عسكر الشام ومن العرب وعرب التركمان وغيرهم من قلعة الجبل في القاهرة، فاستعاد غزة هاشم من التتار، وأقام بها يومًا واحدًا، ثم غادرها شمالاً باتجاه فلسطين مع بيبرس فالتقى الجمعان في "عين جالوت" بين "بيسان" و"نابلس" قرب "غور الأردن". في يوم الجمعة 25 رمضان سنة 658ه- 6 سبتمبر1260م. كانت مواضع جيش التتار أفضل من مواضع جيش قطز، لأن تلك المواضع كانت محتلة من قبل التتار أصلا, فدعا قطز ربه "يا الله انصر عبدك قطز على التتار" فاستجاب الله لعبده. السؤال ماذا لو لم تنتصر مصر في حربها ضد التتار؟ إن خروج الشعب المصري للدفاع عن الكرامة العربية في عين جالوت ما هو إلا لشعور الشعب المصري العربي الحُر بالمسئولية تجاه العرب؟ نعم لو لم تنتصر مصر جيشًا وشعبًا على التتار, لكنا الآن عبيداً نباع ونشترى في أسواق النخاسة أو تتناقلنا الذلة والمسكنة ولاستُبيحت أعراضنا وحرماتنا وأرضنا ولبدلت أسماؤنا وتحولت مساجدنا إلى كهوف لمرابض خيولهم. إخواني الأعزاء إن للشعب العربي المصري في أعناق العرب دينا لا يُسد وجميل لا يُرد وفضل لا يُعد وجسر لا يُهد. حمى الله مصر وشعب مصر للدفاع عن القضايا العربية والإسلامية، نعم إن مصر أم العرب وأم الدنيا. * كاتب أردني