القساوسة والصليبيون أحرقوا المكتبات التتار ألقوا كتب بغداد بنهر دجلة والنازي أحرق 130 مفكرا الفراعنة كتبوا على جدران المكتبات : هنا علاج الروح التقلين بوابة تفريخ الإرهابيين .. وأمريكا توظف جماعات التشدد لصالحها القصبي يحذر من مخاطر القومية الإيرانية والتركية على أمن مصر أماني فؤاد : البؤس أن نعجز عن صنع مستقبل بديل للماضي الذي هدمناه كشف الكاتب الصحفي محمد القصبي نائب رئيس تحرير جريدة "المسائية" أن كل الأنظمة والجماعات الإرهابية على مر التاريخ أظهرت العداء السافر للمعرفة والقراءة ..وأن القساوسة المتطرفين الذين أحرقوا مكتبة الإسكندرية أواخر القرن الخامس الميلادي هم أنفسهم الذين قتلوا الفيلسوفة السكندرية هيباتيا . بل إن الصليبيين المتعصبين حين دخلوا الشام خلال الحملة الصليبية الأولى أحرقوا مكتباتها ، والتتار الهمج حين غزوا بغداد عام 1258ألقوا بملايين الكتب التي كانت تحتويها دار الحكمة وغيرها من المكتبات في نهر دجلة لتعبر عليها خيولهم . وتذكر القصبي النظام النازي شديد العنصرية والتطرف حين أحرق كتب 130 مفكرا وفيلسوفا يوم 10 عام 1933 في20 مدينة ألمانية. وقال القصبي ، خلال الندوة التي عقدت مؤخرا بدار أخبار اليوم حول "العلاقة بين انقراض القراءة وتفشي الإرهاب" أن الفراعنة اكتشفوا منذ 40 قرنا أهمية القراءة في غرس قيم المحبة والتسامح والتعايش مع الآخر في سلام ..لذا كتبوا على جدران المكتبات الملحقة بمعابد الكرنك : هنا علاج الروح .. وأكد القصبي على أن التاريخ يقدم الكثير من الوقائع على العلاقة العكسية بين القراءة من جهة والتطرف والإرهاب من جهة أخرى ..فكلما تدنت معدلات القراءة ارتفعت وتيرة التطرف والإرهاب . من جهة أخرى، أرجع القصبي انتشار روح التطرف وبالتالي الإرهاب إلى المنظومة التعليمية التي تتكيء على الحفظ والتلقين ..فلا يرى المدرس في تلميذه سوى ذاكرة يحشوها بالمعلومات..وتلميذ يسعى إلى التفوق ليلتحق بكليات الطب والصيدلة والهندسة يبذل كل جهده لحفظ ما يتلقى من دروس حتى دون فهم ..وقد يحصل على 99% في الثانوية العامة ..ويلتحق بالطب .. لكنه يصبح صيدا سهلا لأي شيخ يخدعه بقيم وتعاليم ديننا منها بريء.. وحين يطالبه شيخه بألا يناقش ويلتزم بما يلقى إليه ..ولايرد سوى ب" سمعا وطاعة" فهو لايقاوم شيخه ولايجادله ..لأن تعلم في المدرسة أن يكون مجرد جهاز استقبال ..ذاكرة يتم حشوها .. اقتراب من الحل قال القصبي أن الحل الأمني مطلوب على المدى القريب بإلحاح وقوة .. لأن خطر الإرهاب ليس محصورا في عدة جماعات محلية تستخدم أسلحة بدائية ومن الممكن محاصرتها أو التحاور والتواصل معها فكريا فكريا كما حدث في تسعينيات القرن الماضي ..فالجماعات الدينية المتطرفة الآن يجري توظيفها الآن من قبل قوى دولية مثل أمريكا لتفتيت المنطقة وكنتنتها على أسس دينية ومذهبية وعرقية وبالتالي لاتصبح إسرائيل الدولة الوحيدة القائمة على أسس دينية . كما أن الدول المختلفة عرقيا ومذهبيا ودينيا من السهل إثارة الصراعات بينها فيسهل التحكم فيها . وأضاف القصبي أن ثمة كيانات قومية من مصلحتها إضعاف القومية العربية وتفتيتها وإثارة الصراعات داخلها كالقومية الفارسية والقومية التركية والأولى توظف حزب الله في لبنان والشيعة في البحرين والعراق والحوثيين في اليمن لتحقيق المصالح الفارسية ..وما المذهبية إلا رداء تتخفى فيه .. وهذا ما يفعله أيضا الأتراك ..هم يحاولون التغلغل في العالم العربي عن طريق مداعبة جماعة كالأخوان بحلم إحياء الخلافة الإسلامية ..ومواجهة هذه المخططات على المدى الآني في حاجة إلى تعبئة قوانا العسكرية والأمنية والسياسية ..وبالتنسيق والتعاون مع أشقائنا العرب ..لأن الهم واحد .. وعلى المدى البعيد يدعو القصبي إلى إعادة هيكلة المنظومة التعليمية لتتعامل مع كينونتين مهمتين في الطفل المصري تم تجاهلهما لعقود طويلة ..ملكة التذوق عن طريق الاهتمام بالموسيقى والفنون التشكيلية والشعر في المدارس مما يسهم في الارتقاء بالوجدان .. أما الكينونة الثانية فهي الدماغ التي ينبغي أن يسعى المدرس إلى تأجيج شهوتها للمعرفة ..والمعرفة لاتعني معلومة تحشر في الذاكرة ..بل تعني دلالات المعلومة ..وما تستدعيه من طرح أسئلة ..وهذ يعني أن يتحول العام الدراسي إلى ندوة ممتدة من الحوار والمناقشات ..وإثارة الأسئلة من جانب الطالب قبل المدرس والتنقيب في المكتبات والمراجع عن إجابات لها ..وتأمل الإجابات التي قد تتناسل أسئلة جديدة يبدا الطالب في البحث عن أسئلة لها ..هكذا يظل الدماغ خلية من النشاط الفكري لايهدأ .. مخرجات المدارس في هذه الحالة شباب تكون القراءة والسعي وراء المعرفة همهم الأول ..وشاب هكذا تمت تنشئته يصعب على أي شيخ صاحب فكر أحادي متعصب أن يخدعه و يستميله نحوه. تساؤلات مقلقة في بداية كلمتها طرحت الدكتورة أماني فؤاد أستاذة النقد بأكاديمية الفنون عدة أسئلة على شاكلة: لماذا لم تحقق ثورة 25 يناير 2011 م ، وماتلاها من مد في ثلاثين يونيو 2013 م النتائج المرجوة منهما ؟ لماذا انسحب الشباب والجماهير الغفيرة من الميادين دون أن يرسموا خريطة ممكنات وبدائل لمستقبل لمصر ، بعد أن أسقطوا سلطة الطغاة القديمة في الثورة الأولي ، أو يمثلوا في إدارة حكم البلاد . وفي المد الثاني لم تزل الدولة تتأرجح خوفا من طغيان حكم له أصول عسكرية ، أو عوده لما يطلقون عليه دولة الفلول ، أو الوقوع مرة ثانية في ربقة التيارات والجماعات الإسلاموية المتشددة والإقصائية ، التي تتخذ الدين وسيلة لتحقيق مآرب أخري سياسية واقتصادية تختص بمصالحها لا مصالح الوطن . وتجيب د.أماني على أسئلتها بالقول إن البؤس كل البؤس هو أن نعجز عن صنع عالم جديد في مقابل القديم الذي هدمناه . وتستطرد :أتصور في الحقيقة أن ثقافة هؤلاء الشباب ، ومن ورائهم الشعب ، كانت تلك امكاناتها ، مع كونهم يمثلون الطبقة الوسطى المتعلمة وشبه المثقفة ، فالأرض السياسية والحزبية كانت قد جرفت منذ ما يزيد عن ستين عاما ، وتشكّل وعي الشباب في حدود ثقافة الإنترنت والفضاء الإلكتروني غير المتبحر لا فلسفة القراءة الحقيقية التي تربي رؤى ، أعني أنها ثقافة العنوانات والرتوش ، لا الكتب مكتملة المادة ذات المحاور التي ترتكز علي منهج وفلسفة العلم . وتعاود الدكتورة أماني طرح الأسئلة ..مثل : لماذا يخرج أحد المتخصصين بالعلوم ، والمفترض أنه يحمل درجة الدكتوراه ويثير موضوع اكتشافه لجهاز كشف الفيروسات المرضية في الجسد البشري ، وقدرته علي معالجة أخطر الأمراض , بغض النظر عن صدق دعاويه أم لا ، لكن الطريقة التي تحدث بها وركاكتها ، من حيث المنهج العلمي أو عاطفية اللغة ولا موضوعيتها ، وأسلوب الإعلان عن هذا الاكتشاف وتوقيته دون أن يتم اختباره علي الوجه الأكمل تنبئ أن هناك عوارا في الأسلوب والمنهج . وقد حذرت الناقدة من قوائم المطلوبين التي أصبحت رائجة على صفحات الفيس بوك وكذلك دعوات العنف بساحة الجامعات المصرية . وذكرت بالإحصائية التي أوضحت أن مجمل ما يحصله الإنسان المصري من قراءة الكتب لا يتجاوز ست دقائق في العام ، في مقابل أن ما يحصله الغربي يقترب من مائتين ساعة ، وأن هناك قارئ واحد من كل ثلاثين ألف مصري يحرص علي الكتاب ويقرأه .