ندوة تناقش كتاب " أمريكا نعم .. أمريكا لا " محيط – مي كمال الدين جانب من الندوة أمريكا نعم .. أمريكا لا " هو أحدث إصدارات الصحفية المصرية مها عبدالفتاح والتي تعمل حاليا بجريدة " أخبار اليوم " وعملت فترة طويلة من حياتها كمراسلة صحفية بواشنطن. ركزت المؤلفة في كتابها الصادر عن الهيئة العامة للكتاب على المجتمع الأمريكي في واحدة من أهم الحقب التاريخية التي مر بها وهي الفترة منذ تولي الرئيس جورج بوش الأب سدة الحكم مروراً بالغزو العراقي للكويت، ثم الفترة الرئاسية للرئيس الأمريكي بيل كلينتون، ومن خلال الكتاب قامت المؤلفة بدور المراقب والمحلل والناقد للمجتمع الأمريكي سواء سياسيا أو اقتصاديا أو فكريا أو على مستوى العلاقة بين الدول، هذا إلى جانب تطرقها لنمط حياة الشعب الأمريكي وتوجهاته العامة. وحول هذا الكتاب عقدت ندوة ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب ، شارك بها كل من السفير السيد أمين شلبي المدير التنفيذي بالمجلس المصري للشئون الخارجية، د. وحيد عبد المجيد نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، د.حسن وجيه خبير التفاوض الدولي ، وأدارها السفير عبدالرؤوف الريدي رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية.
في كلمته قال السفير الريدي أن أهمية الكتاب تكمن في أنه لا يتناول فقط الناحية السياسية، بل يعتبر سياحة سياسية ثقافية اجتماعية، وبه نظرة ثاقبة على واشنطن في واحدة من أهم فتراتها التاريخية وهي الخاصة بفترة رئاسة جورج بوش الأب والذي تميز بعقلانيته ودبلوماسيته وإيمانه بالتفاعل والتواصل مع الدول الأخرى، وحتى نهاية عهد الرئيس بيل كلينتون، والذي جاء ليخلف بوش فأراد أن يوجه نظر المجتمع الأمريكي للإصلاح الداخلي، وتحسين اقتصاد البلاد، فبعد انتهاء حرب الخليج والانتصار على العراق، وانهيار الاتحاد السوفيتي بداية التسعينات وانهيار حائط برلين، رأى كلينتون أن الحروب والسياسات الخارجية لم تصبح هي أهم القضايا التي يجب أن يلتفت إليها. ويأتي غزو العراق للكويت كأحد أهم الأحداث في فترة إدارة بوش الأب، وقد شاركت مصر بدور قوي في الجهود الدولية لإنهاء هذا الغزو ، مما مكنها بعد ذلك من الاستفادة من إعفاءات على الكثير من الديون التي كبلت اقتصادها وأهمها الديون العسكرية الأمريكية ، إلى جانب التوصل لاتفاق الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. من جهته أشاد السفير السيد شلبي بالكتاب ، وقال أنه جعله يستدعي خبرة شخصية عايشها ومعرفة عميقة بسياسات الاتحاد السوفيتي وعلاقته بأمريكا حيث كان يعمل بالدبلوماسية المصرية في أوروبا الشرقية منذ الستينيات ، وانتقل للعمل الدبلوماسي في الاتحاد السوفيتي في السبعينيات ، وفي الولاياتالمتحدةالأمريكية بالثمانينيات . ورأى شلبي أن أهم ما يرتبط بحقبة جورج بوش الأب هي حرب تحرير الكويت والائتلاف الدولي الذي شكله لردع صدام حسين ، ولكنه انتقد عدم تركيز المؤلفة على الدور المصري الرئيسي في تشكيل هذا الائتلاف. كما اعتبر السفير أن تركيز كلينتون على بناء القوة الأمريكية من الداخل جعلها تمتلك مقومات اقتصادية وتكنولوجية متفوقة بالفعل على العالم ، حتى قالت مادلين أول برايت وزيرة الخارجية بنهاية عهد كلينتون أن أمريكا هي " القوة التي لا غنى عنها ". وفي نهاية عهد كلينتون، نبه الديمقراطيون الأمريكيون بالكونجرس الإدارة الجديدة من أن أخطر ما يواجه البلاد هو إرهاب من نوع جديد لا يعتمد على الجيوش والأساطيل ، ولكنه يعتمد على أدوات غير تقليدية . أما من الناحية الاجتماعية ، فيبرز الكتاب اهتمام المجتمع الأمريكي بالطفل عموما ، وغرام الأمريكيين بالسيارات وخاصة اليابانية ، وعمليات التشهير العلني بالخصوم في الانتخابات ، ومعنى النجاح ومكانة هوليود التي وصلت للبيت الأبيض . واعتبر د. وحيد عبدالمجيد أن هذا الكتاب ليس مجرد رأي لمؤلفته في بعض الشئون الأمريكية ولكنه في الحقيقة بما يحويه من معرفة يكاد يكون وثيقة هامة زاخرة بالمعلومات والتحليل والنقاش لأحد المراحل الأمريكية الهامة في تاريخها المعاصر والتي انتقلت فيها الولاياتالمتحدة لموقع القوة العظمى الوحيدة في العالم الجديد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. وهذه المرحلة التي تعرضت لها المؤلفة هي مرحلة بالغة الأهمية وأثرت تأثيراً عميق في العالم كله ومازال تأثيرها مستمرا حتى الآن، وهي المرحلة التي صنعت كارثتين كبيرتين مازالت أثارهما في العالم حتى اليوم ، وهما كارثة الأزمة المالية والتي تحولت لازمة عمت العالم كله، والثانية هي غزو العراق. وبرأيه فإن بيل كلينتون الذي انتخب أساسا من أجل إصلاح الاقتصاد الأمريكي ساهم مساهمة جبارة في إفساد الاقتصاد، أما الرئيس باراك أوباما فهو يملك وعيا حقيقيا بمشكلات بلاده الداخلية ولكن من دون الجرأة الكافية لتغييرها . اما د. حسن وجيه فامتدح لغة الكتاب ، وتركيزه الموضوعي على واشنطن " المحطة والبالوعة " ؛ المحطة التي توقف فيها الجميع ، والبالوعة التي التهمت أموال الخليج في حرب العراق. اختتمت الندوة مؤلفة الكتاب مها عبدالفتاح، وقالت أن كتابها منقسم إلى ستة فصول كل منهما منفصل عن الأخر وبالتالي يمكن قراءته على فترات، وأنها قدمت به المجتمع الأمريكي كيف يفكر وكيف يتصرف، وأنه من خلال معايشتها للشعب الأمريكي وجدته يتمتع بخصائص تميزه عن غيره نظراً لأنه عبارة عن مجموعة من المهاجرين جمعتهم أرض واحدة وتمكنوا من يصنعوا بلدهم الخاص